العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ

هروب بن علي... ذلك يومٌ مشهود!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنت في ساحة المرجة، الساعة الثانية من بعد ظهر السبت، الخامس عشر من يناير/ كانون الجاري، حين تسمّرت أمام أحد أكشاك بيع الصحف في العاصمة السورية دمشق، وتساءلت: هل حقاً هرب بن علي؟

كان آخر خبرٍ تابعته صباح اليوم السابق، قبل مغادرتي الفندق في بيروت، عن وعود الرئيس التونسي (السابق) زين العابدين بن علي بتقديم تنازلاتٍ يستحيل أن يتوقعها أحدٌ قبل أسابيع. كان يتكلّم وقد بان الانكسار في تعابيره، والتكسّر في مواقفه. سبحانه مغيّر الأحوال... أهكذا يصبح الطغاة بين ليلةٍ وضحاها؟

كنت قد انقطعت عن النت والفضائيات 28 ساعة، جرّاء سفري براً من بيروت إلى دمشق، ولم يكن يخطر ببالي أن يحدث الانهيار الكبير في طرفة عين. وحين قرأت مانشيتات صحف السبت، أصابتني رعدة، ولا أدري كيف تخيّلت في تلك اللحظة النفسية العاصفة الشاعر السوري عمر الفرّا يلقي أهزوجة الشاعر دريد بن الصمة: «ياليتني فيها جذع... أخبّ فيها وأضع»، وتُنسب مثل هذه الكلمة إلى ورقة بن نوفل الذي تنبأ بقرب إطلالة عهد النبوة بعدما بلغت الجاهلية العمياء مداها، فتمنى لو يعود شاباً.

لم تكن الصحف السورية لتغطي مثل هذا الحدث كغيرها من الصحف الرسمية بالبلاد العربية، لذلك كنت أبحث عن الصحف اللبنانية، ولدهشتي أن «الشرق الأوسط» سبقتها بمانشيت «ثوري» غير متوقع: «انفجرت تونس وهرب الرئيس»، بينما اكتفت «الأخبار» بصورة بن علي ونصف شطر من بيت الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي: «إذا الشعب يوماً...»، وسكتت!

الصحيفة الأولى غطّت الحدث في ثلاث صفحات، فيما تضمنت الأولى عناوين على درجةٍ كبيرةٍ من الاثارة: «انتفاضة الشبان العاطلين نجحت وبن علي غادر، وأنباء عن اعتقال بعض أقارب الرئيس». وأخبارٌ أخرى تكشف نفاق الغرب الديمقراطي المتحضر: «ساركوزي يرفض استقبال بن علي وأوباما يشيد بشجاعة الشعب التونسي»، وسبحانه عزّ من قائل: «والله يشهد إن المنافقين لكاذبون».

الصحيفة الثانية خصّصت أربع صفحاتٍ بالداخل، بعنوان «هدية تونس للعرب: نهاية ديكتاتور»، مع عناوين فرعية ذات مسحة أدبية: «بن علي، التاريخ يعيد نفسه»، و»نجاحات الليبرالية التونسية هي نجاحات أقارب الرئيس في خصخصة الموارد وتوزيعها على زبائنهم»! وكم لهم من أقران ونظائر في طول بلادنا العربية وعرضها، حيث نشهد ليبرالية آخر الزمان. ليبرالية لئيمة، تأتي بطعم الخيانة ورائحة شواء أشلاء البشر.

اختطفت الجريدتين، ولم أصدّق متى سأصل الفندق حتى اختلي بهما، فعليّ واجب قراءة تسع صفحات، لألم بكل تفاصيل هذا اليوم المشهود.

المقالات في الصحيفة السعودية المحافظة، أقرب للمقالات الثورية: «تونس... وهرب الرئيس» للحميد، والراشد يتساءل: «لماذا لم تطرب الحكومة التوانسة؟»، أشار فيه إلى ان حكومة بن علي كانت تفخر بأنها أول من تعاملت مع الانترنت، ولكن إرسالاً لا استقبالاً. فتحت مواقع للرئيس والحكومة، الأدوات تغيّرت ولكن ظلت تفكّر وتعمل بالأسلوب القديم، وتعاملت مع الفضاء الالكتروني كما تعامل إذاعتها وصحفها والتابعين.

حين وقع الزلزال، قدّم كل ما يتوقع أن يقدّمه حاكمٌ تهتز الأرض تحت قدميه من تنازلات اللحظة الأخيرة، قال للشعب: لقد وصلت الرسالة، وتعهّد بتوفير الوظائف، وألقى ببعض وزرائه ومستشاريه كقرابين ليبقى. وما كان بحاجةٍ لكل ذلك لو فتح عينيه لما يقال عن حكمه على المواقع الاجتماعية، ولم يلاحقها زبانيته موقعاً موقعاً ليغلقوها ويصادروا حق الناس في التعبير.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 11:56 ص

      مشيا يعني ؟؟؟

      28ساعة من بيروت الى دمشق ّّّّ!!!!!! أحاول أصدق...بس.....!!!!

    • زائر 20 | 11:13 ص

      انه بالفعل كان شريفا الى حد ما

      انا مع زائر رقم 6 واظن لو كان زعيما عربيا غيره لانتظر حتى تشمر دول الجامعة العربية عن ذراعيها وتعلن مساندته وتسخير كل امكانياتها لخدمته لتشجعه على قتل من تسول له نفسه معارضته ولو وصل العدد عشرات اضعاف الضحايا الذين استشهدوا

    • زائر 18 | 7:09 ص

      روح رياضية

      يعني ما يطلع الرجال اجازة يا رقم 12؟ ما صارت حالة وياكم. اما حكم!!!! هو لما عاد ما قصّر.امس عن نبيه بري واليوم عن هروب فخامة الرئيس المعظم بن علي، بس خل عندكم روح رياضية. والله يسلمك ويسلم السيد.

    • زائر 17 | 6:30 ص

      اخيييرااا وينك يا سيد الله يسلمك

      الناس في زلزله و العروس تبغي رجل وينك يا سيد حرمتنا عن مقالاتك اجازتك الصراحه مو في وقتها كلشششش

    • زائر 14 | 2:27 ص

      ننتظر هروب آخرين قريبا

      نحن على موعد مع انهزام الظلمة واحد تلو الآخر قريبا جدا إن شاء الله
      نسأل الله أن يقرّ أعيننا بنظرة إلى الإصنام وهي تتهالك واحد تلو ألآخر إلى مزابل التاريخ التي في انتظارهم
      همة الشعوب وعزيمتهم هي المطلب الأول ومن ثم نصر الله الذي ينصر من نصره
      المطلب الأول تهيئة أسباب النصر الإلهي ولا بدّ بعد ذلك أن يتحقق وعد الله بالنصر عهد أخذه الله على نفسه أن ينصر من ينصره على الشعوب العزيمة والجد والباقي على الله

    • زائر 13 | 2:22 ص

      قاسم حسين مع التقدير

      شكرا على هذا المقال الرائع ذو المضامين الخفية !!!!!!!!!!

    • زائر 12 | 1:34 ص

      سبحان الباقي الدائم ...

      وتلك الأيام نداولها بين الناس .....
      أين نمرود ؟؟ أين فرعون ؟؟ أين كل جبابرة الأرض والظالمين ؟؟ أين سيذهب الجبابرة الحاليين ..... إلى جهنم وبئس المصير ....... ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ......

    • زائر 7 | 11:48 م

      اللبيب بلإشارة يفهم

      إياك اعني وافهمي يا جارة

    • زائر 6 | 11:48 م

      بن علي طلع شريف

      عزيزي الكاتب: أنا فرح لزوال حكم بن علي ولكن صدقني يا أستاذ قاسم لو كانت هذه الحركة في دولة أخرى لو قتل نصف الشعب لن يتنازل الحاكم عن الكرسي، في حين عرف بن علي المعروف وقبل أن يصل العدد إلى 100شهيد رحل بهدوء وأنا أتوقع منه الاعتذار في يوم من الأيام مع الاعتذار لا ينفع. عزيزي الأستاذ قاسم في اليمن قتل العشرات بطائرات الجيش اليمني

    • زائر 5 | 11:42 م

      يامدرك الثار

      الحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين .... قد بين الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم كيف انه امهل فرعون حتى تطاول في غيه وجبروته وظلمه ، وثم اخذه الله أخذ عزيز مقتدر. ولن تزال هذه الأمة حائرة في التيه بعد ظلالها عن وصي نبيها. وقد صدقت الصادقة الطاهرة بنت رسول الله (ص) حيث قالت (أبشروا بسيف صارم و سطوة معتد غاشم و بهرج دائم شامل و استبداد من الظالمين يدع فياكم زهيدا و جمعكم حصيدا فيا حسرة لكم وانى بكم و قد عميت عليكم «أ نلزمكموها و أنتم لها كارهون».)

    • زائر 4 | 11:12 م

      إياك اعني فأسمعي يا جارة !!

      وما كان بحاجةٍ لكل ذلك لو فتح عينيه لما يقال عن حكمه على المواقع الاجتماعية، ولم يلاحقها زبانيته موقعاً موقعاً ليغلقوها ويصادروا حق الناس في التعبير.

    • زائر 3 | 11:04 م

      أسمعونا.......

      نريد حرية و ديمقراطية حقيقية.

    • زائر 2 | 10:25 م

      في طرفة عين

      زلزال ادمر مدن في طرفة عين يتغير حال الى حال في طرفة عين تسقط حكومات وتاتب اخرى ولكن ....اين الاعتبار يذهب اناس ياتي اخرون

    • زائر 1 | 10:22 م

      هروب بن علي

      بن علي وهروب ويبقى السؤال متى بيهرب ابوه؟؟

اقرأ ايضاً