مع نهاية العام 2010 تمَّ عقد ورشة عمل تدريبية لمنسقي مدارس البحرين المنتسبة لليونسكو، في مركز التميُّز بمعهد الشيخ خليفة بن سلمان للتكنولوجيا، بمشاركة عدد من التربويين والمختصين في الوزارة، فضلاً عن مدراء ومديرات المدارس والمنسقين بالمدارس المنتسبة لليونسكو البالغ عددهم 30 مدرسة حكومية.
بوجه عام، فإن الدورة التدريبية لمنسقي المدارس المنتسبة لليونسكو ركزت على المحاور الأربعة التالية:
المحور الأول: «أهم بنود حقوق الإنسان»، إذ قدم عيسى الخياط المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية عرضاً حول احترام هذه الحقوق ودورها في خلق التناغم والتعايش بين البشر، بشكل يؤدي إلى خلق جيل يصبو لبناء وتعمير المستقبل بعيداً عن الأفكار الانتقامية وآثار الصدامات، مؤكداً على أهمية الحدث السياسي الأخير، والذي تمثل في «حوار المنامة 2010» والذي عقد للعام السابع على التوالي في مملكة البحرين.
إن تجاوز مضمون المناهج الدراسية ليشمل نطاقاً أوسع يتم فيه تعليم الصغار والكبار أسس الممارسة التربوية في غرس قيم السلام وحقوق الإنسان في التعليم، والنهج الشامل في مجال التعليم يكون على كلا المستويين الفردي والجماعي، وبالطريقة التي تكفل تطوير وتنمية شخصية المتعلم، والتكوين المعرفي والمهارات والقدرات.
فالتعلم يحدث من خلال مشاركة الطالب وليس التلقين، والمعلم لابد أن يخضع لعملية التدريب والإعداد التربوي، ويجب أن تتضمن المناهج والمقررات الدراسية قيم السلام وحقوق الإنسان والتسامح، ونبذ العنف واحترام كرامة الإنسان والمواطنة الديمقراطية، وإضفاء الطابع الديمقراطي للمؤسسات التعليمية وتعزيز فرص المشاركة من خلال الجماعات المدرسية ومجالس الطلاب ومجالس الآباء، وتعزيز قنوات الاتصال والتفاعل بين المدرسة والبيئة المحيطة أو المجتمع المحلي.
كما يتحتم على الإدارات المدرسية تنظيم الزيارات الميدانية للمعلمين والطلاب للاطلاع والمشاهدة العملية للمؤسسات والفعاليات الديمقراطية والدستورية كزيارة النيابة العامة والمحاكم ومجلسي الشورى والنواب ومعهد البحرين للتنمية السياسية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، وتنظيم الفعاليات والأنشطة المتنوعة لتطوير الابتكار والإبداع والعمل الجماعي المنظم لدى الطلبة مثل مسابقات الرسم وتنظيم المؤتمرات وورش العمل.
لقد حققت مملكة البحرين مكانة رائدة في العملية التعليمية وفق مؤشرات التنمية البشرية الصادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العام 2010. وتعبر هذه المكانة الريادية عن عدد من التوجهات التي تبنتها المملكة والتي من بينها: تضمين المقررات الدراسية دروساً عن السلام وحقوق الإنسان والديمقراطية في مختلف مراحل ومستويات التعليم.
المحور الثاني: بعنوان «مؤشرات التنمية المستدامة» حيث قدمت مديرة إدارة التقويم والتخطيط البيئي في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية زهوة الكواري، ورقة عملها مشددة على أن نجاح التنمية المستدامة بيئياً مرهون بحسن الإدارة البيئية للمشاريع الإنمائية، بحيث يدمج محور الحفاظ على البيئة في هذه المشاريع، وإجراء التقييم البيئي المستمر للمشاريع التنموية، وتنمية الوعي البيئي والتربية والتدريب، وضرورة إدماج مفهوم التثقيف البيئي ضمن المناهج الدراسية، على أساس أن محاور التنمية المستدامة تكمن في المجتمع والاقتصاد والبيئة.
من دون أدنى شك بأن التربية من أجل التنمية المستدامة، هي نتيجة طبيعية لتداعيات كوارث الحرب العالمية الثانية التي تسببت في فقد 60 مليوناً، إذ وضعت منظمة الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة، وجهات أخرى دستـوراً للأمم المتحدة في 24 أكتوبر/ تشرين الأول، وفي أقل من شهر صدر في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1945 دستور منظمة اليونسكو التي هدفها الرئيس المساهمة في الأمن والسلام بالتعاون بين الشعوب، من خلال التربية والعلوم والثقافة، لكي يتم تعزيز الاحترام العالمي للعدالة، وأحكام القانون وحقوق الإنسان، وحرية كل سكان العالم بغض النظر عن الفرق في الجنس واللغة والدين.
المحور الثالث: بعنوان «القضايا العالمية ودور منظمة الأمم المتحدة»، إذ قدم نجيب فريجي مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج، ورقته مبيناً أهم القضايا الدولية والتحديات التي تواجه المجتمعات المختلفة، والتي تعوق التنمية والتطوير في هذه المجتمعات، ودور منظمة الأمم المتحدة في حل هذه القضايا.
وكما أكد على ضرورة التزام المعلمين بالموضوعية والمنهجية العلمية أثناء مناقشتهم لطلبتهم لمفاهيم من قبيل الحوار بين الثقافات والسلام العالمي، مع التأكيد على أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية.
المحور الرابع: كان بعنوان «الحوار بين الثقافات المختلفة»، وقدم هذه الورقة باقر النجار أستاذ علم الاجتماع بجامعة البحرين، حيث أكد على ثقافة الحوار لخلق حالة الانسجام بين الشعوب المختلفة لتفادي تصادم الحضارات والتوصل إلى حل النزاعات بالطرق السلمية ومن ثم التوصل إلى حالة السلم، مؤكداً على أن الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء حالة العنف والصراع في المناطق العربية مثل فلسطين والعراق ولبنان والصومال.
كان لافتاً حضور ومشاركة وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي في الدقائق الأخيرة من أعمال الورشة، ليؤكد على أهمية الحوار بين الثقافات، مستحضراً زيارته الميدانية لإحدى المدارس الأوروبية التي تضم قرابة 40 جنسية من مختلف أنحاء العالم، ولكنهم ينفتحون على بعضهم البعض، في بيئة تعليمية تنشد المحبة والسلام.
إننا أمام مشروع طموح، يتطلب تضافر جهود جميع مسئولي ومنسقي لجنة المدارس المنتسبة لليونسكو التابعين إلى المؤسسات التعليمية، لإنجاح هذا المشروع الذي من شأنه تعزيز وتنمية قيم المواطنة والسلام وحقوق الإنسان بوجه عام، و «السلوك من أجل التعلم» بوجه خاص.
لسنا معزولين عن العالم، وكما أن القيم الإنسانية السامية كانت ولاتزال محل إجماع الأمم والشعوب على امتداد التاريخ.
هكذا كان موقف الرسول (ص) من «حلف الفضول»، هذا الحلف الذي تأسس في الجاهلية، للاتفاق على مبدأ التناصف، والأخذ للضعيف من القوي، وللغريب من القاطن.
يقول (ص): «لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت».
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ
اشكرك كثيرا
وفقك الله وجعله في ميزان حسناتك