كثيرة هي الأمور التي تحد من حركتنا نحو خط الله في حياتنا، ويكون تثاقلنا للأرض بصورة كبيرة، وخصوصاً في المواقف الحاسمة التي تتطلب الإقدام والتضحية بالمال والوقت والجهد والتفكير، حتى أرقى مراتب التضحية، وهي التضحية بالنفس “الشهادة”.
تلك الأمور تشدنا إلى الأرض أكثر، فتصبح حركتنا بطيئة، وتكون تلك الروابط مثل “الخيوط” التي تشدنا إلى الأرض أكثر، وتمنعنا من المضي قدماً للعطاء والإنجاز وتقديم ما يحقق الفارق في معادلة الصراع بين الحق والباطل. تلك “الخيوط” هي التي سحبت قابيل ليقتل أخيه هابيل، وهي التي دفعت نمرود لإحراق نبي الله إبراهيم (ع)، وهي تلك “الخيوط” نفسها التي أخذت فرعون للتمرد والجبروت، ومازالت تلك الخيوط تمتد من عصر إلى عصر لتربط الإنسان بالأرض، وليكون رأسه منحنياً على الدوام لذاته، ولما في الأرض من ملذات وما يشتهيه فقط، لكي لا يرفع رأسه إلأى السماء أبداً.
وقد امتدت تلك الخيوط لتجر يزيد بن معاوية وعبيدالله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن لارتكاب أبشع جريمة بحق الإنسانية ورسالة السماء على الأرض.
هل توقفت تلك الخيوط؟... لم تنتهِ بعد، فهي مازالت بيننا، وفي كل يوم تجرنا وتسحبنا لتكون أموالنا وأهلونا وبيوت نسكنها وتجارتنا أحب إلينا من الله ورسوله، لذلك تلعب تلك الخيوط “العلائق” لعبتها بترجيح كفة الذات على كفة السماء في علاقتنا اليومية.
فرقة “أنوار الميامين” الإسلامية تقدم هذا العام أوبريتها السنوي بعنوان: “خيوط “، العرض الذي انتظره الجمهور بعد غياب الفرقة العام الماضي، تعود به هذا العام حاملة عملاً جديداً بنص جديد وتحد جديد للفرقة.
يقدّم أوبريت “خيوط” تلك العلاقة الأبدية بين الإنسان والخيوط المتمثلة بالعلائق من خلال تمازج جميل بين الواقع والحدث التاريخي. بين واقعنا اليومي المليء بالتحديات وتراكم الخيوط علينا ،وبين المثل الأعلى الذي سطّر بشجاعة “قطع الخيوط” في أبهى صورة للتضحية في “كربلاء”.
“أوبريت خيوط” محاكاة واقعية ورمزية لحادثة الطف الكبيرة، تأتي برمزية تمتد من واقع الطف إلى واقع كل يوم نعيشه. “أوبريت خيوط” تجربة خاطتها كوادر نسائية يافعة، لتنسج منها قميصاً معبراً ومبدعاً لحادثة الطف الأبدية. “أوبريت خيوط” صورة من ألبوم لا تنتهي صفحاته من كربلاء، تقدمه فرقة “أنوار الميامين” الفتية التي تحدّت الواقع وصنعت من الخيوط لوحة فنية تتمازج فيها الصور التعبيرية مع القيم النبيلة. وأكدت رئيسة الفرقة زهراء مفتاح أن العمل هذا العام رسالته موجهة إلى الأمهات بشكل رئيسي، وسيعرض الأوبريت ابتداء 5 يناير/ كانون الثاني 2010 ليومين متتاليين، وذلك على صالة “برستيج” بمنتزه عذاري، ويستهدف الأوبريت الجمهور النسائي فقط.
وأشارت مفتاح إلى أن العمل على أوبريت هذا العام جاء بشكل مختلف مع موجود عثرات كثيرة واجهتها الفرقة في سبيل إنجازه وعرضه في الوقت المحدد، وخصوصاً مع وجود نص مسرحي قوي يحمل رسالة هادفة، إذ يجب توجيهه بأسلوب متجدد وبالطريقة التي تحاكي مستوى الجمهور الموجه إليه هذه الرسالة.
أوبريت “خيوط” من تأليف انتصار يوسف، وأشعار سيدعلوي الغريفي، وألحان سيدهاني، ومن إخراج عقيلة عبدالهادي. ويشارك هدا العام ياسر خليفة في الهندسة الصوتية. ومع اقتراب موعد العرض المقرر إقامته يوم الأربعاء والخميس المقبلين، تنهي الفرقة بلجانها وأعضائها اللمسات الأخيرة لتجهيزاتها، من تدريبات وديكور وملابس، وتدعو جمهورها النسائي للحضور في صالة “برستيج” بمنتزه عذاري.
العدد 3039 - الجمعة 31 ديسمبر 2010م الموافق 25 محرم 1432هـ