لم يبقَ على الانتخابات النيابية في العراق أكثر من سبعة أشهر، بعد أن توافقت الكتل على أن يكون شهر فبراير/ شباط 2010 موعدا لإجراء الانتخابات.
ولم يبقَ أمام الكتل والأحزاب الكبيرة وقت طويل قبل أن تستعد لدورة سياسية جديدة.
ما تعرفه الكتل السياسية الفائزة بمقاعد برلمانية أن الانتخابات القادمة لن تكون سهلة على الأحزاب الدينية كما كان الحال في انتخابات العام 2005، وخصوصا أن انتخابات المجالس البلدية التي أجريت مطلع هذا العام أفقدت مثل هذه الأحزاب الكثير من مقاعدها، وأن دعوة زعيم الائتلاف العراقي الموحد عبدالعزيز الحكيم التي أطلقها أمس لإعادة لحمة الائتلاف، تعبر عن شعور بخطر الأيام المقبلة وما ستحمله صناديق الاقتراع من نتائج غير سارّة، وهي دعوة لرأب الصدع الذي أصاب كتلة الائتلاف بعد انسحاب كتلتي الصدر والفضيلة ونأي حزب الدعوة عن صبغة الأحزاب الدينية وابتعاده عن الائتلاف في انتهاج سياسة مختلفة مع القضايا العراقية الساخنة.
لقد أثار فوز رئيس الوزراء نوري المالكي في انتخابات مجالس المحافظات مطلع هذا العام الشركاء قبل الخصوم، لأسباب تتعلق بمنافسة أجنحة الكتلة الواحدة (الائتلاف العراقي) على شريحة واحدة من الناخبين؛ ما أدى إلى انقسامات عميقة وصلت في بعض الأحيان إلى تبادل الانتقادات عبر منابر الجوامع والمساجد. لكن ذلك لم يثنِ شريحة مهمة من الشارع العراقي المتطلع إلى إنهاء عصر الطأفنة، من الاستمرار في دعم المالكي المدفوع برغبة واضحة لعدم التحالف مرة أخرى تحت مظلة «الائتلاف العراقي». وإذا افترضنا وقرر حزب الدعوة العودة إلى الائتلاف فإن الخريطة القيادية للكتلة ستشهد تغيرا كبيرا يتناسب مع الاستحقاقات الشعبية لكل حزب، كما أن الائتلاف العراقي (الجديد) قد يشهد إضافة حزب أو رموز من كيانات سنية لتمنحه مسحة وطنية تحفز الناخب على اختياره. ومع كل ذلك قد يبدو موضوع الابقاء على هذه الكتلة بشكلها الحالي مستبعدا، إلا إذا تعرض الطرف الأقوى (المالكي) لضغوط خارجية أو ربما داخلية تعيد التئام الائتلاف الموحد مجددا.
في المقابل يبدو أن الشارع السنّي حسم خياراته باتجاه التيارات القومية والليبرالية، بعد أن نجح التحشيد العرقي المتبادل في صعود قوى تنادي بالقومية للوقوف أمام طموح الأحزاب الكردية لضم مناطق جديدة لإقليم كردستان.
في المحصلة فإن المشهد العراقي يؤكد أن الشارع مازال حتى الآن منقسما بين اتجاهات سنية وشيعية وكردية متعارضة في كثير من الاحيان. وبرغم تجاوز العقدة الطائفية، فإن الناخب مازال محاصرا بالنزاعات القومية، والتي لا يمكن صهرها في بوتقة حزب أو كتلة وطنية تضم الجميع، لا الآن ولا حتى في القريب المنظور.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2442 - الأربعاء 13 مايو 2009م الموافق 18 جمادى الأولى 1430هـ