أول أمس (الأربعاء) 12 يناير/ كانون الثاني 2011م سقطت الحكومة اللبنانية وذلك بعد أن استقال منها 11 وزيراً محسوبين على المعارضة وذلك على خلفية المعلومات التي قالت إن المبادرة السعودية السورية بخصوص المحكمة الدولية قد فشلت.
رئيس وزراء لبنان سعد الحريري بالتأكيد سيعود الى بيروت بعد أن زار كلاً من الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية السورية، لتقديم استقالة حكومته إلى الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان، لتدخل بعدها الجمهورية اللبنانية مرحلة عدم وجود حكومة رسمية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، حصل هذا قبل صدور القرار الظني بخصوص مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005م، لذلك نرى اللبنانيين ومعهم العالم العربي بانتظار ذلك القرار الذي يعتقد على نطاق واسع أنه سوف يصدر في الأيام القليلة القادمة ليتهم بعض قادة حزب الله اللبناني, وبعض القيادات السورية وبعض القيادات في جمهورية إيران الإسلامية.
نحن هنا لن نناقش قانونية هذا الاتهام من عدمه لان الموضوع ليس مناقشة قانونية حول هذا الموضوع، لكن بما أننا قانونيين يتوجب علينا تعريف القرار الظني من الناحية القانونية وهو «أن المحكمة تربط بين الواقعة والقرائن القانونية حول نفس القضية مثل أن يكون الشخص ماراً بالموقع الذي حصلت فيه الجريمة، أو أن يكون الشخص ثيابه ملوثة بآثار الجريمة... الخ»، تلك هي التعريفات القانونية.
سنحاول هنا التطرق للوضع اللبناني بعد صدور القرار الظني الدولي، وسنركز كل محتوى هذا المقال على تداعيات صدور مثل هذا القرار على الوضع الأمني والمعيشي في جمهورية لبنان.
ولكن هل يعرف الجميع من هي لبنان؟ جمهورية لبنان تعد من دول البحر المتوسط ومناخها حار جاف صيفاً دافئ ممطر شتاءً، ومساحته حوالي 10،400 كيلومتر مربع، ولها حدود مع فلسطين المحتلة من الجنوب، والجمهورية العربية السورية من الشرق والشمال ولها طلة على البحر الأبيض المتوسط من الغرب.
اليوم وبعد الصلح الذي هندسته دولة خليجية فاعلة هي قطر، وبعد استتباب الأمن في تلك الجمهورية الصغيرة عقب شهر مايو/ أيار 2009م، فإن الأنظار الآن تتجه إلى القرار الظني المتوقع صدوره من قبل المحكمة التي شكلها مجلس الأمن الدولي بناء على طلب تقدمت به حكومة الجمهورية اللبنانية في العام 2005 بعد حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وقد جاء قرار مجلس الأمن خلال فترة كانت الولايات المتحدة تدار من قبل صقور الجمهوريين وهم الثلاثي جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني، ووزير الدفاع رونالد رامسفيلد.
بعد تفجير موكب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والذي راح فيه مع عشرين من رفاقه، كان الجو العام داخل جمهورية لبنان يمور وملبد بالكثير من الغيوم، حيث اصطف معظم الشعب اللبناني، الذي كان في الأصل مقسماً إلى أحزاب ومنظمات لا تلتقي في أجندتها إلا ما ندر، ففي تلك الأيام تجمع الكثير من تلك الأحزاب تحت شعار «14 آذار» في ساحة الشهداء وسط بيروت مطالبين برحيل الجيش السوري الذي اعتبره أتباع ذلك التنظيم بأنه جيش احتلال برغم أن هذا الجيش دخل إلى لبنان لإخماد الحرب الأهلية التي امتدت من العام 1975 لغاية اتفاق الطائف العام 1990م، مخلفة وراءها أكثر من 200 ألف قتيل وأضعاف هذا العدد معوقين ومهجرين، وقد طالبت الجماهير المحتشدة في ساحة الشهداء ببيروت برحيل القوات السورية التي كان قوامها حوالي 35 ألف جندي، ليقرر بعدها الرئيس السوري بشار الأسد سحب جيشه من جمهورية لبنان، وفي هذه الأثناء بالذات كانت الدوائر المؤيدة للطروحات الأميركية تتهم سورية ومعها حلفاءها (حزب الله، حركة امل) باغتيال رفيق الحريري، وهكذا تشكلت محكمة دولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري تحت غطاء وحماية دولية وخصوصاً الأميركية، وقد سعت هذه المحكمة، التي ربما يبلغ تكاليف تشكيلها وعملها حوالي 400 مليون دولار، الى إجراء عدة مقابلات، ووجهت عدة اتهامات للكثير من اللبنانيين وبعدها نتج عن تلك الإجراءات ما عرف بـ «شهود الزور».
في الآونة الأخيرة خرج الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله على شاشات التلفزة وقال إنه يطالب الجميع بعدم التعامل مع هذه المحكمة لما فيه مصلحة جمهورية لبنان وسلامتها وسلامة جميع شعبها. هذه المطالبة جاءت على فرضية أنها (المحكمة الدولية) تعمل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وهذه الفرضية على ما أعتقد أنها صحيحة على أساس الدوافع والمصالح من وراء تلك الجريمة البشعة، من له مصلحة في تخريب لبنان وهي الجمهورية التي تنافس الكيان الصهيوني في ميدان السياحة وتقاوم احتلاله للاراضي. ليس لغير الكيان الصهيوني مصلحة ومن ورائه الولايات المتحدة الأميركية الداعمة القوية له في كل المجالات. كما أن هذه الفرضية من السهل معرفة صحتها من حيث ان دولة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة كانت قد شنت عدة حروب على جمهورية لبنان وكان آخرها حربها في يوليو/ تموز العام 2006م وكان لديها هدفان معلنان أعلنهما رئيس وزراء الكيان الصهيوني في حينها إيهود أولمرت، وهما القضاء الكامل على حزب الله واعتقال كل قادته وأخذهم إلى المحاكم الصهيونية في تل أبيب، والثاني هو إرغام الجمهورية اللبنانية على توقيع اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني مثل ما فعلت أيام حكم بشير الجميل الذي اغتيل في العام 1982م وهذا يتماشى مع رؤية وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس التي كانت تنادي بخلق «شرق أوسط جديد» يمتد حسب تعريفها له من شمال إفريقيا إلى ما بعد جمهورية باكستان الإسلامية.
لكن كل هذه الأهداف لم تتحقق حيث لم يستطع الجيش الصهيوني بكل ما لديه من إمكانيات ومعه الدعم اللوجستي الأميركي والغربي والعربي بعد 34 يوماً من الحرب الشرسة المتواصلة والشاملة من تحقيق أهدافه، لذلك فشلت كل خطط الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة والعالم.
إن ما عرضه السيدحسن نصرالله في أحد مؤتمراته بشأن شريط فيديو صور ما كانت تقوم به طائرات الرصد الصهيونية وطائرات المتابعة لسير خط رفيق الحريري من وإلى داخل منزله وحتى خلال خروجه من منطقة السراي الحكومي أي مبنى مجلس الوزراء يؤكد أن القادة الصهاينة كانوا وراء إحداث زلزال داخل هذه الجمهورية الصغيرة باغتيال شخصية كبيرة مثل الحريري لتقليب أبناء الشعب الواحد على بعضهم البعض، فبعد ذلك الشريط بدأت الأسئلة ترد بشكل منطقي عن لماذا قام الكيان الصهيوني بتلك المتابعة لخط سير رفيق الحريري داخل العاصمة اللبنانية، ما هي أهدافهم منها؟
ولو قامت المحكمة الدولية بإدراج هكذا أسئلة ضمن فرضيات ضلوع الكيان الصهيوني في تلك الجريمة لكان يمكن أن يصدق العديد من اللبنانيين تلك المحكمة وإجراءاتها، لكن وبما أنها أي (المحكمة الدولية) لم تقم بتلك الخطوة فهي في نظر الكثير محكمة مسيسة.
نحن نعتقد أن القرار الظني والذي ربما يصدره القاضي بلمارت سيشير إلى اتهام بعض أفراد من حزب الله، وبعض قادة الحرس الثوري الإيراني، وقيادات سورية، وإن هذا القرار إذا ما صدر فإنه سوف يقود إلى زلزال داخل جمهورية لبنان، إذ لا يستطيع أحد تنفيذه إلا عبر حرب تشن على المقاومة اللبنانية المتمثلة اليوم في حزب الله، حركة أمل والكثير من أتباع الأحزاب اللبنانية الوطنية واليسارية والمنظمات الفلسطينية الأخرى، وهذا يعني احتمال حصول حرب شاملة في المنطقة كما توعد بها السيد حسن نصرالله.
نتمنى عدم حصول تلك الحرب كما نتمنى أن يصدر القرار الظنى مع عدم اتهام القوى الفاعلة على الساحة اللبنانية والسورية أو الإيرانية كما نتمنى من المحكمة الأخذ بما أورده حزب الله من قرائن بشأن ضلوع الكيان الصهيوني في عملية الاغتيال، وخصوصاً أن لديها سجلاً حافلاً من الاغتيالات وكان آخرها اغتيال المبحوح في دبي، وهي التي كشفت أجهزة الاستخبارات اللبنانية الكثير من عملائها المندسين بين الشعب اللبناني.
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 3052 - الخميس 13 يناير 2011م الموافق 08 صفر 1432هـ
الإصرار الإسرائيلي والأمريكي هو الدليل القاطع على إدانتهما
إن إصرار هاتين الدولتين العنصريتين على تبني المشروع والمحاربة من أجله إلى النهاية لهو الدليل القاطع لإدانتهما بالإغتيال والتحرك الأمريكي هو لإستثمار هذا الإغتيال فقد استثمروه سابقا ضد سوريا والآن ضد حزب الله. ولأننا العرب سذج وبهائم والبعض الآخر متخاذلين وتابعين فمن السهل إن تنطلي علينا مثل هذه الألأعيب الكثير من العرب الواعين فاهمين اللعبة وكاشفيها ولكن من الفائدة وهناك الكثير من المضللين
إلى متى تظل حكوماتنا وشعوبنا مثل الكرة في يد امريكا؟ استيقظوا من سباتكم عاد
ما غير الاتفاق وبدله في ثوان معدودة
يبدوا ان بقاءه للعلاج وطيران من يسميه بولده بشكل عاجل الى مقابلة بابا اوباما ، ونزولاً عند خاله ساركوزي لمدة نصف ساعة قد غيرت لقاءات س س بشأن تسوية الازمة وحلحلة الامر ، وهذا ما يدفع الى التأكيد اللاشك في ان بني صهيون وبعض من الاعراب قد كانوا وراء اغتيال الحريري ولا استبعد ان يكون ابنه المغفل معهم ..
النصر آت آت والعدو ومن معه الى الجحيم
كلمات في الصميم يا أستاذ أحمد تمنياتي لك بالتوفيق.......
والعالم كل العالم في انتظار مفاجئة السيد حسن نصر الله حفظه الله القادمه للخلاص من هذا السرطان ( اسرائيل ) والوررم الذي خلفه
( سياسات ظلم وفساد أمريكا في المنطقه العربيه ) ....... وفيها تسقط الكراسي المزيفه.
الحق واضح
الحق واضح وضوح الشمس..
لكن من أراد خط سياسي مواجه للمقاومة يكفيه الحكم الظني حتى لو علم علم اليقين بأنه قرار كاذب مسيس و ان اسرائيل هي القاتل...