العدد 3072 - الأربعاء 02 فبراير 2011م الموافق 28 صفر 1432هـ

أميركا واللعب في الوقت الضائع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كمواطن عربي مشدود منذ أسبوعين إلى ميدان التحرير بالقاهرة، كنت انتظر بشوقٍ معرفة ما ستسفر عنه زيارة المبعوث الأميركي إلى مصر.

نتيجة الزيارة ستكشف لنا ما توصلت إليه جلسات «العصف الذهني» لأقطاب الإدارة الأميركية خلال الأيام الماضية، بعد حالة الارتباك والحيرة التي جمدتها، فظهرت في التناقضات بين مواقف المسئولين.

نتيجة الزيارة من شأنها أيضاً أن تظهر مدى النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة في هذه المنطقة، خصوصاً بعد مسلسل التراجعات والضربات التي مني بها مشروعها في أفغانستان والعراق ولبنان.

«نيويورك تايمز» كانت أول من سرّب أن الموفد الأميركي سيطلب من الرئيس المصري الامتناع عن الترشح لفترة أخرى. كان ذلك عند التاسعة والنصف من مساء أمس الأول (الإثنين). وبعد نصف ساعة أعلنت الفضائيات عن كلمةٍ للرئيس بعد قليل، ولكنه لم يظهر إلا بعد ساعتين، مع اقتراب منتصف الليل.

قبل أن يكمل الرئيس الفقرة قبل الأخيرة، تعالت أصوات الاعتراض من المتظاهرين في ميدان التحرير، كما أظهره بث قناة «الجزيرة»، وتُرجم ذلك إلى شريط الأخبار أسفل الشاشة. وبعد قليلٍ ظهرت إشارة بهذا المضمون على «العربية». ولم يمض طويلُ وقتٍ حتى تأكد موقف المتظاهرين من خلال المقابلات والاتصالات المباشرة على الهواء، حيث أجمعت الفضائيات العربية الرئيسية على استمرار المظاهرات في مختلف المحافظات، ورفضهم لخطاب الرئيس.

أول ردود الفعل الخارجية، كانت من تركيا، حيث أسرع رئيس وزرائها رجب طيّب أردوغان إلى القول إن إعلان الرئيس مغادرة السلطة بعد انتهاء ولايته غير كافٍ، وطالبه بخطوة مختلفة، فـ «الشعب ينتظر قراراً مختلفاً تماماً». وكان قبل يوم واحد وجّه نصيحةً أخويةً بأن يستمع إلى صوت الشعب ومطالباته بحقوقه الإنسانية، فـ «الانتخابات المعروف نتائجها سلفاً لا تُسمّى انتخابات». وذكّره بلغةٍ مشبعةٍ برائحة الدين والأخلاق من شأنها أن تهز النفس البشرية: «نحن كلنا بشرٌ... وكلنا إلى زوال».

في أول تفاعلات الحدث المصري الكبير، فوجئ الجمهور العربي ولم يفاجأوا، بإعلان الرئيس اليمني صباح أمس، انه لن يسعى لتمديد رئاسته لفترة جديدة، والأهم انه لن يسعى إلى نقل السلطة إلى ولده، وهي قضية كانت محور اعتراض شديد من قبل الأحزاب والقوى السياسية اليمنية طوال الأعوام الماضية. وكان الرئيس يستعين بسياسة الغموض المتعمد من أجل ضمان سلاسة التوريث، عملاً بالنصيحة الذهبية: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان والغموض».

توريث الحكم للأبناء كانت من أكثر الأسباب إثارةً للحنق في عدد من الدول العربية، خصوصاً الجمهوريات، حيث تم تغيير الدساتير، «لأنها ليست نصوصاً مقدّسةً»... خصوصاً فيما يتعلق بتمديد للرئيس، والتوريث لأبنائه! وفي اليمن مدّد الرئيس لنفسه عدة مرات، وبعد 30 عاماً من توليه السلطة، فاجأ اليمنيين بأنه لن يترشّح ليتيح الفرصة للآخرين. وقبل أن يرتد لليمنيين طرفهم، نظم الحزب الحاكم مظاهرةً كبيرةً تطالبه بالبقاء للأبد، يشك كثيرون انها تمت بإشارةٍ منه، حيث أسرع في الاستجابة بالنزول تحت رغبة الجماهير الملحة. وهكذا شاهد الشعب اليمني المجموعة نفسها التي صفّقت للرئيس قبل سنوات على قرار التمديد، تصفّق له أمس على قراره بعدم التمديد!

هذا ما أسفرت عنه إذاً جلسات «العصف الذهني» بين جهابذة السياسة الأميركية، الذين عصفت بهم انتفاضة مصر، فأرادوا الإمساك بالعصا من المنتصف... وهذا كل ما تفتقت عنه العبقرية الأميركية من خطة لعبٍ في الوقت الضائع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3072 - الأربعاء 02 فبراير 2011م الموافق 28 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 12:11 م

      من النصف

      في واحد قال هذة العبارة في البحرين امسك العصا من المنتصف لا ادري مازال ممسك العصا من المنتصف والله كسرها علي راسه

    • زائر 15 | 10:35 ص

      إلى الكاتب قاسم حسين

      هناك خبر أتمنى لو تتحفنا بتحليلاتك و رأيك عنه و هو منشور في صحيفتكم الوسط الغراء ... الموضوع يتكلم عن وثائق ويكليكس المسربة التي كنت في الأيام السابقة دائما ما تصفها بالحيادية و الموضوعية ... و لكنها اليوم عن النظام الإيراني... المالكي: ايران و سوريا تسلحان المجموعات المتمردة ... هل لنظام ولاية الفقيه يد في الدماء السائلة في العراق و التفجيرات التي يذهب ضحاياها زوار للعتبات المقدسة ...

    • زائر 14 | 3:56 ص

      ام الدنيا

      تونس احتاجت لأن يحرق شخص واحد نفسه لتغيير النظام ولكن في ام الدنيا تحتاج ان يحترق شعب بأكلمه لتغيير النظام " فحسني ليس طالب جاه وسلطة" وكلما تعقدت حلقاتها فرجت لكم الله يا شعب مصر

    • زائر 13 | 3:31 ص

      فشل امريكي كبير

      ما حصل ويحصل دليل على فشل السياسة الامريكية، من فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان، لم تنجح الا في السودان بفضل تعاون النظام هناك في تقسيم البلد من اجل ان يبقى. هذه هي حصيلة السياسة الامريكية.. اهم شيء ان اكبر المتضررين اسرائيل.

    • زائر 11 | 3:10 ص

      تحيا مصر

      كلنا مشدودين للفضائيات لنشاهد هذه المسرحية الدموية. الله يغير حال مصر لحال احسن.

    • زائر 10 | 2:51 ص

      هذه اول الثمار

      والله جابت حركتكم يا شعب مصر ثمارها من الآن. ثورتكم فادت في الدول الاخرى. رئيس دولة ينحني لمطالب شعبه بسبب حركتكم.

    • يا علي يا إمامي | 1:56 ص

      هههه

      المشكلة يا سيد حتى لو يبون يستعينون بالكتمان والغموض في قضاء حوائجهم
      رائحتهم النتنة تفضحهم غصبا عنهم والا يمكن السبب يكون انكشاف طرائقهم البالية بسبب عقلياتهم المتحجرة اللي مو راضية تستوعب فكرة القرية العالمية

    • زائر 6 | 1:53 ص

      الله ينصر اهل غزة

      كلنا مشدودين للتلفزيون يا سيد مثلك. ما يجري سيقلب المعادلة ويعيد الروح للشعوب. كفاية ما ارتكبه هذا النظام الرجعي من جرائم ضد اخواننا في غزة من تجويع وحصار وخنق . حتى عندما عملوا لهم انفاق لتهريب البضائع قام بتفجيرها. الله يغير الاحوال للأحسن.

    • زائر 5 | 12:38 ص

      الصالحي

      حيث تم تغيير الدساتير، «لأنها ليست نصوصاً مقدّسةً»...
      والله عجبتني يا سيد خصوصا هذي الفقره

    • بريد الشوق | 12:10 ص

      صباحكم ورد

      استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان والغموض.
      على ما يبدو أن هناك الكثير ممن يطبق هذه النصيحة الذهبية تسلم سيد

    • زائر 3 | 12:06 ص

      نحمدك يارب

      ماذا تتوقع من الأحمق أن يفعل؟؟!
      (الحمدلله الذي جعل أعدائنا حمقى)
      و لكل داء دواء يستطب به
      إلا الحماقة أعيت من يداويها
      و الجايات أكبر !!!!

    • الروح الهادئة | 10:40 م

      ...

      وش نقول ووش نخلي سيدنا .. امريكا اصلاً متزعزع موقفها ومثل ما تفضلت بيانات منتمينها متنقاضة .. فهم يخافون يقولون مع الشعب ومن جهة اخرى يخسرون مصالح واجد بينهم وبين مصر واسرائيل اللي بتكون طبعاً الخاسر الأول بالأخص اذا كان في السلطة الجديدة اسلاميين ومن جهة أخرى خايفين ما يوقفون مع الشعب المصري ويُتهمون بانهم يطالبون بالديمقراطية وهم من يبيد رغبة الشعوب ..
      لذلك نرى التناقض الواضح والجلي في بيناتهم~

    • زائر 1 | 10:13 م

      لو ما كتبت عن اليمني أحسن سيد..

      لأنك جايب نكتة و تدري بعدنا في صفر..
      لو الرئيس اليمني الله يخليه مؤجل هذا القرار لأسبوع الوحدة الاسلامية و المولد النبوي واجد أحسن، على الأقل الفرحة فرحتين.. (الا بسألك سمعت كلمته في مجلس النواب مالهم؟! كان .... في وجوههم من فوق المنصة)..
      النقط تعني .. يخطب أو حط كلمة مناسبة انت و ذوقك..

اقرأ ايضاً