العدد 3018 - الجمعة 10 ديسمبر 2010م الموافق 04 محرم 1432هـ

نحو وطن خليجي بلا تسممات غذائية

لبيب الشهابي open [at] alwasatnews.com

تعتبر التسممات الغذائية هي التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه سلطات الرقابة على الأغذية؛ لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالغذاء الذي يمثل حاجة إنسانية ضرورية لا يمكن لإنسان أن يستغني عنها.

عندما نتحدث عن التسممات الغذائية فإننا نعني التلوث الميكربيولوجي للغذاء «الذي تكون مسبباته جرثومية»

السلطات الصحية من جهتها تحرص على أن تصل الأغذية إلى المستهلكين وهي في أقصى درجات جودتها وسلامتها، وبمواجهتها لهذا التحدي الكبير فإن ذلك لا يعني أنها لا تقوم بواجبها خير قيام، بل لأن التسممات الغذائية ترتبط بشكل وثيق بثقافة محضري الأغذية ومستهلكي الغذاء، وهذا ما يصعب تفاديها.

لقد ثبت بالتجربة، وبتكرار الزيارات الميدانية لمحلات تحضير الأغذية، وبملاحظة الجنسيات التي ترد العمالة الأجنبية منها أن المخالفات هي هي، سواء في المحلات الصغيرة، أو حتى في المحلات الكبيرة داخل فنادق الخمس نجوم، وإن كانت بدرجة أو بأخرى!

التعامل مع محضري الأغذية من الأمور التي تصعب مهمة الرقابة على الأغذية، فهم كبشر يعتبرون من أصعب الموارد وأكثرها حساسية، وصعوبة في التعامل معها أكثر مع الموارد الأخرى.

مما يؤسف له أننا في وطننا الخليجي الكبير - إلا ما قل منه وندر - نميل إلى استجلاب العمالة الأجنبية التي نحرص على كونها رخيصة، ولو كانت غير متعلمة بالنتيجة، بما يتيح لنا أرباحاً أكثر في أعمالنا التجارية.

وهذه العمالة الرخيصة التي عادة ما يكون مستواها التعليمي متدنياً، إضافة إلى التشريعات المعمول بها لا تجعل من ثقافة النظافة ثابتاً يجب التمسك به، فالعمالة القادمة من أصقاع الأرض المختلفة والتي لها بلاشك عاداتها الغذائية، وممارساتها المختلفة في تحضير الأغذية وتداولها، ففي بعض الدول يأكلون اللحوم النيئة، والبيض غير المقلي أو المسلوق الذي يعد من أخطر الأغذية تهديداً لصحة الإنسان كونها أكثرها إغراءً للبكتيريا الممرضة.

ما أحوجنا في وطننا الخليجي الكبير إلى قوانين وتشريعات تضمن تحقيق أهدافنا الصحية العليا، ولأن الإنسان هو أغلى ما نملك، وهو القطب الذي تتمحور حوله جميع خططنا الصحية الوقائية منها والعلاجية، ولأن الوقاية تكلفنا أقل من العلاج، فعلينا أن نقوم بتثقيف العمالة الأجنبية التي تعمل في تحضير الأغذية، وأن تكون هذه الدورات التدريبية شرطاً لصلاحية هذا العامل أو ذاك، ومتطلباً من متطلبات توظيفه.

وعلينا ألا نغفل دور الكثير من التشريعات والقوانين المنظمة لعمل المطاعم ومحال تحضير الأغذية حين لا يكترث أصحابها بصحة المواطنين فيمكننا أن نفرض على غير المتعاونين منهم غرامات مالية، وأن نضع الذين يتسببون في تسممات غذائية منهم في «قائمة سوداء» ومن ثم نكثف الرقابة الميدانية لمحلاتهم، ويجب أن نشترط اجتياز العاملين في تحضير الأغذية للفحص الصحي المقرر بشكل سنوي بدلاً مما هو معمول به بفحصهم عند دخول البلاد للمرة الأولى فقط!

علينا أن ننظم حملات تثقيفية بحيث ننزل للجمهور الكريم في الأسواق والمجمعات التجارية التي تكثر فيها ساحات المطاعم، وأن نقوم بتوعية شاملة لا للمستهلكين فقط بل حتى لمحضري الأغذية، لضمان أن تكون الأغذية المقدمة سليمة على الدوام، وصالحة للاستهلاك الآدمي.

التثقيف والقوانين المنظمة توأمان لا يمكن فصل أي منهما عن الآخر، بل إنهما متلازمان بشكل وثيق، إذ لا يمكن للتثقيف وحده أن يكون سبباً في التقليل من التسممات الغذائية، أو القضاء عليها ما لم يكن مرتبطاً بالتشريعات التي من شأنها أن تلزم العاملين في مجال الأغذية باشتراطات السلامة الغذائية.

العدد 3018 - الجمعة 10 ديسمبر 2010م الموافق 04 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:22 ص

      حبيبي أستاذ لبيب

      كم هو جميل أن تسبح السمكة في بحرها خصوصاً إذا كان بحرها هادئً رقراقاً لاتوجد فيه أسماك القرش ولا الحيتان المفترسة فهنيئاً لك الرجوع إلى بحرك الهادئ - بحر السلامة الصحية-.
      ننتظر جديدك من هذا البحر

    • زائر 2 | 4:46 ص

      تحول جيد في الشخصية

      هذا المقال هو أول مقال ينشره الكاتب المحترم لبيب الشهابي يتعلق بشئون صحة وسلامة الغذاء حيث كانت جل كتاباته السابقة تصنف سياسية نوعا ما فهذا التحول جيد جدا من الكاتب حيث ان وظيفته كما اعرفه اخصائي سلامة الاغذية وتركيز الكاتب في أمور تتعلق بمهنته لتطوير خدماتها افضل من الكتابات السياسية التي هو بعيد عنها لانسحابه من الوفاق اولا و من حق ثانيا .... امنياتنا لكم بالتوفيق والنجاح

    • زائر 1 | 12:27 ص

      الثقافه اولا

      بلا شك ان الثقافه الصحيه هي المحور الاساسي لغذا امن ولا اعتقد ان هناك صعوبه في تحقيق ذلك حيث بالامكان اخضاع العاملين فى المؤ سسات الى دورات تدريبيه منتظمه في السلامه الغذائيه نظير ان يدخل ذلك ضمن اشتراطات التقييم

اقرأ ايضاً