عزيزي المسئول العربي:
بعد رسالتي التي وجهتها لك الأسبوع الماضي، تلقيت رسائل كثيرة من قرّائي، وهم قبيلتي الجديدة، محمّلة بمزيد من الأسئلة الموجهة لك.
أعرف أنك مشغول جداً بهمومك العليا ومصالحك وأسفارك وترتيبات مستقبل الأولاد وأسفارهم. وأدرك أنك قد لا تأبه برسائلي مثلما لم تأبه برسائل من قبلي. ولكنني احتراماً لرغبة الكثير من قرّائي الأعزاء قرّرت أن أعاند عنادك فأكتب لك رسالة جديدة آملاً ألا تنطبق عليك مقولة: لا حياة لمن تنادي!
عزيزي المسئول العربي:
أعرف أنك متابع جيد لنشرات الأخبار العالمية وتقرأ الصحافة الأجنبية في سفراتك الكثيرة. وأعلم أيضاً أنك تزور برلمانات في دول شرقية وأخرى غربية. بربك، ألم تتأثر ولو قليلاً بمساحة النقاش الجاد في تلك البرلمانات وكيف أن الجهة التشريعية في تلك البلدان تمارس أدواراً مهمة في الرقابة والتأسيس للقوانين والتشريعات وضبط موازنات الدولة؟
كيف لم تسأل نفسك السؤال ذاته الذي يسأله الملايين من مواطنيك: متى تكون لدينا برلمانات حقيقية، تمثل طموحات الناس في التنمية والبناء والمراقبة؟
ومتى تختفي تلك المجالس الصورية المنتشرة في منطقتنا والتي لا يشبهها سوى جلسات الظهرية لشرب الشاهي وأكل «الفصفص»؟
عزيزي المسئول العربي:
أعرف أنك قضيت سنوات للدراسة خارج بلادك، غالباً في الغرب، وأنت اليوم تتولى منصباً مهماً يمس حياة الناس اليومية ومستقبلهم، ألم تسأل نفسك يوماً: ماذا تبقى معي من تجربة الدراسة والحياة في أحد بلدان العالم الأول؟ هل راحت كل تلك التجارب هباءً منثوراً؟ هل جئت بتجربتك الدراسية والحياتية معك إلى موقع العمل أم تخليت عنها واندمجت تماماً مع «الواقع» بعلاته وإخفاقاته؟
عزيزي المسئول العربي:
تعرف جيداً أن من في موقعك في البلاد التي تزورها كثيراً، في الغرب أو في الشرق، جيد الإنصات لقضايا الناس وهمومها، أفكارها و رؤاها، ما الذي يمنعك أن تقلد هؤلاء الذين تعجبك بلدانهم فتنصت لمواطنيك مثلما ينصتون لمواطنيهم؟
طيب، إن قلت إنك لا تستطيع تقليد الآخرين وإنك فخور بتراثك وتاريخك، لم لا تستحضر واحدة من أجمل صور ماضيك القريب يوم كان جدك، شيخ القبيلة، يفتح مجلسه وقلبه لأهله، ينصت لهم ويتفهّم همومهم ويكسر كل حاجز بينه وبينهم؟
كيف كبر جدك الكريم في عيون ربعه وصار رمزهم وحبيبهم وصاحب الكلمة الأولى في شئونهم؟ وإنك إن فعلت مثلما كان جدك فأنت ستكبر في عيون آلاف الناس حولك وهكذا سيبقون طالما شعروا بقربك منهم وتواضعك معهم ومحبتك لهم. وسيبادلونك الحب حباً والتقدير تقديراً.
هؤلاء الناس، يا عزيزي المسئول العربي، هم امتداد نبيل لأجدادك الأشاوس الذين حاربوا وضحّوا وماتوا كي تقام عندنا كيانات تلمّ الشمل وتقيم العدل وتحقق الحلم.
عزيزي المسئول العربي:
في غابر الأيام، وقد كنت شديد الهمّة قوي العزيمة، كنت تكتب في صحافة وطنك منتقداً أحوال بلادك حتى قيل فيك لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب. وكنت مؤمناً بدور الإعلام في النقد والتوجيه وتسليط الأضواء على مواقع الخلل. وكنت تقول إن الصحافة هي عين المجتمع على مواطن الفساد والخطأ. واليوم، وأنت في أحد مواقع المسئولية في بلادك، يستفزك نقد صحافة بلادك وتزعجك مقالات من ينتقد أحوال جهازك وتتصل بالقائمين على إعلام بلادك غاضباً مهدداً بالفصل والطرد والإقالة. ما الذي غيّرك؟
عزيزي المسئول العربي:
سمعتك يوماً تردد أن الناس تقف ضد التغيير وضد الإصلاح والانفتاح على العالم. وسمعتك أيضاً تطالب الناس بما لا تفعله أنت. فلِمَ لا تكن أنت «القدوة» للتغيير الذي تنشده و»الانفتاح» الذي تنادي به؟
وكيف تنتظر الناس أن تأخذ بما تنادي به وهم يرون فيك ومن في دائرتك نقيض ما تطالب به؟
وإني هنا أستأذنك يا عزيزي المسئول العربي أن أذكرك بأن العرب في الغالب على دين ملوكها. فإن شرَّقتم شرَّقنا وإن غرَّبتم غرَّبنا!
عزيزي المسئول العربي:
أقدر فيك حرصك على تعليم أبنائك أفضل تعليم. وأدرك وعيك الكبير بأن التعليم الجيد هو مفتاح الحل. وأبهرني إلحاحك أن يتخرج أولادك من جامعات عالمية عريقة. وأنت شديد الإعجاب بجامعات مثل كامبريدج وأكسفورد وهارفرد وجورجتاون وكولومبيا وجون هابكنز. هل سألت نفسك يوماً، يا عزيزي المسئول العربي، ما الذي ينقصنا كي يكون عندنا ولو جامعة واحدة بنصف إمكانات واحدة من تلك الجامعات أعلاه؟
وكيف تستغرب أن ينخر التشدد الفكري وكل أوبئة التأخر الاقتصادي في عظم مشروعنا التنموي وكثير من جامعاتنا لا تخرج سوى رموزاً للوعظ وأشباه المؤهلين وكثير من أساتذتها منشغلون بالتكفير لا بالتفكير وبالإقصاء لا بالحوار؟ وإنك، يا عزيزي المسئول العربي، لو طالبت لأولاد الناس بمثل ما تطالب به لأولادك، لرأيت جيلاً جديداً يعيش حياته بفرح وتطلع وجرأة وثقة، جيلاً «واثق الخطوة يمشي ملكاً»!
عزيزي المسئول العربي:
أناشدك بمحبة وصدق وإخلاص أن تستمع لهموم الملايين من أهلك الطيبين وأن تخرج قليلاً من عالمك إلى عوالمهم ومن همومك إلى همومهم ومن لغتك إلى لغتهم. وإن فعلت، ولو قليلاً، أعدك أن تبقى على رأس قائمة الرابحين!
إقرأ أيضا لـ "سليمان الهتلان"العدد 3029 - الثلثاء 21 ديسمبر 2010م الموافق 15 محرم 1432هـ
لن يسمعوك
ولو ناديتهم كل صبح ومساء ولو عاتبتهم او وبختهم.
ان الله قد أخذ منهم نعمة السمع عفوا بل أخذ منهم نعمة الإستماع. طالما جلسوا على كرسي المسؤولية فلا مسؤولية عندهم. ولو نطق الحجر فهم لا ينطقون الا ما امر به ربهم الأعلى. وربهم الاعلى هو الأخر على كرسي أخر مشغول بأبناءه وأسفاره.
شكرا ايها الأستاذ الكبير .
هذا هو حال المسئولون العرب:
"صُمٌ بكمٌ عُميٌ"
و قد ران على قلوبهم فهم لا يفقهون!!
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات يا استاذ "الهتلان"
المسؤول الاجنبي
اقترح عليك استاذي العزيز ان تنسى المسؤول العربي فما هو الا منفذ لسياسة مرؤسيه. و أقترح هنا ان نوكل عمل الحكومات الى شركة IBM التي ميزانيتها اكبر من ميزانيات اكير دولة نفطية و تدير اعمالها في 130 دولة و وبعشرات اللغات