كلف الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس (الخميس) الحكومة المستقيلة برئاسة سعد الحريري الاستمرار في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة وسط انقسام حاد على خلفية المحكمة الدولية ينذر «بأزمة طويلة الأمد»، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع غير المستقر لمدة طويلة سينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي.

وفي بيان وزع على وسائل الإعلام، اعتبر سليمان الحكومة مستقيلة «عطفاً على أحكام (...) الدستور المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ولأن الحكومة فقدت أكثر من ثلث أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها». وطلب «من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة».

ويفترض أن يجري سليمان استشارات نيابية من أجل تكليف شخصية سنية تشكيل حكومة جديدة. وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس النواب نبيه بري عقب اجتماعه مع سليمان في وقت لاحق إن الاستشارات النيابية ستبدأ يوم (الإثنين) المقبل.

وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط «من المبكر جداً الرد على السؤال حيال من سنرشح. سنرى عندما تبدأ الاستشارات». في المقابل، قال النائب نبيل نقولا من التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله، إن قوى 8 آذار «لم تبحث في اسم مرشحها بعد (...) لكننا نعتبر أن المؤهل هو الشخص الذي يستطيع أن ينهض بالعملية الاقتصادية». وأكد أن «الأهم هو قدرة الشخص، وليس الشخص نفسه».

وذكرت صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله أمس أن قوى 8 آذار أبلغت الرئيس أن «لا عودة للحريري إلى رئاسة الحكومة بأي شكل من الأشكال». ومن جهته، شدد النائب عمار حوري الذي ينتمي إلى كتلة «المستقبل» النيابية بزعامة الحريري، على أن «منطق الأمور يقول إن هناك مرشحاً وحيداً لموقع رئاسة الحكومة اسمه سعد الحريري».

وتوقع رداً على سؤال أن «تتم تسمية الحريري لتشكيل الحكومة وبأغلبية واسعة». إلا أنه رأى أن لبنان مقبل على «أزمة طويلة»، داعياً إلى إبقاء «الخلاف السياسي في حجمه السياسي» تجنباً للاضطرابات الأمنية.

ويخشى المراقبون أن تتطور الأزمة مع صدور القرار الظني عن المحكمة الخاصة بلبنان والذي يتوقع أن يوجه الاتهام في الجريمة التي وقعت في 2005 إلى حزب الله.

وتوقعت الصحف اللبنانية بالإجماع «أزمة مفتوحة»، كما عنونت صحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية. وكتبت «السفير» القريبة من قوى 8 آذار أن «لبنان دخل في مرحلة جديدة ستكون مفتوحة على أزمة سياسية وحكومية عميقة وطويلة الأمد».

وأثارت التطورات قلقا في واشنطن وباريس اللتين جددتا دعمهما للحريري. ودعا الاتحاد الأوروبي الأطراف اللبنانيين إلى إيجاد «حل تفاوضي» للازمة.

واتهمت إيران الخميس الولايات المتحدة وإسرائيل بـ «إفشال» الوساطة السورية السعودية التي سعت لتفادي الأزمة السياسية في لبنان، مؤكدة أن «لبنان في وضع حساس وغير مستقر».

وحض الأردن الأطراف في لبنان على «التهدئة وتجنب التصعيد»، فيما عبر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن قلقه من الوضع «الخطير»، داعيا أطراف النزاع إلى الامتناع عن أي تحرك يمكن أن يؤدي إلى مواجهة.

ولم تفصح السعودية أو سورية عن مقترحاتهما. وذكر سياسي مقرب من الحريري أنها انطوت على تعهد حزب الله بعدم اللجوء للعنف إذا تم توجيه الاتهام لأعضائه بينما يضمن الحريري ألا يتم استغلال أي اتهام لإلحاق ضرر سياسي بحزب الله. في غضون ذلك، حذرت وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال، ريا الحسن أمس من أن «الوضع الاقتصادي سيتراجع إذا طالت هذه المرحلة وفي هذه الحال لن يستفيد أحد لا المعارضة ولا الموالاة وسيضرنا ذلك جميعاً».