بعد إطلاق سراحه، إثر احتجازه معصوب العينين، ومعزولا عن رفاقه في ميدان التحرير، بل وحتى عن أخبارهم لما يقرب من 12 يوما، بكى عادل غنيم في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه الإعلامية منى الشاذلي، وبثتها قناة «ريم»، وأبكى معه، كما يقول عنه موقع «سي إن إن»، «الملايين، وأثار مشاعر هائلة لديهم عندما بكى إثر معرفته بالضحايا الذين سقطوا منذ بداية (ثورة الغضب في مصر)».
وأكد غنيم، خلال تلك المقابلة، انه المسئول المجهول عن صفحة «كلنا خالد سعيد» على الإنترنت، التي دشنت تيمنا باسم الشاب الإسكندراني الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، واغتاله رجال الأمن في يونيو/ حزيران 2010، بعد الاعتداء عليه بالركل والضرب لما يزيد على عشرين دقيقة.
وقد سارعت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية إلى بث تفاصيل «الحادث بكل ما حمله من وحشية قدمت دليلا واضحاً على الانتهاكات الواسعة التي تحدث في ظل قانون الطوارئ الجاري العمل به منذ ثلاثة عقود والمستخدم كأداة قمع من قبل النظام».
سلوك عادل غنيم في المقابلة، وبعد ذلك أثناء إلقائه خطابه الأول بعد اعتقاله في جماهير «ميدان التحرير»، يكشف نمطا جديدا في سلوك القيادات السياسية العربية الشابة، إن جاز لنا اعتبار غنيم أحدها، لم يعهده الكثير ممن تبوأوا مقاعد الصفوف الأمامية في الأحزاب العربية الحالية، حاكمة تلك الأحزاب أم معارضة.
مزيج من العفوية ونكران الذات ساد ذلك السلوك، الذي كان بعيدا عن بيروقراطية الحكام وفسادهم، ومقطوعة السرة عن المعارضين وتصنعهم.
هذه الحالة الجديدة، هي التي تدفع غنيم ورفاقه إلى نبذ التشدق السياسي، على الطريقة العربية، بالإنجازات التي حققتها انتفاضة يناير المصرية، وعدم ركوب موجة ادعاء حق في التداعيات التي زرعتها، هي دون غيرها، في مصر، وفي الدول العربية المحيطة بها، والتي يمكن أن نورد أهمها - التداعيات - في النقاط التالية:
1. اهتزاز أركان النظام الفرعوني المصري، والحديث هنا عن نظام فرعوني مقصود، كي نحصر المسألة في شخصية فرعونية، كما يحلو للعديد من أجهزة الإعلام المصرية والعربية والعالمية ان تروج لها.
فقد هدد شباب ميدان التحرير النظام المصري من جذوره. وقد عبر عن ذلك اضطرار الرئيس مبارك، رغم مكابرته برفض الاستقالة، إلى إقالة الحكومة، والتضحية بقيادة حزبه الحاكم، ومناشدة الجيش بعدم التدخل، والاستعانة بمجموعة موتورة من «البلطجية» كبديل للأجهزة الأمنية التي لم يكن يجرؤ على الاستخدام العلني لها أو برجالها، الذين شكلوا النواة الصلبة لتلك الزمر «البلطجية».
لذا فما ينبغي التأكيد عليه هنا، هو انه حتى لو افترضنا جدلا أن الظروف المحلية، والإقليمية، والعالمية، أدت إلى ان يواصل مبارك الحكم حتى نهاية ولايته، فسوف نشهد «مبارك» آخر، ليس بالضرورة بعيدا عن التهم التي وجهت له، لكنه غير ذلك الذي عرفنا، قبل ثورة «ميدان التحرير».
سيضطر مبارك أن يقدم المزيد من التنازلات، ولصالح أهداف الثورة، إن هو أراد البقاء حتى نهاية ولايته. ومن الطبيعي أن يسعى مبارك إلى تغليف تلك التنازلات، ببعض أشكال العنجهية، تحاشيا لوضع نفسه في خنادق الانهزام، الذي لا يستطيع أن ينكره.
2. ارتباك المعارضة المصرية التقليدية، التي لم تستطع ان تواكب الثورة، ولا أن تسايرها في سرعة خطواتها، ولا راديكالية مطالبها. لكنها لم تكن تملك إلا ان تسير في ركابها. لذلك لمسنا ما يشبه «التلكؤ» في الإفصاح عن موقف علني مؤيد للثورة، ومنخرط في صفوفها.
لقد وجدت تلك المعارضة نفسها امام خيارات صعبة، ومحاك قاسية، تطالبها بأن تنسلخ من مقاييسها التقليدية، إن هي أرادت أن تكون جزءا من نسيج تلك الثورة.
هذا الأمر تكرر، أيضا، عندما دعا نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان، بإيعاز من مبارك، المعارضة إلى فتح صفحة حوار، تثبت حسن نوايا الطرفين.
لقد شاهدنا صمود شباب ثورة يناير في مواقعهم، دون أن يتهجموا على المعارضة، لكنهم لم يعطوها حق تمثيلهم، او التفاوض باسمهم. كان موقفهم ناضجا في عدم تفكيك صفوف المعارضة، مع التمسك بمطالبهم. وأبعد من ذلك نظرا، كانت قدرتهم على إقناع المواطن المصري بأن مصدر عدم دخولهم في المفاوضات هو عدم ثقتهم في نظام مبارك الذي دأب على «سلوك الغدر» في أية علاقة لهم معه. وجاءت هجمات «الحصن والجمال»، لتثبت ما ذهب إليه أولئك الثوار.
3. تعزيز اوضاع المعارضات العربية، بشكل غير مباشر، وإرغام العديد من الأنظمة العربية على تقديم بعض التنازلات غير المتوقعة، حيث سارع العديد من تلك الأنظمة، دون الحاجة إلى سرد أسماء، إلى تقديم تنازلات سريعة، والبعض منها غير مدروس، ولا محسوب العواقب، من نمط إعلان البعض، على الطريقة «المباركية»، عن عدم عزمه الترشح لولاية ثانية أو توريث أحد أبنائه، ومبادرة البعض الآخر إلى توزيع بعض الهبات أو المعونات المالية، التي كانت إلى ما قبل ثورة يناير المصرية محط حوار وبحاجة إلى إعادة النظر، دون ان نستثني هنا من هب إلى وقف العمل بقانون الطوارئ المسلط على رؤوس العباد لما يقارب من ربع قرن من الزمان.
4. بث نفحة من الأمل في نفوس الشباب المصري والعربي، الذي سئم من «عقم» قيادات أحزاب المعارضة العربية، وانغلاقها على أنفسهم، بدلا من انفتاحها على الشباب المتعطش للتغيير، والباحث عن خبرة يستفيد منها، دون أن تشكل عقبة امام زخم طموحاته، في وضع برامجه السياسية، أو ترتيب صفوفه التنظيمية.
وكما يبدو، فقد تحول الأمل إلى ما يشبه الأوكسجين السياسي الذي امد اولئك الشباب بما يحتاجونه من طاقة لمواجهة «التكلس» السياسي الذي تعاني منه انظمة الحكم العربية، ويطيح بكهنوت السيطرة التي تروج لها تلك الأنظمة، ويعري كل مظاهر الفساد، والظلم التي تتستر وراءها، من جانب، ويضع الأحزاب العربية، بما فيها المصرية، أمام تحديات نظرية وتنظيمية في غاية التعقيد والصعوبة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3079 - الأربعاء 09 فبراير 2011م الموافق 06 ربيع الاول 1432هـ
الاسم الصحيح وائل غنيم
السادة في الوسط من المهم التحقق من الاسماء جيداً اسم الرجل وائل غنيم وليس عادل