العدد 3063 - الإثنين 24 يناير 2011م الموافق 19 صفر 1432هـ

في ظلال الأربعين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يرتبط إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) بمشهدين ملتهبين، أحدهما يصوّر ما جرى في كربلاء، والآخر يتحوّل فيه الخطباء والشعراء وأفئدة كثيرٍ من الناس إلى المدينة المنورة.

ففي مثل هذا اليوم، العشرين من صفر، العام 61 للهجرة، عادت قافلة الأسرى من آل بيت محمد (ص)، من رحلة السبي الطويلة، التي سيقت إليها عبر المفاوز والقفار. قطعت خلالها القافلة مسافة ألفي كيلومتر، على نوقٍ هُزّل لعدة أسابيع، حتى أطلت مرةً أخرى على مشارف كربلاء.

كانت أرضاً شبه صحراء، تقع على طرف العلقمي، أحد روافد نهر الفرات، ولم يكن في هذه الساحة غير قبورٍ حديثة، لم يمض عليها أكثر من ستة أسابيع. وكان بانتظار القافلة شيخٌ ضريرٌ، جاء ليزور قبر الحسين بعدما سمع باستشهاده، يقوده خادمه عطية العوفي التابعي.

القافلة المكونة من نساء ثواكل وأطفال يتامى، معهم شابٌ وحيد عمره اثنان وعشرون عاماً، أقعده المرض في خيمته يوم عاشوراء. خرجت من هنا بعد مصارع الرجال وهي تزيد على الخمسين، وعادت اليوم بعد أن فقدت عدداً من الأطفال، توزّعت قبورهم بين مدن الشام، حيث قضوا نحبهم من الإنهاك وطول السفر، ووعورة الطريق وصعوبة المركب، وسوء معاملة الجنود الغلاظ.

كانت نساء القافلة بحاجةٍ لمن تبث له أحزانهن، ويروين ما لاقين في هذه الرحلة الصعبة، فوجدنه أخيراً في جابر بن عبدالله الأنصاري (رض). الشعراء نسجوا الكثير من أشعارهم حول هذه اللحظة، فسجّلوا ما جرى من حواراتٍ تذيب القلب، بين الصحابي الجليل وأحفاد وحفيدات النبي في كربلاء. وحينما يهمون بالرحيل بعد أن أقاموا يوماً، وفي بعض الروايات أياماً، يوصيهم أحد الشعراء وقد تلبّس حسّ الفاجعة بقوله:

خذوا لكم من دم الأحبابِ تحفتكم

وخاطبوا الجدَّ هذي تحفةُ السفر

في المدينة المنورة، تتخذ الرواية مساراً سردياً آخر، يبدأ باقتراب القافلة من المدينة، حيث عادت زينب (ع)، التي خرجت محفوفةً بظلال سيوف إخوتها، وعادت بأسيافهم مكسورةً في أغمادها، بعدما ذهب الكافل وفنيت العشيرة.

المدينة نفسها استقبلت جدّهم قبل ستين عاماً بالأهازيج والزغردات، حين أطلّ عليهم من فوق ناقته، حتى نزل عند موقع مسجد قباء، مردّدين أبيات حسّانٍ الخالدة: «طلع البدر علينا من ثنيات الوداع»، أما اليوم فيستقبل أحفادهم أحفاد محمدٍ بالآهات والزفرات، بعدما صكت أسماعهم أبيات الناعي:

يا أهلَ يثربَ لا مقامَ لكم بها

قُتل الحسينُ فأدمعي مدرار

الجسمُ منه بكربلاءَ مضرّجٌ

والرأسُ منه على القناةِ يُدار

كان الإمام علي بن الحسين (ع) قد نزل بالنساء والأطفال خارج المدينة، وبعث الشاعر بشر بن حذلم أمامه، فركب فرسه ودخل المدينة حتى اقترب من مسجد الرسول، ورفع صوته باكياً بنعي الحسين، معلناً أن بقية آل محمد الذين سلموا من القتل قد «حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم»، فلم يبق في المدينة مخدّرةٌ إلا برزت من خدرها.

في هذه الأثناء تخرج من بين الصفوف إحدى النساء، تحمل طفلاً رضيعاً لابنها الأكبر، فهي قد أرسلت أربعة من البنين الفرسان النبلاء لمرافقة الحسين وأوصتهم بالقتال دونه. لم تأتِ للسؤال عن أولادها، وإنّما لتسأل عن مصير الحسين بن فاطمة، فهو في كفّةٍ وكلّ العالم في كفّةٍ أخرى، فهو كهفُ الأنام والنبراسُ والعمادُ الرفيع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3063 - الإثنين 24 يناير 2011م الموافق 19 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 3:07 م

      لبيك ياحسين

      السلام عليك يا ابا عبدالله وعلى الارواح التي حلت بفنائك

    • محب البحرين | 9:10 ص

      سلام على أبي الأحرار

      كربلا يا كربلا ياكربلا
      (كربلا فيك دروس تبتغي صف الصفوف)
      (منك نستسقي معان لا تقيد بسقوف)
      (خطها الأحرار فبالأرواح في يوم الطفوف)
      من رجال..ونساء.. آمنوا بالحق دينا وهو نهج الخيرين... الف نعم بحسين, ليزيد ألف لا

    • محب البحرين | 9:00 ص

      سلام على عشاق الحسين

      كربلا يا كربلا يا كربلا
      (كربلا منا سيبنى لك جيل بعد جيل)
      وسيعلوا الصوت بالآهات عنك والعويل)
      (نحن لا نعبد لانركع لا نسجد إلا للجليل)
      كزهير..وكحر.. سطروا الأمثال في حب الحسين معلنين... الف نعم بحسين, ليزيد ألف لا
      كربلا يا كربلا يا كربلا
      (كربلا قد أرضعتنا الباقيات الصالحات)
      (وتقي عن تقي جددوا فينا الثبات)
      (في دمانا في حشانا أنت رمز للأباة)
      في الحياة.. والممات.. قسما إنا لحق الآل نبقى مخلصين...الف نعم بحسين, ليزيد الف لا

    • محب البحرين | 8:54 ص

      سلام على الطاهرات

      كربلا يا كربلا يا كربلا
      (كربلا فيك بنات الطهر رمز للعفاف)
      (زينب تقدمهم في وجه جيش الإنحراف)
      أعنتها ثورة للحق ضد الإنجراف)
      صابرات.. ثابتات.. رابطات الجأش في الموقف إذ عز المعين... ألف نعم بحسين, ليزيد ألف لا

    • محب البحرين | 8:51 ص

      سلام على أنصار الحسين

      كربلا يا كربلا ياكربلا
      (كربلا فيك أباة الظيم قد باعوا النفوس)
      (لحمى الإسلام ماهمتهم الحرب الضروس)
      (حينما السبط بهم نادى أفاضوا في الدروس)
      من شيوخ... وشباب...كحبيب وابن قين , قدا أجابوا طائعين..... ألف نعم بحسين, ليزيد ألف لا

    • محب البحرين | 8:41 ص

      سلام على الدماء الطاهره

      كربلا يا كربلا يا كربلا
      (كربلا فيك أبو الفضل شعر للوفاء)
      (فيك شمامة سبط المصطفى يأبى الفناء)
      (فيك ابطال المعالي نقشوا عهد الولاء)
      حين هبوا..للمنايا....شاهدوا الجنة كشفا ورأوها رؤيا عين..... ألف نعم بحسين ...ليزيد ألف لا

    • محب البحرين | 8:35 ص

      سلام على الدماء الزكيه

      كربلا يا كربلا ياكربلا
      (كربلا فيك حسين هز عرش الظالمين)
      (بدم زاك سيبقى خالدا في الخافقين)
      (وبأبطال إلى الحرب تداعو صادقيـــــن)
      ويتامى.. وأيامى.. كلهم نحو المعالي أعلنوها صائحين..... ألف نعم بحسين, ليزيد ألف لا

    • زائر 15 | 4:26 ص

      السلام عليك يا وريث الإنبياء

      زيارة الحسين تجديد عهد بسيد شباب أهل الجنة
      وأول من زاره الصحابي الجليل جابر ابن عبد الله الإنصاري (ر) عارف بحقه لأنه سمع ما سمع من رسول الله في حقّ الحسين الذي لم يعطى لقب سيد شباب أهل الجنة عبثا إنما هو استحقاق
      لهذه الشخصية الفذّة والتي تمثلت فيها قمة الرسل والأنبياء بجذارة
      السلام على الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى زينب اخت الحسين
      اللهم ارزقنا في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم

    • نوال عطية | 3:12 ص

      هذا هو سر خلود الحسين

      {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} إبراهيم (ع) يحمل الحجارة الصماء فيقول ذلك،والحوراء ترفع جسد أبي عبد الله الحسين أشرف الخلق على وجه الأرض وتتكلم بكلمة بقيت في سجل التاريخ(اللهم تقبل منا هذا القربان) ولكن شتان بين قربانهم و قربانها, هذا هو الخلود في حركة الحسين هؤلاء لم يخلدوا جزافا و وصلوا لهذه الدرجة العظيمة الاّ لان الحسين لم يفجر ثورته الكبرى أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا لذك بقى خالدا

    • زائر 13 | 2:59 ص

      معك يا معلق 5 طريقة الاحياء

      أثني على كلامك الصحيح بشدة
      وتباً لمن يفرقنا ويميزنا وبالفتن يلبسنا

    • زائر 12 | 1:37 ص

      سلام لك يا حسين

      فدتك حياتي فداك الوجود
      حسين الإباء حسين الصمود
      وفي تونس أشرقت شمسنا من جديد
      تناديك يا سيدي غزة يا شهيد
      لصهيون لا وكل العبيد
      ليحى الشهيد .. ويبقى مجدنا واعدا بالمزيد
      وتبقى راياتك خفاقة في الورى تلوح بفجر جديد

    • زائر 11 | 1:17 ص

      عظم الله لك الاجر يا رسول الله

      السلام عليك يا ابا عبد الله الحسين طبت حياً وطبت ميتاً غير ان قلوب الموءمنين غير طيباً لفراقك ولاشاكتاًفي حياتك فلعن الله امةً اسرجت والجمت وتنقبت لقتالك يا ابا عبد الله السلام على الارواح المنيخة بقبر ابى عبد الله الحسين

    • زائر 10 | 1:01 ص

      مأجورين

      أسلوب اكثر من رائع في طرح الواقعه بشكل مميز ومختصر وشامل .. سلمت اناملك ياسيد ..

    • زائر 9 | 12:54 ص

      سلام

      السلام على الحسين و على علي ابن الحسين و على اولاد الحسين و على اصحاب الحسين

    • زائر 7 | 12:05 ص

      طريقة الاحياء

      أن طريقة أحياء الشعائر الحسينية ليس خطئها أنها منقولة من مسيحيين فليس على الانسان أن يبقى على حال واحد أو أن يبدأ من الصفر عليه أن يأخد تجارب الاخرين ويأخد منها أحسنها فمثلاً الكنيسة الان يجلسون على الكراسي أثناء أداء القداس أما نحن فتطورنا قادنا الى أن نضع كراسي في الجوانب ولا نضع لمن يجلس في الوسط وهده تفرقة وتمييز
      السلام على الحسين وعلى علي أبن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين

    • زائر 6 | 11:58 م

      هنيئاً لزوار الحسين في هذا اليوم

      السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.... مأجورين جميعاً
      شكراً سيدنا على هذا المقال الرائع الذي ادمعت فيه عيوننا..

    • زائر 5 | 11:38 م

      أثابكم الله

      عظم الله اجوركم واحسن لكم العزاء
      وجمعنا الله واياكم عند قبورهم الشريفة

    • زائر 4 | 10:48 م

      من اقوال شريعتي

      جدير ذكره أن مراسيم اللطم والزنجيل والتطبير وحمل الأقفال مازالت تمارس سنوياً في ذكرى (استشهاد) المسيح في منطقة (Lourder) ، وعلى الرغم من أن هذا
      المراسيم دخيلة على المذهب وتعتبر مرفوضة من وجهة نظر إسلامية ولم تحظ بتأييد العلماء الحقيقيين بل أن كثيراً منهم عارضوها بصراحة لأنها لا تنسجم مع
      موازين الشرع ، مع ذلك فإنها مازالت تمارس على قدم وساق منذ قرنين أو ثلاثة ، مما يثير الشكوك أكثر حول منشئها ومصدر الترويج لها ، ويؤكد أن هذا المراسيم
      تجري بإرادة سياسية لا دينية.

    • زائر 2 | 10:34 م

      السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين

      السلام على الحسين و على علي ابن الحسين و على اولاد الحسين و على اصحاب الحسين و على الارواح التي حلت بفنائك و اناخت برحلك عليك مني سلام الله ابدا مابقيت و بقي الليل و النهار

اقرأ ايضاً