العدد 3088 - الجمعة 18 فبراير 2011م الموافق 15 ربيع الاول 1432هـ

بعد شهر على سقوط بن علي... حرية وقلق في تونس

بعد شهر على سقوط الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، يبدو التونسيون معجبين بشجاعتهم التي انطلقت في العالم العربي، ويتمتعون بحريتهم الجديدة لكن صبرهم بدأ ينفد في مواجهة حكومة تجاوزها الزمن وشعور بالقلق من مصادرة ثورتهم.

الساعة 18:00، تونس، نهار الجمعة في 14 يناير/ كانون الثاني. بعد 23 عاماً في السلطة من دون منازع، وبعد شهر من الاحتجاج الشعبي، وأكثر من 200 قتيل، يفر بن علي (74 عاما) من البلاد. ويصبح أول زعيم عربي يغادر السلطة تحت ضغط الشارع.

وبعد شهر على ذلك، يتحدث التونسيون عن «تأثر كبير». «الثورة صنعت في الرؤوس والنفوس. اكتشفنا شعباً حراً منعتقاً من كل القيود التي كانت تجعل منه شعباً مقموعاً»، حسب تعبير المعارض التاريخي منصف مرزوقي.

وفي شوارع تونس الياسمين، بات الناس يتحدثون مع مجهولين، لم يعد أحد يتجنب الشرطة، يطالبون ويعترضون. وقال عزيز أماني وهو صاحب مدونة في السابعة والعشرين من العمر «الأهم هو أني لم أعد خائفاً». وبعد الأيام الأولى من الفوضى التي اتهمت شرطة بن علي بإثارتها، وعمليات النهب التي طاولت أملاك أفراد عائلة السيدة الأولى التونسية السابقة، ليلى الطرابلسي، لأنها يسرت سرقة ثروات البلاد، لم تحصل الحرب الأهلية وبدأت العملية الانتقالية. وهي عملية انتقالية متعثرة وغامضة لكنها انتقالية.

وما كان من غير الممكن تصوره قبل أربعة أسابيع فقط في هذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة تكمم الشرطة أفواههم، هو ما فعلته الحكومة الانتقالية التي أعلنت تنظيم انتخابات حرة في غضون 6 أشهر وإطلاق حرية الإعلام وتبنت مشروع قانون للعفو وسمحت بنشاط المعارضة المحظورة وأطلقت عملية تطهير في قيادة الشرطة وإدارات الدولة وعلقت نشاط حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاً وأوقفت نشاط البرلمان.

وقال دبلوماسي غربي «إن النقطة الإيجابية هي أنه لا وجود لانكفاء في الحريات ولدينا حكومة أعلنت بوضوح أنها تريد الإعداد لانتخابات ديمقراطية».

وأضاف «لكننا لا نتمتع حتى الآن باستقرار تام. وتطرح كذلك مسألة معرفة من هي الجهة التي تتخذ القرارات بالفعل».

ومنذ أن تولى قيادة العملية الانتقالية، يكثف رئيس الوزراء محمد الغنوشي وهو على رأس الحكومة منذ العام 1999، حالات التردد والأخطاء في الحكم والتراجع وهو ما جعله مشبوهاً بعدم الرغبة التامة بقطع علاقته مع النظام السابق.

وهي أول حكومة تتألف بصورة رئيسية من وجوه بارزة سابقاً وتم تعديلها تحت ضغط الشارع مع تعيينات جديدة لحكام الولايات: «لا وجود لإرادة سياسية واضحة بحسم الأمر مع الماضي. لقد وصلت قرارات الحكومة مع تفاوت بلغ أوجه وأدى إلى أزمة ثقة»، بحسب ما رأى زعيم المنتدى الديمقراطي للعمل والحرية المعارض مصطفى بن جعفر.

ومع كادرات من التجمع الدستوري الديمقراطي يسيطرون على الإدارة والشرطة، يخشى المعارضون من مصادرة ثورتهم ويطالبون بكادرات من طواقم ضد السلطات. وحذر مرزوقي قائلاً «إن الحرس القديم يقف وراء الأبواب».

وفي الأرياف، تتواصل الاضطرابات من عملية تخريب معتمدية القصرين (وسط) إلى الصدامات الدامية في بداية فبراير/ شباط في الكاف (شمال غرب) بعد تظاهرة ضد قائد الشرطة. وكدليل على القلق، استدعى الجيش احتياطيه.

والتونسيون الذين فقدوا الصبر يطالبون بكل شيء فوراً من حكومة تخطاها الزمن. والانفجار الاجتماعي ليس بعيداً. فمن الشمال إلى الجنوب تتواصل التظاهرات كل يوم للمطالبة بعمل وبراتب أفضل وبمنزل.

وقال عزيز أماني «النضال يستمر وينبغي ألا ننسى البؤساء الذين كانوا محرك الثورة». لأن كل الناس هنا يتذكرون أن كل شيء انطلق في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العمل المعزول واليائس للشاب العاطل عن العمل محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه، ومات فوق عربة الخضار التي كان يعتاش منها.

العدد 3088 - الجمعة 18 فبراير 2011م الموافق 15 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً