تحية كاظم، لمن لا يعرفها، هي زوجة الرئيس المصري جمال عبدالناصر، كانت على مدى عمرها امرأة بسيطة، ابتعدت عن الأضواء والشهرة وتوفيت العام 1990، حينها قامت أسرتها بتسليم المنزل «منشية البكري» الذي كانت تسكنه إلى الدولة والتنازل عن المعاش والمخصصات الشهرية التي كانت تتقاضاها وهي بحدود 900 جنيه تقريباً... ورحلت عن الدنيا ولم تملك شيئاً من «الثروة» لا هي ولا زوجها... باستثناء ما خلفته من سيرة حسنة ومتواضعة في تاريخ زوجات الحكام العرب.
«تحية» على النقيض من «ليلى» تلك السيدة التي استغلت منصب زوجها «زين الهاربين» كما يتشفى به البعض بعد تسلله خلسة من تونس، وكونت لها ولأسرتها وأقارب أسرتها مواقع نفوذ ومال أشبه بالأساطير، وكل يوم تخرج رواية تتحدث عن ما جنته من وراء زواجها للرئيس الذي استفرد بالسلطة هو وحرمه المصون طيلة أكثر من 20 عاماً.. .
حديث الإعلام والمنتديات عن «ليلى طرابلسي» وأفعالها فتح الباب عن السيدات الأُوَل في العالم العربي اللاتي يشبهن بعض مآثر الست ليلى... وبالطبع لن يكون بالمقدور الاتيان بأسماء من هم أحياء أو التلميح عنهن لأن ذلك يدخل في نطاق المحرمات وتعاقب عليه قوانين المطبوعات والنشر التي تعتبر أن التعرض لزوجات الحكام العرب فيه إساءة للعلاقات بين الدول الشقيقة منها والصديقة وبالتالي يوضع صاحبها وكاتبها ورئيس تحريرها في دائرة الخطر أو المنع من الصدور...
الست «ليلى» لم تكن الوحيدة التي مارست دور سياسي في الحكم ونالت شهرة واسعة وتحولت إلى أهم مراكز القوى بالدولة، بل واستأثرت بالسلطة من وراء زوجها أو بعلمه...
شاء القدر أن تكون سهى عرفات والمعروفة «بأم زهوة» قريبة من الست ليلى عندما استقرت فترة في تونس ومنحت الجنسية التونسية وبحكم العلاقة الوطيدة بين الرجال، عرفات وزين العابدين انسحبت على العلاقة بين الزوجات إلى أن دب الخلاف بينهما بعد رحيل أبوعمار وأوعزت في حينه إلى الجهات المعنية بسحب جنسيتها التونسية بعد أن ترددت معلومات عن علاقة «بيزنيس» أخذت أم زهوة تحيكها مع إحسان طرابلسي شقيق الست ليلى وهو ما ترفضه بشدة.
أم زهوة التي تتحدث التقارير عن وضع يدها على «ثروة» أبوعمار دخلت في صراعات حادة مع «هوامير» السلطة الفلسطينية حول ممتلكاته في الخارج، من مزارع واستثمارات كانت توظف في عدد من الدول الإفريقية، استحوذت فيها على الحصة الأكبر من تلك الأموال بعد أن استقرت في «ماطا» بحكم صلاتها المالية وعلاقاتها الدولية وخاصة أنها على معرفة بتلك المشاريع منذ أن كانت في باريس وارتبطت مع «الختيار» بعلاقة حب سرعان ما أضحت من أصحاب «الحل والعقد» في تسيير الإدارة المالية الفلسطينية لتتزوج «الرمر» الذي غابت عنه سنوات وهو تحت الحصار الإسرائيلي في «قصره» برام الله وتعود إليه مسرعة من اللحظة التي تنزل فيها بأحد مطارات باريس للعلاج قبل أن يفارق الحياة...
«وسيلة بن عمار» هي الأخرى لها قصة ودور مع السلطة الذي يشبهه الكاتب التونسي الصافي السعيد «بالقبر» والذي لا يتسع لأكثر من واحد، على عكس سرير الحب الذي لا يستوي إلا بحضور عاشقين اثنين ومع ذلك فقد بدا الأمر للعاشقين الحبيب بورقيبة ووسيلة بن عمار، كأن عرض السلطة لن يستوي لهما إلا حين يستوي سرير الزواج وهكذا ما إن امتلك بورقيبة شرعية العرش حتى راح يؤثث لشرعية السرير... هذا الكاتب يسرد قصة الغرام والانتقام بين الحاكم وزوجته والذي كان يرغب بأن تكون شريكته في العيش وليس «حاكمة بالمطلق». لقد كانت تريد السلطة وهي بالفعل تورطت وأقحمت نفسها في معارك كثيرة بعد أن أصبحت تملك القوة والمال لتجد نفسها أخيراً وحيدة في شقتها في باريس بعد أن انقض بن علي على زوجها وأبعده عن الحكم العام 1987 وتتوفى هي صيف العام .1999..
نتحدث عن المبعدات من السلطة أو الراحلين لأن الأحياء منهن يتمتعن بحماية وبسلطة قاهرة تمنع الإشارة إليهن بالإيحاء أو بالمباشرة.
مفهوم «السيدة الأولى» في الأدبيات السياسية العربية استقر في أذهان الرأي العام على أنه أقرب إلى «حكومة الظل» بمعناه الفعلي وليس الاسمي، وهذه التسمية التي احتلت مكانة بارزة في وسائل الإعلام، خرجت من إطارها «الأسري» إلى «السياسي» ولم تعد النظرة محصورة بكونها زوجة وأم تدير شئون بيتها كما هو حال الأسرة العربية، بل أضيف إلى أجندة العمل السياسي، فتعبير السيدة الأولى صار ملازماً في بعض الأحيان وفي بعض الدول، إلى السلطة ومراكز القوى وأحياناً كثيرة لحالات الفساد السياسي...
بالطبع هناك أدوار إنسانية تقوم بها بعض «السيدات الأٌوَل» ونشاطات على صلة بالتعليم أو بأنشطة المجتمع المدني ورعايتها لتلك المؤسسات وهذا لم يكن مصدر خلاف، بل الأمر يتعلق بالدور السياسي الذي تستغله من كانت لديها طموحات سياسية ولعب أدوار تتعدى حدود الزوجة والسيدة الأولى، بل تظهر في كثير من الأحيان كشريكة بالقرار السياسي وبوضع الخطط وبالحسم في مسائل سياسية كبرى تتعلق بإدارة الدولة... وهناك من اللاتي أقحمن أنفسهن في أتون الصراعات والمواجهات واستغلت موقع زوجها كرئيس لتجر وراءها أسرتها وأقربائها والحاشية التي تنتفع منها ويشكلن «لوبي» داخل السلطة من الصعب على أحد الاقتراب منه أو انتقاده أو مساءلته...
زوجات رؤساء الحكومات البريطانية أو «ميشيل أوباما» على سبيل المثال، يبقين في حدود الدور البروتوكولي الذي يرسمه منصب رئيس الوزراء ورئيس الدولة وهن بالتأكيد تسلط عليهن الأضواء من زاوية الحضور والزي والشكل وأسلوب المرافقة والطرائف المصاحبة لنشاط الرئيس...، وفي عدد من الدول العربية، كمصر وسوريا ولبنان والأردن والمغرب تخرج فيها الزوجات مع أزواجهن في العديد من المناسبات والأنشطة وبشكل طبيعي...
دور السيدة جيهان السادات مثلاً تخطى تلك الحدود ووضعت لنفسها مساحات من العمل السياسي سواء بالخفاء أو بالعلن وأشير إليها على أنها جزء من مراكز الصراع والقوى من نظام أنور السادات بل إن شخصيتها تنزع إلى العمل السلطوي، فالصحافي حسن علام كتب تقريراً في مجلة «آخر ساعة» عن علاقة جيهان بعبدالناصر، عندما غضب منها بعد ظهورها في إحدى الصور وأمامها الأموال التي جمعتها من جمعية كونتها بمدينة «تلا» لرعاية أسر الشهداء، علَّق في حينه بالقول «تذكِّريني بصورة السيدة زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس في العهد الملكي عندما جمعت أموالاً لجمعية أثير حولها الشكوك قبل الثورة»...
مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من الأولويات على جدول الإهتمام الوطني في معظم البلدان العربية، لكن وضع السيدات الأول له وضع مختلف وقياس آخر لا تنطبق عليه فكرة المشاركات العامة... ويبدو أن بعض الحالات العربية من الصعب الشفاء منها، كما لم يشفِ سعد زغلول وهو على فراش المرض عندما سألته زوجته عن أحوال مصر فأجابها غطيني يا صفية... مفيش فايدة»..
العدد 3070 - الإثنين 31 يناير 2011م الموافق 26 صفر 1432هـ
786
التاريخ يحمل الكثير من القصص لنساء تجبرن وتغطرسنا لكن النهايه الموت .
تجمع الاموال من الحرام وبعدها تموت ويتمتع بها غيرها .
وفقك الله ايها اكاتب الشجاع .
رحم الله الشاعر ,,,
إذا كان رب البيت بالطبل مولع ٌ
فشيمة أهل البيت "كلهم) الرقص
تحية إكبار لك كاتبنا
مقال أكثر من رائع.أكسبنا الكثير من المعلومات التي كنا نجهلها
تسجيل اعجاب بمقالك الجريء
هي المرة الأولى التي أقرأ لك ولن تكون الأخيرة ، بل هي البداية.
سلمت يا أيها الكاتب الجريء.