تعتبر بطولة كأس العالم أهم حدث رياضي عالمي يحظى بمتابعة جماهيرية منقطعة النظير، وبعقود نقل تلفزيوني وإعلاني عملاقة، باعتباره الحدث الأهم المنتظر كل أربع سنوات، وهو يفوق من مختلف النواحي الأولمبياد.

استضافة كأس العالم شرف كبير لأي دولة تناله، لذلك يتسابق الجميع للظفر بهذا الشرف ليس حبا فيه، وإنما من أجل نيل المكتسبات الإعلامية والاقتصادية والسياحية والرياضية وحتى من ناحية تطوير البنية التحتية وشبكة المواصلات والاتصالات وإعداد الكوادر البشرية المميزة القادرة على التعامل مع مختلف أجناس العالم.

مكتسبات كأس العالم لا تضاهيها مكتسبات أي حدث آخر، واستضافة البطولة تنعكس على موقع الدولة السياسي والاستراتيجي في العالم.

ومن هنا لحظنا التحركات الحثيثة وعلى أعلى المستويات من قبل بعض الدول القريبة من دولة قطر التي نالت شرف استضافة كأس العالم 2022 من أجل استضافة بعض المباريات من هذا الحدث العالمي الذي يزور الشرق الأوسط للمرة الأولى في التاريخ.

القطريون يعرفون تماما كيف يتعاملون مع مختلف الطلبات بسياسة ودهاء، اتضحت ملامحهما في الدور الإقليمي الذي تلعبه قطر في مختلف قضايا المنطقة السياسية وخصوصا في لبنان والسودان والصومال والملف النووي الإيراني وأمن الخليج وفي القضية الفلسطينية وفي المنظومة الخليجية والدولية.

الإمارات كانت أول المبادرين لوضع كل إمكاناتها في تصرف الشقيقة قطر لاستضافة هذا الحدث العالمي، وحديثاً شاهدنا سعيا إيرانيا حثيثا من أجل استضافة بعض مباريات البطولة في إيران ومن خلال لقاء القمة الذي جمع أمير قطر بالرئيس الإيراني ومن ثم زيارة رئيس منظمة الرياضة الإيرانية لقطر والتقائه أميرها ما يعني أن الأمور تسير سريعا بين الدولتين في ظل اهتمام من أعلى المستويات.

القطريون سيستغلون المونديال من مختلف الصعد وهذا حقهم الطبيعي بعد أن بذلوا الغالي والثمين لنيل هذا الشرف، وسيستخدمون المونديال سياسيا ودبلوماسيا وكذلك اقتصاديا وسياحيا وإعلاميا، وحتى أمنيا من خلال ترسيخ مفهوم السلام والتعاون بدل الحروب في الشرق الأوسط المبتلى بالصراعات.

في مملكة البحرين يجب أن نكون نحن أكثر المعنيين بهذا المونديال العالمي كوننا الأقرب لقطر جغرافيا وسنرتبط معها بجسر متطور يضمن الوصول للدوحة في دقائق وليس ساعات وبالعكس، كما أننا سنستضيف جمهور المونديال لأن قدرة قطر الفندقية لن تتمكن أبدا من تحمل كل هذه الجماهير التي ستتدفق على الدوحة، وعليه فإننا وبحكم علاقتنا التاريخية ومصالحنا المشتركة والمتبادلة ومصلحة قطر في التعاون معنا لإنجاح مونديالها لابد لنا من التحرك من الآن وقبل فوات الأوان وتقسيم الكعكة لكي نستضيف بعض المباريات وأن ندفع ثمن ذلك لأن المردود سيكون أكبر بكثير.

هذه الفرصة لن تتكرر لإصلاح واقع المنشآت الرياضية في البحرين لأن استضافة ولو مباراتين تتطلب ملعبا بمواصفات عالمية لا نحلم به إلى جانب ملاعب تدريب وشبكة مواصلات قوية وبنية تحتية متكاملة، كما سينشط ذلك اقتصاد البلاد من مختلف النواحي، هذا عطفا على المردود الإعلامي والسياحي الكبير الذي ستناله البلاد والذي لا يقدر بثمن.

القطريون أوضحوا في ملفهم أن الملاعب التي سيبنونها فوق طاقتهم الاستيعابية وليسوا بحاجة لها ولذلك سيقومون بتفكيك معظمها بعد المونديال وإهدائها للدول الفقيرة ونحن الأولى في البحرين لبناء ولو ملعب واحد لأنه لا حاجة بعد ذلك لتفكيكه وإنما سيظل كمعلم للعلاقة البحرينية القطرية المميزة.

الفرصة سانحة والقطريون يتعاطون بدبلوماسية وبلغة تبادل المصالح، فلنسعى لتحويل هذا المونديال إلى محطة إنقاذ كبيرة لواقع المنشآت الرياضية في البلاد بدل انتظار الفائدة غير المباشرة فقط!