العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ

«العدوى» التونسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التعليق على مجريات الواقع التونسي مهم بالنسبة إلينا كعرب في منطقة حساسة جداً، ولعل كثرة التعليقات وتنوعها تعكس الأهمية الاستراتيجية لما حدث. ولو نظرنا إلى الوراء (قبل 32 سنة) فسنجد أن شاه إيران هرب من بلاده في 16 يناير/ كانون الثاني 1979 (بينما هرب زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011)... والوضع الإيراني استمر في حال متقلبة حتى 11 فبراير/ شباط 1979 عندما انهزمت الحكومة الانتقالية وأعلنت وحدات أساسية من القوات الإيرانية المسلحة انضمامها لصفوف الثورة.

الثورة الإيرانية كان حجمها أكبر بلا شك (عدد نسمة إيران كان آنذاك 35 مليوناً مقابل 10 ملايين تونسي حالياً، والجيش الإيراني كان يوصف بسادس جيش في العالم ... الخ). وما جرى من أحداث في إيران لاحقاً أدى إلى تعثرها في مراحل عديدة، إذ قام العراق بمهاجمتها، وحدثت تصفيات داخلية كثيرة، وتقلب الوضع الانتقالي، وكان هناك خلاف حول هوية الثورة، وفيما إذا كانت أنموذجاً للتصدير أم أنها محصورة في حدودها، وهل هي للإيرانيين، أم أنها لكل المسلمين، أم لفئة معيّنة... وحُسم الخلاف لصالح التوجه الذي عاصرناه خلال العقود الثلاثة الماضية.

تونس تعتبر أنموذجاً مختلفاً، فهي أنموذج ناطق باللغة العربية، ومجتمعها «تعددي» من الناحية الثقافية والسياسية، ولا توجد مشكلة طائفية تحد من تأثيرها على المحيط المجاور، ولحد الآن اتسم الشارع التونسي بالحكمة، والجيش التونسي أثبت وطنيته، وهناك مجال واسع حالياً لإطلاق الحريات العامة على أسس دستورية متقدمة تضمن مشاركة جميع الاتجاهات، على أن يُترك الخيار للشعب التونسي في انتخابات دورية وحرة ونزيهة، وأن تتمسك جميع القوى السياسية بثوابت تمنع بروز طغيان شمولي مماثل للسابق.

هذه الصورة المتفائلة للوضع التونسي - عندما تتعزز - ستجعل منه حالة محيرة للقوى الكبرى (أميركا وفرنسا تحديداً)، وللدول العربية القريبة والبعيدة، ولاسيما عندما تؤكد تونس أنها لا تنوي تصدير أنموذجها؛ ما سيجعلها أكثر جاذبية مما لو قالت العكس، وهو ما سيجعل التعامل مع «العدوى» التونسية أكثر صعوبة.

بالنسبة إلى القوى الكبرى، فسيكون لزاماً عليها مراجعة سياستها الحالية التي تقوم على مساندة الأصدقاء حتى لو كانوا يظلمون ويفسدون، بذريعة أن هؤلاء يحمون الغرب من وصول الإسلاميين أو المتشددين... وتونس التي يتوقع أن تبقي على علاقات الصداقة مع الجميع، ستمثل حالة حرج شديدة بدت واضحة في تصريحات القادة الأميركان والفرنسيين، الذين تحدثوا بحذر عن ما حدث لحد الآن.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 10:13 ص

      khaisha

      اهلا دكتور، هذه رؤيتك وهي سليمة 100% لكن الظالم دائما وجل ولا يثق في اقرب المقربين ويخيفه مجرد الكلام عن ثورة فما بالك ان هناك ثورة عفوية بسيطة واسباب اندلاعها كانت ايضا لا تصدق وانتجت ما انتجته؟.
      نعم الظالم خائف و لا آمنه الله لانه ابعد الامان عن اناس طلباتهم محدودة هي عيش كريم بعيدا عن الذل فقط.

    • زائر 15 | 4:02 ص

      التغيير مطلوب حالا

      بعض الحكومات العربية راحت تناقش تعديل الأسعار أو خفضت الأسعار أو أنها تراجعت عن زيادتها وكأن الشعوب العربية معاناتها تقتصر بالغلاء فقط !

    • زائر 14 | 3:30 ص

      الغاية والوسيلة

      الغاية لاتبرر الوسيلة الحركة الشعبية في تونس وسيلة للتغيير وليست هدفاً ولذلك لايجب أن نشجع أي وسيلة غير صحيحة للوصول الى أهداف صحيحة أن الدمار الدي يحل بالعراق وقتل الابرياء على يد من يدعي الاخلاص والثورة وحتى الاسلام
      فلا بد أن تكون الوسائل صحيحة مهما كانت الظروف والا من برر لنفسه الخروج على المبادئ مرة سيكون هدا منهجه على طول الوقت

    • زائر 12 | 2:32 ص

      إلى متى السبات يا عرب

      إلى متى السبات يا عرب فقد ذهب اللصوص بالغنائم ولم يبقى لكم في خزائن دولكم إلا الفتات
      هربوا الأموال واشتروا الجزر والقصور خارج الأمصار
      وقد خلدتم في سبات ونوم عميق ولن تستفيقوا إلا وقد طارت الطيور بأرزاقها وشفطت كل الخزائن وما بداخلها بسكم نوم

    • بنت بحرون | 1:02 ص

      !

      ايها الحكام! انزلوا قليلاً عن عروشكم و تلمسوا هموم شعوبكم، انها فقط تريد العيش بكرامة! وفروا لهم اللقمة والعمل الشريف دون منة أو ذل وستهنئون بالأمن، .

    • زائر 9 | 1:01 ص

      الحل مازال موجوداً

      في امكان الانظمة العربية ان تمنع العدوى وذلك بعد تصحيح اوضاعها الداخلية من خلال تصالحها مع شعوبهاحيث ان الشعوب الاسلامية والعربية لاتريد اكثر من العيش الكريم

    • زائر 8 | 12:46 ص

      تحية خاصة جدا للشعب التونسي البطل وأضيف:

      كونوا واعين في مطالبكم
      لا تقبلوا بأقل من نظام ديمقراطي مؤسساتي يحفظ حق الجميع.
      نظام فيه الجميع سواسية أمام القانون.
      نظام فيه فصل الصلطات الثلاث.
      نظام خالي من مصاصي دمام الشعوب الله يذبحهم ويخلص الشعب العربي منهم

    • زائر 7 | 12:45 ص

      لايمكن

      لايوجد بين الدول صداقة دائمة كما لايوجد عداوة دائمة , بل يوجد مصلحة دائمة وهكذا عندما سقط الجمل فقد كثرت سكاكينه (حسب المثل الشعبي) لذا لن تجد من يقف مع الطاغية بعد سقوطه

    • زائر 5 | 11:52 م

      تذكر ياتاريخ

      من صفات الشعوب المناضلة انها لا ترضى بأنصاف الحلول وهذا ماحدث لايران الثورة التي بنت دستورها الاسلامي على اساس واضح وصريح فلا احد فوق القانون ولعلك تناسيت بني صدر الذي هرب قبل ان يتم اكتشافه مما قام به وهو التآمر على الدولة في قضية احتلال خورمشهر وغيرها من قضايا كذلك رئيس بلدية طهران الذي عزل بعد ان تم اكتشافه لسرقات الاراضي لكنه لم يهرب وانما اودع السجن ... اذا فالمقارنة بعيدة جدا مما يجري في ايران الاسلام وما يجري في جميع البلدان العربية المورثة لبعضها البعض منذ العهود السابقة.فذكر

    • زائر 3 | 10:38 م

      العصابات الملثمة

      أين ذهبت العصابات الملثمة التي كان النظام البائد والأجهزة الأعلامية هناك يخوف الناس بها؟
      الأنظمة الفاسدة دائماً ما تضلل الشعب والرأي العام بإختلاقها جماعات وهمية وإتهامها بتهم غير واقعية.

    • زائر 1 | 7:51 م

      الخوف ا قطع الجوف

      الخوف يقطع الجوف الي من عدنه نقدر انامر عليه والي من داته صعب ومومول الى الارهاب الشماعه بارك الله فيك يادكتور بارك الله

اقرأ ايضاً