العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ

شِتاءُ البحرين

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أشبَعَنَا أجدادُنا بمعلومة مفادها أن «بَرْد البحرين يدخل في العظم»! اكتشَفتُ أن ذلك الرأي ما هو إلاّ محض هُراء. فعندما زرتُ بلداً أوربياً قبل عدّة سنوات وجدت أن مناخه هو بمستوى العذاب. لقد كانت تجتاحه رياحُ شتاءٍ لا ترحَم إنساناً أو حتى دابَّة، لدرجة أنك إذا لم تتلفَّع بوشاح قطني فإن وجهَكَ ورقبتك يلتسعان، وتلتهب أرنبة أنفك وخياشِيمِك وكأن ضربة سَيْفٍ قد أتتهُما بإحكام، دون إغفال ما يحل على صيوان الأذن من تجمّد وتيبّس لا يُحتَمَل.

كذلك زرت العاصمة الأردنية عمَّان خلال فصل الشتاء قبل عدة سنوات، وكانت أجواؤها باردة جداً تفوق ما عندنا بأضعاف. وزرت العاصمة الإيرانية طهران في شهر أبريل/ نيسان قبل أربع سنوات وكان حالها أشد حين كانت كُرات الثلج تتساقط من على كتف سلسلة جبال البرز التي تُطوّق العاصمة طهران، وتزيد مساحتها عن 1200 كيلومتر وارتفاعها جنوباً بواقع 1100 متر فوق سطح البحر وفي الشمال بواقع 1700 متر. وفي كلّ مرة كنت أزور فيها بلداً يعرف معنى الشتاء جيداً أضحك مُقهقهاً وأنا أتهكّم على شتائنا العاقر الذي لم يبلغ الحُلم بعد.

بالتأكيد فإن الأقدمين من الآباء والأجداد رحمهم الله وأطال في أعمار الأحياء منهم كانوا يقولون لنا ذلك عن شتاء البحرين بسبب ما كانوا عليه من حال. فبيوتهم لا تزيد عن أعجاز نخل وأكواخ. وحتى عندما تحسَّنت أحوالهم بَنَى مَنْ يَسُرَ حاله منهم له بيتاً من الطين في أقصى حد. وكانت بيوتهم تُشَيَّد بلا سُقوف تقِيهِم من الحرّ والبرد، فضلاً عن عدم امتلاكهم للمدافئ والمُبرِّدات. أضف إلى ذلك فإن الأبنية الشاهقة والعُمران الممتد والذي عادة ما يحجب الرياح العاتية والباردة من أن تتغلغل بين البيوت المنخفضة والأزقّة لم يكن له حظ في زمانهم. لذا فقد كان القيظ بالنسبة لهم حارق لاهب، والشتاء قارس لا يستثني أحداً.

جغرافياً تقع البحرين في بطن الخليج. والأخير يقع في منطقة تمتد من خليج عُمان شمالاً حيث تخوم العراق. بطبيعة الحال فإن هذا المحيط عادة ما يكون ملتهِباً نتيجة القيظ ما خلا المناطق التي تزورها الرياح الموسمية كمحافظة ظفار بسلطنة عُمان، أو المناطق الواقعة في الشمال. لذا فإن حقيقة الأرض تفرضها جغرافيتها وموقعها إن كان ساحلياً (يزيد من حرارة الجو بسبب سخونة باطنه) أم صحراوياً (يزيد من برودة الجو بسبب مُقابلته السماء).

بالنسبة للبحرين فإن أدنى درجة حرارة سُجِّلت فيها كانت عند 2.7 درجة مئوية وذلك في العشرين من يناير/ كانون الثاني من العام 1964. في حين كانت أقصى درجة سُجِّلت فيها عند 47.4 وذلك في 15 يوليو/ تموز من العام 2000 وتكرّرت في الشهر ذاته خلال العام الماضي (2010)، بمعنى أن العام المذكور هو أشدّ الأعوام حرارة في تاريخ البحرين. وما بين منتصف الستينيات وإلى يومنا هذا شهِدت البحرين قبل ثلاثة أعوام أدنى درجة حرارة مقاربة عند مستوى 7.8 درجة مئوية.

لك أن تتخيّل أن بلداً مُقفَلاً كأفغانستان (جنوب آسيا الوسطى) تكون أدنى درجاته في الصيف (ليلاً) عند درجة 15.3 درجة مئوية. أما في الشتاء فإنها لا تُبارح الـ 7.1 درجة مئوية تحت الصفر. بمعنى أن درجات حراراته الصيفية المسائية تفوق درجاتنا الحرارية الليلية خلال فصل الشتاء. وهنا يكمن التساؤل الموضوعي: إذا كان شتاؤنا المُدلّل يدخل في العظم فماذا عن شتاء الآخرين ممن يعيشون على أرض تلتحف بالجليد طيلة أربعة شهور أو يزيد؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 10:33 م

      البرد

      المشكله في الرطوبة

    • زائر 16 | 11:07 ص

      الإمبراطور سنبس

      شوف أبو عبد الله بقوليك
      بردان البس فياب ... بس الحر مالييييه علاج

    • زائر 15 | 7:03 ص

      بردنا عادي

      قبل عامين سافرت فرنسا وانذبحنا من الرد ما كنا نطلع زين لاننا ما كنا نقدر نتحمل البرد لانه يكسر العظم كسر وين احنا ووين هم والله شتاءنا روعة وحليو وعن نفسي انتظره بفارغ الصبر وكلامك صحيح اخوي مئه بالمئه وشكرا

    • زائر 14 | 6:39 ص

      لست وحدك من سافر يا عزيزي!

      الكثير من البحرينيين سافروا أيضاً إلى أوروبا وغيرها من البلدان وشاهدوا الثلوج والشتاء ولكن الكل يقول أن المشكلة في الجو لدينا هي الرطوبة وبعضهم لا يعرف كيف يفسر أن البرد هنا لا يطاق، خلال الشهر الماضي لم يدخل الشتاء ولكن الرطوبة كانت بدرجات غريبة جدا لدرجة أنك تلبس كل مالديك من ملابس وتشعر بالحر والفطسة وفي نفس الوقت تشعر بألم الرطوبة الي ( تبط العظم مو بس تدخل فيه)، بل أنه حتى الصيف مختلف عن أكثر بلدان العالم حراره حتى وإن كانت في إفريقيا للأسباب نفسها.

    • زائر 13 | 6:20 ص

      من بريطانيا

      انا سأتكلم لك يا استاذي العزيز عن تجربة 3 سنوات عشتها في بريطانيا و الآن انا في السنة الرابعة .. صحيح أن برودة الأجواء هنا قارسة جدا اذا مو قورنت بالبحرين.. حيث هنا و في مثل هذه الاوقات درجات الحرارة ملازمة لما دون الصفر سواء في النهار او في الليل و لكن حالما ترتفع درجة الحرارة و بشكل نادر في بعض الايام الى12 او13 .. أراني كما سائر الناس هنا متململا يريد خلع جل ما عليه من ملابس و نصطلح على هذا الجو بكونه حارا.. لكن 13 في البحرين سألبس ثياب شتوية.. هل السر هو التعود أم أن بالفعل شتاء البحرين غير؟

    • زائر 12 | 5:35 ص

      استاذ محمد عبد الله

      لك كل الاحترام استاذ محمد و لكن انت امبر من هذه المواضيع التي لا ارى فيها اي فائدة حيث انني من اشد المحبين لمتابعة مقالاتك في الشؤون الدولة مثل ايران و العراق و لبنان و هذه الايام المنطقة تمر بظروف صعبة و خصوصا الشأن اللبناني و نحتاج الى تحليلاتك و شكرا لك مرة اخرى

    • زائر 11 | 2:15 ص

      صحيح 100 بالمائة

      صحيح 100 بالمائة

    • زائر 10 | 12:09 ص

      كلامك مغلوط عزيزي

      لأن هذولا اللي عندهم ثلوج ماعندهم رطوبة مثلنا وهي الرطوبه هي اللي تدخل في العظم فتشوفوا الكثير من البحرينيين عندهم أمراض روماتيزيم.
      أعرف وحده تقول خدامتهم الفلبينيه كانت مشتغلة في لبنان والحين في البرد تلبس سروالين ودلاغين وكل ثياب الدنياتقول لها بس لبنان أبرد من البحرين قالت لها لا أهنيه البرد غير تقول هناك برد وثلج بس ماأبرد كذا بس أهنيه بموت من البرد وهذا كله بسبب الرطوبة وهناك العديد من الأمثلة لو بحثت. هذا المقال نسف كل مقالاتك الرائعة

    • زائر 9 | 12:09 ص

      والسبرة اول الفجر تدخل العظم والمخ الذي هو اقوى عظمة في جسم الانسان وحماية الجمجمة له

      السبرة في اللغة (شدة البرودة ) وهي مصطلح البحارة عندنا .
      الاخ محمد الاوليين لم يقولوا هذا الكلام الا بعد سنين ومنيين من التجربة المرة وبعد ذلك يقال المثل او الحكمة بعد الممارسة الطويلة او بعد تجربة .
      وشكرا لك الاخ محمد على هذه الموضوعات المتميزة عن حياتنا اليومية ونريد الميزيد لنتذكر ايامنا البريئة الحلوة وننسى همومنا الحالية التى لم يسلم منها الصغير ولا الكبير حتى المتقاعد الذي يريد يتهنى بباقي ايام عمره لم يرعى ولم توفر له سبل الراحة بعد العناء والشقاء الذي افنى عمره في خدمة الوطن .

    • زائر 8 | 12:05 ص

      يدخل بالعظم بسبب الرطوبة

      ولعلك لاحظت بأن الدول الاوربية لا يسقط فيها عادة المطر في فصل الشتاء لانه الشتاء يكون بارد وجاف بينما بالبحرين الرطوبة طول السنة لانها جزيرة
      والمقصود يدخل العظم بسبب الرطوبة والبعض اللي مو متعود على جو البحرين يمكن يحس بألم بالمفاصل وذلك لانه يسبب الروماتيزم

    • زائر 7 | 11:40 م

      بصراحة البرد موجود

      من ايقول بردنا ما يدش في العظم؟
      بالصراحة مع هذه الرطوبة نعم

    • زائر 6 | 11:38 م

      الرطوبة أين الحل

      مشكلتنا اخي العزيز في الرطوبة وليس البرد فقط ولكن في نهاية الأمر فان الشتاء في أوربا بالتأكيد أكثر برودة

    • زائر 5 | 11:36 م

      ألمانيا والبحرين

      العام الماضي سافرت الى ألمانيا وجاءني نفس شعورك اخي الكاتب !! اين شتاؤهم من شتائنا لا وجه للمقارنة بالمطلق

    • زائر 4 | 11:34 م

      الجو جدي ولا الزلازل

      شكرا على المقال
      كثير من الأوربيين لا يشعرون ببرد البحرين بل وبعتبرونه مثل صيفهم إن بكن أقل فقد وجدت مدير إحدى الإدارات الكبيرة بشركتنا يلبس في الشتاء ما نلبسه نحن في الصيف .
      لكن تدري الجو جدي ولا الزلازل

    • زائر 3 | 11:28 م

      احنا بعد سافرنا

      نعلم ان الاجواء فى بعض الدول تكون باردة جدا ولكن ما ان تلبس ما يدفئك لاتشعر بتلك البرودة ولكن لدينا حتى لو تلبس فانك فعلا تشعر وكان البرودة اخترقت العظام فلا تظلم اجدادنا وكانك تكذبهم يااخى حتى وان لم يوفقهم الله لمثل سفراتك المباركة

    • زائر 2 | 11:14 م

      أجدادنا صح

      أخي الكاتب : الطقس عبارة عن عدة عوامل وعناصر فلا يصح تجريد درجة الحرارة عن الرطوبة مثلا!!
      الكويت مثلا أشد حرارة من البحرين صيفا ولكن لإنخفاض نسبة الرطوبة عن البحرين يصبح الوضع افضل نوعا ما..
      انا عايشت شتاء الاردن وصيفه لمدة 4 سنوات ولازلت مقتنعة من كلام اجدادنا..حتى الأطباء عادة ما يعزون امراض الروماتيزم الىارتفاع نسبة الرطوبة واتوقع هذا ما كان اجدادنا يعبرون عنه ب «بَرْد البحرين يدخل في العظم»!
      انصحك باستشارة خبير ارصاد جوية او طبيب عظام للتاكد مما اقول!!

    • زائر 1 | 10:46 م

      الحمد لله

      تبي بعد الظقس اجور علينه

اقرأ ايضاً