العدد 3050 - الثلثاء 11 يناير 2011م الموافق 06 صفر 1432هـ

أحداث تونس... فشل شعار «التنمية أولاً»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعلّنا في منطقتنا الخليجية لا نسمع كثيراً عن «الاتحاد من أجل المتوسط»، ولعلّنا أيضاً لا نعير أهمية لفشل فرنسا (التي تتصدر الاتحاد الأوروبي في هذا الاتحاد مع الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط) لعقد «قمة من أجل السلام» في باريس في أكتوبر/ تشرين الأول 2010، إذ لم يستجب لها أحد. و «الاتحاد من أجل المتوسط» هو تشكيل جديد انطلق في 2008، وذلك بعد تطوير «الشراكة الأوروبية المتوسطية»، والتي كان يطلق عليها «عملية برشلونة»، وكانت هذه الشراكة قد تأسست في مدينة برشلونة الإسبانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995 وجمعت دول الاتحاد الأوروبي مع دول منطقة البحر الأبيض المتوسط، واستهدفت تطوير العلاقات من أجل تحقيق السلام والأمن والرخاء، وكان التأسيس قد تم برعاية وزراء خارجية الدول الأوروبية و14 شريكاً من دول البحر الأبيض المتوسط.

عملية برشلونة طورت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول، وفي المقدمة تونس، على مبدأ يمكن وصفه بـ «التنمية أولاً»، بمعنى أن الاتحاد الأوروبي يساهم في تطوير عملية التنمية الاقتصادية وتوسيع الطبقة الوسطى من ناحية الكمية والنوعية، وأن هذا سيؤدي في النهاية إلى إحداث الإصلاح الاقتصادي المنشود، والذي بدوره سيدفع بعجلة الإصلاح السياسي لاحقاً. وكانت دول الاتحاد الأوروبي تخشى أن الانفتاح السياسي من دون تنمية اقتصادية ذات قاعدة عريضة من الطبقة الوسطى سيؤدي في النهاية إلى وصول الإسلاميين أو المتطرفين الذين ينتهجون أجندة تتناقض مع أجندة الاتحاد الأوروبي.

وهكذا، استفادت تونس كثيراً من إقامة شراكة اقتصادية ومالية «لتحقيق الازدهار المشترك» من خلال تجارة حرة وتعاون اقتصادي وتنمية الموارد البشرية وتطوير التقنيات الأساسية. وقد اقتنع الاتحاد الأوروبي بنجاح عملية برشلونة في عدة جوانب، إلى الدرجة التي قامت الدول الأوروبية المتصدية (على رأسها فرنسا) بإعادة صوغ «عملية برشلونة» لتصبح في 2008 تحت اسم «الاتحاد من أجل المتوسط». وتبنّى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فكرة إعادة إطلاق الشراكة، واعتبر أن الشراكة الموسعة ستفسح المجال للتجارة الحرة في المنطقة وستحافظ على البيئة (وخاصة تنظيف البحر الأبيض المتوسط)، وستطور وسائل النقل والدفاع المدني، وستطور مصادر الطاقة البديلة، وستوفر تدريباً على مستوى عال، وستطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وغيرها من الموضوعات التي نزعت منها محتويات «الإصلاح السياسي» و «الدمقرطة» التي كان الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش قد طرحها بعد غزوه للعراق.

ومباشرة بعد إعادة تأسيس عملية برشلونة في 2008 حدثت الأزمة المالية العالمية، وبدلاً من مساعدة الاتحاد الأوروبي لدول البحر الأبيض المتوسط (مثل تونس) أصبح لزاماً عليه إنقاذ اليونان وعدة دول أوروبية جنوبية من أزمة الديون السيادية، والسعي لإحداث الاستقرار النقدي في منطقة اليورو... وهكذا ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً لتصل إلى تونس والجزائر (وربما دول أخرى على الطريق)، وأصبح واضحاً أن الطبقة الوسطى التي نمت من خلال إصلاحات تتوافق مع عملية برشلونة إنما خلقت نوعاً جديداً من البطالة (بطالة الجامعيين) وأن الإصلاح الاقتصادي من دون إصلاح سياسي إنما هو وهم، وأن شعار «التنمية أولاً» مع إهمال الجانب السياسي، يُعرّض الاقتصاد والسياسة إلى الخطر.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3050 - الثلثاء 11 يناير 2011م الموافق 06 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 1:42 م

      الى الزائر16 من مغربي من فرنسا

      ملكنا محمد السادس واسرته العلوية الشريفة تاج فوق راسنا مايعرف قيمتوا اللي نظرتهم سطحية للامور امثالك روح للمغرب وشوف التنمية المستدامة اللي عندنا وبعدين قول رايك الله يدوم علينا نعمة الامن والاستقرار والله يصلح حال اخوانا التونسيين

    • زائر 16 | 1:17 م

      الدكتاتور أولاً..الدكتاتور عاشراً

      ما يحدث في تونس ينطبق على كل الدول العربية التي تخفي شواطئها الجميلة أو ناطحاتها العملاقة كل (الزبالات)الحقيقية التي تحيط بنا نحن الشعوب

    • زائر 14 | 7:17 ص

      متى الخلاص؟

      العقبة الأكبر في طريق التطور والتنمية في الوطن العربي,وهي كذلك السبب الرئيس في جميع المشاكل والقلاقل ألا وهي أن الأنظمة العربية جميعها تفتقد إلى الشرعية الديموقراطية فهي لم تصل إلى كراسي الحكم عبر اختيار الشعوب وإنما عبر التوريث أو الانقلاب أو النيابة لسابق أو تجديد إلى نهاية العمر, ومايصاحب كل تلك الحالات من تلاعب بالدساتير وتزييف في انتخابات هي في الأساس صورية, وما بني على باطل فهو باطل,ينتج عن ذلك قيادات تفتقر إلى الحنكة السياسية والمهارات القيادية,والاهتمام برضى الشعوب باعتبارها مصدر الشرعية

    • مواطن مستضعف | 6:05 ص

      فشل الشعار .. لأن ما بُني على الفشل فهو فاشل

      و الحكومات العربية فاشلة بالثلاثة.

    • زائر 13 | 5:58 ص

      مغربية أطلسية

      اعداد القتلى فاقت 50 قتيل
      وهناك انتهاكات عديدة لحقوق الانسان هذا غير
      القابعين بالسجون
      المشكلة بالدرجة الاولى تجاهل الشباب في مطالبهم
      الى متى ياربي الواحد يدرس ويتمنى النهاية الوردية
      الشغل + الزواج +بناء أسرة=مستقبل افضل
      يعنى ما طلبوا شئ
      احس البطالة هي الإرهاب الحقيقي لكل دولة عربية
      فيدا بيد نحارب الارهاب

    • زائر 11 | 5:07 ص

      مغربية متابعة جيدة للاحداث

      المشكلة يا سيدي بعيدة كل البعد عن كل ماذكر
      المشكلة فاهتمام الحكومة بالسياحة وبناء المنشات السياحية ونست اوتناست عدد الخريجين اللذين يتزايدون عاما بعد عام
      واللي يساعد المواطنين للتمتع بحقوقهم العادية جدا لاينتظر مساعدات خارجية
      هذه حيلة اللي يبي يطبطب عالوضع لانها مشكلة حكومية بالدرجة الاولي
      اللي عندوا واسطة يشتغل واللي ما عندوا ليه الله
      اذا هذة اسبابهم مثل مايدعون ليش سقط 30 قتيل لحد الحين؟

    • زائر 10 | 3:27 ص

      الخوف من الإسلاميين

      كل التوقعات تقول أن النظام التونسي على وشك السقوط إذا استمرت المظاهرات. والدول الغربية وأمريكا تخشي من وصول الإسلاميين الي سدة الحكم بعد ذهاب بن علي.

    • زائر 9 | 3:21 ص

      هي بداية سقوط للدول العربية

      قد لا تكون هذه هي الدولة الوحيدة فمعظم الدول العربية ظروفها مهيئة لنفس الأحداث والقادم لا يبشر بخير لأن الشعوب سئمت حياة الهوان

    • زائر 8 | 3:08 ص

      البركه فيك

      حل المسأله السياسية حتى نصير تجار ورجال أعمال في هذه البلد

    • زائر 7 | 2:49 ص

      :

      اللي يشوف حال غيره فى الجزائر وتونس يهون عليه حاله هنا فى البحرين ويشكر الله .. واللي يشوف كيف تتعامل القيادة فى الجزائر وتونس مع المتظاهرين يبوس يد القيادة هنا فى البحرين.. فشكراً لقيادتنا الرشيدة على سعة صدرها مع الشعب .. فالمشكلة هنا فى البحرين ان الحكومة لا تطرح خطة واضحة المعالم ليستند عليها الشعب ويعقد حولها آماله وطموحاته فحتى خطة البحرين 2030 ليست واضحة لرجال الدولة انفسهم فاذا ما سألت أحدهم عن البحرين 2030 تجده يتأتئ لك فى الكلام مع ابتسامة خجولة وخد أحمر وجبين يتصبب عرقاً فى عز الشتاء.

    • مازن البحراني | 2:05 ص

      دكتورنا العزيز أسئلك

      ولأنا نحمل نفس شعار تونس أولا
      معنون بـ البحرين أولاً
      فهل هذا يعني ان شعارنا سيفشل يا دكتور؟
      خصوصا مع مقارنة معايير الشعارين معاً

    • زائر 6 | 1:08 ص

      نوال عطية

      الجوع كافر ياحكام العرب ، نحن الشعوب من نصنع الديكتاتور ونجعله يتحكم في رقابنا ونحن ايضا نستطيع أن نُكسر شوكته ونزيحه من الدنيا بل ننفيهم ونشردهم كما فعل الشعب الايراني بالشاه المقبور

    • زائر 5 | 12:55 ص

      الخارج الخارج الخارج وإلقاء اللوم على الخارج

      حكام الدول العربية يعتبرون شعوبهم بهائم ولا يتوقعوا منهم أن يقولوا كلمة كلا بالمرّة ولو قيلت هذه الكلمة فدائما يلقى باللوم على الخارج لأن
      الأوضاع في دولنا العربية هي من أفضل وأحسن ما يكون ومو ناقص المواطن العربي شيء حتى يجأر بصوته لذلك متى ما ارتفع صوت هذا المواطن فالخلل يأتي من الخارج
      الخارج الخارج ترى الإصطوانة انشرخت واختربت بسنا خارج عاد ملينا من الخارج

    • زائر 4 | 12:18 ص

      عجبي للعرب

      تونس ودول المغرب العربي دول تزدهر بالخيرات ...
      اعان الله الشعب التونسي على ضنك الحياه وقساوتها....
      لا اعرف الى متى سيستمر مسلسل الفشل العربي في برامج التنميه ازاء الطفرات المتناميه في الدول الاخرى...؟؟؟

    • زائر 3 | 11:06 م

      شكرا دكتور

      شكرا دكتور على تنويرنا بأصل المشكلة..
      هزتني أمس أم تونسية تقول "راح أحد أبنائي بس لسه عندي أربعة".. كلام هالأم يكفينا لمعرفة مدى سوء الأوضاع في تونس

    • زائر 2 | 11:01 م

      الإعتماد على النفس أولاً

      حسب المفهوم من المقال فإن السبب الرئيس هو تملص الدول الأوروبية عن اتمام مشوار المساعدة المبرمجة وفق استراتيجية... أقول لنعتمد على أنفسنا أولاً

    • زائر 1 | 9:59 م

      ارهابيون

      الجوعى الذين تساوى عندهم ان يعيشوا او يموتوا اتهموا بالارهاب و عرض التلفزيون لمباني محترقة ليدلل على ارهاب الفقراء و لكنه لم يعرض قلوب الامهات المحترقات على اعزائهم الذين كا المبنى اعز منهم .

اقرأ ايضاً