العدد 2442 - الأربعاء 13 مايو 2009م الموافق 18 جمادى الأولى 1430هـ

مبادرة مرحَّب بها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كشفت بحوث أجرتها مؤخرا جامعة حيفا أن ثلاثة من كل أربعة تلاميذ يهود في «إسرائيل» ينظرون إلى العرب على أنهم جهلة غير متحضرين. يجب على هذه الأرقام، وخصوصا إذا أُخِذَت مع دراسات كثيرة أخرى تظهر استعدادا متزايدا من جانب الشباب اليهود لإنكار المواطنين العرب حقوقهم الديمقراطية، أن تهّز زعماء النظام التعليمي الإسرائيلي. فهي تتطلب منهم أن ينظروا بجد بحثا عن أساليب لتعزيز التعليم الهادف إلى تحسين حياة العرب واليهود معا في «إسرائيل»، وتأكيد قيم الحقوق المتساوية والجنسية المتساوية والاحترام المتبادل.

وحدث ذلك فعلا حيث قام وزير التعليم وقتها، البروفيسور يولي تامير في مبادرة من هذا النوع بتعيين لجنة عامة في أغسطس/ آب الماضي لتحديد سياسة الدولة في مجال التعليم من أجل «حياة مشتركة» بين المواطنين العرب واليهود في «إسرائيل». ترأس اللجنة غافرائيل سولومون، أستاذ التربية بجامعة حيفا والفائز بجائزة «إسرائيل» في التعليم، ومحمد عيساوي رئيس كلية القاسمي في البقعة الغربية.

لا تملك «إسرائيل» حتى الآن برنامجا إلزاميا على اتساع النظام للتعليم باتجاه بناء حياة مشتركة، أي باتجاه اعتراف متبادل وشراكة وعدالة اجتماعية وعلاقات سلام بين المواطنين اليهود والعرب الفلسطينيين. بعد ستة شهور من العمل، وضعت اللجنة المبدأين المرجعيين التاليين لبرنامج كهذا بالضبط: إنشاء أساس ديمقراطي لفرص وحقوق متساوية، وتشجيع القيم المشتركة للمساواة والحرية والفائدة المشتركة والحقوق الفردية والهوية الجماعية من خلال الاحترام والقبول المتبادَلين.

وتم وضع عشر توصيات بناء على هذه الرؤية بما فيها: يجب أن تشرف وزارة التعليم على سياسات تشجع حياة مشتركة، يجب أن يكون الموضوع إلزاميا في جميع المدارس، ويجب أن يدرَّس باستمرار من الروضة وحتى الصف الثاني عشر، يجب أن يحتوي البرنامج على مواجهات شخصية بين الشباب العرب واليهود، ويتوجب على الطلبة اليهود دراسة اللغة العبرية والثقافة اليهودية. إضافة إلى ذلك يجب أن يحصل الأساتذة وغيرهم من التربويين على تدريب منهجي ومعمق لتشجيعهم على قبول وهضم مبادئ التعليم نحو حياة مشتركة.

لا تبدأ توصيات اللجنة بالتعامل مع الفروقات العميقة بين الأنظمة المدرسية العربية واليهودية. على سبيل المثال، يُصرَف ما معدّله 1100 دولار سنويا من قبل الحكومة على الطلبة اليهود (العلمانيين والمتدنيين) مقارنة بـِ 192 دولار على الطلبة العرب. وفي مارس/ آذار من هذه السنة أبلغ مكتب المسئول المالي للدولة أن نظام المدارس العربي يعاني حاليا من عجز يبلغ 1082 غرفة صفيّة، وهو أمر يساهم طبعا باكتظاظ شديد وإجحافات بحق الفرص التعليمية. إضافة إلى ذلك، لا يملك النظام المدرسي العربي أية استقلالية من حيث المناهج أو اختيار مضمون مناسب ثقافيا ووطنيا.

إلا أن اللجنة تمكنت، على رغم محدودية سلطاتها القانونية من وضع توصيات يمكنها أن تحقق مساهمات مهمة باتجاه تأصيل قيم المساواة والمشاركة والاحترام المتبادل في المنهاج المدرسي. وحتى يتسنى لها تنفيذ توصياتها التي حازت على القبول الكامل من قِبَل الوزارة، أوصت اللجنة بموازنة سنوية قيمتها عشرة ملايين شيكل وتعيين مسئولين على الصعيدين الوطني والإقليمي للإشراف على تطبيق البرنامج، وتنفيذ حملة إطلاق وطنية منسّقة.

وعلى رغم هذه الأهداف المتواضعة نسبيا، وحقيقة أن وزارة التعليم نفسها قامت بتشكيل اللجنة وطلبت التقرير، فإن وزير التعليم الجديد جدعون سعار (من حزب الليكود) جمّد التقرير أثناء إعداده وأعلن أنه لا ينوي في هذه المرحلة تعيين أعضاء فريق التنفيذ المزمع تشكيله.

وكما أشار الكثير من العلماء في بحوثهم إلى أن المساواة في المجتمعات المقسّمة، يجب أن يحصل التعليم باتجاه المساواة على ثلاثة مستويات: التعلّم عن مجموعتك العرقية، والتعلّم عن المجموعات الأخرى، والتعلّم عن القيم الديمقراطية الشائعة. يضم النظام التعليمي الإسرائيلي في هذه المرحلة واحدا من هذه فقط: تتعلم الغالبية عن نفسها فقط. لم تكن الطروحات العربية الفلسطينية جزءا من أي منهاج لليهود أو العرب. وحتى يتسنى تشجيع مفهوم المواطنة المشتركة، يتوجب علينا العمل لإدخال المراحل الثلاثة جميعها في الأنظمة التعليمية لليهود والعرب على حد سواء. بدأت مقترحات هذه اللجنة عمل ذلك بالضبط.

يشكّل عدم استعداد وزارة التعليم السماح بنشر تقريرها هي وتوزيعه، داعيك من رفضها تطبيق توصيات التقرير، أمرا مزعجا جدا، خاصة إذا كان يشكل مؤشرا على توجه الحكومة الجديدة للتعليم.

لقد قدمت لجنة مهنية تتمتع بالاحترام بتوصيات مهمة تشكّل خطوة ضرورية إذا ارتأينا بناء المساواة والاحترام المتبادل بين الجيل القادم من المواطنين العرب واليهود. يجب تنفيذ هذه التوصيات بشكل كامل من دون أي تأخير إضافي. لدى النظام المدرسي دورا حاسما يلعبه في مجتمع ترفع العنصرية رأسها مرات كثيرة.

*مدير «دراسات: المركز العربي للحقوق والسياسة»، ومركزه الناصرة، وهو يدرّس كذلك حقوق الأقليّات بجامعة حيفا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2442 - الأربعاء 13 مايو 2009م الموافق 18 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً