عندما خفق الهدهد بجناحيه، ذاك الذي بتحليقه استطاع أن يغيّر مصير شعبٍ بأكمله، عاد ليحمل رسالةً إلى الملك، أن أدرِك قوماً اتخذوا من الشمس إلهاً... هنا بدأت الرسائل تُرسل وتُجاب بالهدايا، فكانت بداية النهاية لعبودية ضلال... أضلت أهلها عن الحق وأتت بهم نحو نجم سماوي شأنه البزوغ والأفول تحت إرادة الملك الجبار.
فشرع عبدة الشمس بشد الرحال بقيادة الملكة بلقيس، متجهين إلى الملك الداعي لعبادة الله وهو النبي سليمان (ع) لاستطلاع أمره.
أراد النبي أن يظهر قدرة الله وعظمته أمام القوم ليذعنوا له، فجيء بعرش بلقيس إلى قصره بأمرٍ منه، وقد أمر جنوده بإحداث التغييرات في عرشها بحيث يخالجها الشك في أمره، من قبيل تبديل علاماته ومواضع مجوهراته، وفيه يقول الله في محكم كتابه «قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ « (النمل:41). فلمّا رأته الملكة، كانت جميع الظروف تستوجب نفيها لأن يكون العرش المستقر هو عرشها، فمجرد انتقاله من اليمن إلى الشام في طرفة عين لهو أمرٌ محيّر... ثم أن تلك التغييرات التي طرأت عليه تستبعد كونه هو ذاته!
ولكنها عندما سُئلت: «أهكذا عرشكِ؟» أجابت: «كأنه هو»، فعلى رغم كل ما حصل استطاعت أن تعرف عرشها وتميزه.
سؤالي هنا... عندما تملك شيئاً عزيزاً على قلبك... ويتم تنكيره بإضافةٍ أو سلب، هل تتمكن من معرفته وتمييزه؟ عندما تُغيّب عن أهلك وأبنائك لسنين... هل بمقدورك أن تتعرف إلى فلذات كبدك وهل يتمكن الدهر من إخفاء ملامحهم؟
والأهم... عندما تُقلب الموازين، فيستحيل الحق باطلاً والباطلُ حقاً، هل تدرك الحق فتتبعه وترى الباطل فتعرض عنه؟
لماذا يقول الله في كتابه العزيز: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» (آل عمران: 144)؟
ولماذا قال النبي (ص) لعمار بن ياسر: «يا عمار! إن سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وحده وادياً، فاسلك وادي علي وخل عن الناس؟»
وهل أدركنا خطورة ما ذكره الإمام علي (ع) عندما قال: «والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة، ولتساطن سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم».
تلك الرسائل موجهة إلينا، فهناك انقلاب يشير إليه الباري جل وعلا بعد أن يغيّب الرسول عن أعيننا وحذارِ منه، وهناك إنذار لنا من نبي الرحمة ألا تتركوا الحق ولو رأيتم جميع الخلق يعملون خلافه.
إن التمحيص والبلاء الذي عشناه وسنعيشه لهو عظيم، الحق واضح وجلي ولا يخفى على بشر، ولكن التنكير والتغيير الذي يحاول البعض أن يصيّره ستاراً يسدله عليه أضاع الكثيرين، فتنكرت المفاهيم الأخلاقية البشعة في ثوبٍ جميل برّاق!
عندما تكون الأمور سيّان في نظرنا، فيستوي الظل كما الحرور، عندها تقوم الأم وبكل ثقة بإعطاء ابنتها إذناً بالخروج مع خليلها... وتقول لا بأس فأنا أعرف ابنتي! عندما تغيب القيم وتندثر المفاهيم الإسلامية، يأتي المسلمون وبعد قرون لمناقشة منع ما حرّمه الله من قبل، وما الجدال حول منع الخمر إلا دليلٌ ساطعٌ على ذلك!
عندما تنشأ الأجيال معتقدةً ببطلان الحق وصحة الباطل، تأتي زميلة الثانوية لتسألني من مطربك المفضل؟ فتجيب محدثتكم: أنا لا أسمع الأغاني، فردت زميلتي وهي مندهشة: ما هذا التخلف!
عندما نكون ركباً يُسار بنا ونحن نيام، فعلينا أن نستفيق من غفلتنا بأسرع ما يكون، وإلا فلن يوقظنا إلا ذاك المنادي حين ينادي: من ربك ومن نبيك؟!
الأمر الذي أصدره نبي الله سليمان (ع) بتنكير عرش بلقيس لم يكن عبثاً، وإنما كان يرغب في اختبار السيدة ومعرفة ما إذا كانت تهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون، فهل نهتدي نحن للصواب والحق إن تم تغيير مفهوميهما؟
عزيزي القارئ... افتح منافذ فكرك، فقد وهبك الله هذه الطاقة الهائلة من العقل والقوة ما تستطيع بها أن تسخر الجمادات تحت يديك، ولنضع هذه القاعدة نصب أعيننا، إن الذي سينجح في هذه الظروف، هو الذي إن عاش وسط عالم مليء بالخدع والأباطيل والأكاذيب فإنه يخرج من بينها بكل إيمان ودون أن يلطخ نفسه ومبادئه باستجابة لها، ولنعلم أن الإنسان المهتدي حق الهداية هو ذاك الذي لا يتأثر بما يطلقه التائهون السفهاء من أقاويل وأعمال لإضلال الخلق، ومهما حاولوا فالحق لا يعلوه غبار.
ورسالتي الأخيرة...هي أن العقيدة ُعرشٌ يسبغ على صاحبه هالة من نور وثبات... فلنحافظ عليه من أيدي المتطاولين، ولا نسمح لكائن من كان أن يعبث به أو يطفئ رونقه.
صفاء المطاوعة
يحسبونه بكاء وأنا مع كل دمعة عين
بحب إيثارك ازددت يقيناً
أخلاقك قربك لله أيا حسين
ترى الروح كالشعاع شجاعةً تبين
أعده الفكر موقف الحق المبين
يحيا في قلب كل مؤمن حزين
يحيا عند كل شربة ماء عطشان عظيم
عندما نادى ألا من ناصر. لينصر الحسين
لبيك يا حسين ليك يا حسين
ننشر الإسلام تلبية هذا النداء الحزين
نقتدي بالرسول هل بغير خلقه ننشر هذا الدين؟
***
نعزي الرسول بفقد سبطه وتحزن المذاهب
مصيبة تهون عندها جل المصائب
لو قتلوه لو قطعوه في قلبه تجتمع النجائب
بيديه رضيعه ظمآن بغير ماء وهو لهم مخاطب
قد قتلوا
نكسو رأسه لفقد العظماء من حوله تواكب
عالم كبير يحقن الدماء رغم كل المصاعب
ليحمي النساء، بعد كل المتاعب جاءهم مدافعاً محارب
ذكره زكريا إذ قال يا حسين
أحس بالحزن فسأل الرب الكريم عن معنى يا حسين
فالكاف كربلاء
والهاء في هلاك وفي يزيد تلتقي بالياء
والعين عترة الحسين والصاد صبر أبو الإباء
وظل يبكيه ثلاثاً...
أشعل شموعاً ثلاثاً لذكرى يا حسين
وقال في الدعاء هبني مولوداً... يموت كالحسين
فقضى يحيى مقطوع رأس عند جائر سقيم
وبعدها جاء إبراهيم
بعد فداء الكبش ظل في بكاء فسأله جبرائيل
ماذا بعد هذا يُحزن إبراهيم
أجابه... أليس عندي ولد يُبكي بفدائه المؤمنين
فقال جبرائيل يعلمك الجليل
في آخر الزمان ستحقق المراد بابنك الحسين
مضى ألف عام على نعي الحزين
فكيف ننسى من بلا كفن في العراء دفين
بغربته بعطشه بنياح السبايا كفين
وعمامة خضراء على الثرى
في ظهر يوم لاهب
نلطم الصدور وقلبنا نادب
داست الخيل صدر المحارب
ورغم هذا نوره يخطف الأبصار
ويظهر العجائب
يتلو الرأس قرآناً لأجله ضحى...
سبط الرسول ودرة البتول
ودمه للشيب خاضب
سأحكي قصتك لأبنائي حبيبي يا حسين
وبالإبا أخاطب
غفران محسنa
آخر خبر عن مرضى السكلر على صفحات «الوسط» في تاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 يقول: «سجّل مجمع السلمانية الطبي ثلاث وفيات من جراء مضاعفات مرض السكلر لشابين وشابة في مقتبل أعمارهم؛ ما رفع إجمالي الوفيات إلى 33 وفاة بالسكلر منذ مطلع العام 2010» ولا يُذكر الخبر مبتوراً طبعاً بل لابد أن يحوي بعض الإحصاءات والتصريحات لمن يهمه الأمر وبعض التهويلات أحياناً لاستدرار العطف والشفقة...
يعتقد بعض النشطاء ممن له علاقة، أن عرضاً مسهباً مدبّجاً بتحذيرات وإدانات وتوصيات يخدم مرضى السكلر ويعود عليهم بالمنفعة باعتبار أن ذلك (العرض) يمكن أن يهزّ مشاعر وضمائر المسئولين في الحكومة ويجعلهم يتحركون بجدية لتوفير الحد المقبول من الرعاية الصحية والعلاج الممكن والإسراع بإنشاء (مركز الأمراض الوراثية) الموعود.
إحدى المطلعات عن كثب على خبايا داء السكلر وعلى كثير من المصابين به، لفتت الانتباه لهذا الأمر: وهو أن الصحف المحلية عند نقلها لأخبار مرضى السكلر، فإنها تركّز على الضحايا من المصابين به وتنشر مع الخبر الكثير من التحذيرات وعدد الذين فارقوا الحياة نتيجة لمضاعفات هذا المرض، وهي بذلك تثير الكثير من الرعب والهلع لدى المجتمع عامة وعند المصابين خاصة بل ويمكن القول إن نقل هذه الأخبار وتضخيمها تحكم على مريض السكلر (بالموت الاعتباري)، إذ إن ذلك يعود بضرر بالغ على المصاب بهذا المرض نفسياً واجتماعياً، فهو من جانب تنهار نفسيته ويصاب بالقلق والذعر ويظل يرتقب الموت مع كل نوبة مرض ما يشل حياته ويجعلها جحيماً، ومن جانب آخر فإن المجتمع عندما يسمع ويقرأ ويستذكر عدد الذين يتوفون نتيجة هذا المرض فإنه سينظر لهذا المريض كما لو كان مصاباً بوباء ويجب الابتعاد عنه وتجنبه وبالتالي فإن هذا المريض (ذكراً أو أنثى) لن يجد من تقبل به زوجاً لأنه معرّض للموت مع أي نوبة مرض!
من الغريب جداً أنه رغم العدد المهول للمصابين بهذا المرض إلا أن الاهتمام الحكومي لم يبلغ المستوى المقبول، فلا برامج توعية في التلفزيون ولا نشرات ولا ندوات ولا جلب متخصصين من خارج البلاد لطرح بعض الأفكار حول سبل العلاج أو التخفيف من حدّة آلامه، ولذلك فقد صار هذا المرض وأصحابه عرضة للمزايدات والفتاوى الطبية والتهويل تارة والتهوين تارة أخرى.
إن التركيز على أن مرضى السكلر يتوفون هو حكم بالإعدام على هذه الفئة جميعها من قبل المجتمع، لأن المجتمع لا يعرف أن مرض السكلر أنواع ودرجات وأن هناك من يمكن أن يتغلب عليه أو يخفف من حدّته ومنهم لا يشعر به إلا في بعض المواسم ومنهم من يكاد يقضي على آلامه ببعض العقاقير والأدوية، لابدّ أن يعرف المجتمع أن مصابي السكلر ليسوا فاشلين لأن المرض أقعدهم عن التحصيل وأعجزهم عن التفوق، بل هناك الكثير ممن كافح واجتهد لتحقيق ذاته في شتى المهن ومنهم الأطباء أيضاً.
إقول إن الأخبار التي ترد مبتورة ودون ذكر حيثيات وظروف وفاة مريض السكلر تترك انطباعاً سيئاً لدى الناس، ليترسخ في أذهانهم أن كل مريض بالسكلر هو ميت مع وقف التنفيذ!
إن خدمة مريض السكلر لا تنحصر في إقامة مناحة في الصحافة عليه عند وفاة أحدهم، بل في رفع معنوياته عن طريق توعية المجتمع بأن مريض السكلر إنسان طبيعي بكامل قواه العقلية والبدنية، وأنه كأي مريض آخر يمكن أن يمتد به العمر ويمكن أن يحين أجله «ولكل أجلٍ كتاب»، إن ما يخدم المصاب ليس نظرات الشفقة والرأفة، بل توفير الفرص للتعليم والتدريب والعمل وتحقيق الذات وليس بالتبرؤ منهم وتجاهلهم ونبذهم لأمر ليس لهم فيه يد ولا إرادة. المطلوب من وسائل الإعلام وضع برامج تثقيفية وتوعوية للمريض وللمجتمع لكي يقف على حقيقة المرض وحجمه.
جابر علي
«إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة» هكذا يخاطبنا الجليل تبارك وتعالى بعد أن وهب أبونا آدم (ع) قبلنا خلافته في الأرض، نأتمر بالأوامر الإلهية، وننتهي بالنواهي الإلهية في كل حبة قمح ندخلها البطن، وفي كل حرف ندخله العقل، وفي كل ذكر ندخله القلب، وفي كل صغيرة وكبيرة ندورها ونتداولها من أحكام وأفعال وأقوال فهل كنا خلفاء لله في كل تلك السنين والشهور والفصول والأسابيع والأيام التي قضيناها في خلافتنا التي من الممكن أن تنتهي في أي لحظة وفي أي مكان أو ربما تكون تزامناً مع أحد الأفعال والأقوال والأحكام التي تنافي خلافته تعالى.
لا يستغني أي من الطغاة والمارقين ممن يعبدون أهواءهم وفضلوا أن يعبدوا الشيطان الرجيم الذي سلطهم على رقاب وأرزاق عباد الله على عبادة الله تعالى الذي منحهم الخلافة الإلهية، عن استشارة شياطينهم الإنسية والشيطانية في كل معاصيهم الدنيا والعليا، فكيف بمن خلفهم الله تعالى في أرضه فهم تحفهم الألطاف الإلهية وتحيطهم الرحمة الإلهية رغم غرقهم بشرك الشيطان الرجيم بين الفينة والأخرى ولابد وأن تنقذهم سفينة الخلافة الإلهية من شراك أعدائها، وسأنقل لكم تفاصيل نجاتي من غرقي في شراك الشيطان بفضل تلك السفينة.
وبينما أنا غارق بالشراك الشيطانية التي تخطط وترسم وتضع شراكها لكل من وعى خطورتها وتعرف على لدغتها السامة قبل أن يتذوقها، وإذا بتلك السفينة التي تتغير كلما تطورت وتقدمت الأزمنة والعصور، إلى أن أصبحت في عصرنا هذا تتنقل بين بحور ومحيطات شبكة الإنترنت وبعد أن أنقذتني من تلك الشراك، سَاقتني إلى بئر معرفي غني بالعلوم والمعارف الإسلامية، قبل مدّ يدي لعَذب تلك البئر وبختني بطريقي الخاطئ الذي سعيت من خلالة لأكون مُثقفاً أدبيا وعلمياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً قبل أن أُحصن نفسي بالثقافة الإسلامية التي ستجعلني منافساً بل مصدّراً لتلك الثقافات التي ستُزّق زّقاً في قلبي وعقلي وسائر بدني بعد قراءتها وحفظها ومعرفة مقاصدها وتفاسيرها، نسيت تعطشي نحو بئرها الدافق ومعينها الذي لا ينضب ووقفت أجّرُ التساؤلات والاستفهامات حول ما تقصده، وإذا بها تُذكرني بالكتاب الإلهي الذي أول ما أُنزل منه كلمة «اقرأ» تدعونا لقراءته ولكني سلكت طريقاً آخر غير نافذ!
بعد أن عالجت قسوة قلبي بمائها الكوثري، نبهتني أن هذا «الكتاب» ليس أول الثقافة الإسلامية ولا آخرها، وذكرتني بمواصلة الطريق النافذ بالسنة النبوية الشريفة وبالكتاب الذي وصفه الملسمون «تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق» ومن ثم تكون صامداً قوياً شامخاً مُهيئاً لسلك كل الطرق النافذة إذ لا يمكن أن سلك أي من الطرق غير النافذة إلا بفضل ذلك الحصن الضخم من المعين الإلهي العذب الذي سير فقط طوال خلافتك الإلهية وسيكون لك المرشد والمعلم والهادي، بعد أن عاهدت سفينة الخلافة الإلهية قبل معاهدة البئر الذي سيرصد رقابته عليّ وفضلاً عن الرقابة الإلهية الدائمة في كل قول وفعل وحكم.
ياسر الزاكي
في منتصف العام 1989 قاد عمر البشير انقلاباً ضد الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب الذي كان في بداية عهد الانفتاح مع جميع القوى المحلية والدول الإقليمية والعالمية وجميع المراقبين للوضع السوداني كانوا متفائلين بسياسة المهدي والرهان على نهاية أزماته المستمرة المتمثلة في استمرار الانقلابات العسكرية ضد أي حكومة مدنية غير أن ما جرى من انقلاب على يد البشير وضع حداً لحكومة المهدي وأنهى سياستها الانفتاحية والحكيمة التي كانت للتو قد بدأت مفاوضاتها مع حركة التمرد في الجنوب. غير أن قدوم البشير بين ليلة وضحاها وضع حدّاً لتلك السياسة وأدخل السودان في نفق مظلم من جديد بشر به البشير بأنه جاء للتعديل والإصلاح وإنه سيسلم السلطة ولن يدوم فيها، غير أن بقاءه في تلك السلطة استمر لحد اليوم أي لمدى أكثر من عشرين سنة؟
المتتبع لما آل إليه السودان يشعر بالأسى والأسف فالدولة الأكبر مساحة في العالم العربي ينتظرها التقسيم بعد أيام قلائل؟!
وشعب السودان سيصبح شعبين والله وحده يعلم كيف ستؤول إليه علاقة هذين الشعبين الشقيقين أو التوأمين؟
شيء مؤسف فبعد عشرين سنة من الحكم قادتنا سياسة الحكم إلى ما لم يكن في الحسبان أو توقعات المراقبين والعارفين، فلم يمكن التصور أن يقود أي حوار أو مفاوضات بين الصادق المهدي والحركة الشعبية إلى انفصال الجنوب وكانت أفضل التوقعات تبشر بإعطاء الحكم الذاتي ضمن إطار الدولة الواحدة والشعب الواحد في تلك الظروف أما اليوم فما وقعه البشير مع الحركة قبل 5 سنوات من اتفاق مهد لانفصال الجنوب ولم يعمل أحد سواء في الحكم الانقلابي أو في الحركة الشعبية يوماً ولا ثانية واحدة على جعل الوحدة إطاراً جاذباً كما جاء في الاتفاق بين الطرفين وها هو رأس الحكم قد بشرنا قبل أيام أنه سيحترم قرار الجنوبيين وقالها بشكل صريح إنه يرى الانفصال أقرب من الوحدة.
الشيء المؤسف والغريب أنه وبدلاً من مراجعة تلك السياسة والاعتراف بالفشل في الحفاظ على وحدة تراب وشعب السودان نرى محاولة القفز على الواقع وخلق بطولات وهمية فما إن تم التمهيد بقبول الانفصال الآتي بقوة ورعاية شديدة من الدول أميركا والدول الغربية أقول ما إن تم تبشير الشعب السوداني بتكاثره إلى شعبين ودولتين حتى تم وضع هدف يراد منه إشغال الجمهور السوداني به قبل أن يستفيق بعد ما ينفصل الجنوب ويشعر الجميع بهول المصيبة التي حلت وحتى ينسى سياسة الخيبة والفشل التي قادها البشير وكتلته.
اليوم يبشروننا بالعمل على جعل دولة الشمال دولة مسلمة تطبق الشريعة الإسلامية بحذافيرها، اليوم يبشروننا بتطبيق شرع الله كما نزل من السماء حرف حرف؟ اليوم يبشروننا بتطبيق شرع الله بشكل جدي وحقيقي تعويضاً عن انفصال الجنوب وخسارة أرضه وشعبه.
ساعدكم الله أحباءنا في السودان على ما ينتظركم فما نتج عن سياسة العشرين سنة الماضية شيء وما سترونه في المرحلة القادمة شيء آخر.
أتمنى ألا يطيل انتظارنا كما طال قبل انفصال الجنوب لنعرف ما ينتظر سوداننا الحبيب.
زكريا العشيري
طائرٌ فوق ظل الخيام ينام
والحسين!..
إلى الماءِ
بطفلٍ رضيعٍ ورمحٍ..
ليحميه من عشرات السهام...
@@@
ضفتا النهر تنأى بعيداً
وجيشٌ من الازدواجية المغبرة تحوط الزمان
وتسطو على الماء
فالدمُ خيرٌ سيسقي التراب
ويسقي الزمان
ومازال يسقي إلى الآن كل مكان!
@@@
رعشةُ الخوف في قلب من حاربوهُ تهزُ الصدور
وتطفقُ بنزينها فوق هذا الحريق
فيشتغلُ القلبُ نار!
وتبصرُ بصارةٌ في المكان البعيد
بأن حسيناً سيبقى، والذين على الضفتين استحالوا
سيُذكر أنهم جُبلوا بخس اللئام!
@@@
طائرٌ فوق نار وقود اللئام
يرفُ ليطفئ نار الخيام!
ونهرٌ يدفُ
ويبعثُ من بطنه ثائرين
ليبقيهُم للزمان!
@@@
جحافل ازدواجيون تأتي ويقتلُ منهم
فتأتي القوافلُ
محملة بازدحام!
@@@
ينام القطا حين لا يبصرُ الموج
لا يسمعُ الرعدُ
لا برق يخطفهُ من لذاذ السبات
(لو ترك القطا - ساكناً - لنام)
@@@
يثور الحسين فتخطفهُ حجرٌ
فيموت برشق السهام!
ورأس الحسين يخرُ
وجسمٌ ثمينٌ كأن المرايا قد أوجدت فيه ما سيقام!
فقامت مقام الدماء
وصار من اللازورد سماء
@@@
جسم الحسين والدمُ غسلٌ كماء!
@@@
يُحاطُ الحسين بطير اليمام
يظللُ جسماً
عصي على الترب...
والأرض تفقهُ أي سبيلٍ تأخذهُ
لترى كيف جسم الحسين كان!
وأي سبيلٍ من الاحترام!
@@@
الدماء التي سوف ترسمُ نهجهُ في الفداء
ستمضي تعمرُ ألف بناء
وتكتبُ ألف كتاب لكل زمانٍ..
من الانتصار
@@@
الخيول التي قد تحيطُ الركاب
ستكتبُ جهل الصغار
على الحجر المستعار!
@@@
الورود التي في يديه، بالأحمر المتلبس بالنصر والمتغمس بالانتصار..
ستشرقُ في هدوء المنام
علهم... ينامون حين رجوع الجمان!
@@@
القطا قد ينام!
والحسين سيبقى
لا لن ينام!
سيبقى يؤرقُ كل الطغاة... بكلِ زمان
السيدأحمد رضا حسن
العدد 3045 - الخميس 06 يناير 2011م الموافق 01 صفر 1432هـ
اقلام رشيقة تستحق الإشادة
الأخت صفاء المطاوعة والأخ جابر علي أحرص دائمًا على قراءة ما تتحفانا به في هذه الصفحة، أقلام رشيقة وكتابات تنم عن أفكار رائعة
أتمنى لكما الموفقية دائما
دانة السنابس
نكروا لها عرشها
حين ترضى النفس بما قسم الله لها يكون الصفاء في أبهى تجلياته..
إبراهيم
رائع يا السيد أحمد رضا
ما شاء الله كلمات معبرة جدًا
شكرا جزيلا
الى الكاتبة غفران والكاتب السيد رضا تسلم أناملكم على هذه الكلمات الحزينة الى تثير وتفجر الحزن على سيدنا الحسين عليه السلام.
نكـِّروا لها عرشها
المقال جميل جدا و يحتوي على الكثير من العبر
فهل من معتبر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المجتمع و(بعبع) السكلر
تسلم اخوي الكاتب ,, الله يعطيك العافيه ,,
مسكلره..~
نكـِّروا لها عرشها
تسلمي على هذا المقال الرائع
الله يتثبتنا على الايمان واياكم
نكروا لها عرشها
مقال رائع أختي الكاتبة
ليت الجميع يعي ما يدور حولهم من تنكير للحق وإلباس للباطل بلباس الإيمان
كفانا الله شر الباطل والمبطلين وهدانا جميعاً إلى جادة الحق والصواب
ام علي البحرانية
تسلمون على المشاركات الحلوة
المجتمع و «بعبع» السكلر
لفتة مهمة جداً من الأخ الكاتب ، نمتنى من الصحف مراعاة مشاعر المرضى وذويهم ...