العدد 2442 - الأربعاء 13 مايو 2009م الموافق 18 جمادى الأولى 1430هـ

إسكان من دون محاصصة ... «باوندبري» مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ربما أن بعض الجهات الرسمية جادة في حل أخطر أزمة معيشية تواجهها البحرين، وهي مشكلة السكن، ولربما أنها بالفعل طورت إمدادات قرى، ووعدت بالكثير، ولكن ربما أيضا أن الجهات الرسمية أصبحت أسيرة لنهج يقوم على المحاصصة الطائفية، بل ويقوم على ضرورة إقصاء وتحجيم فئة من المجتمع، لأسباب تحتاج إلى معالجة نفسية أكثر منها معالجة أمنية.

وأثناء حديث لي - حول المشكلة الإسكانية - مع أحد أصحاب الرأي المستنير، ذكر أنموذجا حضاريا يعمل به في بريطانيا حاليا، وهو لايحل فقط مشكلة الإسكان، وإنما يعزز الترابط المجتمعي والولاء ويربط البلاد بتاريخها، بدلا من العكس... ومثال ذلك مدينة «باوندبري» البريطانية.

«باوندبري» كانت فكرة الأمير تشارلز (ولي العهد البريطاني)، وقد طرحها في ثمانينيات القرن الماضي، وبعد أن وافق عليها البرلمان، بدأ تشييدها في تسعينيات القرن الماضي، واكتملت مرحلتها الأولى من التشييد (والسكن) في 2002 والمرحلة الثانية في 2006، ومن المخطط ان يستمر التطوير حتى العام 2025، على أن توفر الشركات والخدمات المحيطة بها آلاف الوظائف ذات الدخل المناسب للمعيشة في مدينة حضرية متطورة.

تمويل التشييد جاء أساسا من عقارات ملكية، يملكها ولي العهد وهي Duchy of Cornwall، وملكية هذه العقارات تنتقل من ولي عهد إلى آخر (المنصب هو الذي يملكها وليس الشخص)، ويقوم ولي العهد البريطاني بتطوير مشروعات «تنموية – خيرية» من الدخل الوارد للعقارات، ومن بين هذا التطوير مدينة عصرية متطورة تسمى «باوندبري» يسكنها الناس العاديون.

«باوندبري» - على مشارف دورتشيستر في مقاطعة دورست- وضع تصميمها أفضل المعماريين المشتغلين في تطوير العمران، وهي متعددة الاستخدامات والأحياء، وتضم مساحات مفتوحة ومناظر طبيعية، وهي تعتبر أنموذجا للتنمية الحضرية التي تنمي في بيئتها مجتمعا راقيا ومعتمدا على نفسه (6 آلاف نسمة). المنازل بنيت على نمط يمزج التاريخ بالحاضر والمستقبل، ويهدف إلى تعزيز الترابط بين أفراد المجتمع الذي يسكن هذه المدينة الأنموذجية المخدومة ببنية تحتية متكاملة من المحلات والشركات التجارية والخدمات اللائقة، من دون حواجز وتقسيم في المناطق (المجمعات المغلقة غير مسموح بها).

وعلينا أن نتصور مقدار الانسجام والولاء الذي يخلقه مثل هذا المشروع الإسكاني، وكيف أن الناس يشعرون بالمحبة والامتنان لمن تسبب في إيجاد هذه البيئة المتطورة، وكيف انه يمكن حل المشكلة من دون محاصصة طائفية، كما هو الوضع المأساوي في «إسكان القرى الأربع» حاليا و الذي تسبب في اعتصام للأهالي مستمر منذ 14 شهرا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2442 - الأربعاء 13 مايو 2009م الموافق 18 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً