كشف مدير برنامج التقنية الحيوية بجامعة الخليج العربي محمد الدهماني فتح الله عن مجموعة اكتشافات علمية جديدة توصلت لها الفرق البحثية بالبرنامج؛ أهمها: تطوير ثلاثة مركبات دوائية بيولوجية تساهم في علاج عدد من الحالات السرطانية وأمراض التهاب الكبد الوبائي والتصلت اللويحى Multiple Sclerosis.

وأكد، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس الأول (الأربعاء) في مبنى الجامعة بالعاصمة (المنامة)، أن هذا الاكتشاف سيكون حافزاً للتركيز على تطوير آليات نقل التقنية حتى يتسنى إنتاج هذا النوع من الأدوية في العالم العربي بأسعار متاحة للجميع، وكسر احتكار إنتاجه من أميركا والدول الأوروبية التي تبيعه بأسعار باهظة.من جانبه كشف، قائد الفريق البحثي الأستاذ المشارك في التقنية الحيوية الطبية بالجامعة سعيد شاور، عن توصله وفريقة إلى اكتشاف طفرة جينية فريدة مرتبطة بارتفاع كولسترول الدم الوراثي لدى العرب، إذ درس وفريقه البحثي مستقبل الكولسترول منخفض الكثافة لعدد من العائلات الخليجية التي تعود في نسبها لقبيلتي عدنان وقحطان المنحدرتين من سلالة النبي إسماعيل (ع) المكني بـ «أبو العرب»، إذ أظهرت الدراسة وجود الطفرة الجينية نفسها الفريدة في العائلتين، والتي تتسبب بدورها في ارتفاع الكولسترول الوراثي. وقال شاور خلال المؤتمر الصحافي إن الجامعة تمكنت من الحصول على براءة اختراع لهذا الاكتشاف، إذ اعتبرته مؤسسة تسجيل الاكتشافات والاختراعات الدولية في بريطانيا «اكتشافاً فريداً»، والآن تسير الجامعة في إجراءات الحصول على براءة الاختراع على الصعيد العالمي، مؤكدا أن هذه الطفرة الجينية لم تسجل في السجلات الدولية من قبل، وهي طفرة يعتقد أن لها ارتباطاً وثيقاً بالعرب الذين تعاني نسبة عالية منهم من ارتفاع الكولسترول الوراثي نتيجة هذه الطفرة الجينية.

وأوضح أن هذا الاكتشاف يساهم في عملية التشخيص المبكر للمرض بما في ذلك قبل الإنجاب عند المصابين بالمرض إضافة إلى إمكانية استخدامها في المسح الميداني لهذا المرض القاتل لتقدير انتشار المرض وعلاجه باكراً، ما يقلل من الإنفاق على المرض والحد من مضاعفاته التي تكبد المؤسسات الصحية العربية كلفة مادية عالية، ذاهباً إلى إنه من الممكن أن تكون هذه الطفرة بداية لاكتشاف علمي يعالج ارتفاع كولسترول الدم جينيّاً في المستقبل.

وبين شاور ان هذه الدراسة واكتشافات علمية أخرى تشير إلى أن ارتفاع الكولسترول الوراثي عن كلا الأبوين أو أحدهما في الدول الخليجية التي ركزنا عليها ابحاثنا يرتفع من سبع إلى عشر مرات عن المعدلات العالمية، مرجحاً أن تكون نسبة الكولسترول هي الأعلى في المنطقة مقارنة بدول العالم، إذ ثبت أن 25 في المئة من الذين يترددون على المختبرات المركزية في مجمع السلمانية الطبي يعانون من ارتفاع كولسترول الدم الفئة الأولية الناتجة عن أسباب وراثية أو أسلوب الحياة الرتيبة وقلة الحركة والأكل غير الصحي، تليهم الفئة الثانوية التي تنتج عن أمراض أخرى مثل ارتفاع الضغط والسكري.

وفي السياق ذاته أكد شاور أن هناك أكثر من 1000 مرض وراثي منتشر في الأوساط العربية وفق الإحصاءات المتوافرة، مرجحاً أن يصل الرقم الفعلي إلى ثلاثة آلاف مرض وراثي، لافتاً إلى انه في البحرين وحدها يوجد نحو 108 أمراض وراثية ويرتفع الرقم في الإمارات العربية المتحدة إلى 240 مرضاً، وعُمان 282 مرضاً وفق إحصاءات طبية جديدة وثقت في 2010. وعزا أسباب انتشار الأمراض الوراثية إلى زواج الأقارب الذي يتراوح ما بين 50 و60 في المئة في المجتمعات العربية وإلى كثرة الإنجاب، موضحاً أن أمراض الدم كالسكلر والثلاسيماء ونقص الخميرة وارتفاع الكلسترول ومتلازمة داون والسكري وأمرض القلب وتصلب الشرايين والجلطات الدماغية وحمى البحر المتوسط هي من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم العربي، وهي أمراض تكلف نحو 30 مليون دولار سنويّاً ككلفة علاجية مباشرة.

في الاتجاه ذاته، أكد شاور أن الاكتشافات الجديدة ستفيد كثيراً في التشخيص المبكر، والتشخيص قبل الإنجاب والمسح الوقائي للمجتمع الخليجي ويمكن ان تستعمل مستقبلا في علاج العديد من الأمراض.

من جهة أخرى توصل أستاذ مشارك في الميكروبيولوجي وتقنية حيوية البيئة وائل المسلماني مع فريق بحثي من جامعة فرايبورغ وجامعة ميونخ الألمانيتين وجامعة مدريد الاسبانية، إلى اكتشاف آلية لم تكن معروفة من قبل تستخدمها البكتيريا في البيئة لتكسير وتحليل المركبات العضوية الأروماتية، إذ يمكن مع معرفة خريطة تسلسل أنزيمات البكتيريا معالجة الملوثات البيئية وتحويلها إلى مواد غير ضارة بعدما كانت تسبب العديد من الأمراض للإنسان وتترك تفاعلاتها الضارة بالبيئة.

يشار إلى أن هذا البحث ـ الذي نشر حديثا في المجلة العلمية للأكاديمية الأمريكية للعلوم PNAS، وهي واحدة من أعرق 10 مجلات علمية في العالم ـ صنف على انه واحد من أهم البحوث العلمية على مستوى العالم لتوصله إلى حل لغز دام طويلاً عبر اكتشاف آلية قضاء البكتيريا على سموم المخلفات البيئية.

وأكد المسلماني خلال المؤتمر أن اكتشاف آلية عمل 16 في المئة من السلالات البكتيرية (بعضها يسبب أمراضاً) القادرة على فتح حلقات المركبات الأروماتية من دون استخدام الأكسجين ـ وهذا يختلف تماما عما هو معروف علميّاً طوال السنوات الماضية ـ يساعد على التعمق في فهم طريقة تعامل البكتيريا مع المركبات العضوية التي يصعب تحليلها ما يؤدي إلى تطوير تقنيات جديدة لمعالجة البيئة الملوثة بالمركبات العضوية، لافتاً إلى أن هذه الأنزيمات الجديدة لها تطبيقات عدة في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية باستخدام التقنية النظيفة والصناعات الصديقة للبيئة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدراسة تفتح مجالا بحثيا جديدا يخص دراسات آليات الإصابة بالأمراض التي تسببها بعض السلالات البكتيرية.