أكد المحامي محمد التاجر أن القوانين والتشريعات راعت الأطفال الأحداث المقدَّمين إلى المحاكمة، باعتبارهم فئة تتطلب الحماية، وعليه أورد المشرِّع العديد من التدابير والعقوبات كان آخرها حجز الطفل.
في حين أكدت اختصاصية الطب النفسي ومتخصصة علم النفس الاكلينيكي والعدلي الجزائي رقية أميري أن إيداع الأطفال مراكز التوقيف وتقديمهم إلى المحاكمات الجنائية له أضرار فادحة جدّاً بمستقبل الطفل وبالمجتمع.
جاء ذلك في ندوة نظمتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) مساء أمس الأول الأربعاء (2 فبراير/ شباط 2011م) تحت عنوان: «الأبعاد الإنسانية والحقوقية للأطفال المعتقلين»، تحدثت فيها اختصاصية الطب النفسي رقية أميري والمحامي محمد التاجر.
وتحدث التاجر عن قانونية تقديم ومحاكمة الأطفال الأحداث ضمن الحملة الأمنية التي بدأت في شهر آغسطس/ آب 2010، قائلاًً: «إن المستقر فقهاً وقضاء أثناء نظر قضايا الأحداث مراعاتهم كفئة تتطلب الحماية، ويجب أن يفسر الشك لمصلحتهم، وأن يأخذ القاضي بقرينة البراءة، وإذا حكم فإن أحكامه يجب أن تراعي قانون الأحداث الذي نص في الباب الثاني على التدابير والعقوبات ومنها: التوبيخ، التسليم، الالتحاق بالتدريب المهني في الجهات التي يصدر بتحديدها قرار عن وزير العمل والشئون الاجتماعية، الإلزام بواجبات معينة، الاختبار القضائي، الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية أو الخاصة، أوالإيداع في أحد المستشفيات المتخصصة».
وعقب بالقول: «وعليه فان القاضي يجب أن يتدرج مع الحدث بحسب التدابير المبينة أعلاه، وعليه أن يتردد ألف مرة في إيداعه في أي مكان بعيدا عن ولي أمره، وخصوصاً حجز حريته، وذلك لعدم جواز حبس الحدث».
وأضاف «فعلى القاضي أن يقوم بموجب القانون بالتوبيخ، وهو توجيه المحكمة اللوم والتأنيب إلى الحدث على ما صدر منه وتحذيره بعدم العودة إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى، ثم عليه تسليم الحدث إلى أحد أبويه أو إلى من له الولاية أو الوصاية عليه، فإذا لم تتوافر في أيهما الصلاحية للقيام بتربيته سلم إلى من يكون أهلاً لذلك من أفراد أسرته، فإن لم يوجد سلم إلى شخص مؤتمن يتعهد بتربيته وحسن سيره أو إلى أسرة موثوق بها يتعهد عائلها بذلك. أو أن يقوم بإلحاقه بالتدريب المهني بأن تعهد المحكمة بالحدث إلى أحد المراكز المخصصة لذلك، أو إلى أحد المصانع أو المتاجر أو المزارع التي تقبل تدريبه، ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة لهذا التدبير على ألا تزيد مدة بقاء الحدث في الجهات المشار إليها على ثلاث سنوات».
واعتبر التاجر «دعاوى الأطفال من أقسى الدعاوى التي نترافع فيها والتي أولي لها اهتماماً خاصّاً، بحيث أشرف عليها بنفسي وأحضرها بمعية هيئة الدفاع، وهي قضايا الاتهامات الموجهة إلى الأطفال».
وأوضح «قد ازدادت تلك القضايا مع ازدياد وتيرة الاعتقالات لدرجة أن غالبية الموقوفين الموجودين حاليّاً في السجون يصنفون تحت فئة الأحداث حسبما نصت عليه الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل التي وقعتها البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم (16) للعام 1992، وهي جزء من القانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى رغم انضمام البحرين إليها في العام 1992م، فإنها صنفت ضمن الدول المتأخرة في تقديم تقاريرها إلى لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمعنية بمتابعة الدول بشأن تنفيذها للاتفاقية التي وقعتها، فبدلاً من أن تسلم البحرين التقرير في 14 مارس/ آذار 1994م، تأخرت في تسليمه حتى 3 أغسطس 2000، وأجلت البحرين الرد على اللجنة الدولية حتى 28 يناير/ كانون الثاني 2002».
وتابع «إن الاتفاقية المذكورة صنفت الطفل على أساس أنه كل إنسان لم يتجاوز 18 عاماً، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه، وقد حددت غالبية القوانين المرعية في البحرين الرشد بـ 21 عاماً، وخصوصاً القانون المدني وقانون الولاية على المال في مادته الثالثة عشرة، فبموجب هذا القانون فإن الفرد يعد طفلا ناقص الأهلية حتى بلوغه سن 21 عاماً، وقد كانت المادة الأولى من اتفاقية حماية الطفل حددت السن التي يعتبر الانسان فيها طفلا حتى 18 من عمره ما لم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه».
وأردف «بمعنى أنه بموجب قانون الولاية على المال يعد الفرد البحريني طفلا حتى 21 عاماً، بينما ينهي قانون الأحداث الصادر مع حزمة القوانين الصادرة العام 1976 ومنها قانون العقوبات في سن 15 عاماً».
وأشار التاجر إلى أن «وجه الغرابة و التناقض هنا أن الفرد يبقى طفلا ممنوعاً من ممارسة حقوقه المدنية والمالية حتى 21 عاماً بينما يخضع لقانون الإرهاب والعقوبات وتجريم حيازة (المولوتوف) وهو في سن 15 عاماً» .
واستطرد «بمقارنة المواد التي حددت سن الطفل على قانون عقوبات (الأحداث) المطبق على الجرائم الواردة في قوانين أخرى فإن الطفل بحسب قانون الأحداث الصادر بالمرسوم بقانون رقم (17) للعام 1976، وبموجب مادته الأولى هو من لم يجاوز 15 عاماً، وبحسب مراتب قوة القوانين فإن الاتفاقية الدولية تكون في موقف يلامس قوة الدستور، أي إذا اعتبرنا الدستور هو الهرم فإن الاتفاقية تقع في زاوية الهرم السفلى فوق القوانين المعمول بها في الدولة الموقعة على الاتفاقية ومنها قانون الأحداث».
وانتهى بالقول: «بما أن مبادئ الأمم المتحدة بشأن الاتفاقيات الدولية الملزمة للدولة الموقعة عليها، ألزمت كل دولة بأن تقوم بكل ما من شأنه تعديل جميع قوانينها لتتناسب مع الاتفاقية الدولية، والبحرين وبعد قرابة عشرين عاماً لم تعدل تلك القوانين». أما اختصاصية الطب النفسي ومتخصصة علم النفس الاكلينيكي والعدلي الجزائي رقية أميري، فقد أكدت أن إيداع الأطفال مراكز التوقيف وتقديمهم للمحاكمات الجنائية له أضرار فادحة جداً على مستقبل الطفل وعلى المجتمع.
وأوضحت أميري أنه ثبت أكاديميّاً وعمليّاً، من خلال عملها لمدة 16 عاماً في مراكز الرعاية البديلة في أميركا، أن إيداع الأطفال في السجون له آثار سلبية كبيرة، وأن الطريق الصحيح لتصحيح أوضاعهم هو إرجاعهم إلى بيئتهم الأصلية بين أسرهم وتوجيههم بالطرق النفسية والاجتماعية السليمة.
وقالت أميري: «إن إيداع الأطفال الصغار مراكز التوقيف مهما اختلفت تسميات ذلك الإجراء وتقديمهم إلى المحاكمات له أضرار نفسية وفكرية واجتماعية كثيرة وكبيرة جداً»، موضحةً أن «الأضرار النفسية تتمثل في فقدان الطفل ثقته بنفسه وبالآخرين، وتولّد شعور الخوف والرعب لديه، فهذا الشعور سيلازمه طيلة عمره، وخصوصاً الخوف من الأشخاص الذين يمثلون سلطة وهو ما يسمى باللغة الإنجليزية AUTHRITY FIGURES، فيتكون لدى الطفل الخوف والرعب من كل شيء».
وأضافت «أما من الناحية الاجتماعية، فتتمثل النتائج السلبية في فقدان الطفل ثقته بالمجتمع، ويتكوّن لديه إحساس بالانتقام حينما يكبر، لشعوره بأن الظلم وقع عليه وهو صغير، وعليه يصبح ذلك الإنسان مستبداً عند كبره نتيجة ما لاقاه في الصغر، وعوامل نفسية أخرى كثيرة».
أما من الناحية الجسدية، فقد أشارت أميري إلى أنه «إذا وقع العقاب الجسدي أو الإيذاء، وخصوصاً أن بعض السجون ومراكز الإيداع تشهد حالات اعتداء جسدي أو جنسي، فإن لتلك الاعتداءات تأثيرات نفسية واجتماعية بالغة، فالطفل المعتدى عليه يتحول لاحقاً إلى معتد، أما الأضرار فهي كثيرة ولا تحصى ولا تعد، بالإضافة إلى أن الطفل يتأخر في دراسته، ويتولد لديه الخوف من المدرسة والمعلم والمدير وهم الأشخاص الذين يمثلون سلطة معينة، كما أنه يصبح عدوانيّاً تجاه زملائه، أو أنه يكون منطوياً وخنوعاً لتغلب الرعب في نفسه».
وأردفت «كما أن الطفل يتعلم الجريمة أثناء اختلاطه بغيره في مراكز التوقيف، وتتولد لديه أفكار يحاول أن يقوم بها لحظة خروجه من التوقيف، ولاسيما الانتقام، وخصوصاً عندما يجعل من أحد المدانين أو المتهمين الكبار قدوةً له، فالبعض يتباهى بإجرامه وهو ما يتعلمه الطفل منه ومن ثم يحاول تقليده». وخلصت أميري إلى أن «تلك الأمور كلها تمثل أضراراً نتيجة إيداع الأطفال في مراكز التوقيف مع وجود عائلاتهم وأسرهم، فذلك من الخطأ الفادح، فهؤلاء الأطفال والشباب هم ثروة البلد، ومن الخطأ الزج بهم في السجون ومراكز الإيداع، وخصوصاً أن غالبية المسئولين لا يتعاطفون مع الأطفال وتتغير نفسياتهم تجاههم نتيجة الممارسة اليومية».
ولفتت الاختصاصية النفسانية رقية أميري إلى أنه «في حال ما إذا قام الطفل بشيء يخالف القانون فإنه لا يدرك معنى مخالفة القانون، كونه طفلاً، بل إنه في حالات نجد أن الكبار لا يدركون مخالفات القانون، فكيف بالأطفال الذين قد يكون أثر عليهم أحد وطلب منهم القيام ببعض الأفعال، ومن ثم تجاوبوا معه كونه أكبر سناً منهم». أما من ناحية اعترافات الأطفال، فقد أوضحت أميري «أن اعترافات الأطفال على أنفسهم أو بحق أفراد آخرين لا تؤخذ في الحساب، لأن الطفل يقول أي شيء نتيجة الخوف والرعب».
العدد 3073 - الخميس 03 فبراير 2011م الموافق 29 صفر 1432هـ
أين عدد المعتقلين الذين ذكرهم المحامي ?
أين عدد المعتقلين الذين ذكرهم المحامي وهو 300 طفل معتقل على ذمة القضايا الأمنية والسياسية.