العدد 3028 - الإثنين 20 ديسمبر 2010م الموافق 14 محرم 1432هـ

ليس أكثر من اقتراح (1 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انطلقت الدورة الجديدة للمجلسين، النيابي والشورى، وشرع الاثنان في مزاولة أعمالهما، وبدأ الأفراد والكتل، في كل منهما على حدة، وعلى التوالي، الاستعداد، لهذه الدورة الجديدة التي سوف تستمر أربع سنوات قادمة، والتهيؤ للتحديات التي سوف تطرحها.

من الطبيعي أن يكون لكل منهما خلالها، وكلاهما مجتمعان، وبوزن متفاوت، بصماته الواضحة على طبيعة ومستوى الحراك السياسي البحريني واتجاهاته الرئيسة.

ومن يقرأ، ولو بشكل سريع تاريخ هذا الحراك خلال السنوات الثماني الماضيات، سيجد، وفي نطاق دائرتهما، وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية المتعددة الأوجه: بينهما هما الاثنان، والسلطة التنفيذية، بين أي منهما على حدة والسلطة التنفيذية، بين الكتل السياسية في المجلس النيابي، والأفراد في مجلس الشورى، وأخيراً بينهما على انفراد والقوى السياسية غير الممثلة في أي من المجلسين، سيجد أن تضاريس خارطة ذلك الحراك تتمظهر في الأفعال وردود الأفعال، التي ولدت، ومن ثم كرست، والحديث هنا يتناول القضايا الكبرى، ولا يقف عند بعض الحالات الاستثنائية، ذات الأهمية الثانوية، العلاقات السياسية التالية:

1. استمرار قدرة السلطة التنفيذية، وحتى اليوم ونحن على أبواب انطلاق أعمال هذه الدورة، على الإمساك بزمام المبادرة السياسية، ومن ثم تمكنها، وبكفاءة نسبية مقارنة مع القوى الفاعلة الأخرى، من رفع درجة أهمية القضايا، أو خفضها، بما يتفق وسياساتها أولاً، ويخدم مصالحها ثانياً، ويصب الماء في طواحين برامجها، ثالثاً وليس أخيراً.

يشهد على تميز قدرتها، دون الحاجة هنا إلى التحجج بهبوط سقف الحريات وضعف الصلاحيات التشريعية المعطاة لأي من المجلسين، في إبراز، ومن ثم فتح المجال للحوار والاستجواب، أمام القضايا الصغرى، وإخفاء، ومن ثم سحب البساط من حق وإمكانية الاستفسار، والتطور نحو الاستجواب، حول القضايا الاستراتيجية الكبرى.

فقبل أن نصل إلى ملفات من مستوى «الفساد»، أو «التجنيس»، كما يصر بعض أطراف المعارضة على تغليبها على الملفات الأخرى، هناك قضايا لا تقل أهميتها بالنسبة للمواطن العادي، بعيدا عن مماحكات، القيادات السياسية في المجلسين، أو الخداع الذي يمارسونه بحق أنفسهم، مثل ملف التعليم، والخدمات الصحية، والحقوق السكنية.

هنا ينبغي أن نميز بين «محاربة الفساد» كشعار انتخابي، وبين تناول «الفساد» كأحد الملفات الساخنة في أي من المجلسين.

2. نجاح السلطة التنفيذية، وبتفوق نسبي أيضا، في إرغام القوى المعارضة، وعلى وجه الخصوص في المجلس النيابي، على المراوحة في دوائر ردود الفعل الآنية ذات الآفاق التكتيكية الضيقة، وحرمانها من تجاوز ذلك نحو تلك التي تتمتع بأهمية استراتيجية، وبآفاقها الواسعة، وتمس عصب السلطة التنفيذية وتشكل تحدياً لبرامجها.

لم تنجح الكتل النيابية في المجلس النيابي، ولا الأفراد في مجلس الشورى، من تجاوز خطوط ردود الفعل، والوصول إلى مرحلة أخذ زمام المبادرة والفعل. فربما نستمع إلى مواقف محددة لكل أولئك من سياسة الدولة التعليمية، لكن ليس هناك من يملك، باستثاء تلك السلطة، خططاً أو برامج، طويلة أو متوسطة الأمد، تناقش مثل تلك القضايا أوبعض مكوناتها.

ليس هناك خطأ في مناقشة تلك السلطة، واستجواب رموزها، لكن الخطأ يكمن في الوقوف عند حدود تلك الأشكال من المعارضة، دون، حتى مجرد التفكير في، طرح البديل المتكامل في شكل خطة متماسكة.

3. تمكن السلطة التنفيذية من فصل المجلس النيابي إلى فئتين أساسيتين، تناسلت منهما فرقاً ثانوياً، لكنهما وكما شاهدنا لم يكفا، عند مناقشة القضايا الكبرى، عن الوقوف، في خندقين متواجهين ومتعارضين، مما أدى إلى شل قدرة المجلس النيابي كمؤسسة، ومن ثم حرمانه من ممارسة دوره التشريعي الطبيعي عند مناقشة مشروعات السلطة التنفيذية، أو اخرى غيرها.

بداية، يأمل المواطن، أن يكسر من أطلقوا على أنفسهم «كتلة المستقلين»، قوانين هذه المعادلة وقوالبها، بما يخدم المشروعات الوطنية، البعيدة عن المصالح الضيقة لأي من الكتل السياسية، بما فيها السلطة التنفيذية. لكن ما يحز في النفس هو أن هذا الانقسام العمودي، الذي ليس هناك من يجيزه أو يبرره، سوى النعرات الطائفية، او المصالح الفئوية، من جهة، لكنه، اعترفت الكتل النيابية أم أبت، هو أيضاً الذي يواصل مد السلطة اليوم بعناصر التقوية التي تتطلبها، ويزودها، وبشكل مستمر، بما تحتاجه من وقود يضع بين يديها عناصر النفوذ التي تضاعف من سرعة سعي تلك السلطة للاحتفاظ بزمام المبادرة.

محصلة ذلك كان تشجيع السلطة على وضع عصى الخلافات بين الكتل النيابية في دواليب أي مشروع تنسيقي إستراتيجي بين أطراف تلك الكتل.

4. بروز معارضة، بات لها حضورها الذي لا يمكن إنكاره في صفوف المواطنين، ترى في كل ما جاء به الميثاق الوطني والدستور مجرد إجراءات تجميلية تحاول أن تعزز أركان النظام، وتحسن صورة مؤسساته، ومن ثم، فهي، أي تلك المعارضة، لم يعد يعنيها ما يجري داخل المؤسسات التشريعية، ولا يهمها أي إنجاز يمكن ان تحققه، لأن ذلك، كما تراه هي، يقف أمام أي تطوير حقيقي على طريق الديمقراطية التي تسعى هي إلى تحقيقها.

بقدر ما شكل هذا الجناح تحدياً حقيقياً للدولة ومؤسساتها، بقدر ما جرد، أيضا، المعارضة من نسبة عالية من جماهيرها أولاً، وحرم تلك الشرعية من بناء كتلة معارضة متماسكة، قادرة على وضع سلم الأولويات بشكل صحيح، وفي إطار خطة سياسية وطنية شاملة ثانيا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3028 - الإثنين 20 ديسمبر 2010م الموافق 14 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:42 ص

      مستقبل اسود

      يعني يا مواطنين ما ليكم إلا الله

    • مواطن مستضعف | 5:22 ص

      "تتمة"

      أما كل ما يُطرح من خطط "وزارية" و "تنموية" و "هيكلية" و "أولوية" و "...... فلا يفقه المواطن -و لا يريد أن يفقه- منها شيء.
      مع خالص المودة

    • مواطن مستضعف | 5:13 ص

      رجاء

      أسعد الله أوقاتك يا أستاذي العزيز
      قرأت الموضوع أكثر من مرة, و لكني لم أدرك بعد ما هو "الإقتراح" الذي تودُ طرحه ... فهلاّ تكرّمت مشكوراً بتبيان ذلك؟!!

اقرأ ايضاً