تصلني بين فترة وأخرى وبصورة دورية رسائل إلكترونية من الجامعة البريطانية التي درست فيها، تشتمل على الأنشطة المهمة للجامعة خلال الفترة الماضية، وإنجازاتها في المجالات الطلابية والأكاديمية المتنوعة، وأخبار الطلبة المتخرجين في السنوات والعقود الماضية. هذه الرسالة الإلكترونية هي حلقة الوصل بين الجامعة والطلاب المتخرجين وتنفيذاً لشعار جمعية الخريجين «جامعتك حياتك» وهي عنوان الرابطة الأبدية بين الطالب والنظام التعليمي العالي الذي قضى فيه سنوات لاتنسى.
على العموم، حلقة الوصل تطورت من كتيبات في مظاريف بريدية كانت ترسل الى عنوان منزلي في البحرين من بريطانيا إلى رسائل إلكترونية وهذه الخطوة المبدئية كانت جزءاً من خطة مستدامة لتحسين الوضع البيئي للجامعة العتيدة. مناسبة كتابة هذا المقال هو خبر حصول الحرم الجامعي لهذه الجامعة على اللقب البيئي الفضي بعد نجاحها في استيفاء متطلبات المراجعة البيئية من جهة مراقبة عليا، وسعيها الدؤوب نحو الحصول على اللقب البيئي الذهبي في المستقبل القريب حسب التصنيفات البريطانية البيئية للجامعات وبالتالي فإنها فرصة لتعريف القارئ المهتم بالواقع البيئي بالاندماج الحاصل بين قطاع التعليم العالي ومشاريع الاستدامة الحقيقية.
بداية، يجب على مؤسسات التعليم العالي أن تعترف بأن الأنشطة القائمة في حرمها لها بصمة على البيئة، ومن ثم فعليها دور محوري وتخفيفي في تشجيع التنمية المستدامة في المجتمع الأوسع. مما لاشك فيه أن خلق الأسس النظامية هو جزء لا يتجزأ من ديناميكية الحياة في الدول الغربية وبالتالي فقد تم إضافة ما يعرف بـ»الحرم الجامعي الإيكولوجي» أو «Eco-campus» في نظم الإدارة البيئية. الأهداف من تنفيذ هذا البرنامج البيئي هي: تشجيع الممارسة الحضارية لإدارات الجامعات نحو الاستدامة البيئية عن طريق توفير الأدوات الأزمة لمساعدتها في هذا المضمار، ومن ثم مكافأتها تدريجياً بالحصول على مستويات مختلفة في مجال الإنجاز الفعلي بعد مراجعة مهنية من قبل جهاز مراقبة. السبب الحقيقي لاهتمام معظم الجامعات العالمية بهذا المسعى البيئي هو إدراج التنمية المستدامة كإحدى المفاتيح الأساسية للتحديث في خططها الاستراتيجية في مجال التعليم العالي.
مفهوم التنمية المستدامة يعنى بثلاث محاور رئيسية هي: التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة. بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي فضلعا التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعنى بهما تنفيذ المسئولية الاجتماعية للمؤسسات والاستراتيجية العامة وبالتالي فإن حماية البيئة يجب أن يكون لها محور مستقل وتدمج في الحياة الجامعية اليومية و تستخدم عند تطوير بنيتها التحتية.
الأهداف الاستراتيجية التي على متخذي القرار أن يهتموا بها لحماية البيئة واستدامة مؤسسات التعليم العالي هي: أولاً، تطبيق نظم الإدارة البيئية للحد من الآثار الضارة بالبيئة مثل مواضيع الطاقة والكربون والنفايات، ثانياً، تحفيز الموظفين والطلاب لتغيير السلوك الشخصي وتحمل المسئولية لحماية بيئة العمل والفصول الدراسية، ثالثاً، تحمل شعلة القيادة في المجتمع المدني للتغيير، رابعاً، الريادة في مجال الاستدامة البيئية للحصول على دعم الشركات في مجال الأبحاث وجذب الطلاب إلى أقسامها والحصول على الرعاية من شركات القطاع العام والخاص.
ختاماً، قال تبارك وتعالى «إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» وبذلك نتمنى أن يكون الاستدامة جزء فعلي من الخطط الاستراتيجية الحديثة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 3032 - الجمعة 24 ديسمبر 2010م الموافق 18 محرم 1432هـ