من بين الأسئلة التي طرحتها وسائل الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الخليجي الواحد والثلاثين، سؤال يتعلق بالتطور الديمقراطي في دول المجلس. وهو سؤال يدخل في قلب العملية السياسية لمجتمعات المجلس.
لقد كان واضحاً الخلط بين وجود البرلمانية ووجود الديمقراطية، فمن المؤكد أنهما ليستا مترادفتين وأن في مجتمعات الخليج توجد ظاهرة الانتخابوية والممارسة البرلمانية ولكن لم توجد بعد الديمقراطية.
إن ذلك يندرج ضمن الحقيقة المعروفة، وهي أن الديمقراطية عبارة عن سيرورة لها بداية ولكن ليس لها نهاية. والواقع أنه لا يوجد حتى الآن مجتمع في العالم كلّه يستطيع أن يدَّعي بأنَّ ديمقراطّيته قد وصلت إلى سقفها الأعلى، لكن من المؤكّد أن سيرورة الديمقراطية في دول مجلس التعاون هي في بداياتها الأولى، وبالطبع وجود فوارق كبيرة بين دول المجلس بالنسبة للمراحل التي وصلت إليها هذه السيرورة في هذه الدولة أو تلك.
من المتفق عليه أنه، تعريفاً وممارسة، لا يمكن الحديث عن وجود مستوى معقول من الديموقراطية السياسية في أي مجتمع قبل استيفاء تحقُّق متطلبات مفصلية في الواقع السياسي. من هذه المتطلبات وجود دستور عقدي بين سلطة الحكم والمجتمع، تواجد قوى سياسية مدنيَّة معترف بها لها برامجها المجتمعية ولها الحريَّة في التنافس الشريف في انتخابات دورية، ممارسة لمبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق وفي تكافؤ الفرص، فصل ما بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وتبادل للسلطة، حدّ أدنى من ديمقراطية اقتصادية تتمثّل في توزيع عادل للثروة وللقوة الاجتماعية، وأخيراً وجود حريّة قانونية كافية للتعبير والتجمُّع المدني السِّلمي. وبالطبع لا حاجة للقول إن الكثير من تلك المتطلبات لم تتحقق في دول مجلس التعاون، بل وأن بعضاً مّما تحقّق تشوبه أخطاء ونواقص في الممارسة.
ذلك أن هناك إشكالات تجعل الانتقال مشوباً بالصِّعاب. من هذه الإشكاليات تجذّر الولاءات والعصبيات الفرعية في الثقافة المجتمعية. هناك القبلية والعشائرية والعائلية والطائفية المذهبية. هناك إشكالية التركيبة السكانية التي جعلت من مجتمعاتنا مجتمعات عولمية تتكون من نسب عالية ومخيفة من الأجانب غير العرب ومن أعداد متزايدة من غير المسلمين. هناك الاقتصاد الريعي الذي لا يرتبط بمكافأة الإنتاج والإبداع وإنما يرتبط بالولاءات والتوازنات الفرعية، وهناك إشكالية حقوق المرأة والثقة في قدرتها على الانخراط في الحياة السياسية بتساوٍ وبنديّة مع الرجل.
نحن جميعاً نتفق على أن الإنتقال إلى الديمقراطية يجب أن يكون متدرّجاً وسلمّياً وتوافقيّاً. لكن ذلك مقبول إذا كان التقدم في حقل الديمقراطية هو تقدم تراكمي وإذا كانت ممارسات التقدم غير صوريّة فولكلورية. نحن أيضاً نؤمن بأن بعض خصوصيّات مجتمعاتنا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب الأسس الكبرى التي تقوم عليها الديمقراطية وبشرط ألا يؤخذ ذلك كحجّة للسّير ببطء السلحفاة. من هنا أيضاً إيماننا التام بأن تدخُّل الخارج لغرض الانتقال إلى الديمقراطية، فكراً واعتقاداً وتمسُّكاً مجتمعياً، لابدَّ لها أن تنمو كحاجة وكضرورة مجتمعية لا مفرَّ منها إن أردنا بناء مجتمعات مكوِّناتها متفاهمة ومتسامحة وقادرة على حلِّ خلافاتها بالحوار والتسامح وقبول الآخر.
ليس صحيحاً أن موضوع الديموقراطية هو أمر داخلي يخصُّ الأنظمة السياسية المحليّة. إنه في المحصّلة موضوع يهمُّ مجلس التعاون كقضية مشتركة. فموضوع الديمقراطية له تأثيراته البالغة على الاقتصاد والحكم الرشيد وشفافيته واستتباب الأمن والاستقلال الوطني وهويّة المنطقة والروابط العروبية القومية.
أخيراً، إذا كان قادة المجلس يريدون للانتقال الديمقراطي، عبر دول المجلس كلها، نتيجة ارادة مجتمعية تضمّ الحكم وقوى المجتمع، فليقبلوا وجود تجمّع مدني خليجي مواز للقمّة الخليجية، يجتمع إبّان أو قبل أيام معدودة من مؤتمرات القمّة ويناقش نفس المواضيع التي سيناقشها قادة المجلس، وذلك من أجل معرفة نبض وتطلّعات المجتمع المدني. إن ذلك سيسهم في أن يكون المجلس في أعلى مستوياته أداة من أدوات الانتقال الديمقراطي.
إن جعل الانتقال الديمقراطي جزء من استراتيجية المجلس المستقبلية لدوله كلّها سيجعل المجلس أداة تحديث وتقدُّم ونهضة.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 3016 - الأربعاء 08 ديسمبر 2010م الموافق 02 محرم 1432هـ
الديمقراطية عقد اخلاقي
الديمقراطية عقد اخلاقي وفن وممارسة والديمقراطية ليست البرلمانات الصفراء وليست دعاية اعلامية لمنتج تجاري بحاجة الى تسويق بل هي قيم لاخلاق سامية ومجتمعنا بكافة اطيافه لم يقترب الى جوار العتبة الاولى من سلم الدبمقراطية نحن في حاجة الى سحب سموم الانى والشخصنة وحب الذات والتخلص من الكثير من الامراض التي شاخ عليها مجتمعنا للولوج الى فضاءات الديمقراطية
عابر سبيل
الف تحية وتقدير الى دكتورنا العزيز
الفاتحة الي روح المرحوم عبد الله فخرو :والف تحيه وتقدير الي هذه العائله وخصوص الدكتور علي والدكتورة منيرة فخرو : سيدي الدكتور بعد اذنكم لي بكلمة للمشاركه فقط: الا ترون في هذه الامنيه ان الوقت مازال مبكرأ فدول الخليج الاخرى تعيش النعيم المترف وعلى ماأظن لم يفكرو بجدية في الدمقراطية: ومن الناحية الثانيه لأيمكن لبعض الحكام أعطاء فرصة لشعوبهم وشكرآ.
ديمقراطية السلحفاة
ديمقراطية السلحفاة تسير ببطء إلى الأمام في مناطق أخرى من العالم ، ومتوقفة في عالمنا العربي تماما ، لكنها لم تتحرك بعد في الخليج البتة ، فعن أي ديمقراطية تتكلم يا دكتور ؟!
وينك دكتور
خليت في وزارة التربية ..............ز
التدرج وليس التقوقع
نعم التدرج مطلوب ولكن قبل ذلك يجب أن تكون النوايا صادقة ومخلصة
رد على بهلول
إلى الاخ بهلول
اقرأ مقال الدكتور قبل أن تعلق وكانك تصحح له ما قكتب.
• بهلول •
دكتورنا العزيز و النبيل :
مجلس التعاون لا دخل له و لا شأن بالديمقراطية لا من قريب و لا من بعيد ... هم يعرفون أن الديمقراطية آتية لا ريب طال الزمان أو قصر و كل همهم الآن أن يطول هذا الزمان و يتمطط إلى أقصى حد ممكن بما يتيح لهم الهيمنة و إستنزاف و امتصاص أكبر قدر من ثروات الشعوب و الإستحواذ عليها تحت دعاوى الظروف الخاصة و الخصوصية الثقافية و التدرج و التهديدات الأمنية و البيئة الخليجية و ... و ... و ... و ...
أمممههه ... يقولون "يوم السلطان سنة"
.. سلمك ألله في برايح الخليج يقولون أن بعض حواية و مطاوعة و نواخذة مجلس التعاون ضايعين بين تطبيق سياسة "اوجع رجليك ولا توجع راسك أو " ان أوجعك راسك أكرمه وان أوجعك بطنك احرمه" ... و ناس يقولون أن العجلة من الشيطان و لازم ينتظرون الى حين ما يطلع في السماء هلالين!!