العدد 3074 - الجمعة 04 فبراير 2011م الموافق 01 ربيع الاول 1432هـ

الجزائر تستقل قطار التغيير للحفاظ على النظام

يبدو ان حكام الجزائر خلصوا لصحة ما قاله جوسيبي دي لامبادوسا في روايته الفهد التي ترجع للقرن التاسع عشر "كل شيء ينبغي ان يتغير كي تبقي جميع الامور على حالها."
أضحت الجزائر أحدث دولة عربية تعلن تغييرات سياسية تهدف للحفاظ على نظام تهيمن عليه الأجهزة الأمنية وتفادي احتجاجات مطالبة بالديمقراطية أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وتهدد الرئيس المصري.
وربما تنجح هذه الالية لان ثروة البلاد من النفط والغاز تتيح مهلة للحفاظ على السلام الاجتماعي بينما المعارضة متشرذمة فيما لا تزال ذكريات ذكريات الحرب الاهلية في التسعينات التي راح ضحيتها 150 الف شخص تطارد المواطنين.
وبشكل مفاجيء قررت السلطات رفع حالة الطواريء التي فرضت في عام 1992 بعد إلغاء انتخابات عامة كانت الحركة الاسلامية تتجه للفوز بها.
وقاد ذلك لعقد من اعمال العنف ارتكب خلاله الجانبان اعمالا وحشية لينتهي بسحق جبهة الانقاذ الوطني.
والآن يقول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الوجه المدني لنظام يهيمن عليه الجنرالات والشرطة السرية انه سيخصص وقتا لجميع الاحزاب السياسية القانونية في اجهزة الاعلام الرسمية وسيسمح بالتظاهرات في جميع انحاء البلاد باستثناء العاصمة الجزائر والمنطقة المحيطة بها.
ويقول بنيامين ستوريا اكبر المؤرخين الفرنسيين لتاريخ الجزائر "من الواضح انه استجابة للاحداث في تونس ومصر ومحاولة من السلطات الجزائرية تجاوز المنحني وتفادي احتجاجات شعبية كما حدث في اليمن."
وتابع "لم يراودهم حلم رفع حالة الطواريء على أي نحو اخر ."
كما يبدو ان النظام ينتهج سياسة فرق تسد لبث الفرقة في صفوف الجبهة الوليدة المطالبة بالديمقراطية المكونة من احزاب سياسية علمانية صغيرة والرابطة الجزائرية لحقوق الانسان التي كانت تميل منذ فترة للحوار مع إسلاميين .
وقال فضيل بومالة احد منظمي مسيرة احتجاجية وجهت الدعوة لتنظيمها في 12 فبراير شباط "آمل ألا تكون خدعة جديدة من جانب السلطات."
وتابع "أعتقد ان السلطات تحاول كسب الوقت بدلا من الوصول لجذور المشكلة. يريدون سحب البساط من تحت قدم المعارضة بقولهم - طلبتم رفع حالة الطواريء وقد تحقق."
وتراقب الصفوة الحاكمة - التي تشكلت حول الضباط الذين حاربوا في حرب الاستقلال عن فرنسا في الفترة من عام 1954 - 1962 - عن كثب الاحداث في مصر ويحكمها نظام مماثل يتمثل في حكومة يسيطر عليها عسكريون ذات واجهة مدنية.
ويتحدث كثير من الجزائرين عن (القوى المهيمنة) في اشارة لاجهزة أمنية مبهمة تسيطر على الاقتصاد وعلى الجانب الاخر حكومة مشكلة من ساسة مدنيين يشاركون في مناقشات في البرلمان ويحددون الوان اشارات المرور.
وعلى مدار ثلاثة عقود منذ الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 ضمن حكام الجزائر ومعظم الدول العربية دعما دوليا بتصوير انفسهم كحصن اخير في مواجهة مد إسلامي.
وتحت مسمى الاستقرار غضت الحكومات الغربية الطرف عن المذبحة الجزائرية في التسعينات ولخصها رئيس وزراء الجزائري الاسبق رضا مالك بقوله ان الفزع ينبغي ان ينتقل للطرف الاخر.
وانتقل الفزع لطرف الاخر في تونس و مصر حيث تحدى محتجون خطر الموت والاصابة للتظاهر من اجل الديمقراطية وضد حكامهم.
ولم تتضح التطورات في الجزائر بسبب "لعنة الموارد" في قطاع الطاقة الذي مول الصفوة وشجع على قيام اقتصاد يعتمد على الواردات واضعف الانتاج المحلي.
وكبحت البيروقراطية قيام مشروعات ولم تترك للشبان الجزائريين مفر سوي الاختيار بين الهجرة حتى أغلقت الدول الاوروبية أبوابها أو البطالة. ولم تتواكب مشروعات بناء المساكن مع النمو السريع للسكان.
وقادت الاحباطات الاجتماعية والاقتصادية التي اججت المد الإسلامي لاحتجاجات محلية متكررة لم تدم طويلا في اغلب الاحوال.
وعلى عكس تونس حيث تصاعد حادث اضرام بائع خضروات محبط للنار في نفسه ليتحول إلى حركة احتجاج وطنية فان السلطات في الجزائر سريعا ما تتدخل بالمال لاحتواء احتجاجات ضد الاسعار ونقص في المساكن لم تدم طويلا.
وقام حكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على القمع السياسي والمحسوبية ولكنه ساهم في ظهور طبقة متوسطة متعلمة وقطاع خاص مزدهر وضع الاساس لحركة ديمقراطية.
وربما يكون التحدي السياسي الذي تمثله الجبهة الوليدة المطالبة بالديمقراطية اكثر صعوبة في المواجهة من الاضطرابات الاقتصادية ولكن الصحافة الخاصة التي تعبر عن رايها ونوعا من المناقشات في البرلمان كانت بمثابة وسيلة للتنفيث .
وتحكي مزحة شائعة في منطقة المغرب العربي مأخوذة عن الحقبة الشيوعية في اوروبا تحكي عن كلبين التقيا على الحدود بين الجزائر والمغرب.
وسال الكلب التونسي الاخر "لماذا تريد المجيء إلى تونس؟ "
فاجاب الكلب الجزائري "اريد ان اكل ولكن لماذا تريد انت القدوم إلى الجزائر ؟
فاجاب الاول "كي أنبح."





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:01 م

      ...

      من الظلم الموجود في الجزائر ، في منع الحريّات : منع الحجاب في صور الجواز . والبطاقة السكانية . ومنع اللحية . وذلك حسب ما وصلني من خبر . وربما كان هناك الكثير الكثير من المظالم الاخرى . واظن كثيرا انّ هناك مظالم اقتصادية كبيرة وكثيرة . وتدخلات اجنبية غربية ...

      بالكلمة يمكن أن يتغيّر الكثير من الظلم في حكومة الجزائر مثلا . اسأل الله الفرج للجزائر ...

    • زائر 3 | 8:15 ص

      الحل في الحوار

      الحل في الحوار بين الطرفين الحكومه والشعب العالم تغير

اقرأ ايضاً