استمر اعتصام آلاف المعلمين والمعلمات والطلبة المتضامنين مع مطالب دوار اللؤلؤة وتعطلت الحركة التعليمية في معظم المدارس الحكومية وعدد من الخاصة ورياض الأطفال، إذ انطلقت مسيرة حاشدة في الدوار صباح يوم أمس الاثنين (21 فبراير/ شباط 2011م)

و لوحظ فيها تواجد الطلبة بزيِّهم المدرسي، إذ هتف المعتصمون بالمطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية، وعمد يوم أمس الآلاف من المعلمين والمعلمات إلى قصد دوار اللؤلؤة، وعدم التوقيع على دفتر الحضور والغياب، في الوقت الذي شلت فيه الحركة التعليمية بغيابهم. وعمدت وزارة التربية والتعليم إلى فتح الباب للمعلمين والمعلمات المتقاعدين والمتطوعين من أولياء الأمور لسد النقص داخل المدارس.

ومن جانبه علق، رئيس جمعية المعلمين البحرينية مهدي أبوديب خلال حديثه لـ «الوسط» أن المعلمين والمعلمات المتضامنين مع دوار اللؤلؤة يرسمون مستقبل البلاد بشكل عام والقطاع التعليمي بشكل خاص، داعياً لعدم الالتفات إلى الشائعات التي تهدف إلى تقليل عدد المتضامنين مع اللؤلؤة.

وفي الوقت طالبت عوائل تشارك في إعتصام دوار اللؤلؤة عدم إطالة الإضراب لأنه يضر بالمستوى التعليمي للتلاميذ الذينلن يستفيدوا من ذلك شيئاً.

من جانب، اعتبر أبو ديب ان ما قامت به الوزارة من فتح الباب للمتقاعدين والمتطوعين وسيلة ضغط لن يستسلم لها المعلمين والمعلمات المتضامنين مع مطالب اللؤلؤة، في الوقت الذي دعا فيه تربويون إلى نبذ الفتنة والترفع عن المشادات الكلامية التي تهدف إلى التأثير على الوحدة الوطنية التي يرنو لها الجميع في هذا الوطن بمختلف أطيافه وألوانه ومذاهبه.

واستغربوا من لجوء وزارة التربية والتعليم إلى المتقاعدين المنهكين من العملية التعليمية طوال سنوات، فضلاً عن استغرابهم من فتح باب التطوع لحملة البكالوريوس وأولياء الأمور للتدريس والإشراف، على رغم مناداتها بتجويد التعليم والتأكيد على الكفاءة وقيامها بتكديس العاطلين على قوائمها لسنوات قد تتجاوز الثماني سنوات بحجة الكفاءة.

وقالوا: «وزارة التربية والتعليم متخبطة ومتناقضة. ففي الوقت الذي لطالما اتهمت فيه حملة البكالوريوس من العاطلين الجامعيين بعدم الكفاءة ورفضت توظيفهم لهذا السبب لسنوات ودفعت بهم إلى الدورات التدريبية والتأهيلية، هي اليوم تلجأ إليهم لسد النقص, وهذا أكبر دليل على كفاءتهم من جهة وعلى تخبط الوزارة وتناقضها من جهة أخرى».

وفي سياق ذي صلة، أشاد مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية والتعليم نبيل العسومي في رد بعثته الوزارة، بالأخوة والأخوات المعلمين والمعلمات المتقاعدين الذين اتصلوا بالوزارة معبرين عن استعدادهم للتطوع للعمل في المدارس لسد النقص الناتج عن امتناع عدد من المعلمين والمعلمات عن التدريس لليوم الثاني على التوالي، ما أدى إلى التأثير سلباً على الدراسة في عدد من المدارس، مشيراً كذلك إلى أن عدداً من المتطوعين من أولياء الأمور قد أبدوا استعدادهم للمساهمة في سد النقص داخل المدارس، وكذلك تطوع عدد من الأطقم الإدارية والتخصصية بالمدارس وإدارات الوزارة للمساهمة في التدريس، بالإضافة إلى وجود عدد من المتطوعين المختصين لسد النقص الذي طرأ في بعض المدارس في الوظائف الإدارية.

وأضاف العسومي أنه وبناء على التنسيق مع ديوان الخدمة المدنية، بدأت الوزارة بالفعل بتسجيل هذه الأسماء، اعتباراً من أمس الإثنين وعمل الإجراءات اللازمة للاستفادة من هؤلاء المتطوعين المؤهلين للتدريس، وبحسب التخصصات التي بها نقص في المدارس، وذلك لضمان سير الدراسة وتوفير فرص التعليم لأبنائنا الطلبة وعدم حرمانهم من حقهم القانوني في التعليم.

وتابع أن نسبة الحضور في المدارس الحكومية قد تحسنت مقارنة باليوم الأول من العودة المدرسية، بحيث قاربت 70 في المئة بصورة إجمالية، في حين عادت إلى وضعها الطبيعي في محافظتي المحرق والجنوبية، وبلغت 50 في المئة في المحافظة الوسطى، لكنها ظلت منخفضة لليوم الثاني على التوالي في المحافظتين الشمالية والعاصمة، مشدداً على أهمية استمرار الدراسة والتزام الأخوة المعلمين بأداء رسالتهم التربوية تجاه أبنائهم الطلبة، وعدم الامتناع عن التدريس لما في ذلك من إضرار متعمد بمصالح الأبناء الطلبة، فضلاً عن أن هذا التصرف يخالف أنظمة الخدمة المدنية التي يخضع لها جميع منتسبي الوزارة باعتبارهم جزءاً من موظفي الدولة.

وأصدرت الوزارة إعلاناً، ذكرت فيه إدارة العلاقات العامة والإعلام فيها بأنه وبالنظر إلى كثافة الاتصالات الهاتفية لتسجيل الرغبة في التطوع للعمل في التدريس لسد النقص الموجود في بعض المدارس، نتيجةً لتعمد عدد من المعلمين الامتناع عن التدريس مع وجود الطلبة في المدارس، فقد خصصت الوزارة مركز المراجعين بإدارة الموارد البشرية بمبنى الوزارة بالمنامة، لتسجيل المتطوعين المؤهلين للعمل في التدريس، بعد استيفاء المتطلبات الخاصة بذلك، وعليه فإن الوزارة تهيب بهؤلاء التسجيل شخصياً في المركز المذكور خلال فترة الدوام الرسمي مع اصطحاب الأوراق الشخصية والمؤهلات، علماً أن الوزارة سوف تقوم بعد ذلك بتوزيع المؤهلين منهم لسد النقص في المدارس المحتاجة لذلك.

1074 متطوعاً

وذكرت أن عدد المتطوعين للعمل في المدارس الحكومية، محلّ المعلمين المضربين، بلغ حتى نهاية دوام أمس الاثنين 1074 متطوعاً. مشيرة إلى أنها بدأت بفحص طلبات التطوع وسيتم توزيع المتطوعين الذين تتوافر فيهم الشروط على المدارس للحلول محلّ المعلمين المضربين.

وقالت:«إن مركز استقبال المراجعين بمبنى وزارة التربية والتعليم بالمنامة امتلأ بأعداد غفيرة وغير متوقّعة من الخريجين الجامعيين المتطوعين من أجل التطوع لسد النقص الحاصل بسبب تخلّف عدد كبير من المعلمين عن الانتظام في المدارس، وذلك انطلاقاً من مسئوليتهم الوطنية وحرصاً منهم على عدم ترك مقاعد الدراسة فارغة، وعدم ترك الطلبة من دون تدريس».

وأعرب الحضور الجامعيون عن سعادتهم الغامرة لتمكنهم من تقديم خدمة تطوعية للوطن عبر الانتظام في تدريس مواد تخصصهم للطلبة، مؤكدين أنهم تحت رهن الوزارة للتدريس في أية مدرسة من مدارس مناطق مملكة البحرين المختلفة تحتاج إلى جهودهم.

وأكد الحضور أن الزج بالتعليم في المساومة السياسية أمر مرفوض على اعتبار أن الاهتمام بالتعليم والحرص على تزويد الطلبة بالمعارف والمهارات غاية وطنية يجب الإجماع عليها. مبينين أن الواجب كان يتحتم أن نتعاون جميعاً من أجل تطوير التعليم وتحسين مخرجاته، لا حث المعلمين على ترك المدارس وحض الطلبة على مغادرة مقاعد الدراسة من أجل تنفيذ الاعتصامات وقت الدوام المدرسي.

هذا، وكانت مبادرة تطوع الخريجين للتدريس قد انطلقت من خلال الاتصالات المتواترة التي كانت تتوالى على الوزارة من قبل متطوّعين اقترحوا على الوزارة السماح لهم بالتدريس تطوعاً من أجل سدّ النقص. واستجابت الوزارة لهذه الاتصالات وخصصت مركز استقبال المراجعين للتسجيل في هذه المبادرة ومن ثم توزيعهم على المدارس التي تحتاج إلى متطوعين.

3 آلاف مواطن يتطوعون لسد النقص في التدريس

أكد ديوان الخدمة المدنية أن العديد من المواطنين المؤهلين للتدريس وصل الى أكثر من 3 آلاف متطوع أبدوا استعدادهم التام للتطوع لتدريس الطلبة في مختلف مدارس البحرين والتخصصات المطلوبة لتغطية النقص الناجم عن الغياب، مؤكدا في هذا الصدد بأنه ستتم مكافأة هؤلاء المتطوعين بصورة مجزية لقاء خدماتهم الإنسانية النبيلة للوطن الغالي في هذا الظرف الحاسم.

وفي سياق متصل تلقى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي خطاباً من القائم بأعمال مدير مدارس الإيمان يوسف عبدالرحمن فقيه، معرباً فيه عن استعداد أعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية بمدارس الإيمان بقسميها البنين والبنات للمساعدة في سد النقص الحاصل في بعض المدارس الحكومية، ضمن جداول المعلمين بمدارس الفلاح في إطار التعاون والتضامن مع الوزارة من أجل المحافظة على مصلحة الأبناء الطلبة في الحصول على الخدمة التعليمية.

هذا وتشير الأجواء التربوية إلى خلاف ما ذكرته الوزارة، إذ نقل شهود عيان عن تزايد عدد الغياب بين صفوف المعلمين والمعلمات في معظم المدارس الحكومية فضلاً عن تزايد نسبة الغياب بين الطلبة والطالبات.

أما بالنسبة لجامعة البحرين فهي الأخرى تشهد حالات من الغياب بين صفوف جامعييها والذين غالباً ما يبدأون دوامهم بشكل فعلي في الأسبوع الثاني من بدء الدراسة.

الى ذلك، استنكر النائب الوفاقي المستقيل سيدجميل كاظم الدعوة التي وجهتها وزارة التربية والتعليم للتحايل وتجاوز الرسالة المبدئية التي حملها ويحملها المعلمون والطلبة تجاه وطنهم، وما يشعرون به من ألم تجاه الأزمة القائمة، مشدداً على أن هذا التصرف من الوزارة يدل على استهتار واضح بمقدرات الوطن وبالأزمة القائمة في البلد، وهو التصرف الأول الذي يصدر من وزارة خدمية تجاه هذه الأزمة بهذه الطريقة التي تدل على خلل في المعايير لدى الوزارة ومسئوليها.

وشدد كاظم على أن أي تصرف من قبل الوزارة سيكون المواجهة الأولى لغير القوات الأمنية والعسكرية تجاه البحرينيين والعزل والمسالمين الذين رفعوا المطالب بسلمية وحضارية، وعبروا عن ألمهم لما تمر به البحرين ونادوا بالإصلاح، وأكد أن المدرسين والطلبة ليسوا الوحيدين الذين أضربوا عن العمل، وهم بذلك يؤدون ما يقتنعون به، ولا يجوز لا للوزارة ولا لأي أحد مصادرة قناعاتهم. وقال: «إن في خطاب وزارة التربية نبرة لا تخلو من الأمر ومحاولة الفرض على المدرسين والمعلمين الذين شهد لهم العالم في التقدم والرقي وأداء الرسالة بمهنية وأمانة وصدق، وخطاب الوزارة الأخير دل على اختلال موازينها في تقدير العطاء الذي يقدمه المدرسون للوطن وللمواطنين، وبالتالي فهي بحاجة ماسة لمراجعة مواقفها».

وأكد أن المدرسين اتخذوا موقفهم بأنفسهم ولا يحق لوزارة التربية ولا لغيرها التحايل على هذا الموقف الوطني الصادق في ظل الأزمة التي تعيشها البلد، وإلا فالوزارة تكون قد سبقت أي جهة أخرى في فتح جبهة مع موظفيها من المدرسين الذين شهد العالم حضاريتهم وسلميتهم وتعبيرهم عن حرصهم على مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

وطالب وزارة التربية بالتراجع عن موقفها، لأن ذلك سيتسبب بأزمة كبيرة بين مسئولي الوزارة وبين المعلمين والموظفين في جميع المدارس وبين الطلبة كذلك، فالأزمة التي تعيشها البلد ليست بحاجة لأي زيت يصبه أحد في محاولة للتذاكي والظهور بمظهر الحريص، والتصرف بحماقة أمام الحجم الكبير من المشكلات التي يعيشها الوطن والتي يطالب الجميع بحلها، وأمام دعوات الحوار، فإن وزارة التربية تسبح عكس التيار في طريقة غريبة ومستنكرة من الجميع.

وقال: «إن هذا التصرف من وزارة التربية سيحدث أزمة جديدة بين الشعب والحكومة، وهو تصرف يعكس قصر النظر الذي يتمتع به البعض في مقابل الحراك العام الذي تعيشه البحرين، على وقع دماء وشهداء وجرحى وحراك سياسي كبير يراقبه العالم بكل حذر».