مدينة جدة تعرف بأنها ثاني أكبر مدينة في المملكة العربية السعودية بعد الرياض وعاصمتها الاقتصادية والسياحية وتشتهر بلقب عروس البحر الأحمر. تعرضت هذه المدينة خلال السنتين الماضيتين لفيضانات وسيول بسبب هطول الأمطار ووصول معدل تساقطها إلى مستويات غير معهودة ما ترتب في تساقط مئات الضحايا والمصابين والتسبب في خسائر جسيمة في الممتلكات.
قبل خوضي لهذا الموضوع، حاولت القيام ببحث عن دراسات تم إصدارها من قبل أهل العلم لقرع الأجراس للأخطار البيئية المحدقة بالمدينة في حال حدوث السيناريو غير المتوقع. نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها اليومي رقم 8145 وبتاريخ 17 مارس/ آذار 2001 تبويباً عن «دراسة سعودية تحذر من كارثة بيئية في جدة».
طرح الخبر الخجول وجهة النظر العلمية ووجهة النظر الرسمية وشتان بين الوجهتين. فقد تاول الخبر تحذير دراسة قامت بها جامعة الملك عبدالعزيز بجدة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، من حدوث كارثة بيئية في مدينة جدة بسبب مياه الصرف الصحي التي ترمى بواسطة الصهاريج شرق المدينة.
وبيّن المقال أن د.محمد قاري أحد المشاركين في الدراسة، تنبأ بحدوث كارثة بيئية وتلف إنتاج محاصيل نباتية في حال هدم الساتر الترابي الذي يحجز وراءه 2.5 مليون متر مكعب من المياه الملوثة، وبيّن قاري أنه جمع 20 عينة من مياه المزارع في هذه المنطقة وكانت النتائج أن تركيز عنصري الكادويوم 300 ضعف عن المقياس العالمي، وتركيز الرصاص بلغ 70 ضعفاً وطالبت الدراسة باختيار مرمى آخر بعيداً عن الموقع الحالي.
وبيّن مشارك آخر في الدراسة أن مدينة جدة بأكملها قائمة على مياه جوفية ملوثة لا تقل خطورة عن البحيرة التي توجد بها 2.5 مليون متر مكعب حيث أوضح أن المدينة تسبح فوق 70 مليون متر مكعب من المياه الملوثة بالإضافة إلى ضخ 700 ألف متر مكعب يومياً إلى باطن الأرض.
الدراسة العلمية في عام 2001 تنبهت إلى التهديدات وأوضحت مكامن الخطر فماذا كانت وجهة نظر المسئولين في تلك الفترة؟
المقال أوضح «رفض أمين جدة ما أوصت به الدراسة الأكاديمية من إيجاد مرمى آخر لمياه الصرف الصحي لأنه يتسبب في تلويث عدد من المواقع، مؤكداً أن الأمانة اتخذت عدة خطوات حاسمة لإنقاذ جدة من الكارثة البيئية تتمثل في منع رمي مياه الصرف الصحي في البحيرة أو البحر، وتحويل جميع ناقلات مياه الصرف الصحي إلى محطة الخمرة لمعالجتها لتصبح صالحة للاستعمال وترمى في البحر معالجة. أما البحيرة، وفقاً لأمين جدة، فقد تمت ترسية مناقصة لوضع محطة تنقية بجوارها للمعالجة الثلاثية بسعة 10 آلاف متر مكعب، وهذه المحطة متنقلة يمكن الاستفادة منها في مكان آخر. أما السيارات التي تنقل مياه الصرف الصحي فلن يسمح لها بالعمل في هذا المجال إلا إذا كانت بمواصفات صحية خاصة». بين عامي 2001 و2009 تبيّن صدق الأكاديميين في دراستهم بل وبسبب عدم الالتفات إلى الدراسات البيئية فهناك استحقاقات صحية لم تؤخذ إلى الآن في الاعتبار مثل زيادة نسب المواد الثقيلة في التربة. نستخلص من آثار هذه الكارثة بأن الدراسات البيئية يجب أن لا توضع في الأدارج وتهمل بل يجب إدماجها في دورة التنمية المستدامة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 3074 - الجمعة 04 فبراير 2011م الموافق 01 ربيع الاول 1432هـ
منطق القانون-2-
وعندما نشير الى ذلك فنحن نستند الى قاعدة قانونية تستندالى ان-المتسبب في احداث الضرر يدفع- ونستند ايضا الى الوقائع العالمية والعرف القضائي في ملامسة هكذا قضايا فمن المعرف ان كارثة 1تشرنوبل كانت نتيجة الاهمال بيدان ذلك لم يعفي المسؤولين عن ذلك الاهمال من المسائلة القضائية باعتبارهم متسببين في ارتكاب جرم يعاقب عليه القانون
وبالمناسبة ان احد معدي الدراسة كشف لي عن مخاوفه قبل فترة ليست بقصيرة في امكانية حدوث ما حدث وذلك ينبغي ان يكون محط اعتبار ويحظى باهتمام المسؤولين في بلادنا
باحث بيئي
منطق القانون
جيد ان تلامس هذا الموضوع ذو الابعاد الخطيرة على الامن البيئي للمجتمع بيد ان الاهم ليس بالاشارة العابرة والخجولة المتمثل في خلاصة مقالك والتي دعوت فيها بان لاتبقى الدراسات حبيسة ادرج المكاتب والاهمال بل ينبغي التاكيد على المسؤولية والمحاسبة على الاهمال حيث ان منطق القانون يساوي الضرر الذي يتسسبه الاهمال بما يتسببه القصد المتعمد من اضرار بيئية ومجتمعية لذلك ينبغي التاكيد على محاسبة المهمل قضائيا فيما يسببه اهماله كاحد اركان الجريمة والدعوة لتصحيح الاجراءات القضائية في هذا الشان.
باحث بيئي