أول ايميل أتلقاه صباح الإثنين من أحد المدوّنين، ضمّ صورة بحريني في «اللؤلؤة» يحمل بيده عبوةً معدنيةً لمسيل الدموع، وقد ملأ فوهتها بورود صفراء، جعلها الله فأل خيرٍ للجميع.
نشرة أخبار الصباح تتحدّث عن مجازر وقصفٍ بالطائرات للمتظاهرين في ليبيا يودي بمئات الضحايا، وسيف الإسلام ابن القذافي يخيّر المتظاهرين بين الحوار أو السيف والقتال حتى آخر رجل، بقيادة والده الذي سيقود المعركة في طرابلس، ويهدّد بحربٍ أهليةٍ وتفتيت ليبيا إلى قطع صغيرة، مذكّراً بأنها ليست كمصر أو تونس، ملوّحاً للغرب بإمارات إسلامية على غرار الصومال، ولم تمضِ غير ساعات حتى تم قصفهم بالطائرات، وسقط 250 قتيلاً على أيدي مرتزقة أفارقة.
وفي السودان يعِد البشير بعدم ترشّحه مرةً أخرى والبدء بمحاربة الفساد، أما في اليمن فيعلن الرئيس المتعلّق بتلابيب الديمقراطية أنه لن يتخلّى عن الرئاسة إلا عبر صناديق الاقتراع.
ويبدو أن آلامنا شغلتنا عن متابعة ما يجري في الخارج، وإن لم يمنع ذلك الآخرين من متابعتنا، ففضلاً عن المطالبات الدولية بتسريع الإصلاحات وحماية حقوق الإنسان ورفض استخدام العنف ضد المدنيين؛ نقلت «رويترز» عن تجمع عشرات الكويتيين والكويتيات قرب مجلس الأمة، رافعين علمي البلدين، تأييداً للشباب البحريني. وأوضحت الوكالة أن المئات أصيبوا في أسوأ اضطرابات تشهدها البحرين منذ سنوات. وفي تركيا أعلن نوابٌ وأدباء تضامنهم مع مطالب البحرينيين الشرعية.
في الملاحق الرياضية لثلاث صحف، استوقفتني الصورة الجميلة ذاتها، لاعبو المحرق والرفاع يحملون لافتة تقول: «إخوان سنة وشيعة... الوطن ما نبيعه»، وهي الشعارات ذاتها التي تتردّد منذ أيامٍ في دوار اللؤلؤة.
أما وزارة التربية التي أعلنت أمس الأول انتظام الدراسة بصورة طبيعية، عادت أمس لتعلن ترحيبها بتطوّع المتقاعدين لسدّ النقص في الكوادر التعليمية، وتمّ تسريب أخبارٍ عن استدعاء الخريجين العاطلين منذ سنوات لتوظيفهم بصورةٍ عاجلة، ويقرّ وزير التربية والتعليم على تلفزيون البحرين بتأثر التدريس في محافظات العاصمة والوسطى والشمالية، وعدم تأثره في محافظتي المحرق والجنوبية.
العلاقات العامة بالوزارة تعلن تأجيل حفل عيد العلم الـ (42) إلى أَجَل غير مسمى. كذلك تم تأجيل مهرجان أوال المسرحي السابع وألغت إحدى السفارات الخليجية حفل استقبال بمناسبة التحرير.
وفي الوقت الذي بدأت الأسرة البحرينية المتوسطة الاقتصار في صرفها على المواد الغذائية الأساسية، يعلن البنك المركزي أن البنوك تعمل كالمعتاد، وأن الاقتصاد يتمتع بوضعٍ قوي. وفي لمحةٍ اجتماعيةٍ أعلن من الصباح عقد قران شاب وشابة الساعة الثانية ظهراً بـ «اللؤلؤة».
في الحادية عشرة والنصف، يصل بيانٌ باسم مجلس إحدى القبائل عن دعم مبادرة الحوار الوطني، ويصل بيان آخر باسم «مبادرة شباب البحرين»، تفترض تقديم حلٍّ لما أسمته بـ «الأزمة التي دخلتها البلاد في الأيام الماضية، وكادت تعصف بالنسيج الاجتماعي بين السنة والشيعة»، وهو بعيدٌ عن إدراك الأسباب العميقة للأزمة، وتقديم قراءة فئوية لحراك سياسي في لحظة تاريخية استثنائية. وارتفاع عدد الموقّعين على «بيان مع الحرية»، الذي أصدره عددٌ من المثقفين والكتاب البحرينيين إلى 113.
في الواحدة والنصف أعلن في مجمع السلمانية وفاة الشاب المصاب بطلق ناري في رأسه الجمعة الماضي، من المالكية، 32 عاماً، يعمل في محمية العرين، وأبٌ لثلاثة أطفال أكبرهم في الثامنة. وفي الثالثة عصراً تتجدد مسيرة الكوادر الطبية البحرينية المطالبة باستقالة وزير الصحة لليوم السادس، احتجاجاً على منعه وصول الإسعاف إلى المصابين يوم الخميس الدامي. كما اعتصمت مجموعةٌ من الكوادر الطبية والتمريضية في مركزين صحيين احتجاجاً على موقف الوزير.
وفي الرابعة والنصف تتجه مسيرة للأطباء إلى دوار اللؤلؤة، وفي السادسة والنصف ينشر بيانٌ لمجلس الشورى، وقديماً قيل «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، خصوصاً إذا كان يثير المزيد من السخرية والأحزان.
في السلمانية، زرت الطبيب المصاب الذي أذيع أنه غادر المستشفى، وكان يروي إلى صحافي ياباني قصة تعرضه للضرب على أيدي عناصر غالبيتها من جنسيات غير بحرينية، فأبدى استغرابه متسائلاً: كيف يعمل غير المواطنين في الشرطة أو الجيش؟ وحين سأل عن مطالب المتظاهرين، قال له باختصار: نريد ديمقراطية تمثيلية مثل اليابان.
عند السابعة والربع أذاعت وكالة الأنباء الفرنسية خبراً عن إلغاء سباق جائزة البحرين الكبرى من بطولة العالم لسباقات الفورمولا، وفي خبر مُلحَقٍ بعد دقائق عن توقف أصحاب الاصطبلات عن المشاركة في سباق الفروسية الأسبوعي تضامناً مع شباب «اللؤلؤة».
وفي قسم الطوارئ حيث يكاد الوضع يعود إلى حالته الطبيعية، عدا أعدادٍ قليلة، افترش بعضهم الأرض لمشاهدة تلفزيون نقال، وكان آخر الأخبار عن مغادرة القذافي إلى فنزويلا، على ذمة وزير خارجية بريطانيا! أما أنا فقد غادرت المستشفى الساعة السابعة والنصف، وكان باب الخروج يفضي إلى المشرحة. كان المكان خالياً، هادئاً، مهيباً، حيث ترفرف أجنحة الموت في هذا المكان الذي لا يزوره غير المنكوبين.
في الطريق إلى الصحيفة، كان الزحام شديداً طوال المسافة الواقعة بين إشارات السلمانية إلى إشارات مسجد الشيخ عزيز بالسهلة. وفي التاسعة والنصف كان الفاتح يشهد تجمعاً شعبيّاً كبيراً، أشارت إليه «فرانس برس» بعنوان: «آلاف من أنصار الحكومة في المنامة»، إذ «تجمع آلاف البحرينيين ممن يؤيدون الحكومة البحرينية مساء الإثنين في المنامة، حيث يتواجد متظاهرون آخرون غالبيتهم من الشيعة في دوار اللؤلؤة».
البحرين التي كانت تنتظر في الأيام الماضية بدء صفحةٍ جديدةٍ من تاريخها تستهلها بالحوار، فوجئت أمس ببيانات ومواقف وتحشيدات مضادة للتحشيدات الأولى، ما ينذر بدخول البلد في نفق طائفي جديد، وهي النتيجة الحتمية لسياسة التشطير التقليدي القديم. ورحم الله أبا العلاء الذي قال: «هذا جناه أبي عليّ...... وما جنيت على أحد».
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3091 - الإثنين 21 فبراير 2011م الموافق 18 ربيع الاول 1432هـ
فلنبتعد عن التحشيد والسلبية رحم الله والديكم
فكر وحلل المواقف بطاقة ايجابية وابتعد عن زرع الاحباطات كفاية كفاية كفاية / ترى الكلمة الطيبة صدقة
الزائر 1 الحبيب
الكاتب سيد قاسم اول ما كتب افتتح مقاله بالوردة وتمنى ان تكون فأل خير للجميع، وسرد ما حصل امسكما كان يفعل منذ ايام، ويتجنب طرح رأيه. ، فهو مراقب ويرصد ما يحدث كل يوم اولا باول. هل مطلوب منه ان يسكت ليكون محب للخير؟
محب ثاني لجريدة الوسط
استاذنا انا مع الاخ زائر 1 ان الاخبار المؤلفه للقلوب في هذة الابام هي المطلوبة اذا كما تدعي بانك تحب البحرين وشعب البحرين ثانيا الخبر الذي اوردته (فرلنس برس ) بهذة الصيغة ماذا يدل وانت كاتب لك وزنك لكي تعرف من يدس السم في العسل
محب جريدة الوسط
أخي الكاتب أرجو منك نقل الأخبار على محمل الود والتعايش وعدم بث الفتنه والفرقه وكن مفتاح للخير مغلاق للشر .