العدد 3049 - الإثنين 10 يناير 2011م الموافق 05 صفر 1432هـ

الجزائر الجميلة هل يهتم بها مسئولوها لتصبح من الدول السياحية؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

لم أستبعد ما حدث في الجزائر من مظاهرات بسبب الفقر وارتفاع الأسعار لأنني لمست فيها فقراً شديدا عندما ذهبت لزيارتها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من أجل حضور منتدى مؤسسة الفكر العربي «المواطنة والتربية» بصفتي عضواً من أعضاء هذه المؤسسة التي استضافها رئيس الجمهورية الجزائرية عبدالعزيز بوتفليقه، ووفر لنا كأعضاء زائرين كل وسائل الراحة وحسن الاستضافة في فندق شيراتون الفخم المطل على البحر.

ما آلم نفسي أن تكون طبيعة هذا البلد العربي بهذا الجمال المبهر ولم تصبح بعد دولة سياحية، فشوارعها قديمة وعلامات الفقر واضحة في الأماكن التي زرناها في العاصمة، فأين موارد هذه الدولة الغنية جداً بالنفط والغاز والمعادن والمناظر الطبيعية الخلابة؟

إن السياحة وحدها من الممكن أن تكون مصدر دخل اقتصادي هائل لو أراد المسئولون ذلك. فلماذا هذا الإهمال منهم، ودولة الإمارات التي تعد أقل دخلاً منها بكثير تحولت رغم صحراويتها إلى دولة سياحية بسبب سياسة الدولة واهتمام المسئولين بها بالإنفاق على مشاريع تجميلها وإعدادها كدولة حديثة عالمية.

فلماذا يهمل المسئولون ومواطنوهم في هذه الدولة المليئة بالخيرات، التي ضحى أبناؤها كثيراً من أجل استقلالها حتى وصلوا إلى المليون شهيد، ورغم ذلك لم يحصلوا حتى اليوم على الحياة المادية المريحة والديمقراطية الشفافة والاطمئنان النفسي.

لقد واجهت الجزائر لسنوات كثيرة ظاهرة المذابح المرعبة التي استهلكت الكثير من أموال الدولة للقضاء عليها... ولا أعتقد أن هذه الأفكار المدمرة كانت ستوجد لو انتشر التعليم بها ووجدت بها مؤسسات وفرت الديمقراطية واستغلت ثرواتها في تطوير الحياة الاقتصادية والتعليمية والصحية والفكرية منذ استقلالها.

إن هذا التعصب لا ينتشر إلا وسط الفقر والجهل والبؤس وعدم تواجد الأمل حينها يتمكن المتعصبون من نشر هذه المفاهيم الخاطئة، وإغراء العقول غير المتعلمة من الرجال والنساء والشباب بالاستشهاد والحصول على الجنة ومغرياتها التي لا يجدونها في الحياة من أجل إنشاء الدولة الإسلامية بينما الدين الإسلامي بريء من هذه المعتقدات.

كانت الشواطئ الجميلة برمالها البيضاء ممتدة لآلاف الكيلومترات، كم من المشاريع السياحية من الممكن أن تكون هنا لو وضعت القوانين لتيسيرها، تأملت جبالها الخضراء والغابات العالية الكثيفة تنتشر على أرضها الخضراء، وجوها الجاف الجميل الذي انعش نفوسنا ونحن نجوب في شوارعها وعلى شطآنها.

أين استغلال كل ذلك للسياحة، حتى الأماكن التاريخية التي أخذونا إليها كانت مهملة جداً والفقر الشديد منتشر فيها وواضح على وجوه الأطفال القابعين على أبواب منازلهم المظلمة المهملة في حي القصبة الشهير بالكفاح والنضال، ما أدهشني وآلم نفسي أن يكون هذا الحي هو الذي دارت فيه المعارك من أجل الاستقلال وقتل به آلاف الشهداء، فهل هذا هو جزاؤهم وجزاء عائلاتهم، هذا الفقر المدقع؟

ولماذا يأتوا بالزوار إلى هذا الحي مادام بهذا الفقر وبهذه الروائح الكريهة والذباب الذي كان يتطاير على القاذورات المرمية على الأدراج التي يتكون منها هذا الحي التاريخي.

كنت أتصور أنني سأرى حياً قام المسئولون بتنظيمه وتجميله مثلما شاهدت القرى الجميلة في اسبانيا عندما زرتها في الصيف. لم أتوقع ذلك الإهمال الشديد، كانت مظاهر الفقر هي الغالبة في أي مكان زرناه، رغم أن الجزائر تعتبر من الدول الغنية جداً في العالم العربي.

مؤخراً قرأت خبراً حول اتجاه المسئولين في الجزائر إلى استثمار « مليار دينار جزائري» ما بين الأعوام و من خلال خطة خمسية لتنمية وتحديث حوالي ألف شركة صغيرة ومتوسطة، وهذا البرنامج مثلما شرحه المدير العام لترقية الصناعات الصغيرة والمتوسطة في وزارة الصناعة الجزائرية، علي براهيتي، يتمثل في توفير التيسير والتنظيم وتحسين نوعية المنتوجات وتدريب الموظفين ودعم الاستثمارات المادية لهذه الشركات التي تعمل في قطاعات الصناعة والبناء والصيد البحري والخدمات.

أما الخبر الآخر الذي يدل على سير المسئولين على الطريق الصحيح للنهضة الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر فهو تخصيصهم من خلال هذه الخطة الخمسية مبلغ « مليار» دولار لتنمية البنى التحتية لهذه الدولة من أجل الاستثمار السياحي وتوفير فرص عمل لأبناء هذا الشعب الذي يتطلب الكثير من التدريب للتعامل مع السياح لجذبهم للاستثمار في بلادهم ذات الشواطئ الرائعة والجبال الخضراء الجميلة.

إنني أأمل في تطوير حياة المواطنين الجزائريين الذين لاحظت عليهم الإباء وعزة النفس رغم الفقر.

ولاشك أن السنوات القادمة ستكون أفضل لهذا الشعب الذي ضحى كثيراً وآن الأوان لإن يتمتع بثروات بلاده.

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 3049 - الإثنين 10 يناير 2011م الموافق 05 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مواطن مستضعف | 7:26 ص

      إضافة ...

      يتحتم العمل على الإصلاح الداخلي بكل جد و حزم ..
      و من ثم الإلتفات للمخططات الخارجية الشريرة التي لا تنوي خيراً للجزائر -و لا لأي بلد عربي-

    • مواطن مستضعف | 7:11 ص

      لفتة كريمة منكِ يا أخت سلوى

      تعرّفنا من خلالها على واقع بلد شقيق و جميل, ترهق كاهله كثير المشكلات و ثقيل الأزمات.

    • زائر 5 | 6:25 ص

      لا أنفك اوافقك سيدتي الكريمة

      الشعب الجزائري يعيش الويلات جراء الفساد المستشري و لي علم بأغلب ما يجري كون لي أصدقاء مقربين من الجزائر ، السياحة ليست كل شىء هناك بدائل اخرى للعيش الكريم و تهيئة فرص العمل , ما دونيه هنا مجرد احلام وردية لم و لن تخرج عن حبر على ورق و قد أرسلت مقالك لصديقي الجزائري في الفيس بوك و قال إن هذا حلم صعب المنال .

    • زائر 3 | 12:48 ص

      كلام فاضي

      مو البحرين نفس الشئ

    • زائر 2 | 12:19 ص

      فساد

      موجودين في الحكم منذ الإستقلال و الى الآن يحتاجون الى وقت .. بصراحة فساد و حكم فاسد و لنضع النقاط فوق الحروف ..

    • زائر 1 | 11:13 م

      فات الاوان

      لماذا لم تقدمى له انصيحه عندما استضافك ارئيس
      اذا فات الفوت مايفيد الصوت ههههههههه

اقرأ ايضاً