العدد 3066 - الخميس 27 يناير 2011م الموافق 22 صفر 1432هـ

كشكول رسائل مشاركات القراء

كيف نتعلم من الحسين (ع) المبادئ ونحفظها

المتصفح فضلاً عن المتعمق في ثنايا كتب التاريخ تتجلى له حقائق قد تثلج صدر من ينشد الحقيقة ويتتبعها وبين من يراها جلية فينكرها وتوغر صدره. وقد خلف لنا الإخباريون كمّاً هائلاً من كتب التاريخ تبين التسلسل الزمني للحوادث، لابد للباحث أن يتقين أن تاريخ الإسلام طالته يد التحريف في النقل والطباعة فضلاً عن أتون السياسة والمنفعة طيلة 14 قرناً من الزمن، وقد لا يفاجأ القارئ عندما يدقق أن حادثة كربلاء بالعراق سنة 61 هجرية المصادف 6 أكتوبر 650م لم تكن حادثة عابرة أو مسلم بها كباقي الحوادث أو الحروب، لقد امتازت واقعة الطف بهالة من القداسة جعلتها تتجدد كلما أخلق الزمان عليها، الحسين كان يمثل كل معاني الأريحية ضد تلك المنفعة، النقيضان لا يجتمعان قط.

إننا لم نجنِ على التاريخ أو نخدش بأي شخصية تاريخية عربية أو إسلامية لكننا قراء تاريخ وحوادث والله أعلم، يقول المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي في كتابه سمو المعنى في سمو الذات أو أشعة من حياة الحسين (ع) ص 79 ما يلي: لنفهم مصرع الحسين (ع) يلزمنا أن نعرف من يزيد بن معاوية؟

ينبغي علينا أن ندرس الخصائص الانثروبولجية وسيوسيولوجية للواقعة الحسينية بعيداً عن العواطف الجياشة والغلو مكفكفينها من كل ميثولوجية قد تشوه سمو ومعاني النهضة أو الثورة، الإمام الحسين من رسول الله وخامس أهل الكساء، من نزلت فيه آية التطهير وسورة المباهلة باتفاق جميع المسلمين، تربى في حجر جده وأرضعته البتول بضعته ووالده أبلغ واتقى وأشجع العرب، لم يتدنس بدنس الجاهلية ولم يعبد صنماً قط كما شهد له تاريخ الأمة العربية والإسلامية بدون منازع. في هذا التسامي وهذا السطوع تولى النبي (ص) حسيناً وكان في فطرته الغضة كالعدسة اللاقطة، تحمل ما تقع عليه إلى حقيقته الأخرى في وجوده الآخر، من هذه الجيونولوجية الطاهرة بنية شخصية الإمام الحسين فكان مفخرة الأجيال المتعاقبة.

حب الجد لابنه حبا صاحبه الاصطفاء والاستخلاص ليس هذا الحب من طفح العاطفة فكان النبي يحب حسيناً حقيقة الحب لأنه منه حيث قال حسين مني وأنا من حسين لأنه مصطفاه والله يحبهما، حديث يحمل في معنى النبوة في حروفها، هو لون من البيان يقصد به في كلام العرب إفادة الامتزاج والاتحاد وكأنما حي (ص) من الحسين في مظهرين «مظهر الرجل النبي ومظهر الرجل المسلم، وله في المظهر الأول شكل من جاء من السماء وفي المظهر الثاني شكل من عاد إليها كما يقول العلامة العلايلي».

من هذه التربية التي ارتقت إلى مستوى الروح الجهادية من الأخلاق التيلوجية والانطولوجية القرآنية ثار الحسين مصلحاً اجتماعياً في أمته، انطلاقاً من قول الرسول (ص) ذكرهم قائلاً: «أيها الناس، إن رسول الله (ص) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله، حرموا حلاله وأنا أحق من غيري...» (تاريخ الطبري، الخطبة ص 307، والكامل في التاريخ لابن الأثير، ص 407).

رأى الحسين الانحرافات الأخلاقية خطيرة جداً في الدين الإسلامي كما ذكرها قد وقعت في مجتمع لم يعبأ تعبئة كاملة ولأن آلية الإصلاح والحكم قد سقطتا في شخص غير متكافئ، إذن تحتاج الأمة إلى ثورة إصلاح، إلى قوة وحياة وإلحاح إلى ما هو أكمل وأفضل من الأوضاع السائدة. ليست كالثورات الحديثة المادية الحزبية التي ظاهرها الإصلاح وباطنها إيديولوجيات الكذب والأنانية على الشعوب لأن الثورات بل الانقلابات في الوطن العربي ما هي إلا تغير رئيس سيء إلى أسوأ واقتناص الفرصة للانقضاض على السلطة واستغلال ثروات تلك البلد لأفراد منتفعين.

قبل أن نتوجه إلى خطاب حركة الحسين نذكر كلاماً قرأته للشيخ العلايلي في ص 62 في كتابه «من أشعة الحسين (ع)» «إن التربية الدينية لم تشمل العرب على وجه صحيح، ولم يعن الخلفاء بنشرها على الطريقة الوجدانية، التي اختمرت في نفس أبي ذر (رض) فقام بنشرها مجتهداً، والحق أن العرب تناولوا الإسلام كطقوس يؤدونها ويحاكون في أدائها، وهم لا يبتعدون في ممارستها عن ممارسة تقاليدهم الجاهلية» وبدون مجاملة أن هذا هو واقع الأمة وخصوصاً العربية إنما يظهرونه خلاف تدينهم هو للرياء وحب المظاهر الكذابة لتلبية أغراضهم الخاصة.

وتجمع علماء التاريخ الإسلامي بأن من اعتلى السلطة «يزيد بن معاوية» لم يكن له ولا لأبيه نصيب في التربية الإسلامية وبتعاليمها بل كانت تربيته مسيحية وممارساته، فانعكس كلها هذا على بيضة الدين والمجتمع.

وقد ذكر جهاد الخازن في صحيفة «الحياة» بتاريخ 7 ديسمبر/ كانون الأول 2010 ما يلي: الإسلام السياسي يريد قلب الأنظمة العربية والإسلامية وإقامة خلافة إسلامية مكانها وأزيد من عندي أن التاريخ الإسلامي لم يعرف خلافة إسلامية صالحة يمكن أن تكون مثيلاً يحتذى به، فالخلفاء الراشدون هم المثل الصالح الوحيد، إلا أن أبا بكر لم يعمر طويلاً وتبعه ثلاثة خلفاء قتلوا، واغتصب الأمويون الحكم وتبعهم العباسيون في تاريخ معروف.

بدلاً من أن كانت الخلافة الإسلامية شورى بين المسلمين وأن للحل والعقد كلمة كما تزعم جماعة جعلها ملكاً عضوضاً وراثياً وحكومة ارستقراطية وراثية بحتة توتليتاريا شمولية ولهذا كان واجباً شرعياً على الأمة أن تزيحه لكي لا يستفحل الظلم ويكون الدين نظاماً وراثياً يؤدى إلى مصادرة حقوق المسلمين واستلاب ثرواتهم ويكرس عصبية الجاهلية ويعيد عبادة الوثن بعد تدميرها واجتثاثها وهذه الممارسات المخالفة للدين الحنيف والفطرة وأنهم يسبرون الناس بالجور والعدوان ومن لم يغير الجور بالقول والفعل يكون هو نفسه بمنزلة الجائر الإمام الحسين (ع).

تتمحور قضية عاشوراء حول نقاط مفصلية مهمة وجوهرية وذات بعد انثروبولوجيا وتاريخياً ومعرفياً وثقافياً في تاريخ الأمة العربية والإسلامية ألا وهي «البيعة»، عندما اغتصب يزيد الخلافة بعد وفاة والده معاوية وكان في حاضرته الشام طلب من الحسين البيعة وهو في المدينة المنورة، البيعة تعني العهد على الطاعة ولها ثلاثة أركان: 1) المبايع 2) المبايع له و3) المعاهدة على الطاعة أو اعتقاد وقول أو بتعبير آخر البيعة عقد، وفاؤه عهد ونقضه غدر.

ذكرت رواية رفض البيعة في مصادر كثيرة من تاريخ المسلمين ونكتفي بما بينه الأستاذ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية محمد بيومي مهران، في كتابه «الإمام الحسين بن علي» ص 74 كتب يزيد إلى عامله بالمدينة، ابن عمه الوليد بن أبي سفيان «أن خذ حسيناً وعبد الله بن عمر وعبدالله بن الزبير، بالبيعة أخذاً شديداً ليس فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام» أما اليعقوبي في تاريخه ج2 ص 154 فيقول إذا امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث برأسهما، وخذ الناس بالبيعة، فإن امتنع فأنفذ فيه الحكم، وفي الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير، والسلام.

هذا خطاب تعسفي، مغتصب للخلافة لم يأتِ عن طريق شورى أو ديمقراطية، هذه شوفينية عنجهية عمياء سلطوية.

على أي حال، فقد ذهب رسول الوليد إلى الإمام الحسين وابن الزبير، فوجدهما في المسجد، فعلم الإمام الحسين ما يراد منه، وجمع طائفة من مواليه يحملونه السلاح، وقال لهم وهو يدخل بيت الوليد «إن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا، فاقتحموا علي بأجمعكم وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم، فلما عرضوا عليه البيعة قال «إما البيعة فإن مثلي لا يعطي ببيعته سراً، ولا أراك تقنع به مني سراً، قال الوليد: «أجل الإمام: إذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا معهم فكان الأمر واحداً» وفي رواية أخرى ينقلها معظم المؤرخين المسلمين، كلمة قالها الإمام «إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومثلي لا يبايع يزيد، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون، أنا أحق بالخلافة والبيعة».

وقد أعلن مبادئ ثورته قائلاً «ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي»، فلا تفسر حركة الحسين بأنها انقلاب بمعنى الثورات أو الانقلابات، كما رأينا الثورات الحديثة غايتها استبدال فاسد بأسوأ منه والاستئثار بالسلطة لا غير، إنه لم يشر لأن يكون حاكماً أو خليفة بل إصلاحاً في أمة جده، ثم قال كلاماً خطيراً «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحيطون به ما درت معايشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون ثم قال ما أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً» ( الطبري ص 307 وابن الأثير وغيرهما من المصادر المعتمدة لدى المسلمين) إن كلمة الحسين «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم» تعكس الواقع الفعلي والسوسيولوجي للأمة وهذا هو أيضاً واقعنا الفينومولوجي.

ونعود بعدا هذه الاستطراد إلى ما عرى الأمة من بؤس وإحباط في ظل حكم استبدادي فعزم الإمام الخروج على يزيد ضارباً ببيعته عرض الحائط لما لها من سلبيات مدمرة ضد مستقبل الأمة، يقول المؤرخون وقد نصحه عبدالله بن عباس لما بينهما من قرابة وما عرف عنه من الدهاء، فقد حاول مراراً أن يثني الحسين عن الخروج من مكة إلى العراق وليبايع يزيد فقال الإمام «هيهات يا ابن عباس، وكيف أبايع يزيد، على الإسلام السلام».

يقول البعض فإن بايع غش نفسه وخان ضميره وخالف دينه، لأنه كان يرى بيعة يزيد إثماً، فخروج الحسين يندر بفضح الظلم للعيان، يقول المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي في كتابه «تاريخ الحسين نقد وتحليل» ص 242: «فخروج الحسين (ع) كان واجباً دينياً واجتماعياً وبرلمانيا - إن صح التعبير - وتابع حديثه قائلاً: «سار بقلته المؤمنة، وثبت في معركة الحق والباطل، وجعل بين ناظريه برهان ربه، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» (البقرة 1930 ).

وقال «الفتنة في الآية الكريمة ليست بمعنى الاختلاف والتنازع، بل بمعنى شيوع الفساد والفسوق فخروج الحسين (ع) ليس فتنة - كما اتهموا - بل لمكافحة الفتنة، فأية محاولة وثورة على الفساد في سبيل أن يكون الدين كله لله، مأمورون بها، فالحسين بخروجه لم يجاوز برهان ربه». وقال «سقط الإمام صريعاً بعد كفاح رهيب وبعد أن أرسل كلمة الحق في العراء، هذه الكلمة التي طوقت بالهياكل وعادت بنشيد الشهداء».

لم يكتفِ المرء بسبر غور الثورة الحسينية لكن نكتفي بذلك لأن ما كتب حولها يردم المحيطات بأكملها، بعد ما تردى نظام الحكم الإسلامي الذي دشنه الرسول الأعظم وفعلها الخلفاء الراشدون سقط المسلمون إلى أسفل وهدة، وفقد الإسلام روحه المتعالية وبريقه، فانبثق وانفجر الحسين بثورته التضحوية بكل ما يملك، وبروحه الشريفة وهي أقصى غاية الجود، أود هنا أشير إلى أن الممارسات التي نشهده أيام عاشوراء ليست مدعاة للسخرية والاستهزاء كما يتصورها المثقفون أو أصحاب الفكر ما هي إلا نتيجة مخاضات قرون من الظلم والاضطهاد بفريق على آخر.

انتهى عاشوراء، ألقى الخطباء كل على حسب علمه ومعرفته الخطب الصاخبة المصقعة، ودوّت من خلال مكبرات الصوت مناطق العزاء، أكل الطعام وبكينا على آل البيت وانتهى، لكن لانزال نئن تحت وطأة الفوضى الفكرية والدينية واللاوعية، الإمام الحسين (ع) تركنا لنا معيناً تراثياً زلال لا ينضب على مدى الزمن ومادة ثمينة للتأمل ولاستخلاص العبر، هل سقينا شجيرات فكرنا الإسلامي بهذا المعين ليخصب، لكن دوى ذلك الفكر ولم ينعم بذلك المعين كما دوى الغصن عندما يمنع عنه الماء، ننظر خروج المهدي (ع) كما نصيح ليلاً و نهاراً، نطلب خروجه ليصلحنا.

خرج الحسين يدعو إلى نشر العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية والسلام وخطب قائلاًَ «لا أرى الموت إلا سعادة والحياة (الطبرى يقول الشهادة) مع الظالمين إلا برماً»، الحياة بدون كرامةٍ ولا حرية، ولا مبادئ، تعني مصادرة الهيمنة، ووأد الفكر الأصيل، فهي ليست حياة بل دماراً.

من أجل مثل تلك الشعارات ورفض البيعة تمت تصفيته وأهل بيته وأصحابه جسدياً وتعرّض بيت الرسالة الكرام إلى السبي ظناً منهم أن ينهوا المبادئ، بقي هذا التصريح يقطع آذان الأمة ليستنهضها منذ 61 هجرية إلى يومنا هذا، إلى مثل صاحب هذه المواقف الإيجابية يخلد وتخلد معه المبادئ وتبقى صرخة تتجدد تصبح ممكناً وليس مستحيلاً كما يزعم اليائسون وأصبحت بالفعل نبراساً ومشعلاً لهم.

درس المستشرقون هذه الفاجعة الكربلائية وانطباعهم ونذكر على سبيل الحصر العالم الإنثروبولوجي الأميركي Carleton Coon and his book» Support for the Poor» قال «دلت صفوف الزوار التي تدخل إلى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي لاتزال تؤججها في العاشر من المحرم في العالم الإسلامي بأسره، كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن الموت ينفع القديسين أكثر من أيام حياتهم مجتمعة. ترجم من كتاب الجزيرة العربية. زار كربلاء الكثير من المستشرقين وكتبوا الكثير حول استشهاد الحسين ومرقده في كربلاء منه المستشرق الأميركي الأستاذ نيكلسون jack Nicholson عندما درس واقعة كربلاء قائلاً: «كان الأمويون في نظر الدين طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين الإسلام وشرائعه وامتهانهم لمثله العليا ووطئها بإقدامهم، وإن كانوا كذلك فلا يحل لهم أن يقتلوا المؤمنين الذين امتشقوا الحسام ضد الغاصبين لسلطانهم ...إلخ. ص 86 من أشعة الحسين للعلايلي، هذا هو الإمام بالحق والشرع، يخرج لإصلاح دين جده رسول الله ليؤسس منها ثورية النهج الصحيح الوضاء للأجيال.

لذا يجب أن تقرأ معركة كربلاء الحسين من مفهوم إنثروبولجي دلالي يقرأ الحدث من خصوبته ومعانيه لا من محص البكاء العاطفي.

شعارنا لهذا العام «قرآنيون حسينيون» جميل جداً ذات بعد معرفي وكوزمولوجي وحي، لأن القرآن الكريم صنو الحسين (ع) لأن الحسين كان على تماس مباشر بنزوله فهو الجزء الذي لا يتجزأ من المشكاة اللاهوتية عند نزول الوحي، الآية الكريمة لا يمسه إلا المطهرون يقول البلاغيون لا يمسه كناية عن لازمه وهي نفي الاطلاع عليه، وعلى ما فيه وحصر هذا اللمس والاطلاع على ما فيه إلا المطهرون فالحسين مطهر.

لم تقتصر الثروة العلمية والمعرفية التي بذر نواتها أبوالشهداء على العالم العربي والإسلامي بل خصص الفاتيكان جناحاً خاصاً عن كربلاء، ذكر العلامة السيد محمد المهدي الشيرازي في كتابه (الإمام الحسين) إن أحد العلماء زار مكتبة الفاتيكان في الأعوام الأخيرة وفوجئ عندما لاحظ كتباً كثيرة فيها حول الإمام الحسين (ع) أكثر من ألف كتاب قال دهشت، سألت مدير المكتبة لماذا وجود هذه الكتب في مكتبتكم قال الواقع إن علماء المسيحية فكروا في سرعة انتشار خط آل البيت في العالم والذي يعد معجزة من معجزات الله تعالى في هذا الوجود مع كل ما تعرفه شيعة أهل البيت من نضال ومن بطش عبر التاريخ فذهلوا علماء المسيحية وعلموا أن الذي يقف مع هذا كله الإمام الحسين بن علي فطلبوا من وكلائهم في البلدان العربية بأن يجلبوا إليهم كل كتاب يتعلق بالحسين لكي يستفيد من قضية عاشوراء في نشر ظلامة المسيح (ع) كما يقولون. وما يؤكد صدق هذا الحديث، سمعت الباحث الدكتور سهيل زكار يقول عندا زرت مكتبة الفاتيكان ذهلت من المجموعة الكتب الخاصة بالحسين والتي خصصت حجرة مقفلة للزوار الرسمين. وأختم مقالي المتواضع بهذا البيت

لا تغرنَّك يد ظالمة

إن للعدل وراء الظلم يد

علوي محسن الخباز


«أربعين الإمام الحسين»... رفداً لمسيرة الجهاد ورفعاً للتعتيم التاريخي؟!

 

هل هي صدفة من صدف الزمان أم تقدير إلهي تزامُن وصول الركب النبوي الشريف بعد رحلة العذاب والجهاد من أرض الشام إلى أرض كربلاء ، مع وجود الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري في تلك المنطقة المقدسة، هذا الصحابي المؤمن الذي جاء لزيارة قبر الإمام الحسين تلبية لدعوة رسول الله (ص) في الحث على هذه الزيارة وفي ذاكرته قول الرسول (ص) لابن عباس (يا بن عباس من زار الحسين عارفاً بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة)

كان جابر من أوائل طلائع الزائرين إلى هذه الأرض المقدسة وصادف ذلك يوم مرور أربعين يوماً منذ وقوع المجزرة الرهيبة، وهو كفيف البصر ويعتمد على رفيق دربه عطية العوفي، ويسجل لنا التاريخ أنّه بمجرد أن لامست يداه تراب القبر الشريف خر مغشياً عليه، فلما أفاق أجهش بالبكاء وهو يصيح (يا حسين يا حسين يا حسين، ويواصل بحرقة قلب حبيب لا يجيب حبيبه، وأنّى لك الجواب وقد شخبت أوداجك وفرّق بين بدنك ورأسك).

وبلغت المأساة ذروتها عندما قرب ركب الإمام زين العابدين (ع) الذي صادف وصوله في هذا اليوم وبمجرد أن علم جابر بذلك انتفض واقفاً ومشى حافي القدمين مكشوف الرأس وفي مشهد إيماني وإنساني لا يمكن وصفه احتضن الإمام زين العابدين وامتزجت دموع الاثنين غزيرة حارة، والإمام يناديه نداء العارف: «أنتّ جابر»، قال: نعم يابن رسول الله، فقال الإمام (ع) «يا جابر هاهنا قتلت رجالنا وذبحت أطفالنا وسبيت نساؤنا وحرقت خيامنا» ومنذ ذلك اليوم وهو العشرين من صفر أصبح هذا التاريخ مشهوداً بتوافد الآلاف بل الملايين من الزائرين إلى أرض كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين وأهل بيته وتجديد البيعة في هذه الذكرى المؤلمة.

فأربعين الإمام الحسين ليست عادية في مسيرة الزمن، إنها ذكرى لقتلٍ بشع لصفوة من خيرة الرجال ومن أشرف الرجال وأنبلهم على وجه الأرض في ذلك الوقت، لقد أدّوا بحق رسالتهم الإلهية ونالوا الشهادة والنعيم الأبدي بعد أن روت دماؤهم الطاهرة أرض كربلاء المقدسة، لقد ازدهرت شجرة الإسلام من هذه الدماء وبقي الدين خفاقاً إلى هذا اليوم، لقد حمل الإمام الحسين هذه الأمانة بكل اقتدار وبكل استسلام لمشيئة الله سبحانه وتعالى من يوم مولده إلى يوم استشهاده.

إن البيت النبوي الشريف بكامله كان متهيئاً لهذا الحدث العظيم وجميع النفوس المطمئنة في هذا البيت كانت على دراية بذلك، فالرسول (ص) كان يعلم بمصير دعوته العالمية والعقبات التي تقف في طريقها بعد وفاته.

عندما استشهدت فاطمة الزهراء (ع) طلب الإمام علي (ع) من أخيه عقيل في كلمة تحمل الكثير من الاستشراق والأفكار «أخي عقيل اخطب لي امرأة ولدتها الفحولة من العرب ومن ذوي البيوت والحسب والنسب والشجاعة لكي أصيب منها ولداً شجاعاً يكون ناصراً لولدي الحسين في أرض كربلاء» هذه المقولة قالها الإمام قبل تسع وأربعين سنة من استشهاد الإمام الحسين! وكان للإمام ما أراد حيث أنجبت له هذه المرأة المؤمنة الطاهرة أربعة من الأبطال على رأسهم العباس وكلهم ذهبوا قرابين على أرض كربلاء فداءً للإسلام وإعلاء رايته.

أربعون يوماً قضاها أهل البيت بعد واقعة كربلاء من أرض العراق إلى الشام ثم رحلة العودة إلى مدينة الرسول انعطافاً لأرض كربلاء كانوا في طوال هذه الرحلة القاسية على تمام الوعي برسالتهم ومواقفهم الإيمانية التي تعزز وترفد نداء الإمام الحسين (ع)، فرغم ما مارسه الأمويون من تعتيم حول هذه الواقعة وادّعائهم أن هؤلاء خوارج تمردوا على إمام المؤمنين يزيد بن معاوية! وأن الله قد نصره عليهم، نقول رغم هذا التعتيم والتضليل والتغافل لكن فصاحة وبلاغة الإمام زين العابدين (ع) وعمته العقيلة زينب وأختها أم كلثوم وفاطمة بنت الحسين (ع) في مجلس يزيد زلزلت أركان هذا المجلس فقد انعتقت بعض العقول وتحررت وأدركت فظاعة هذه المجزرة وأنّ القتلى هم ذرية رسول الله وهذا الركب من النساء والأطفال هم كرائم الوحي ومخدرات الرسالة!

ونحن نقول إنه مع الأسف الشديد أنّ هذا التضليل التاريخي لايزال (يعشعش) في بعض العقول حتى هذه الساعة ولايزال البعض يتساءل إلى هذا اليوم عن جدوى إحياء هذه المناسبة التي مضى عليها 1371 سنة! كما يستفسر البعض أيضاً باستغراب شديد لماذا الحسين بالذات مع وجود العدد الهائل من الشهداء من أصحاب رسول الله وغيرهم، ولماذا اصطحب معه النسوة والأطفال إلى أرض كربلاء؟ ولماذا لم يأخذ بنصيحة الناصحين في عدم التوجه للعراق؟ ولماذا لم يسالم كما سالم أخوه الإمام الحسن (ع)؟ ونرد عليهم باختصار شديد، إنك إذا فهمت من هو الحسين وما مكانته من الله ورسوله وما أهداف ثورته ومراميها أدركت جزءاً كبيراً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وثوابته، وبدون ذلك الفهم يستعصي عليك ذلك، فالناس أعداء ما جهلوا، ونطلب ممن لم يصلوا إلى هذا المستوى ألا يلوموا الآخرين ممن تنورت قلوبهم وتحررت عقولهم من شتى أنواع التضليل والتغافل التاريخي القديم منه والحديث.

حسن الوردي


يتيمة الشام

 

ألف سلام وتحية

على الزكية رقية

بلغ سلامي إليها

ياللي تزور وتعنى ليها

ما اتحملت رؤية وليها

خرت وماتت رقية

خرت عليه تقبله

فرقاك ما أتحمله

يتمتني في كربلا

وأعظم مصيبة رقية

وصار القبر هناك بالشام

وريحة مسك من دار الأيتام

فوق الضريح ترفرف أعلام

بالشام قبرك رقية

ذكر يتيمة من دون الأيتام

يبقى الأثر اسنين وأعوام

قبر اليتيمة ببلدة الشام

يا بلد فزتي بالهدية

تصعب عليها دخلة الشام

كلهم حرم وعليل وأيتام

وضيم الأسر والروس جدام

حنت ونادت رقية

وزينب تنادي يا والي

موت اليتيمة دهش بالي

من وين الصبر قلي يا غالي

اليوم ماتت رقية

كل هالمصايب جتني من وين

ومني يخويه عميت العين

أنشد بعد عباس وحسين

واليوم أعظم رزية

مثل الحمامة تحوم وتنوح

ما أعظم مصابك يا مذبوح

ذاب الحشا يا مهجة الروح

وحكم القدر جاري علي.

نعيمه مطر محمد


حياة أسرية خالية من العنف

 

ليس من الصعب أن نحقق حياة ومحيطاً أسرياً يخلو من العنف الاسري بأشكاله المختلفة، فقط يجدر بنا أن نقف أمام أنفسنا كأزواج وزوجات قليلا لنفكر بعمق وتأمل بالآلية التي تمكننا أن نعيش بسلام وطمأنينة، وأفضل الطرق لتحقيق ذلك الهدف المنشود يكمن في «التفكر» نعم إن التفكر والتفكير مطلب لأي أسرة للخروج من المزالق التي تعتريها حيث يعلمنا الدين الإسلامي على أهمية التفكر حيث يقول: إن تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة دون تفكر، ولا يجدر بنا أن نستغرب من ذلك حيث إن التأمل والتفكير لو مارسناهما بالشكل الموضوعي والسليم فإننا سنجد فيهما الحلول الناجحة، وقد اكتشف العلم الحديث بان العقل البشري يمتص ويجذب نحوه كل الأفكار سواء كانت سلبية أو إيجابية ويعمل على إبرازها على شكل سلوكيات وأفعال مع الوقت ولذلك ينصح علماء النفس بأن يكون المرء متوجها دائما نحو تبني الأفكار الإيجابية بداخل عقله ونفسه ويعمل على التصور الإيجابي لكل شيء يريد أن يحققه، عندها سيتعامل العقل البشري مع كل فكرة إيجابية على أنها هدف يراد منه أن يحققه مع الوقت ولذلك ينصحنا ديننا بالتفاؤل الدائم وذلك من خلال عبارة (تفاءلوا بالخير تجدوه) أي اجعل عقلك يضيء بكل فكرة إيجابية وستجد أن عقلك وروحك تتجه نحو تحقيق تلك الأفكار وكأنها هدف يتم التخطيط له، ومن هنا تخيلوا أن كلا الزوجين قد أخذا على عاتقهما زرع كل الأفكار الجميلة بداخلهما فإنه لا محال سيجنيان كل شيء جميل من خلال حياتهما الزوجية، ولذلك نوجه عناية كل زوجين بأن يبنيا حياتهما بالتفاؤل الدائم وخصوصا خلال سنين حياتهما الأولى وعدم الركون للمشاكل والتي هي عبارة عن أفكار سلبية إن استسلمنا لها.

محمد سعيد

العدد 3066 - الخميس 27 يناير 2011م الموافق 22 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 9:07 ص

      =)

      أولاً تسلم يد جميع الكتاب مقالات جميلة ..
      وأخص مقال محمد سعيد .. موضوع جميل ولايقتصر ع الأزواج .. ولكنك خصصته .. ولكن يبقى له أثر واضح وكبير أوله علي أنا فقد أعجبني وغيّر في مشاعر كثيرة !
      بالأحرى أعيش لحظات يأس رغم تفاؤلي الشديد .. إلا أنني بدأت أسترجع البسمة والأمل والتفاؤل بعد قراءتي لما خططت ..!

    • زائر 5 | 3:31 ص

      السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين

      احسنتم جميعا .....
      الحسين شمعة لا تنطفي ....
      وياريت كل الازواج يتفاهمون في كل صغيرة وكبيرة لان كل هذا يأثر على الطفل وسلوكياته .....
      وعني شخصيا دائما اخذ (عيالي ) رايهم وبالاخص في المواضيع المهمة ــــــــــ لاني بعوض عليهم كل شي انحرمت منه في طفولتي بعيد عن امي وابي وغير معاناتي من الظلم و الضرب

    • زائر 4 | 1:23 ص

      الجناح المكسورباحثة اجتماعية

      الى زاير 3 نحن نحب القراءة اذا كان الموضوع هادف.
      من خلال دراستي وتحاليلي وتجاربي مع زوجي واكثر الرجال لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب
      الرجل كالطفل يحب الدلع على طول وما يريد الزوجة تغيب عنه ولا ثانية سلام يازوجي العزيز.

    • زائر 3 | 12:18 ص

      سبعين بالمئة

      سبعين بالمئة من الناس لا تقرأ المواضيع الطويلة ومع ذلك ترى البعض يكتب في الصحف موضوعا طويلا دون أن يلتفت إلى القراء.

    • زائر 2 | 12:14 ص

      ثورة الامام واهدافها

      هذه مشكلة الموجهين الذين وجهوا الناس الى اتجاه فقط دون الاخر ذكرى ثورة الامام الحسين علينا ان نسعى الى تحقيق الان من اصلاح اجتماعي اى انغراس في العمل التطوعي الاجتماعي لان الامام مو عبادة لا الامام اتباع ونحن لا نتبعه بقدر ما نعبده

    • زائر 1 | 11:41 م

      ثورة الحسين صرخة في وجوه الظالمين

      تسلم أياديكم الطاهرة على طرح مثل هذه المواضيع التي تحوي في مضمونها كلمات صادقة ومعبرة.. وانشاء الله في ميزان حسناتكم.. والله يكثر من المخلصين أمثالكم (ستراوية)

اقرأ ايضاً