موجة غضب للشباب العربي في أكثر من بلد، وعدوى هذه الموجة بدأت تنتقل من مكان إلى آخر، وذلك لأن عوامل الغضب مشتركة، وهي أن الشباب يشعر بالتهميش ولايرى مستقبلاً أمامه يطمح إليه وقابل إلى التحقيق، ولذا فإن حالات الانتحار في تونس، مثلاً، وصلت بحسب التقارير إلى خمس، بدأت بحالة أولى في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، عندما أحرق شاب جامعي يبيع الخضروات نفسه، ووافته المنية يوم الثلثاء الماضي. هذه المرة البطالة في البلدان العربية ليست في صفوف الأميين، وإنما في صفوف المتعلمين الذي يجدون أن ارتفاع تكاليف المعيشة أصبح عالياً ولايحتمل.

إن موجة الاحتجاج الشبابي في عدة مناطق وبلدان في آن واحد خرجت باحتجاجات جديدة غير متوقعة، إذ خرجت أغنية وأصبحت لها رمزية كرمزية الانتحار. وفي الجزائر أصبحت هناك بطالة بنسبة كبيرة أيضاً رغم أنها دولة نفطية، فعندما قللت الحكومة الدعم عن السلع هناك، تحركت الأوضاع بشكل مفاجئ.

هموم الشباب العربي ليست محصورة على المغرب العربي، وإنما هي موجودة في المشرق العربي، إذ نرى بلداناً كانت لديها مؤسسات مجتمع مدني وصحافة وأحزاب، وان الحكومات اطمأنت لأنها احتوت جميع تلك المؤسسات التي كانت تنفس عن الوضع، واعتقدت أنها تمكنت من إحكام قبضتها، ولكن ما نشهده من أحداث يدلل على أن احتواء وسائل التنفيس والنشاط الاجتماعي والسياسي لايعني سلامة الوضع واستقراره.

من هنا نرى أن موجة الاحتجاجات التي تجتاح حالياً دولاً عربية منذ ثلاثة أسابيع اشتعلت مع ارتفاع تكاليف المعيشة وانتشار حالة الإحباط القاسية، فلذا نرى أن الأجهزة الأمنية تسيطر نوعاً ما وتقوم بتنظيف الشوارع من آثار المواجهات، ولكن سرعان ما يتكرر المشهد مرة أخرى، وعليه فإن الحديث الذي كان يتداول عن قنبلة موقوتة تتمثل في قطار من الشباب العربي المحبط انطلق نحو الهاوية، نرى أنه فعلاً تحرك والحلول غير متوافرة حالياً لأنها كانت ومازالت تتطلب تعاملاً جذرياً طويل الأمد