التخطيط المستند إلى رؤيةٍ واضحةٍ وبرنامج عمل مدروسٍ في أي عمل إنساني، الخيري، التطوعي، الثقافي، والاجتماعي، تكون له نتائج باهرة ذات أبعادٍ استراتيجية، ليس على المدى المنظور فحسب بل على المدى البعيد والمستقبلي، وُيسهم بتأسيس مرحلةٍ مغايرةٍ عنوانها العريض هو الإبداع والإنتاج والابتكار.
العمل التطوعي الذي يقوم على أرضية التخطيط السليم، تكون له نتائج كبيرة على مستوى نجاح العمل نفسه على الأرض، وعلى المستوى الاستراتيجي والمستقبلي، لنشاط التطوع نفسه من خلال بّث ثقافة العطاء والتكافل في أجواء المجتمع وفي الذهنية الجمعية. فقد أُثبت بالتجربة والوجدان أنّ النشاطات التي لا تستند إلى رؤية شمولية للواقع كل الواقع، وأنّ العمل العشوائي اللامدروس الذي لا يحمل خريطة طريق واضحة، يلقى مصير التشتت في المستقبل وربما تهاوى المشروع برمته ولم يعد يُذكر إلاّ على سبيل الذكرى.
لنجاح أي عمل تطوعي وسيرورته على الطريق السليم ينبغي لذلك العمل أن يتحصّل على عدة مرتكزات أساسية يستند عليها ويسيرُ وفق أجندتها، أولا أن يكون العمل المراد تحقيقه وإنجازه وفق إطار مؤسسي، فلا يعزبُ عنّا أنّ العمل غير المستند إلى مؤسسة متكاملة لها هيكليتها ولها عمقها التنظيمي يلقى مصير الفشل والإخفاق، وربما بارح مكانه ولم يتطور.
ثانيا أن يحمل ذلك العمل رؤية واقعية للمستقبل في جانب تخصصه كالجانب الخيري مثلا، فإنّ الماشي من غير هدى سيكون مآلهُ إلى الضياع والتشتت. ثالثا أن يكون العمل وفق برنامج عمل مدروس لكل أجزاء الواقع، فإنّ الكثير من المؤسسات الأهلية التي تعمل في مجتمعها تحمل في جعبتها برامج ورؤى مستقبلية ولكنها تجهل دراسة واقعها وما يحتاجه ذلك الواقع من برامج عمل هادفةٍ و مدروسة. رابعا المتابعة المستمرة للعمل ومجمل النشاطات والبرامج المؤسسية، وتقييمها التقييم الموضوعي والذي سينعكس بالنتيجة على جودة العمل نفسه وسيفتح آفاقا من التطوير والتحفيز والإبداع.
هذه المرتكزات وغيرها من المرتكزات الأخرى هي ضمانة إلى نجاح العمل التطوعي واستمراريته على الطريق القويم، وربما تطوره مستقبلا بأنماطٍ متقدمة في مجاله وتخصصه، ولا غرو في ذلك على الإطلاق، كون أنّ النجاح والتقدم في أي عمل إنساني سيكون دافعا قويا إلى التطور التصاعدي الذي يرتقي بأساليب العمل ويصعدُ بالوعي والفكر والابتكار الإنساني. وهناك شواهد تاريخية كثيرة في هذا المجال، وهنالك نماذج رائعة أسهمت من خلال عملها التطوعي في تقديم صورة مثالية يحتذي بها كل العاملين في هذا الحقل أو ذاك، يبقى على الكوادر من الشباب الطامح أن ينخرطوا في هذا الركب المبارك ليصنعوا بسواعدهم وعزائمهم نموذجا راقٍ من العمل التطوعي والذي يحمل بين دفتيه رؤية واضحة وتنظيما محكما لكل الواقع بكامل تفصيلاته ومواقعه، كون أن الأخير هو الضمانة الوحيدة لديمومة العمل واستمراريته وبالنتيجة إلى ما ينتجه من مخرجات وثمارٍٍ على المدى البعيد والمستقبلي.
ميثم مسعود
العدد 2437 - الجمعة 08 مايو 2009م الموافق 13 جمادى الأولى 1430هـ
التخطيط لعمل التطوعي
وللاه حلو مررررررررررررررررررة