تقف الحالة التونسية بعد ثورتها المجيدة أمام جملة من الرهانات داخليا وخارجيا وعلى كافة المستويات سياسية واجتماعية واقتصادية وإعلامية، تقف صامدة معلنة التحدي:
على المستوى السياسي وبعد التذبذب الذي شهدته حركة تعيين الوزراء والمحافظين تعيش الحكومة الجديدة صعوبات ليس أقلّها البرهنة على القدرة على استيعاب كل الطيف السياسي الذي أصبحت تعج به تونس والاستماع إليهم والاستئناس بآرائهم تأكيدا على المنحى الديمقراطي الجديد للبلاد.
أما الرهان الأكبر فهو دون شك الوصول بالبلاد إلى موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أجواء تعددية تضمن لكل مترشح حقوقه وذلك بعد إصلاح المجلة الانتخابية وإعطاء تأشيرة العمل السياسي لكل من يتقدم إليها في إطار قانوني.
وغير بعيد عن السياسية يعتبر الملف الأمني تحديا كبيرا ورهانا يستوجب التفاف كل المواطنين من أجل الحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسبات الثورة وهو ما يتطلب إعطاء انطباع مخالف لكل الآراء التي تربط الحرية بانعدام الأمن فضلا عن محاصرة جيوب النظام السابق التي لاتزال تظهر آثارها بين الفينة والأخرى كحادثة اقتحام وزارة الداخلية من قبل أكثر من ألف شخص ثم خروجهم دون إيقاف واحد منهم!
أما اقتصاديا فالكثير من المؤسسات الصغرى والكبرى والمجمعات التجارية وغيرها وقع حرقها أو نهبها ووجد العمال والموظفون أنفسهم في حالة بطالة ويعتبر إعادة تشغيلهم تحديا كبيرا وأزمة حقيقية في وجه الحكومة الحالية. إضافة إلى هروب بعض رجال الأعمال المشبوهين وتوقيف شركاتهم عن العمل وهو ما يزيد في حجم البطالة موضوع شرارة الثورة التونسية.
وآخر المستجدات هو المطالبات القطاعية المتعددة بالزيادة في الأجور والإضراب عن العمل لتحسين وضعيات العمال ولئن تحققت بعض هذه الطلبات في بعض المؤسسات الحكومية فإنها في القطاع الخاص تسير بخطى ثقيلة جدا نظرا للظرف الاقتصادي الراهن ما حدا بإحدى المؤسسات السياحية إلى توزيع زبائنها على فنادق أخرى وغلق الفندق حين أصرّ عماله وموظفوه على مطالبهم الاجتماعية! فمن المستفيد في مثل هذه الحالة؟
أما إعلاميا فالملاحظ يلمس الثمار الأولى للثورة في المشهد الإعلامي التونسي حيث باتت وسائل الإعلام التونسية متحررة من الكثير من القيود، فالرأي والرأي الآخر بات العنوان الأبرز في الإعلام التونسي مع عودة الأصوات المعارضة من الخارج وإطلاق أقلام الصحافيين لانتقاد سياسات الحكومة الحالية.
كذلك بدأ قطاع النشر والتوزيع ينتفض إذ عرضت المكتبات الكبرى نماذج من الكتب التي كانت ممنوعة سابقا حيث كان القبض على أحدهم متلبسا بحيازتها كفيلا بإنزال أشد العقوبات عليه.
أمّا خارجيا فيكفي هذه الثورة فخرا أنها ألقمت الشعب المصري الثقة في خيارات الشعوب متى ما أرادت حتى صارت شعارات الثورة التونسية تتردد في مصر وفي غيرها من البلاد العربية. كما فرضت الثورة احتراما دوليا للشعب التونسي ولخياراته فالولايات المتحدة الأميركية مثلا حاولت التقرب من الثورة التونسية من خلال إيفاد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إلى البلاد لتأكيد دعم واشنطن للعملية الديمقراطية السارية في تونس.
أما المفوضة السامية لحقوق الإنسان فقد حثّت المجتمع الدولي على تقديم دعم للشعب التونسي من أجل الحرية والاحترام الكامل لحقوق الإنسان، متعهدة بأن تستمر في مراقبة الوضع عن كثب في تونس. وفي إطار المساعدات الأوروبية لتونس، ألمحت مصادر المجلس الوزاري الأوروبي إلى أن زيادة المساعدات المالية لتونس تعتبر أحد الخيارات المطروحة على الاتحاد الأوروبي.
هكذا تجد الثورة التونسية نفسها إزاء مجموعة من التحديات لعل الضامن الوحيد لتجاوزها بسلام هو الشعب وخاصة الشباب الذين أوقدوا لهيب هذه الثورة.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3084 - الإثنين 14 فبراير 2011م الموافق 11 ربيع الاول 1432هـ
التحديات أكبر وأكبر
هناك تحيات خطيرة أخرى لم تلفت إليها
نرجومزيد التعمق فيها
الإعلام والثورة
باتت وسائل الإعلام التونسية متحررة من الكثير من القيود،
لكن لاحظنا في بعض الأوقات عودة للوراء من هذه القنوات
نرجو أن لا تكون التفافا على مكاسب الثورة
من الضامن؟
الضامن الوحيد لتجاوز التحديات بسلام هو الشعب وخاصة الشباب الذين أوقدوا لهيب هذه الثورة.
لكن غذا توفرت مؤسسات رقابية كان الأمر أكثر وضوحا في المتابعة والمحاسبة
في غير وقتها
المطالبات القطاعية المتعددة بالزيادة في الأجور والإضراب عن العمل لتحسين وضعيات العمال
أرجو أن ترتفع الشعوب الحرة ولو وقتيا عن هذه المطالب الفئوية الضيقة
ما وجهتك
طيلة عام أو أكثر لم تغير عمودك فدائما تكتب في التربية وقضاياها وقد استمتعنا بكثير منها لجرءتها وحساسيتها وراهنيتها
والآن توجهت نحو الكتابة السياسية والاجتماعية
فهل ستواصل أم ستعود إلى نسقك القديم
وشكرا على إضافتك المتميزة لجريدة الوسط
مقالاتك رائعة
الاستاذ الفاضل
تحياتى اليك
اصبحت مقالاتك شيقة ونحرص دائماً على قرائتها
اتمنى لك التوفيق والى الامام انشاء الله
ابو محمد
شكرا
لهيب هذه الثورة
نعم حتى لا يخمد لهيبها على التونسيين الإسراع بتكوين مجلس تأسيسي لهذه الثورة كي لا تذهب دماء الشهداء سدى
صدقت يا خوي
تجد الثورة التونسية نفسها إزاء مجموعة من التحديات لعل الضامن الوحيد لتجاوزها بسلام هو الشعب وخاصة الشباب الذين أوقدوا لهيب هذه الثورة.
فعلا صار شعب تونس ثم مصر مضرب الأمثال وهم حقا من يحرسون ثورتهم
أعانهم الله