بدأت شمس حل الدولتين بالغروب، وبدأت نافذة الحل الوحيد الذي كان يعتقد أن له أملاً بتحقيق سلام مستدام له معنى للإسرائيليين والفلسطينيين بالانغلاق، ومعها مستقبل إسرائيل كوطن ديمقراطي لليهود.
لقد قالها الناس منذ سنوات. الواقع أن الناس يقولون منذ فترة، «النافذة آخذة بالانغلاق»، حتى قبل أن تنفتح تلك النافذة. ولكنني طالما عارضت السخرية، فهي سهلة، ولكنها تؤدي أحياناً إلى السلبية، ولا يمكن لمن هو سلبي أن يكون عادلاً.
لذا أكتب بمزيد من التردد قائلاً: «النافذة آخذة في الانغلاق». ولكنني لا أكتبها كنداء للاستسلام، بل على العكس، فإنني أكتبها كنداء للعمل. أكتبها كمناشدة طارئة لفهم أن حل الدولتين، الذي سيأتي بالعدالة للشعب الفلسطيني هو أيضاً الأسلوب الوحيد القابل للبقاء لحماية مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
على الجبهة الإقليمية السياسية، يجب أن تشكّل الثورة في مصر بالتأكيد تذكيراً بأن الوضع السياسي الراهن لا يمكن أن يبقى إلى ما لا نهاية. ولكن لنضع الثورة المصرية جانباً. ما أخافه هو أن السياسة الداخلية القائمة في إسرائيل هي التي تدفع باتجاه إغلاق النافذة بمعدل مرعب لم يسبق له مثيل.
دعوني أشرح لكم.
وجد عدد من المقترحات التشريعية غير الديمقراطية طريقه مؤخراً إلى وسط الحوار السياسي عبر السنوات الأخيرة، بما فيها مقترح قدم الأسبوع الماضي عندما وافقت لجنة برلمانية إسرائيلية على تشكيل لجنة على نسق لجان مكارثي للتحقيق في نشاطات منظمات إسرائيلية غير حكومية تعمل في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
يستهدف التحقيق جماعات تتمتع بشجاعة ومهنية عالية، مثل منظمة «بتسليم» ومنظمة «بريكنغ ذا سايلنس»، اللتين تعملان دون كلل للحفاظ على رؤية الديمقراطية والمساواة حسب ما وردت في إعلان استقلال إسرائيل. كافحت هذه الجماعات منذ سنوات لفضح الواقع المرعب للاحتلال أمام الجمهور الإسرائيلي الأوسع، وبالتالي بناء إجماع حول الحاجة الملحّة لإنهائه.
يعتبر التشريع اللاديمقراطي بشكل فاضح، في أية دولة ديمقراطية، مثل تحقيق حكومي في منظمات حقوق الإنسان، سبباً للقلق. ولكن هذه القوانين في إسرائيل ليست مرعبة فحسب على أساس كل حالة على حدة وإنما تشكل بالتأكيد تهديداً لحل الدولتين نفسه. وإذا تم التحقيق في هاتين المنظمتين، وجرى كبت أصواتهما، فمن سيقود التوجه من أجل السلام والعدالة؟ من الذي سيضمن أن ينتهي أخيراً هذا الاحتلال الذي دام مدة 43 سنة؟ وعندما يصبح حل الدولتين خارج مجال النقاش، من الأرجح أن إسرائيل لن تعود دولة ديمقراطية بتاتاً.
المعادلة بسيطة بشكل ملفت للنظر. لن تكون هناك فلسطين مستقلة في غياب نهاية للاحتلال. وفي غياب دولة فلسطينية مستقلة، سوف يصبح احتلال إسرائيل للضفة الغربية أمراً دائماً، وسوف تتوقف إسرائيل عن كونها ديمقراطية ما لم تعطِ جميع الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية حقوق تصويت كاملة في إسرائيل، مما سيعني لا محالة نهاية إسرائيل كوطن لليهود.
هذا الوضع الأخير بعيد كل البعد عن أي تيار رئيسي وأي موقف إسرائيلي معتدل (بما فيها موقفي أنا) دعك من موقف الحكومة الحالية اليمينية، لدرجة أن ديمقراطية إسرائيل تتعرض لخطر محدق كبير.
وبكلمات القس مارتن لوثر كنغ الابن، التي يشرح فيها معارضته لحرب فيتنام، «نواجه الإلحاح الشرس للتركيز على الوقت الآني. في هذا اللغز الذي بدأ يتكشف عن الحياة والتاريخ، هناك شيء اسمه فات الأوان».
أنا مواطن إسرائيلي وأميركي، ولكنني أوجه هذه المناشدة بالذات للجالية اليهودية الأميركية. تكلّموا. ارفعوا أصواتكم عالياً. مكانكم هو أن تتحدوا، لأن الفشل في القيام بذلك قد يعني نهاية وطننا الديمقراطي اليهودي في أرض إسرائيل. تحدّوا الاحتلال.
قولوا للرئيس أوباما ألا يستسلم. قولوا له أن يباشر وبسرعة مبادرة سلام أميركية شجاعة قادرة على البقاء، ابتكارية مفصلة. الشرق الأوسط آخذ بالتغيّر. لقد حان وقت التصرف الشجاع من جانب الولايات المتحدة لتفعل كل ما تستطيعه لضمان أن يكون هذا التغيير باتجاه السلام والعدالة.
دعونا لا نسمح لهذه النافذة بالانغلاق. لنرفع أصواتنا قبل أن يفوت الأوان.
* ولد في القدس وهو طالب في السنة الرابعة في ميدلبيري كوليدج، حيث يدرس العربية والعلوم السياسية. وهو رئيس مجلس طلبة الجامعات الوطني في جي ستريت، وهي شبكة في أميركا الشمالية يديرها الطلبة، مكونة من ناشطين يعملون من أجل السلام والأمن والعدالة الاجتماعية في إسرائيل، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ