العدد 3069 - الأحد 30 يناير 2011م الموافق 25 صفر 1432هـ

العلامة العمري الساحة والعطاء

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

عند الساعة العاشرة صباح الإثنين الماضي (24 يناير/ كانون الثاني 2011) انبثت عبر الأثير رسائل الحزن والأسى بوفاة الفقيد العلامة الشيخ محمد علي العمري (المدينة المنورة) عن عمر ناهز الـ 100 عام قضاها في خير البلاد ومنفعة العباد.

قد لا يختلف الشيخ العمري عن الكثير من أبناء صنفه من طلبة العلم، الذين تلقوا علومهم ومعارفهم في هذه المدينة أو تلك على يد جهابذة العلم والمعرفة، فالكثير من رجال العلم يشاركونه هذه الميزة، وإذا كانت هذه ميزة له في شبابه حيث الوصول لتلك الأماكن وأولئك العلماء والصبر والتجلد للتتلمذ على أيديهم فيه الكثير من العناء والتحمل، فإننا نتحدث الآن عن زمن تيسرت وسهلت فيه الكثير من الأمور.

مع كل ذلك فقد كان للشيخ ما ميزه وتفرد به عن الكثير ممن يقطعون هذا الشوط العلمي المبارك والمهم، وسأشير هنا إلى بعض من ذلك نظراً لضيق مساحة المقال.

أولاً: لقد أتيح للشيخ أن يمارس حياته العملية في محيط واسع، محيط أوسع من محيطه الفكري، فكان إلى جانب تصوره ونظرته للأمور هناك تصورات أخرى لها مريدوها وأتباعها وأنصارها.

فالتلاصق في البيوت وبين التصورات المختلفة في المدينة المنورة شديد جداً، واحتكاك الناس مع بعضهم لا يمكن حده بزمن أو مكان.

في هذه البيئة كان الشيخ يعي أن الحدّة تعني تصادماً فيه الضياع والانفلات والعواقب الخطيرة، هذا ما أدركه الشيخ منذ عاد يمارس دوره كموجّه لأهله ومجتمعه لذلك تراه في مواقفه ومنعطفات مجتمعه مليئاً بالاعتدال والإيجابية.

ثانياً: ساعده الفراغ المتاح في مجتمعه (والإمكانات والكفاءات التي يملكها) ليشمّر عن ساعديه ويتحمل الثقل الذي يهرب منه الكثيرون، وهو أن يكون في واجهة المشهد الاجتماعي، ليكون محلاً تصله قضايا مجتمعه، فيساهم بصلاحه وعلمه بإصلاح ما أمكنه، ومعالجة ما هو قابل للمعالجة من مشاكل وأزمات تحصل بين أبناء المجتمع، فكان ملاذاً للجميع ومحلاً لقضايا الناس وخلافاتهم.

كما استطاع أن يساهم بمكانته وموقعيته في إيصال حاجات ومتطلبات هذا الجسد (مجتمعه) بجهة القرار في منطقته (المدينة المنورة)، لتنال بعض تلك القضايا حظها من الوضع على سكة الحلحلة والحل، ويعرقل بعضها الآخر ليبدأ الشيخ مشوار المتابعة دون كلل أو تعب.

ثالثاً: مكلف أن يكون الإنسان في الواجهة، وربما كلّفته (الشيخ) مكانته تلك الكثير من الأثمان وعلى صعد مختلفة، لا يناسب المقام ذكرها والمرور بها، (وإن كنت أرى إلحاحاً في نفسي للإشارة لأحداث المدينة المنورة قبل سنتين حيث التشنج الذي حصل في ساحة البقيع) لكنها في المقابل أنضجت جانب الحكمة والروية في شخصية الشيخ (رحمه الله).

يلحظ ذلك في العديد من مواقفه التي لا تستوقفها لحظات الانفعال والتوتر، بل تحسب بلغة الأرقام والحس والوعي ساعات الغد، وما سيكون عليه المشهد بعد حين، فتسدّده الحكمة ويهيمن عليه الصبر، ويكشف له الأمل أن الغد يحمل في طياته الخير، وأن ساعات العناء في أي أمر وقضية لن تستمر.

العزاء كل العزاء لأولاده وبناته وأهله وذويه وأقاربه وأبناء مجتمعه ولكل محبيه، والأمل معقود في أبناء صنفه ومجتمعه وابنه الشيخ كاظم حفظه الله ليواصلوا جميعاً درب هذا الأب من منطلق الحاجة لمثل ذلك الدور والفهم العميق للفائدة المرجوة منه.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 3069 - الأحد 30 يناير 2011م الموافق 25 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:04 ص

      خلق الكوادر؟؟؟؟

      شكراً سماحة الشيخ على هذا الموضوع، ورحمة الله على فقيد الأمة الإسلامية الذي اتصف بالوسطية والاعتدال. لكن لدي استفسار عن من يتحمل خلق الكوادر والبدائل خصوصاً أنكم أشرتم في بداية النقطة الثالثة إلى الفراغ. فمن هو المسؤل وما هي الآلية؟؟؟
      أرجو أن يكون لكم مقال حوله!!!!

    • زائر 1 | 12:31 ص

      جهاد

      يمكن إختصار جهاد هذا الشيخ الجليل كونه يعيش في المدينة المنورة,, وما أدراك ما جو المدينة المنورة لشيخ معمم ,, رحمة الله,,

اقرأ ايضاً