يمكن أن يصاب واحد من بين كل ثلاثة من سكان الإمارات العربية المتحدة بمرض السكري أو بأعراض ما قبل السكري بحلول نهاية العقد الحالي، وذلك وفقاً لتحليل جديد أجرته شركة UnitedHealth Group، وهي شركة دولية تعمل في مجال الصحة والرفاه.
وقد تم الإعلان عن نتائج هذا التحليل اليوم في المُلتقى العالمي للرعاية الصحية في الشرق الأوسط في أبوظبي.
ويقدر التقرير الذي يحمل عنوان «مرض السكري في الإمارات: مشكلة أم فرصة للوقاية؟» أن 32 في المئة من السكان البالغين في البلاد - بمن فيهم مواطني الإمارات العربية المتحدة والمغتربين - قد يصابون بمرض السكري أو بأعراض ما قبل السكري بحلول العام 2020، وهو ما سيكلف البلاد مبالغ تصل إلى 8.52 مليار دولار أميركي على مدار العقد القادم إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.
وقد أفاد نائب الرئيس التنفيذي لشركة UnitedHealth Group ورئيس قسم الصحة العالمية سايمون ستيفنز أن: «هذه التقديرات الجديدة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ مزيد من الإجراءات من أجل وقف الموجة العارمة القادمة من الأمراض المرتبطة بمرض السكري وما يصاحب ذلك من تكاليف في دولة الإمارات العربية المتحدة».
ويضيف: «الجانب المشرق في الأمر هو أنه من الممكن أن يتم كبح جماح هذا الوباء، حيث إن الوقاية من النوع الثاني من مرض السكري أصبحت ممكنة إلى حد كبير. وأول هذا الطريق هو استغلال بعض الأفكار المبتكرة التي يجري اختبارها الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة مع تعديلها لتلائم الوضع المحلي، وذلك في ضوء العلاجات والبرامج التي أثبتت نجاحها في بلدان أخرى تواجه تحديات مماثلة.»
ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، يُقدر حالياً أنه لم يتم تشخيص الغالبية العظمى من المرضى المصابين بأعراض ما قبل السكري ونحو 35 في المئة من المرضى المصابين بمرض السكري، وهو ما يعني ضياع فرص تجنب التكاليف والمضاعفات الناجمة عن أمراض يمكن الوقاية منها إلى حد كبير.
وإذا لم تتم السيطرة على النوع الثاني من مرض السكري فإنه من الممكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب والكلى وتلف الأعصاب والعمى وبتر الأعضاء. وقد ترتفع التكاليف الطبية السنوية المترتبة على مرض السكري ومقدمات السكري في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 1.04 مليار دولار بحلول العام 2020، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 58 في المئة مما يقدر بنحو 657 مليون دولار في العام 2010، وذلك وفقاً لما ورد في التقرير.
لقد ارتفعت نسبة انتشار مرض السكري وأعراض ما قبل السكري على المستوى العالمي بشكل كبير على مدار العقدين الماضيين وذلك بالتوازي مع ازدياد نسبة السمنة على المستوى العالمي. حيث إن هناك أكثر من 285 مليون شخص يعانون من مرض السكري في جميع أنحاء العالم. وإن لم يتم تدارك هذا الأمر فإنه من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 438 مليون شخص في غضون 20 عاماً.
النوع الثاني من مرض السكري في الإمارات
وفقاً لبعض التقديرات فإن معدل الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري في الإمارات هو من أعلى خمس معدلات في العالم. وهناك ما يقرب من 13 في المئة من السكان من الفئة العمرية ما بين 20 و79 عاماً مصابون بمرض السكري في الإمارات وهذه النسبة تمثل أكثر من ضعف المتوسط العالمي الذي يبلغ 6.4 في المئة.
إن زيادة الوزن أو البدانة هي واحدة من عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن نحو 73 في المئة من الإناث البالغات و66 في المئة من الرجال في دولة الإمارات العربية المتحدة تتجاوز أوزانهم الوزن الموصى به من قبل الأطباء، ما يجعل البلاد واحدة من بين الدول الخمس الأولى في العالم من حيث ما يعتبره الأطباء «بدانة».
وأفاد ستيفنز أن «النوع الثاني من داء السكري والعلامات المنذرة بالإصابة به والمتمثلة في أعراض ما قبل السكري تكتسح جميع أنحاء العالم ما يُشكل عواقب صحية وخيمة ويؤدي إلى إجهاد الموارد المالية لأنظمة الرعاية الصحية في كل مكان».
«وبوصفها بلداً مبتكرة ومتطورة تقنياً، تتبوأ الإمارات العربية المتحدة وضعاً يمكنها من جعل الوقاية من مرض السكري على رأس الأولويات ومثالاً يُحتذى به للبلدان الأخرى في المنطقة بل وحول العالم كله».
يقدم التقرير الذي يحمل عنوان «مرض السكري في دولة الإمارات العربية المتحدة: مشكلة أم فرصة للوقاية؟» ثلاثة حلول يمكنها، على مدار العقد القادم، المساعدة في الوقاية من المرض أو تأخير حدوثه أو السيطرة عليه:
الفحص والتشخيص: هناك فرصة للحد من عدد الأشخاص الذين من المحتمل أن يعانوا من أعراض ما قبل السكري أو مرض السكري من خلال تقديم الفحوصات الدقيقة للأشخاص الذين يعانون من عوامل خطر الإصابة المعروفة (زيادة الوزن والخمول وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون في الدم بشكل غير طبيعي وأمراض القلب والأوعية الدموية وسوابق الإصابة بالمرض في العائلة والانحدار من عرق معروف بأنه عرضة بشدة لخطر الإصابة). ويمثل هذا خطوة أولى مهمة على الطريق تقوم على المبادرات المهمة التي تجري الآن في بعض الإمارات.
العلاج والوقاية: إن بث الروح في الأفراد وتمكينهم من تحسين أنماط حياتهم فيما يتعلق بالحمية وممارسة التمارين الرياضية يعالج وبشكل مباشر عاملَين من عوامل خطر الإصابة الرئيسية هما السمنة وقلة النشاط الحركي. إن دراسات طرق العلاج التي أجريت على أناس يعانون من الإصابة بأعراض ما قبل السكري في الصين وفنلندا والهند والسويد والولايات المتحدة أكدت أن هذه الطرق العلاجية تعمل على تقليل تفاقم الأمور لدى المصابين بأعراض ما قبل السكري فلا يصابون بالنوع الثاني من مرض السكري.
إدارة المرض والسيطرة عليه: إن المصابين بالنوع الثاني من مرض السكري والذين يحسنون التعامل مع حالاتهم يكون لديهم استعداد أكبر لتجنب المضاعفات المرتبطة بمرض السكري. وهذا الأمر يستلزم رصداً دقيقاً لنسبة السكر في الدم، مع تناول أي أدوية يتم تقريرها وفقاً للتعليمات، والمحافظة على إنقاص الوزن، وزيادة تطبيق تدابير الرعاية الذاتية مثل الفحص اليومي للقدمين والفحص المنتظم للعينين والأسنان.
إن أفضل ما لدينا من أمل لمجابهة أزمة مرض السكري التي تتجمع نذر سحبها فوق الإمارات العربية المتحدة يتمثل في وضع مبادرات مجتمعية من خلال التعاون بين الجهات الصحية الحكومية والمؤسسات غير الربحية والقطاع الخاص التي من شأنها أن تساعد في بناء الوعي العام حول مرض السكري وعوامل الخطر المرتبطة بهذا المرض، وتحديث قدرة أنظمة الرعاية الصحية على استخدام البيانات التحليلية المتطورة والتكنولوجيا الجديدة ونماذج الرعاية المبتكرة التي تشرك المستهلكين بطرق جديدة.
العدد 3046 - الجمعة 07 يناير 2011م الموافق 02 صفر 1432هـ
.
اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين