العدد 3076 - الأحد 06 فبراير 2011م الموافق 03 ربيع الاول 1432هـ

لماذا كل هذا الغضب؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الزلازل لا تأتي دون مقدمات، والبراكين لا تثور فجأةً وترمي حممها بالصدفة، إنما هي سنن الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا.

في مقابلة تلفزيونية سابقة مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، المعروف بمواقفه المعارضة للحكم منذ عقود، سألته المذيعة: هل استطاع أحدٌ من الرؤساء الثلاثة حبس مصر؟ فردّ عليها بلا تردد: «الأخير، هو اللي حبسها، وأشكره لأنه هو اللي خلاها تصحى». وهي نظرةٌ فلسفيةٌ قبل أن تكون موقفاً ناقداً أو أيديولوجياً، فالأحداث الكبرى لا تعصف فجأةً ودون مقدمات.

إن ما يجري في مصر هو محاولة تغيير المعادلة التي استقرت منذ نهاية حرب أكتوبر، والخيارات السياسية التي انتهجها النظام منذ أيام أنور السادات. وهي خياراتٌ أضعفت مصر وحوّلتها من دولةٍ قائدةٍ في الإقليم إلى دولةٍ مقودة، تحتاج إلى إذن مسبق من جارتها «إسرائيل» لإرسال مئات من الجنود إلى شبه جزيرة سيناء، في أوضح صور الانتهاك لمظاهر السيادة والكرامة الوطنية.

في الداخل، تحوّل رئيس الدولة إلى رئيس حزب، ومن الطبيعي أن يلتهم حزب الرئيس بقية الأحزاب. وهكذا تم تفريغ الساحة من ممثلي القوى السياسية تماماً، وفق خطةٍ تستبيح كلّ الوسائل الشرعية وغير الشرعية، لتشويه سمعة كل صاحب رأي مخالف، متسلحاً بما يمتلكه من قوةٍ إعلامية ضاربة. وكان النظام يركّز على استنزاف الأحزاب والقوى السياسية طوال ثلاثين عاماً... كلما خرج منها قرنٌ قُطع.

في الانتخابات قبل الأخيرة، تحدّثت الأنباء عن منع بعض الناخبين من دخول مراكز الاقتراع، ومن الصور العالقة بالذاكرة محاولة بعض الناخبين تسلق جدار مرتفع لدخول مركز اقتراع، بينما قوات الأمن تضربهم بالهراوات، في ظاهرةٍ ربما هي الأولى من نوعها في تاريخ الديمقراطيات.

في الانتخابات الأخيرة (نهاية العام الماضي) كان النظام قد شبع وتمدّد على الكنبة، فهو قد نجح في إخراج المعارضة من اللعبة السياسية، وتطهير البرلمان منها نهائياً. كانت سياسة الاستفراد بالسلطة قد بلغت ذروتها وآتت أكلها، بعدما أطلق جمال مبارك حملة «الفكر الجديد والعبور للمستقبل»، وشعارها بالحرف: «عشان تطّمن على مستقبل عيالك صوّت لجمال». وفي المؤتمر السنوي السابع للحزب (26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي) وقف الوريث المرتقب للعرش ليهدّد المعارضة بكافة أطيافها من مغبة التشكيك في نتائج الانتخابات التي رفض إخضاعها لأية رقابة دولية حفاظاً على سيادة مصر... ومحذّراً من «محاولات العصيان المدني والخروج على الشرعية».

كان النظام قد أعلن الانتصار النهائي على أعدائه المفترضين بالضربة القاضية، وأخذ أقطابه يتبادلون أنخاب النصر. يومها أعلن رئيس المستقبل جمال مبارك إطلاق «موجة إصلاح جديدة والتصدّي بنفسه للفساد». وبدأ الفنانون والصحافيون والمثقفون يعلنون دعم ترشيحه، وخرجت إحدى المتنبئات في رمضان الماضي لتعلن أنها رأته في الحلم رئيساً لمصر! حتى «نيوزويك» العربية توّجته رئيساً حين تحدّثت عن «مستقبل مصر». إنه إعلان «نهاية التاريخ» المصري على طريقة فوكوياما. لقد بلغت عملية تزوير إرادة الشعب واحتقار الجماهير والاستخفاف بكرامتها الذروة.

من تحت هذا الركام يخرج جيلٌ لم ينتبه إلى حمحمته أحدٌ، من الغرف الصغيرة والمنتديات، رافعاً شعارات متناهية في البساطة والوضوح: «كفاية فساد»، «لا للظلم والتزوير». والشعب الهادئ تحوّل إلى كتلة من الغضب العارم، وإصرار على الرحيل أو المحاكمة. فالبلد ليس عزبةً عائلية، والرئاسة ليست كرسياً يتم توارثه. صفحةٌ قديمةٌ طُويت، وصفحة جديدةٌ يكتبها شباب مصر

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3076 - الأحد 06 فبراير 2011م الموافق 03 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 5:05 ص

      للزائم رقم 13 أقول -أعرف ان البعض يقدرها ب70 مليار

      أعرف أن هناك تقدير ب70 ولكني أخذت بأقل الرقمين تركا للمبالغة ولكن 40 أو 70 مليار الرقم ليش بهين فهذا يمثل ميزانية دول لعدة سنوات
      حتى المليار مبلغ مخيف في بلد مثل مصر يتصف
      الغالبية العظمى من شعبه بالفقر فكيف يتسنى لمثل هذا الرجل بجمع مثل هذا الرقم الخيالي من الثروة. إلى متى تظل أموال الشعوب العربية عرضة للنهب والسرقة والناس تتضور جوعا لا سكن ولا حتى مأكل ولا وظيفة مثل الناس

    • زائر 26 | 5:01 ص

      يوزعون مليون على كل مصرى هذى اقل شيئ بحقهم من الى جمع اموال الشعب ونهبه

    • زائر 25 | 4:19 ص

      70 وليس 40 مليار دولار فقط

      الزائر 11 تقول ان ثروته 40 مليار، بينما هناك تقديرات اخرى تقول انها بلغت 70 مليار حسب مصادر غربية. يعني الراجل شاطر أوي. وهذه مرجلة وشطارة.

    • زائر 24 | 3:19 ص

      40 مليار ولا يكلف نفسه بقراءة صفحة واحدة عن الشعب

      يقول مدير مكتب الرئيس مبارك السابق أن مبارك يتضايق إذا زاد التقرير اليومي عن صفحة واحدة عن وضع البلد ويضجّ ويصرخ لماذا. ألا يستحق هذا الشعب الذي سرقت أمواله ان تقرأ عنه أكثر من صفحة في التقرير اليومي! ها أنت تتقاضى أكثر من مليار دولار عن كل سنة حكم أيها الحاكم فهل تستكثر قراءة صفحة عن شعبك؟

    • زائر 23 | 3:03 ص

      لماذا احرقتم الشعب الطيب؟

      الشعب الطيب المتسامح الذي يقبل بكلمة طيبة تذهب غيظه وغضبه، كيف تحول فعلا الى كتلة من اللهب؟ ألا يدعو ذلك للتساؤل؟ ماذا فعلت به يا حسني مبارك حتى حولته الى كتلة من النار؟

    • نوال عطية | 2:50 ص

      من قصيدة: يوم الحساب قادم لا ريب فيه

      شعوب العالم المقهورين..
      أفيقوا، انتفضوا في وجه الغاصبين..
      فلا مرد لثورة المقهورين الغاضبين..
      وما فاز إلا الثوار المنتفضون..
      وما عاش إلا المحتجون الثائرون..

    • زائر 18 | 2:42 ص

      مازالوا في الميدان

      مازال المتظاهرون يهتفون بميدان الحرية: باطل
      حسني مبارك باطل
      امن الدولة باطل
      ارحل
      ارحل
      ارحل
      الآن أسمعه على الجزيرة: الشعب يريد اسقاط النظام. ده معندوش دم.

    • زائر 17 | 2:40 ص

      40 مليار مقابل ضربة يقال أن له اليد الطولى فيها

      ما هذا الهوج والفكر الأعواج فقط لأنه صاحب الضربة الأولى كما يقال يحقّ له أن يجلس على صدور المصريين اكثر من 3 عقود يشفط أموالهم ليستبيحها هو وعائلته ويموت الشعب فقرا
      أقل الإحصائيات تقدر ثروته ب40 مليار دولار هل يعقل هذا في بلد يعجّ ويضجّ من الفقر المتقع؟
      وهل يعقل أن يباع الغاز بثلث سعره العالمي لإسرائيل من بلد فقير مثل مصر
      عجب كلها الحياة لذلك هو متشبث بالكرسي وعلى الشعب المصري إزاحته مهما كلف الأمر
      قبل أن يبيع مصر كاملة لإسرائيل

    • زائر 14 | 1:49 ص

      سنة الله فى الذين خلوا ولن تجد لسنة الله تبديلا

      قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شى قدير . لكنهم يفكرون ان الله اعطاهم الملك ولن ينزعه منهم واعزهم ولن يذلهم فيتمادون فى غيهم حتى اذا جاءت الارض بزخرفها وازينت وظنوا انهم قادرون عليها اتاها امرنا .

    • زائر 8 | 11:50 م

      الى الزائر رقم 1 اوافقك الرأي

      فعلا هذا ما شاهدته بإم عيني في مصر قبل 15 عاما مصريون يستخرجون طعامهم من القمامة في بادئ الأمر ظننت أنهم يجمعون العلب المعدنية أو أكياس النايلون أو القرطاس لبيعها إلا أنني إندهشت عندما رأيتهم يجمعون فضلات الطعام ثم يأكلونه والآن بعد 15 عاما أنت وأنا وغيري لاحظ من يقوم بجمع فضلات الطعام من القمامة ليسد به جوعه

    • زائر 7 | 11:50 م

      لزائر 2

      صح السانك

    • زائر 6 | 11:49 م

      الروح الهادئة

      ما نقول يا سيدنا الا حسبي الله ونعم الوكيل يظنون ان الشعب ساذج جداً في حين ان الشعب ان وجد متسعاً لينال الحرية فلن يتردد أبداً عن ذلك وهذا الذي يجري الآن .. فأنا أرى أن ثورة الشعب المصري وبالأخص الشباب منهم والذين يرون يوماً بعد يوم أحلامهم تتبدد بلعب آل مبارك بثروات وطنهم حقيقاً عليها أن تستمر الى أن يخرج مبارك .. خروجاً بمحاكمة
      فاخرج من حجرك وواجه من يريدون الحرية ان كنت على حق فلماذا تخف!؟

    • زائر 5 | 11:47 م

      إييييييييييييييييييييه يا زمن

      من تحت هذا الركام يخرج جيلٌ لم ينتبه إلى حمحمته أحدٌ، من الغرف الصغيرة والمنتديات، رافعاً شعارات متناهية في البساطة والوضوح: «كفاية فساد»، «لا للظلم والتزوير». والشعب الهادئ تحوّل إلى كتلة من الغضب العارم، وإصرار على الرحيل أو المحاكمة. فالبلد ليس عزبةً عائلية، والرئاسة ليست كرسياً يتم توارثه. صفحةٌ قديمةٌ طُويت، وصفحة جديدةٌ يكتبها
      شباب مصر ونحن معهم نرفع الشعار حتى تقوم الساعة ويكون الحساب من رب عظيم وكل يرى كل
      يوم العدالة الإلهية

    • زائر 2 | 10:47 م

      ينسى حكام السوء ان الضغط يولد الانفجار
      وحين ينفجر الشعب فلا يهمه اي شئ
      وعلى الظلمة الباقين في اقطارنا العربية ان يخفوا الضغط

      مازن البحراني

    • زائر 1 | 10:10 م

      الضغط يولد الانفجار

      التضيق في الارزاق ولقمة العيش الفقر المدقق وقلة الدخل لشريحه كبيره في المجتمع ونحن ليس في مناى عن ذلك تصور ان من المرات هالني منظر احد الشباب وهو يبحث في قمامة احد المطاعم عن لقمه تسد جوعه

اقرأ ايضاً