قال الحق جل وعلا في محكم كتابه العزيز “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” (آل عمران: 104)
ماذا جرى لعلماء المسلمين الذين اتخذوا من الوجوم والصمت المقرح شعارا مهينا لهم لما يجري في العراق من تفجيرات وإراقة دماء وإزهاق الأرواح وتصفية عرقية؟! لماذا لم يتفوهوا بكلمة المنكر في خطبهم الأسبوعية وتصاريحهم في الإذاعة والفضائيات والصحف المحلية؟ لماذا لم يبدوا امتعاضهم واستياءهم لما يجري هناك؟ ألم يعلموا جيدا أن من ضوابط وشروط خطبة الجمعة أن تبدي الحقيقة وتفشيها أمام المصلين وتطلعهم على ما يجري حولهم وما يعاني منه إخوانهم المسلمين في جميع بقاع الأرض، ألم يعلموا أن وقوفهم العسير سيطول أمام الله يوم القيامة لأنهم صدوا عن كلمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتولوا عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ الذي يحصل في العراق وفي غزة فلسطين مقصد واحد وهدف واحد وهو القضاء على الهوية الإسلامية ومحاربة إعلاء كلمة الله بالتعنت والغطرسة الصهيونية، لكن الفارق بين هذا وذاك هو عدو الله ورسوله والمؤمنين وعدو الحياة والإنسانية وهم بني صهيون وعبدة العجل وناقضي العهود ومخادعي الله والله خادعهم، وأما في العراق فهم جميعا مسلمون ويدعون الإسلام ويتشهدون الشهادتين ويتوقون ويتقربون إلى الله تعالى وينيبون إليه بتفجير نفسه وسط جمع من المسلمين لا ذنب لهم سوى أنهم عكفوا على ترديد كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله! في أي ملة وفي أي دين تقوم فئة من نفس الديانة ونفس التوجه والمعتقد بتصفية وتكفير أختها في الدين وفي العقيدة، ونحن نلهج جميعا بكلمة الله واحد أحد تجمعنا ولا تفرقنا إلى يوم المعاد ومحمد عبده ورسوله نبينا جميعا وشفيع ذنوبنا يوم المعاد، ونتوجه جميعا نحو قبلة واحدة وصلاة واحدة وصوم شهر رمضان والحج، وقال جل من قال “إنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”(المائدة 32).
بعد كل هذه المعتقدات التي تجمعنا وتنيبنا إلى بارئنا جل وعلا ورسوله الكريم، هل هناك مجال للشك لهذه الفئة أو تلك لتكفير الأخرى وتصفيتها وهم يستظلون تحت مظلة الإسلام والسنة النبوية السمحة، وقال الرسول الأعظم (ص): “والذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثم لتدعونَّه فلا يستجيب لكم” (رواه أحمد).
مصطفى الخوخي
العدد 2440 - الإثنين 11 مايو 2009م الموافق 16 جمادى الأولى 1430هـ