تمُرُّ ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام والبحرين في شغلٍ شاغلٍ عنها بنفسها وأحزانها وتخبطها في أعقاب هجوم الخميس الدامي.
الأخبار الأولى المتعلقة بميدان اللؤلؤة صباح أمس، كانت أخباراً خارجية، ويتحدث أولها عن حضّ الولايات المتحدة على احترام حقوق الإنسان والقيام بإصلاحات حقيقية تلبي تطلعات الشعب البحريني. والخبر الثاني عن مناشدة السعودية «الأشقاء من الشعب البحريني تحكيم العقل في طرح رؤاهم»، وأملها بعودة الهدوء والاستقرار، وهناك موقف إماراتي مماثل. وهناك بيانٌ تضامني مع «اللؤلؤة» وقّع عليه سبعون من الأكاديميين والكتاب الكويتيين.
أما داخلياً، فقد اعتصمت عند العاشرة صباحاً مجموعة من المحامين أمام مبنى وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، تضامناً مع حركة الشباب، وأدانت بشدة إطلاق الرصاص الحي والمطاطي على المواطنين العزّل، وطالبت النائب بأن «يبدأ فوراً بالتحقيق في كل ما ارتكبته قوات الأمن بحق المتظاهرين، من قتل عمد واعتداء على سلامة جسم الغير»، مؤكدةً على حق الشعب في التظاهر والتجمع السلمي المقرّر في كافة العهود والمواثيق الدولية. ودعت إلى «الوقف الفوري لكافة أشكال الشحن الطائفي، الذي تمارسه أجهزة الإعلام الرسمي».
وفي الحادية عشرة وصلت مسيرة جمعية المعلمين البحرينية التي ضمت ألفاً من المعلمين والمعلمات، وأصدرت بياناً التزمت فيه موقف الشعب المطالب بحقوقه الدستورية، قابلها المعتصمون بعبارة «شكراً لكم». كما وصلت كتلة الوفاق البلدية إلى «اللؤلؤة».
بعد الظهر، أعلن وزير الخارجية البريطاني عن اهتمامه العميق بالوضع واستنكاره الشديد لاستخدام الذخيرة الحية ضد المدنيين، ومن جانب آخر دعمه لمبادرة سمو ولي العهد للحوار. وفي الواحدة والنصف أعلن عن مسيرة حاشدة في شركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، وفي الساعة الثانية طافت مسيرة الكوادر الطبية باحة مجمع السلمانية لليوم الخامس، مطالبة باستقالة وزير الصحة فيصل الحمر نتيجة موقفه غير المشرف في الكارثة، وتصريحاته المخالفة للحقيقة على شاشة تلفزيون البحرين. وقبيل الثالثة بقليل اعتصام العمال البحرينيين العاملين في شركة تطوير حقل البحرين.
عند الرابعة، طافت مسيرةٌ خاصةٌ بالإعلاميين حول ميدان اللؤلؤة، شارك فيها أكثر من مئة من الزملاء والزميلات، ثم توجهوا نحو المنصة حيث رددوا شعارات ضد وزارة الإعلام وجمعية الصحافيين وتلفزيون البحرين الذي وصفوه بـ «تلفزيون العين الواحدة»، ونادوا بـ «صحافة حرة». وألقت عصمت الموسوي كلمةً عبّرت فيها عن ذهولها من حدوث مجزرة بعد ساعات من تقديم التعازي، في سياق تاريخ سياسي طويل. وقامت مجموعة من الزهرات بإطلاق حمامات السلام من فوق المنصة، فيما ردّدت الحشود في حماسٍ: «إخوان سنة وشيعة، إحنا الوطن ما نبيعه». واستهلت خديجة الحمادي كلمتها بطلب دقيقة لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وقالت: «عندما صليت العصر قلت لعائلتي: حلّلوني فقد لا أعود، سأوضع على القائمة السوداء، وقد لا تجدوني غداً في هذا الدوار ويكون مصيري كالأخ البوفلاسة، لكني لا أريد أن أسوّد وجهي أمام رب العالمين».
وقالت الحمادي: «هذا الميدان عليه شعارات الحرية والوحدة والشهادة، وأنا لا أطالب بإسقاط النظام ولكن إصلاحه، ومحاسبة كل من عذّب وقتل المواطنين. وأنا من الطائفة السنية الذين يحبونكم، ولابد أن نؤكد على الوحدة الوطنية، وفخورة بشباب البحرين الذي يريد أن يبني وطنه». ورحّب الجمهور بالزميلة ريم خليفة، لموقفها المشرّف في المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية مجلس التعاون، حيث وصفت ما جرى يوم الخميس بالمجزرة. وكان الجمهور يخاطب الإعلاميين بين فقرة وأخرى بكلمة «شكراً لكم... شكراً لكم».
كنت أقف بين الجموع، أراقب المشهد المهيب أمامي، فالجمهور يثمّن الكلمة الصادقة والموقف الشريف الذي يتخذه الكتاب والصحافيون، وعادةً ما يقارنونهم بالنماذج المتسلقة وتجّار المواقف والباحثين عن المصلحة الشخصية على حساب آلام الشعب وسَغَبِه. وكانت الحشود تردّد شعارات عن الوحدة الوطنية، والمذيع يخاطبهم بين فترة وأخرى: «اخرجوا أسلحتكم»... فيرفعون أيديهم إلى الأعلى كأنهم تلاميذ مدرسة في طابور الصباح. وجدت نفسي لأول مرة أرفع يدي لأشاركهم في التصفيق وهم يردّدون بلهجة بحرينية محبّبة، تلك الكلمة الساحرة الباهرة «سلمية. سلمية. سلمية».
عند ميدان اللؤلؤة، عرّفني صديقٌ على أحد من دخلوا الميدان أمس الأول بعد مغادرة قوات الأمن، حيث سرد بعض التفاصيل، من بينها لحظة دخول تلك الفتاة البحرينية الميدان وهي تحمل بعض الورود الحمراء وتتجه إلى قوات الأمن، وحين رفضوا استلامها زرعتها في التراب وسجدت على الأرض (نشرت «الوسط» صورتها أمس، صفحة 15). بنات بلادي الرائعات. كبرن ونضجن وأصبحن معلّمات. عشراتٌ من الفتيات والشباب من فوارس هذا الزمان الجديد، كان أول ما فعلوه أن سجدوا لله شكراً. وكان من بين الداخلين معهم مصوّرو صحافة بحرينيين وأجانب، جاءوا ليسجّلوا بعدساتهم هذا الحدث الاستثنائي.
عند مغادرة قوات الأمن، غاصت عجلات سيارتين في الرمل، في المنطقة الواقعة بالقرب من مجمع الدانة، وساعد الشباب المتجمهرون هناك على دفعها للخروج والالتحاق بطابور السيارات الأخرى. كان يسرد التفاصيل وبجانبنا شابٌ آخر، فروى قصة سيارة ثالثة تعرضت للموقف نفسه، فساعد مع آخرين في إخراجها من الرمل حتى دخلت مركز المطافئ القريب. يقول: «لم نكن نريد أن نترك الأمر للصدفة، فحركتنا سلمية ولا نريد أن يعكر سلميتها أيّ حادث صغير».
غادرت «اللؤلؤة» قبيل الغروب، كان برنامج الـ «بي بي سي» يتحدث عنها، وسمعت الكاتب المصري حسن أبوطالب، يردّ على أكاديمي خليجي بقوله: «إن ما حدث في البحرين له أسبابه المحلية، ويتعلق بظروف البلد الداخلية، من كثافة التمييز ومعاناة التهميش الاجتماعي والاقتصادي».
في السلمانية كان الوضع هادئاً أمس. وقسم الطوارئ كان طبيعياً، والجموع التي كانت تملأ جنبات المستشفى في الأيام السابقة لم يبق منها إلا عشرات، اصطفوا للصلاة جماعةً بعد الأذان. وقبل المغادرة بقليل ألقيت نظرةً من الطابق الرابع على باحة المستشفى، وكانت مجموعةٌ من النساء في حدود الأربعين يفترشن جانباً من موقف السيارات، وقد تحلّقن حول الشموع.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3090 - الأحد 20 فبراير 2011م الموافق 17 ربيع الاول 1432هـ
انتظرناك
لماذا لم تظهر على المنصة ياسيدظ كنا نريد سماع صوتك
اثبتت الاحداث
اثبتت الاحداث والاحداث خير شاهد على الخسه والنذاله والنفاق ان مايقوله الاعلام المضلل اننا شعب واحد ولا يوجد تفرقه لكن قتل اولادنا في الدوار جعلنا نكفر بكل مايقولون ولن تعود الثقه بهم مطلقا حتى لو تظاهروا بانهم نادمين على ما اقترفته ايديهم الاثمة تحية اجلال واكبار لكل الثوار والشهداء والله مع الصابرين
هذه هي مطالبنا
1- استقالة الحكومة .
2- انتخاب حكومة جديدة .
3- دستور عصري بصياغة على أيدي أبناء هذا الوطن .
4- محاكمة من تسببوا في قتل الأبرياء وخصوصا يوم الخميس الدامي .
5- وقف التجنيس والتحقيق فيمن أعطوا الجنسية بغير حق .
6- اطلاق سراح السجناء السياسيين من دون شرط ولا مكرمات .
7- التحقيق مع من مارس التمييز في شتى الوزارات وعلى رأسها وزارة الداخلية والدفاع .
8- توظيف البحرينيين سنة وشيعة في الداخلية والدفاع لأنه مقتصر على المجنسييين
ابــ سيد رضا ــو
انا لا يمكن ان انسى كل العاملين في جريدة الوسط و دلك ليس لانهم تابعوا الاحداث و لم يغفلوا مثل ما عمل غيرهم بغض النظر عن طرف و متابعة الاخر لا و لكن لانهم سطروا احلى ملحمة من ملاحم القلم الحر و متابعة الاحداث و ابداء الراى و الراى الاخر و انا اشكر ايضا لكل القنوات الحره التى تابعت الاحداث و عملت على نقل الحدث بالصوت و الصوره . و اما من كان ينقل الاحداث بعين واحد فليعلم ان عين الله لا تنام و الله يمهل و لا يهمل .
البحرين
هم ابناء شعبي ... نعم تلك هي سواعد الشباب تبني و ترسم الدرب من جديد ... ان اكثر ما يدمع عيني عند دخول الي ساحة الشهداء .. ان الجميع هناك .... واكثر ما يقهرني ان تخرج اقلام و اشخاص يزرعون الفتنة بين اطياف المجتمع ... نعم اخوان سنة و شيعة .
عاشقة القدس
كلامك ادمع عيني يا سيد الأقلام الحرة
من وعيت للدنيا
منذ 40 عاما وشهيد وراء شهيد نبكيه وتحترق قللوبنا الى الان فالى متى هذا الحال شبابنا ازهار يخطفها الموت برصاص الغدر والضلال
سيد
عطنا مقال عن الشهداء يرحم والديك ..
باجر نبي نشوفه في الجريدة.
يستاهلون شهدائنا .
شباب طلق الدنيا ثلاثا و اجرى الدم فوق الأرض نهرا