كشفت مسيرات الغضب الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية ولا سيما المغرب العربي فاعلية الإنترنت كواجهة نضال تساهم في إيصال مطالب أكبر شريحة في المجتمع تنادي بسماع مطالبها المعيشية عبر قنوات التكنولوجيا الجديدة وذلك في حركة يقرأها ويسمعها ويشاهدها العالم لحظة بلحظة دون رتوش ولا إعلام يردد كلاماً مستهلكاً من أجل الكلام أو يضلل الحقائق التي واقعاً تنتهك حقوق مجتمع بالجملة تحت أعذار الأمن والقانون.

لقد أوضحت الأسابيع الأخيرة في منطقتنا العربية أن زمام الأمور لن يسير بالطريقة التي كان يسير عليها سابقاً؛ لأن القطار انطلق باتجاه لا يمكن أن نغير من مساره على وضع لا يمكن السكوت عنه سواء كان ذلك في بلد غني بالنفط أو ليس غنياً، وذلك تبعاً لطبيعة الحالة والظروف.

التكنولوجيا بمختلف أدواتها اليوم أصبحت بلا شك متنفساً لكثير من شباب العالم بمن فيهم العربي، بمختلف طبقاتهم الاجتماعية، وهذه التكنولوجيا لا تصادر آراء الشباب ولا تمارس تمييزاً ضدهم لاعتبارات دينية أو مذهبية أو عرقية أو سياسية.

إن ما تحتاجه الحكومات العربية هو أن تسمع لشعوبها ولشبابها المتعلم، بدلاً من محاولة تكميم أفواه الناس وزجهم في السجون. وبدلاً من أن تتكلم الحكومات في مؤتمراتها عن إنجازاتها، فإن عليها أن تبادر إلى معالجة الأوضاع المتأزمة.

إن ما يدفع الشباب العربي للاحتجاج عبر الإنترنت هو غياب وسائل التعبير المتوافرة للمجتمعات الحرة، واستمرار حالة العجز عن تحقيق مطالب معيشية واحترام قيمة الإنسان، وتوفير فرص للشباب الذي قضى سنواته المدرسية والجامعية في التحصيل العلمي، ثم ينتهي به الأمر للعمل في مهن بسيطة كبائع متجول أو «غسل سيارات الآخرين»... الخ، صحيح أن هناك رؤى في عالمنا ولكنها لا ترتقي بما يواكب العصر لأنها ربما صممت لملء أصحاب الجيوب المملوءة، وليس لإعطاء أصحاب العقول الفرصة للعمل وللعيش بكرامة.

قارئ كتب في تعليق على مقال الأمس حول «الاحتجاجات العربية الشبابية»، معلقاً «على خلفية الليبرالية الجديدة المتوحشة وعشاقها في الوطن العربي ستستمر الاحتجاجات، ليس في تونس والجزائر ومصر... الخ، بسبب العاطلين عن العمل... لأن القادم أعظم، فالجزائر بلد غني بشعب فقير... فهل تعود حركة الشباب التي اجتاحت العالم في العام 1968... فلننتظر لنرى».