العدد 3017 - الخميس 09 ديسمبر 2010م الموافق 03 محرم 1432هـ

مأسسة العمل التطوعي النسائي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ما لا يزيد على ساعة من الزمان استمتع جمهور، غالبيته من النساء البحرينيات، بفعالية الاحتفال الثالث بيوم المرأة البحرينية، التي تمحورت حول أربع فقرات أساسية كانت: كلمة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، تناولت فيها مسار العمل التطوعي النسائي البحريني، شريط سينمائي قصير يؤرخ لانخراط المرأة البحرينية في العمل التطوعي، تدشين قاعدة بيانات «سجل العمل التطوعي النسائي»، كلمة رئيسة الاتحاد النسائي مريم الرويعي.

العامل المشترك بين الفقرات الأربع تلك، وكما يمكن أن يقرأها المنخرط في العمل التطوعي، كانت الدعوة لمأسسة العمل التطوعي النسائي البحريني، من خلال تطوير مهارات وكفاءات رموزه الأساسية، وتنمية اتجاهات فعالياته وأنشطته المركزية، كي يتحول في نهاية المطاف إلى خلية أساسية، مؤثرة إيجابياً، في تقوية نسيج خطط التنمية الوطنية، اقتصادية كانت أم اجتماعية.

ولو توقفنا عند كل فقرة من تلك الفقرات على حدة، فسوف نكتشف، أن منحاها الأساسي يسير في هذا الاتجاه. فقد كان إطلاق جائزة صاحبة السمو الشيخة حصة بنت سلمان آل خليفة للعمل الشبابي التطوعي، بمثابة الدعوة المباشرة كي ينخرط جيل المستقبل في فعاليات تنافسية، تتضافر جهود الجميع فيها، لكن على أسس تنافسية، من أجل الارتقاء بأداء العمل التطوعي الذي لابد له، أن شاء أن يلبي متطلبات النجاح والتفوق، وأن يتمتع أداؤه بمواصفات مهنية عالية، ودرجات من الشفافية الراقية التي، تمكن الجائزة كمؤسسة، وتؤهل المتقدمين لنيلها كأفراد، من بناء نظام وطني الجذور، كوني المقاييس، يساهم في «مأسسة» العمل التطوعي في قطاع الشباب، ومن بينهم الفتيات بطبيعة الحال.

الفقرة الثانية، كانت شريط الفيديو الوثائقي الذي رصد في سجل سريع، وممتع في آن، خطوات تطور العمل التطوعي النسائي على امتداد ما يزيد من نصف قرن.

الخطاب الذي يوجهه ذلك الشريط للمشاهد، في غاية الوضوح، لقد واكب العمل التطوعي النسائي التطور الذي عرفه المجتمع البحريني، فبدأ على أيدي مجموعة من الرائدات، اللاتي انطلقن من رغبة ملحة لتلبية احتياجات برزت، وفرضت نفسها بقوة، في كل محطة من محطات التطور التاريخي للمجتمع البحريني، كي ينتهي الأمر بالعرض والمشاهد سوية، عند محطة تقول لهما بأنه مع تطور المجتمع، وتعقد أشكال العلاقات فيه، برزت أيضاً أشكال أخرى غير فردية من أشكال العمل التطوعي النسائي، عبرت عنها الجمعيات النسائية، وعلى نحو موازٍ لها النساء في الجمعيات المهنية والمتخصصة، مما دعا إلى «مأسسة» العمل التطوعي، كي يكون قادراً على السير بخطى تكاملية، غير معيقة لحركة تطور المجتمع البحريني.

نصل بعد ذلك إلى الفقرة الثالثة، وهي تدشين قاعدة بيانات سجل العمل التطوعي النسائي، والذي حيك سيناريو عرضه بشكل مدروس، نجح في إيصال الفكرة إلى المشاهدين في سهولة ويسر، عبرت عنه، بشكل مكثف، الفقرتان اللتان انتهى بهما الشريط، اللتان حثتا المرأة على المبادرة بالدعوة إلى التسجيل، وبأن التسجيل غير مرتبط بنزعات فردية، بل هو نظام متكامل يبدأ عند أولى المسجلات، لكنه لا يتوقف عندها.

ومما لا شك فيه أن قراءة متأنية لحقول الاستمارة، تكشف أيضاً، عن دراية غنية بقدرة السجل، متى ما أريد له ذلك، التحول من مجرد قاعدة بيانات تقليدية إلى نظام معرفي متطور يساهم جدياً في مساعي «مأسسة» العمل التطوعي النسائي البحريني. ونأمل أن تبادر الجمعيات النسائية، ومن اجل إنصاف الرائدات في العمل التطوعي إلى ملء حقول السجل كي يساهم في بناء ذاكرة وطنية غير مشوهة، وبعيدة عن اي شكل من اشكال التشويه المقصود اوغير المقصود من جهة، وتساعد في التحول إلى ذراع إلكترونية لحث خطى العمل التطوعي النسائي نحو «التمأسس»

الفقرة الرابعة والأخيرة، التي لابد لنا من التوقف عندها، وهي كلمة الجمعيات المكرمة التي ألقتها رئيسة الاتحاد النسائي، مريم الرويعي، والتي رغم قصرها وكثافتها، لكنها كانت صريحة ومباشرة، حيث دعت فيها الرويعي إلى إعطاء المرأة البحرينية، ومعها مؤسساتها، المزيد من الحريات كي تتمكن من ملء رئتيهما بما تحتاجانه من أكسجين يمدهما بالطاقة على الحركة التي تبيح لهما سوية الإسهام في حركة التنمية من منطلقات مؤسساتية بعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال الذاتية الفردية. ومن ثم فقد جاءت كلمة الرويعي كي تصب هي الأخرى في مجرى نهر «مأسسة» العمل التطوعي النسائي البحريني.

هذه الفقرات الأربع المتكاملة، دون سابق تنسيق، تكشف في جوهرها وصول العمل النسائي التطوعي البحريني إلى درجة متقدمة من النضج الاجتماعي والسياسي التي يقتضي أن تتوقف عندها المؤسسات ذات العلاقة كافة، كي تقرأ، ومن زوايا مبدعة، كيفية البدء في السير على طريق هذه «المأسسة»، بأشكال حضارية متقدمة، قادرة على رسم معالم نظام عمل تطوعي بحريني معاصر قابل للنمو والتطور، ويملك المقومات الأساسية والضرورية للمساهمة، بشكل فعال، في خطط التنمية المقدمة عليها البلاد خلال العشرين سنة المقبلة، من خلال برامج مدروسة بعناية فائقة قادرة على تفجير طاقات المرأة البحرينية، والحيلولة دون هدر تلك الطاقات، بما فيها تلك الكامنة، في برامج ثانوية، تكون محصلتها شل حركة المرأة البحرينية أولاً، وضياع الفرصة من أمامها لكي «تمؤسس» عملها التطوعي ثانياً وليس أخيراً.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3017 - الخميس 09 ديسمبر 2010م الموافق 03 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً