تحدثت تقارير إعلامية موثوقة عن نجاح موقع «فيسبوك» (Facebook) من الحصول «على تمويل من مصرف جولدمان ساكس ومستثمرين روس على أساس تقدير قيمة الشركة عند 50 مليار دولار».
جاء هذا الخبر مباشرة بعد إعلان مؤسس فيسبوك... نفي «نيته في طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام في البورصة».
وحول هوية الراغبين في شراء حصص في «فيسبوك»، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن «غولدمان سيستثمر 45 مليون دولار في فيسبوك، فيما ستستثمر شركة ديجيتل سكاي مبلغ 50 مليون دولار أخرى».
وفي حال تمت الصفقة، التي تقوم على تثمين الشبكة الاجتماعية فيسبوك، كما جاء في الصحيفة بما يقارب من مبلغ 50 مليار دولار. وإذا ما قدر لهذه الصفقة أن ترى النور فإن موقع فيسبوك، كما تقول الصحيفة «سيتمتع بقيمة تفوق شركتي آي باي وتايم وارنر الشهيرتين».
تنبع أهمية هذه الصفقة أنها تأتي بعد استقرار سوق شركات التكنولوجيا الأميركية، واستعادتها لأسعارها المنطقية، إثر انتهاء مرحلة «انفجار فقاعة شركات الإنترنت»، وفي أعقاب تعافي، ولا نقول شفاء سوق أسهم شركات التكنولوجيا (ناسدك) من عثراتها، من جهة، واستمرار تردد المستثمرين في شراء شركات جديدة، لخوفهم من تقلبات محتملة في هذه السوق، ليس مصدرها بالضرورة السوق الأميركية، من جهة ثانية.
تثير هذه الصفقة الكثير من التساؤلات، وأكثر منها الخواطر، فما الذي يجعل هذه الشبكة الاجتماعية، تحظى بهذا الاهتمام المتنامي في صفوف الاستثمارات العالمية، بما فيها الأميركية، قبل أن يخرج العالم، بما فيه الولايات المتحدة من أزمته المفصلية التي لاتزال تعصف باقتصادات كثيرة، وتعاني من ذيولها اقتصادات أخرى، وفي المقدمة منها اقتصاد الولايات المتحدة. يقف وراء هذا الاستثناء مجموعة من الأسباب، التي نورد أهمها في النقاط التالية:
1. الزخم الذاتي، فبخلاف العديد من الشركات الأخرى المنخرطة في سوق الإنترنت، لاتزال الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك و»ماي سبيس» في مقتبل حياتها السوقية، ولم تفقد الزخم الإبداعي الذي يجبرها على التراجع، سواء على مستوى القيمة السوقية، أو القدرة الاستقطابية لزوارها. تعبر عن ذلك بعض الظواهر الحية، مثل اختيار مجلة «التايم» الأميركية، لمؤسس فيسبوك زوكربيرج على أنه الشخصية الأكثر تأثيراً في العالم خلال العام 2010، رغم تفوق مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج عليه، عندما حصل على أكثر من «382 ألف صوت من قراء تايم الذين رشحوه للحصول على لقب شخصية العام، بينما حصل زوكربيرج على أقل من 20 ألف صوت ما وضعه في المركز العاشر».
يضاف إلى ذلك تلك الخدمات المتجددة التي لم يتوقف الموقع عن تقديمها لمشتركيه، فقد أفصح زوكربيرج في مقابلة أجرتها معه إحدى محطات التلفزة الأميركية عن عزم الموقع على «إعادة تصميم صفحات الملفات الشخصية لأعضائه بحيث يكون في وسعهم تحديد أماكن تواجدهم، وأماكن تواجد من يبحثون عنهم...».
2. قدرة هذه الشبكة الاجتماعية على اجتذاب المزيد من القوى الاجتماعية، وفي مختلف القطاعات، فمن جنود الجيش الأميركي، الذي أدى سرعة انتشار استخدام فيسبوك في صفوفهم إلى أن تحذر قيادة «القوات الجوية الأميركية الجنود الذين يستخدمون خدمة تحديد المواقع في شبكة فيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت من احتمال تمكن العدو من تحديد مواقع الوحدات العسكرية الأميركية»، إلى أجهزة الأمن التي تمكنت، مؤخراً، من خلال انضمامها لهذه الشبكة أن تجمع معلومات شخصية لمئة مليون مستخدم لموقع فيسبوك الاجتماعي ونشرها على شبكة الإنترنت، إلى الشخصيات المهمة من أمثال الرؤساء الأميركيان باراك أوباما، أو جورج دبليو بوش. وبالنسبة لهذا الأخير فقد قام بإنشاء «صفحة في شبكة التواصل الاجتماعي، فيسبوك، حظيت بالترحيب من قبل أكثر من 20 ألف مستخدم للموقع خلال الساعات الأولى من اشتراكه».
ويشارك الرؤساء الأميركان هذا السلوك رؤساء آخرون مثل الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز، الذي دعا بعد مضي أقل من ساعة على إطلاق بوش لصفحته «الزعيم الكوبي السابق، فيدل كاسترو، والرئيس البوليفي، إيفو موراليس على الانضمام إليه في موقع تويتر»، وهو موقع شبيه، فيما يقدمه من خدمات بموقع «فيسبوك».
3. الفوائد التجارية، إذ يوفر الـ 500 مليون مشترك في خدمات فيسبوك سوقاً كبيرة ومتنوعة تغري المسوّقين على مخاطبة سكانها. ونذكر هنا ما قامت به إحدى الشركة الهندية المنتجة لكريمات «فازلين» مؤخراً، حيث بادرت إلى تشجيع «مستخدمي موقع فيسبوك على الإنترنت على إظهار أنفسهم (أكثر بياضاً) في إطار حملة تسويقية لاستخدام منتجاتها. وصممت الشرطة برنامج كمبيوتر لتقليل خمسة أنواع من النقاط الداكنة على الوجوه، وذلك لترويج منتجها الجديد الذي يعمل على تبييض الوجه حيث إن الحصول على بشرة أكثر بياضاً يعتبر أمراً محبباً في بعض أجزاء الهند».
هذا لا يعني أن كل ما يأتي به فيسبوك مفيداً ولا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه، فالكل يذكر قصة البريطاني أدم مان الذي أقدم على قتل زوجته ليزا بيفرلي، لأنها أفصحت على صفحات الفيسبوك عن كرهها هي وابنهما له، والذي وجد والدته تسبح في بركة من الدماء بعد أن أوسعها والده ضرباً بالمطرقة على أجزاء مختلفة من جسمها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3045 - الخميس 06 يناير 2011م الموافق 01 صفر 1432هـ