لا يقصد الكاتب والناقد المسرحي السعودي سامي الجمعان أن يوثق تجارب الرموز المسرحية العربية عبر مشروعه التأليفي الجديد الذي طرحه مؤخراً في مجال التأليف المسرحي، هو في واقع الأمر يفلسف تلك التجارب، يطرح مشروعاً تجريبياً في الكتابة المسرحية يعيد عبره صياغة مكونات تلك التجارب، يطرح من جديد الأسئلة ذاتها التي طرحتها تلك التجارب. الجمعان تحدث لفضاءات حول مشروعة التأليفي ذاك، فكرته واستراتيجياته وآليات عمله.
هل من الممكن أن تقدم لنا تصوراً سريعاً حول المشروع التأليفي الذي تبنيته مؤخراً؟
- هو مشروع يقدم تجربة في كتابة النص المسرحي، أي أن مجاله المسرح ويُعنى به بشكل مباشر، وقد وضعته تحت مسمى «مسرحة الرموز والتجارب المسرحية العربية» بمعنى أنه مشروع مطروح للتجريب في الكتابة المسرحية هدفه الأول صياغة التجارب التي أنجزها المسرحيون العرب في إطار درامي بحت.
هل تقصد توثيق هذه التجارب تاريخياً؟
- بالتأكيد لا، فالتوثيق التاريخي يتناقض مع فكرة المشروع، لأنه لا يتقصد توثيق التجارب المسرحية العربية وإنما إعادة صياغة مكوناتها، وإعادة تفجير أسئلتها في قالب فلسفي جديد يتبناه المؤلف من وجهة نظره الخاصة.
ما ذا تعني بالتجارب المسرحية العربية بالتحديد؟
اقصد التجارب العربية المنجزة في فن المسرح بشرط أن تكون مؤثرة وفاعلة، ولكي أقرب الصورة أعني تجارب كأحمد أبو خليل القباني أو مارون النقاش، أو توفيق الحكيم، أو صقر الرشود، أو دريد لحام، أو سعدالله ونوس، أو عبدالكريم برشيد، أو يوسف العاني، أو عبدالرحمن المريخي رحمه الله، وغيرهم كثير.
هل هناك شروط أخرى يضعها المشروع لنماذجه التي تؤلف في إطاره؟
- نعم بالطبع، فبالإضافة إلى مسألة البعد عن التوثيق التاريخي للتجربة ، يتوجب على من يتبنى هذا المشروع الوعي بمضامين التجربة وتحديد فلسفتها كي يتسنى التقاطع معها، على أن يكون محايداً في طرحه، فضلاً عن نقطة مهمة جدا وهي تفعيل التجربة درامياً أي أن تحضر الدراما بكل تقنياتها حضوراً حقيقياً لا باهتاً.
هذا يحفزنا للسؤال عن التطبيق العملي لهذا الجانب التنظيري لمشروعك التأليفي هذا؟ فهل أنجزت فيه ما يمكننا الاتكاء عليه كنماذج تطبيقيه في إطاره؟
- نعم أنجزت أهم نصوصي على الإطلاق وهو مسرحية «موت المؤلف» التي ولله الحمد حصدت أكثر من جائزة وحظيت بقراءات نقدية عدة، فضلاً عن قبولها الجميل من قبل المتلقين، في أكثر من مهرجان، حيث عرضت في الرياض والكويت وقطر، والتجربة التي استلهمت فيها تجربة الكاتب السوري سعدالله ونوس، والسوري احمد أبو خليل القباني .
هل من تجربة ثانية تؤكد النموذج الأول؟
- أنجزت النموذج الثاني للتجربة وهي مسرحية «حدث في مكة»، ويدور حول شخصية أحمد السباعي، ذلك الرجل السباق إلى مشروع المسرح في السعودية والذي لفت الأنظار بما فعله.
وما هي وجهة النظر التي تقاطعت معها في مسرحية «حدث في مكة»، ولماذا وضعت مكة في عنوان النص؟
- فيما يخص تناولي لشخصية احمد السباعي لما لقيته تجربته الموءودة من معاناة، وتناولت التجربة من رؤيتي الخاصة التي لا استطيع الإفصاح عنها لكون النص هو الجدير بالتعبير عنها، أما اختياري لمكة في العنوان فلسببين: أولاً أن مكة هي فضاء تجربة احمد السباعي حيث انه انشأ مسرحه فيها، وثانيا لما يحوزه هذا المكان من عمق تاريخي وديني وأسطوري أيضا، وهي أبعاد تمتلك جاذبيتها الخاصة ولا شك.
هل تتوقع أن يحصد «حدث في مكة» ما حصدته مسرحية موت المؤلف بوصفها ثاني نماذج مشروعك التأليفي هذا؟
- هذا النص حصل قبل أيام معدودة على إحدى جوائز وزارة الثقافة والإعلام السعودية في التأليف المسرحي في حين إنه لم يجسد أو يقدم على المسرح بعد وهو ما أثلج صدري وحملني مسئولية كبيرة.
ماذا تقصد بالمسئولية الكبيرة بالتحديد؟
- اعني أنني على أعتاب كتابة النص الثالث المنضوي تحت مظلة مشروع مسرحة الموز والتجارب العربية المسرحية وحصول التجربتين الأولى والثانية على هذه الجوائز يجعلني أمام تحدٍ جديد في أن يكون النص الثالث بإذن الله بنفس المستوى .
وهل وقع اختيارك على تجربة مسرحية عربية تصلح لكتابة النص الثالث في مشروعك هذا؟
- لدي ثلاث شخصيات أعمل حالياً على رصد تجاربهم عبر الكتب والنصوص ومن هؤلاء الثلاثة المرحوم عبدالرحمن المريخي .
العدد 3072 - الأربعاء 02 فبراير 2011م الموافق 28 صفر 1432هـ