كثيرا ما نسمع أن مصابي مرض فقر الدم المنجلي (السكلر)محرومون من أبسط حقوقهم، فهم لا يحظون بالرعاية التامة في مستشفى السلمانية، إنهم محرمون من العمل فلا تقبل الشركات أو المؤسسات الوزارية بتوظيف هذه الفئة على رغم التوجيهات الأخيرة لرئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بضرورة إنشاء وحدة متخصصة ومتكاملة لعلاج مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) وتوفير سبل الرعاية الخاصة التي يحتاجها مريض السكلر.
وكنت أتمنى أن أسمع أن هناك راتبا شهريا يصرف لهذه الفئة مثل بعض الدول الخليجية كدولة الإمارات العربية المتحدة وتأمين الناحية المهنية دعما منها لهذه الفئة.
فقد أبهرتني الأخبار في زيارتي الأخيرة لإمارة دبي والإمارات كافة بتوجيهات الحكومة بدعم هذه الفئة وحث القطاع الخاص والعام في آن واحد على احتضان هذه الفئة بالتوازي مع احتضانها إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بمراعاتهم بالإجازات المرضية ودعمها المطلق لتلك المؤسسات والقطاع الخاص الذي يحتضن مرضى السكلر والثلاسيميا سيتميز ببعض الامتيازات الخاصة لاحتضانه هذه الفئة والرعاية الخاصة التي توليها وزارة الصحة لهم.
فالبحرين وسياسة حكومتها جديرة بأن تخطو مثل هذه الخطوة وأن تحل مشكلة ومعاناة 18 ألف بحريني مصاب بهذا المرض على رغم أن النسبة تتضاءل عاما بعد عام نتيجة التوعية التي تقوم بها جمعية البحرين لرعاية مرضى السكر والمؤسسات الأخرى وأن تحقق القليل من مطالبهم وأهمها توفير وحدة متخصصة ومتكاملة لهم، ونشر الوعي بين المقبلين على الزواج للحد من المرض وهي مشكورة على الجهود التي تقوم بها.
أعجبني كثيرا ما كتبه زميلي قاسم حسين في مقاله الأخير «نعم... سكلر سكلر سكلر» الذي ذكر فيه تجاهل وزير الصحة سؤال زميلتنا عن موعد إنشاء وحدة علاج السكلر ومصيرها وتبرمه من هذا السؤال وتجاهل 10 في المئة من سكان مملكة البحرين المصابين بهذا المرض، فالكاتب نقل نصف في المئة من معاناة الكثير من المصابين ومعاناة الانتظار في طوارئ السلمانية.
ولكن ما يعجبني أكثر في هذا الموضوع وبمعاشرتي مع بعض المصابين بمرض السكلر الروح التي يتحلون بها والتفاؤل، إذ إنهم يحملون الأحلام الوردية لمصارعة آلام هذا المرض، فأخبرني أحدهم أن من يعتقد بأننا ضعفاء فهو مخطأ فالسكلر هو بدايتنا للتميز، فإرادة البقاء الذي نتميز بها هي إرادة محروم منها الكثيرون، إرادة الروح والبقاء والتعليم والتميز على رغم الصعوبات والمعوقات ونظرة الشفقة من أهالي مجتمعنا الذي تبث روح الإحباط في نفس المصابين ولكننا نقول دائما «اللهم لك الحمد والشكر على كل ما منحتني، ما أنا إلا عبدك المطيع الذليل، وإذا هذا ابتلاؤك فمرحبا به»، بالإضافة أنه لا توجد سعادة من دون ألم فمريض السكلر على رغم آلامه فهو يخط طريقة نحو السعادة والقلب المرهب الذي لا يعرف الشر أو الحقد والنفاق.
فأعجبني تفاؤله وإرادته وهو يقف على إحدى أسرة وحدة الطوارئ في السلمانية، إذ إننا نفتقد هذه الروح في الكثير من الناس الأسوياء الأصحاء الذين لا يضعون الأهداف والرؤى للمضي بالتميز وتحقيق الإبداع... فياليتنا نمتلك هذه الروح التي بامتلاكها نستطيع أن نميز كل ما هو مميز وأن نخلق إبداعات نستطيع أن نوازي دول العالم ونثبت للجميع أن مريض السكلر هو بداية للتميز وهو قدوة للأسوياء.
نحن هنا نناشد بدورنا كإعلاميين بأن تحظى هذه الفئة بالاهتمام والرعاية الخاصة... لتكن البحرين أنموذجا لاحتضان مرضى السكلر والتباهي بامتيازاتهم وقدراتهم المخبوءة تحت عباءة المرض.
العدد 2440 - الإثنين 11 مايو 2009م الموافق 16 جمادى الأولى 1430هـ