يعتقد البعض أن الحيادية هي وحدها ما يراه هو دون غيره، وأن كل ما يخالف ما يراه يعني أنه ليس حياديا. والأكثر من ذلك أيضا أن البعض لا يفهم ما يكتب كما كتب، وإنما يفهمه بالطريقة التي يفكر فيها والتي تنبع من شخصيته وتكوينه النفسي ويبني عليه تحليلات وقصص.
هذا المفهوم الشمولي للحيادية يدفع البعض إلى التعصب الأعمى أحيانا، والبعض الآخر إلى اتخاذ مواقف عدائية ضد كل شيء وهو نتاج تكوينات نفسية وفكرية تنظر للآخر على أنه يريد النيل منه دائما.
هناك فرق علمي بين الخبر الصحافي والرأي، ولا يمكن أن يحسب الخبر على ناقله كما لا يمكن الخلط بين الخبر والرأي.
والحيادية لا تعني دس الرأس في الرمال، وإنما هي تعني بالأساس نقل الصورة كما هي دون تحريف أو خوف، ولا ينقص منها نسيان غير متعمد، كما لا ينقص منها توضيح الحقائق للرأي العام مهما كانت قاسية على طرف أو آخر.
الحيادية تعني أيضا أن تسمع كما تتكلم، وأن تتقبل الآخرين وآراءهم من دون تعصب، لأن العصبية أساس التحيز.
هناك من القراء من يريد أن يقرأ ما يعتقد أنه الصواب وهو يتخيل أن الصحافة يجب أن تكتب بالطريقة التي هو يفكر بها، وهناك من يعيش عقدة المظلومية الدائمة ويلعب دور الضحية الذي يبرر له باعتقاده تجاوز كل المحظورات.
التفكير المنطقي يفرض على صاحبه النظر بعينين وليس بعين واحدة، كما يوجب عليه التحرر من الكثير من العقد لكي يتمكن من التجرد من ضغوطها النفسية المكبلة له في اتخاذ القرار وتقييم الأمور.
في هذا العصر وفي ظل الثورة العلمية والتكنولوجية ضاعت الفوارق وضاعت كذلك حدود الدول، لأن التواصل أصبح لا حدود له ولم يعد ممكنا لأعتى الدكتاتوريات في العالم أن تمنع تواصل الشعوب أو تحجب الحقائق عنها، وأصبح العيش في كنتونات مغلقة من سابع المستحيلات.
الأعراق والأجناس باتت متداخلة ولم يعد هناك العرق السامي أو الآري، فالولايات المتحدة الدولة العظيمة أصبح حاكمها أسود بعد عقود من العنصرية البغيضة ضد السود.
وقبل ذلك كله كان سيد المتكلمين الإمام علي (ع) يحدد العلاقة بين البشر بقوله: «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق».
وبهذه الكلمات المختصرة بيّن الإمام علي (ع) أن البشر متساوون تماما ولا فرق بينهم.
فالحقائق باتت واضحة إلى حد كبير، وما يميز أحدا على الآخر ليس عرقه وإنما أخلاقه وحسن تعامله.
في الرياضة هناك الكثير من العصبية التي تدفع الكثيرين للنظر بعين واحدة، وتدفعهم لقراءة كل شيء كما يفكرون وليس كما كتب، والتعصب ألحقت به كلمة الأعمى للدلالة على أنه يعمي عن الحقائق، فيظن الإنسان أن ما يعتقده هو الصواب وغيره خطأ وظلم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 3079 - الأربعاء 09 فبراير 2011م الموافق 06 ربيع الاول 1432هـ
أين تصريحات المنامة؟
اين ردود الافعال المنامية بعد الفوز والتي عودتونا عليها عقب كل كاس؟؟