العدد 2444 - الجمعة 15 مايو 2009م الموافق 20 جمادى الأولى 1430هـ

ستظل أميركا وسيطا غير نزيه

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

بعد أن وصل إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة رئيس شبه متحرر وجاء كنتيجة لرغبة الشعب في تحسين صورة أميركا التي شوهت،توافقت كل الجبهات سواء الأوروبية أو الشرق أوسطية وحتى المؤسسات الدولية السياسية بما فيها مجلس الأمن على أنه يجب تسوية الصراع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين الذي تبنته اللجنة الرباعية واقترحته في «خطة الطريق» العام 2003. بالأمس كانت بعض الأطراف غير المحايدة تشترط لتنفيذ «خريطة الطريق» وتحت ضغط إدارة المحافظين الجدد السابقة في واشنطن، وقف ما تسميه «الإرهاب» في الأراضي المحتلة وتعني عمليات المقاومة المشروعة للاحتلال. الآن وبعد توافق الوسطاء جميعا على ضرورة حل الدولتين نرى أن الصهاينة أخذوا يعدون خططا ماكرة لتضييع الوقت. الأسبوع الجاري عندما انعقدت جلسة وزارية في مجلس الأمن الدولي لمناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط، جاء القرار بالإجماع على إعلان يدعو إلى بذل جهود عاجلة من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم. وشدد الإعلان على ضرورة بناء هذا السلام على رؤية لمنطقة تعيش فيها دولتان ديمقراطيتان هما «إسرائيل» وفلسطين جنبا إلى جنب بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها.

ورغم أن هذه التوصية كانت متوازنة وعادلة إن هي نفذت بناء على القرارات والشرعية الدولية القاضية بوقف بناء المستوطنات أو توسيعها وإيقاف كافة الإجراءات القائمة لتهويد القدس وتغيير المعالم على الأرض ورفع الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني بأكمله، إلا أن مندوبة «إسرائيل» لدى الأمم المتحدة غابرييلا شاليف احتجت بأن بلادها لا تؤمن بأن تدخل مجلس الأمن يساهم في العملية السياسية في الشرق الأوسط. ورأت شاليف أن هذه العملية يجب أن تكون ثنائية بحيث تترك للطرفين المتنازعين فقط (الإسرائيلي والفلسطيني).

بمعنى أن مجلس الأمن يمكنه أن يتدخل في جميع النزاعات والقضايا الدولية مثل البرنامج النووي الإيراني وأزمة دارفور والنووي الكوري الشمالي وقضية ميانمار وكوبا أما عندما يتعلق بنزاع «إسرائيل» طرف فيه أو بالأحرى هي المتسبب الأكبر فيه فإن على مجلس الأمن ألا يتدخل ويجب أن يتغاضى عن ذلك.

ليس هذا فحسب، بل إن العدو الصهيوني ذهب في تبجحه أبعد من ذلك تجاه حل القضية. فقد أعلن مساعد كبير لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأن هذا الأخير سيبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائهما المرتقب بعد غد الاثنين أن «إسرائيل» تريد مواصلة أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. وقال مساعد نتنياهو، السفير السابق في واشنطن، زلمان شوفال، إن رئيس الوزراء سيشدد على حق «إسرائيل» في البناء ضمن مجموعات استيطانية قائمة من أجل الحفاظ على نموها الطبيعي، وذلك في تحايل جديد رغم أن الفلسطينيين يشترطون بشكل قاطع وقف عمليات الاستيطان لتحريك المفاوضات.

وبالطبع في جعبة نتنياهو حيل أخرى كأن يناور في لقائه مع أوباما بالملف الإيراني كما فعل في لقائه الثلثاء الماضي مع الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ، إذ من المتوقع أن يشترط لتحريك عملية السلام إيجاد حل أولا لـ»معطلة» البرنامج النووي الإيراني والأسلحة النووية التي يُزعم أن طهران تخطط لها والقول أيضا إن الفلسطينيين غير جاهزين أو مؤهلين لإقامة دولة مستقلة بما أن الجمهورية الإسلامية محاطة ببعض الدولة العربية تتدخل في شئونهم أو تدعم المقاومة الإسلامية المتمثلة في حركة حماس التي تحكم قطاع غزة. ونسي نتنياهو أن إقامة الدولة الفلسطينية هي مصلحة إسرائيلية أيضا إذ سيوفر هذا الحل السلمي تطبيعا شبه مجاني مع العالم العربي والإسلامي ويكون بذلك قد تجنب العداء الإيراني المستحكم لـ»إسرائيل» خصوصا أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن أخيرا عن تأييده للحل القائم على أساس الدولتين، وحتى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أقره طالما ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وعلى القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

إذن الآن حصحص الحق، جميع الأطراف الدولية تؤيد رؤية أوباما لحل هذه القضية وضرورة تنفيذها بسرعة قبل أن ينفجر الوضع بحرب ثالثة،ولكن قادة الدولة العبرية وفي مقدمتهم نتنياهو يراوغون ويسعون إلى عرقلة هذه المساعي.

ومع ذلك لا نتوقع أن يكون أوباما حاسما فيه لقائه مع نتنياهو بعد غد ولا يستطيع أن يريه «العين الحمراء» لأن ببساطة ستظل الولايات المتحدة وسيطا غير نزيه في هذه القضية مادام أن اللوبي الصهيوني الأميركي وأنصار منظمة «ايباك» هم المسيطرون على دهاليز وأروقة البيت الأبيض بينما الرئيس مجرد ديكور.

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 2444 - الجمعة 15 مايو 2009م الموافق 20 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً