العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ

الحس السليم في نداء «ثورة الياسمين»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وزّعت أمس وكالة الأنباء الفرنسية نَصَّ نداء «ثورة الياسمين» الذي أطلقه ناشط تونسي (وُقّع النداء باسم زياد الهاني) ليتحول إلى عنوان للانتفاضة الشعبية في تونس التي أسقطت نظام «بن علي» القمعي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011، والنداء كتبه الناشط من القلب ودخل إلى القلب، وتسلمته الجماهير، واعتمدته وسائل الإعلام فأصبح الاسم المعتمد لوصف ما حدث في تونس.

نداء «ثورة الياسمين» يشبه النداء الذي كتبه «توماس باين» في العام 1776، تحت عنوان Common Sense - أي «الحس السليم» - والذي كان عاملاً رئيسياً في تغيير مجرى ثورة الاستقلال الأميركية عن التاج البريطاني . و«باين» كتب عدة مؤلفات ومقالات، ولكن هذا النداء بالذات كتبه ووقعه باسم «شخص إنجليزي»، ولم يعرف حينها من الذي كتبه... وبسبب قوة الخطاب، وبلاغته، فقد استطاع أن يُوحِّد الرأي العام الأميركي آنذاك، حتى أطلق على «باين» لقب «أبو الثورة الأميركية» بسبب ذلك النداء.

«باين» كان مفكراً، ومخترعاً (صمم جسوراً مبتكرة)، وصحافياً إنجليزياً هاجر إلى «المستعمرات البريطانية الأميركية» في 1774 من أجل المشاركة في الثورة الأميركية، وكان نداء «الحس السليم» مؤثراً جداً، ووزع في كل المستعمرات، وكان المتعلمون يقرأونه بصوت مرتفع على الجماهير لتحفيزهم، وخلال ثلاثة أشهر بيعت منه مئة ألف نسخة (في ذلك الوقت كان عدد نسمة المستعمرات الأميركية مليوني شخص فقط)، وقد تميز ببساطته في طرح الفكر الجمهوري القائم على مفاهيم الديمقراطية وسيادة الشعب، وكان من يقرأه أو يسمعه يتحفز مباشرة للاشتراك في الثورة الأميركية (ولاتزال قوته واضحة لمن يقرأه بالإنجليزية حالياً).

وحالياًً نقف على لنداء مماثل (بعد 235 سنة من النداء الذي كتبه «توماس باين») لناشط تونسي احترق قلبه بما رآه في بلاده فكتب نداء «ثورة الياسمين»، الذي جاء في جانب منه:

«ما أروعك يا شعب وما أعظمك... بكل عنفوانك، بكل اقتدارك وبكل أصالتك، ورغم جرحك المفتوح النازف دماً، رفضت أن تختزل مأساتك وغضبتك في مجرد المطالبة بحقك في الشغل ولقمة العيش... بل أعلنتها هادرة مدوية يتردد صداها في كل أرجاء الأرض: الشعب لا يهون ولا يهان، والكرامة قبل الخبز أحياناً... ما أروعك يا شعب تونس وما أعظمك... اعتقدوا فيك الجبن والذل، وكنت دائماً تسخر من اعتقادهم... صبورٌ أنت يا شعب، وأعظم ما فيك صبرك. وها أنت تفهمهم اليوم بأن الجبن ليس من طبعك، وبأن للصبر حدوداً وسوراً اسمه الكرامة... خطأهم القاتل أنهم استصغروك ونهبوك واعتقدوا أنهم من خلال الترهيب والتخويف قادرون على تركيعك. لكنك سفهت أحلامهم، ورج هديرك قلاع الفاسدين وعروشهم الخاوية...»، إلى آخر النداء الذي أصبح وثيقة معبرة لمنهج ثورة «اللاعنف» التي اقتلعت من استخدم العنف والبطش على مدى 23 سنة.

====================================================================

وكالة الأنباء الفرنسية: نص نداء «ثورة الياسمين» شعار انتفاضة تونس


تاريخ النشر: 17 يناير 2011 (أ ف ب)

نص نداء “ثورة الياسمين” الذي أعلن زياد الهاني الصحفي والناشط الحقوقي التونسي المعارض، أنه أطلقه على مدونته الخميس الماضي 13 يناير 2011  قبل حجبه من قبل النظام السابق، والذي أصبح شعاراً للانتفاضة الشعبية في تونس:

“ثورة الياسمين"


" ما أروعك يا شعب وما أعظمك.. بكل عنفوانك، بكل اقتدارك وبكل أصالتك، ورغم جرحك المفتوح النازف دماً، رفضت أن تختزل مأساتك وغضبتك في مجرد المطالبة بحقك في الشغل ولقمة العيش.. بل أعلنتها هادرة مدوية يتردد صداها في كل أرجاء الأرض: الشعب لا يهون ولا يهان، والكرامة قبل الخبز أحياناً.. ما أروعك يا شعب تونس وما أعظمك.. اعتقدوا فيك الجبن والذل، وكنت دائماً تسخر من اعتقادهم.. صبور أنت يا شعب، وأعظم ما فيك صبرك. وها أنت تفهمهم اليوم أن الجبن ليس من طبعك، وبأن للصبر حدوداً وسوراً أسمه الكرامة.. خطأهم القاتل أنهم استصغروك ونهبوك واعتقدوا أنهم من خلال الترهيب والتخويف قادرون على تركيعك. لكنك سفهت أحلامهم، ورج هديرك قلاع الفاسدين وعروشهم الخاوية.. أين مؤسسات الدولة؟ أين القانون؟ أين دستور البلاد؟ أين البرلمان ومن يفترض فيه أنهم نواب الشعب؟ أين القضاء المستقل العادل؟ أين الجمهورية وكل الحقوق التي أنتجها جهاد التونسيين وتضحياتهم؟ كلها عناوين صورية هزيلة لا تتجاوز قيمتها الفعلية قيمة الحبر الذي كتبت به. وحده الجيش حافظ على مصداقيته وعلى تعبيره عن روح الشعب وكيانه.


لذلك رحب به المواطنون، حيث ما حل واعتبروه حامياً وسنداً ونصيراً.. والمطلوب اليوم لإصلاح الأوضاع في تونس ليس مجرد إجراءات معالجة شكلية، بل إعادة ثقة الناس في مؤسسات الدولة. مطلوب اليوم إصلاح جذري في النظام السياسي للبلاد يعيد للدولة هيبتها وللقانون حرمته وللمواطن اعتباره، ويقطع دابر الفساد والمفسدين.. وحتى يتحقق ذلك، لا بد للاحتجاجات السلمية أن تتواصل..


وإذا كانت السلطة لم تدخر أي جهد لإظهار المتظاهرين في صورة الملثمين المجرمين وقطاع الطرق تشويها لصورتهم أمام العالم، ولم تستنكف من إطلاق رصاص القنص الحي عليهم.. وفي الوقت الذي تتلاحق فيه مواكب الشهداء الأكرم منا جميعاً، فليكن ردنا على الرصاص والعنف الوحشي المسلط علينا، قطوف ياسمين نرفعها ونهديها لأبناء الشعب الذين أوكلوهم لقمعنا.. فعلينا أن لا ننسى أن هؤلاء الأعوان هم أبناؤنا، وأن مكانهم الطبيعي هو أن يكونوا إلى جانبنا.. فكرامة التونسيين واحدة، وحلمهم واحد، وما من قوة في الأرض يمكنها أن تصد إرادتهم في الكرامة والحرية.. تحيا تونس.. تحيا الجمهورية".


"زياد الهاني"


 

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 6:26 ص

      تحية للشعب التونسي

      العجيب في الامر اعوان بن علي الذي فعل ما فعل مازالو متسلطين الى هذا اليوم والى الان الفرحة للاخوة التونسين لم تكتمل والله ينصرهم .

    • زائر 10 | 1:17 م

      الى زائير 4

      تريد يكتب بحال لسانك عن من هم مثلك في مملكت البحرين عايش على اكتاف الشرفاء ادا ارت ان تنتقد اول كون حر لتنتقد الابطال

    • زائر 9 | 11:19 ص

      أطفال البحرين في السجون

      يا دكتور سلط الضوء أكثر عن قضايا السجون في البحرين و خصوصا سجن الأطفال و الله حرام اللي يصير .. أطفال في السجون ؟؟

    • زائر 7 | 5:09 ص

      مغربية من فرنسا

      العجب العجاب أن تمنح دولة الاسلام والسملمين اللجوء السياسي لعدو الاسلام والمسلمين, والذي حارب الدين في تونس لدرجة اصبح معها العالم يراها علمانية أقرب للكفر.
      عليكم اخوتنا الكرام أن تطردوا ذلك الطاغية السفيه المجرم, تطردوه وتبقوا أهله آمنين مطمئنين, يكون يقاؤه مشروطا برد الحقوق لأصحابها أو أن يقبل أن يحاكم في تونس. أبناؤه وأفراد عائلته القاصرين لا ذنب لهم من واجب المملكة العربية السعودية أن توفر لهم الأمن والأمان وأن تتكفل بهم ما داموا اختاروا المكوت فوق ترابها

    • زائر 6 | 4:55 ص

      مغربية اطلسية

      ترفرف تونس عاليا حينما يفر من لا اجنحة لهم
      الطغاة والظلمة لم يتركوا لشباب الأمة إلا أن يغرقوا في البحر أو يحرقوا أنفسهم أو يغرقوا في المخدرات والفواحش.
      رحمة الله على هذا الشاب الشجاع الذي رفض الظلم بطريقته . أنا أحترمه وادعو له ولنا بالرحمة والمغفرة . وهو أفضل من هؤلاء الذين همهم ملء بطونهم والنوم والرضى بالظلم بل وتبريره للناس...
      حسبنا الله ونعم الوكيل

    • مواطن مستضعف | 1:56 ص

      طابت أوقاتك يا دكتور

      الأحاسيس و المشاعر و العواطف الجيّاشة الصادقة المتدفقة, تتمكّن من صنع المعجزات و إنجاز المستحيلات .. و تذليل الصعوبات وتعبيد الطرقات .. للقضاء على الأزمات و حلحلة المشكلات و "الإطاحة بالحكومات".

    • زائر 5 | 12:55 ص

      ثورة .......

      تستطيع ان تضع ثورة الياسمين او التفاح او النخيل محل الفراغ.
      اختر ثورتك كن حرا فقط، تستطيع ان تكون عبدا في بلد حر وتستطيع ان تكون حرا في بلد الدكتورية.
      هذا خيارك في النهاية.

    • زائر 4 | 12:51 ص

      وكذلك شعبنا

      صبورٌ أنت يا شعب، وأعظم ما فيك صبرك. وها أنت تفهمهم اليوم بأن الجبن ليس من طبعك، وبأن للصبر حدوداً وسوراً اسمه الكرامة.
      ارجوا منك يادكتور نشر النداء بأكمله فقد ابكاني.

    • زائر 3 | 11:33 م

      الشعب الإيراني يأن

      وكذلك الشعب الإيراني يأن يا دكتور ... فلماذا لا تكتب عن أنينه وصرخات أبناءه في المعتقلات.. لماذا لا تكتب عن إنتفاضة الزركة في العراق التي أخمدها المالكي بالدبابات والطائرات وسقط فيها مئات القتلى من أطفال ونساء وشيوخ .. لماذا لا تكتب عن الإيرانيين الذين فروا من إيران .. لماذا لا تكتب عن عرب الأهواز ، ألا يحركك دم العروبة ألا يحركك دم الحسين ...

    • زائر 2 | 11:23 م

      ابكيتني

      نعم صبور واعظم مافيك صبرك ولكن للصبر حدود اسمه الكرامه استصغروك نهبوك رهبوك وجوعوك ولكن هيهات هيهات منا الذله

    • زائر 1 | 10:17 م

      يمكن ولا يمكن ...

      يمكنك ان تقهر بعض الناس ويمكنك ان تغالط بعض الناس لكنك لن ولن تستطيع ان تقهر كل الناس وكل الوقت وهذا ما ما يعلمنا التاريخ يا شاطر ..ز

    • عنب احمر | 8:41 م

      عنب احمر

      احسنت يادكتور موضوع رائع

      الباقي على الشعوب العربية

اقرأ ايضاً