العدد 3013 - الأحد 05 ديسمبر 2010م الموافق 29 ذي الحجة 1431هـ

عاشوراء وقصائد جديدة

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

لا يكاد يفصلنا عن عاشوراء فاصل من الزمن، فقد بدأنا مشوارنا فيه ومعه، بانتظار تلك الاستزادة الروحية والفكرية منه على أيدي خطباء بارعين في خدمة المنبر الحسيني، ومتطلعين لخدمة مرتاديه من المؤمنين.

المنبر الحسيني روح وفكر وعاطفة ووجدان، وهو بالإضافة لذلك كله تحليق في فضاء جميل متعدد المعاني والعظات والعبر والرؤى.

لكن ذلك كله بحاجة لخطيب بارع يستطيع التحليق بمستمعيه من بداية مجلسه حتى الختام.

سأركز الحديث هنا على القصيدة التي يختارها الخطيب مفتتحاً بها مجلسه، وسبب حديثي هذا أنني بدأت منذ شهر تقريباً أقلب العديد من النتاجات والكنوز الشعرية التي تصب في رثاء الحسين وأنصاره، فوجدتُ كمّاً كبيراً من القصائد الرائعة.

قصائد مليئة بالأدب في أجمل وأرقى كلماته المعبرة، وقصائد هي في حقيقة الأمر لوحات فنية نحتها كتَّابها بعينين، عين العاطفة وعين المعرفة لاكتشاف دقائق الحدث المأساوي الذي حل بعترة رسول الله (ص).

ووجدتُ كمّاً هائلاً من القصائد التي أجاد كتابها لملمة التاريخ وأحداثه المتتابعة وصولاً إلى واقعة الطف، بطريقة انتقائية تعبر عن قدرات فائقة في تصيّد الأحداث والتأليف بينها في لوحة واحدة تسلب لبّ الإنسان من شدة تداخلها وتسلسلها.

ووجدت قصائد لا تستطيع جفون العين معها مغالبة الدموع التي تنهمر وهي في استرسال تقرأ تلك الأبيات الرائعة.

ووجدت الكثير من الأمور التي ربما يعجز القلم عن التعبير عنها لأنها تسكن أعماق الفؤاد، كما أن الحديث عنها يحتاج لمقالة خاصة كي تفي ببسط بعض مما يجده القارئ لتلك القصائد العصماء.

وسؤالي أين خطباؤنا عن تلك القصائد؟ ولماذا يقتصرون على قصائد مكررة؟ ولماذا تُفتتح أغلب (بل) كل المجالس بذات القصيدة، وكأننا في شحّ من القصائد الراثية لأهل البيت (ع)؟ حتى أن الغالب من المستمعين يسبقون الخطيب في نطق أبيات القصيدة من كثرة تكرارها وحفظهم لها.

أسئلة كثيرة جالت في خاطري وأنا أقلب تلك الصفحات الجميلة والرائعة، التي تتنافس بثقة واقتدار في تقليب أحداث كربلاء والحركة بين تفاصيلها باحتراف لم تشهد مثله أي حادثة أخرى في التاريخ.

بين الحفظ والتجديد

ليس لديّ شك أن كل الخطباء يعلمون ما تحدثت عنه، وبعضهم لديه قصائد (من تأليفه) غاية في الروعة، فالمشكلة ليست في عدم المعرفة والعلم بهذه القصائد الراقية من الخطباء، كما أن المشكلة ليست في عدم الرغبة في التجديد، فالتجديد غاية يسعى لها الخطيب، وقدرة لا ينأى بنفسه عن ممارستها والانتساب لها.

يبدو لي أن سبب حرماننا من سماع هذه القصائد على ألسن الخطباء ومن ثم التلذذ الروحي والتفاعل الوجداني مع معانيها هو ما درج عليه الخطباء من اعتمادهم الحفظ للقصائد.

هذا الحفظ الذي يحسب - دون شك - قدرة للخطيب ووسام على صدره هو الذي يحرمنا من جديد قصائد عاشوراء، ولكي أكون منصفاً فإن المجتمع ينتظر من الخطيب أن يكون حافظاً، فهكذا اعتاد الخطباء وهكذا ألِفَهم.

لكن هل لايزال الجيل الجيد يطلب من الخطيب الحفظ؟ وهل التقييم اليوم يستند لتلك الشروط القديمة؟

لي الحق أن أشكك في ذلك، فالجيل الجديد لم يعتد الحفظ في مناهجه الدراسية كما اعتاده الجيل السابق، وأغلب المناهج الدراسية في العالم الإسلامي هجرت الحفظ لصالح الفهم والتفكير وغير ذلك، والجيل الجديد فيما أظن ليس له تشبث بالحفظ كما كان في الأجيال السابقة.

إن الحفظ يكلف الخطيب جهداً كبيراً وهو ما يدعوه أحياناً للاقتصار على محفوظاته السابقة، وإن كررت وأعيدت آلاف المرات على مسامع الحاضرين.

وهنا أعرض مقترحاً بين يدي الخطباء، وهو المحاولة ولو في بعض أيام عاشوراء ليشنِّفوا أسماعنا بجديد الشعر وعذبه وجميله وإن كان مكتوباً في ورقة يمسكونها بأيديهم، وفي اعتقادي أن جديد ما سنسمع سيشغلنا عن الجزئيات التي لا دخل لنا فيها كمستمعين ومتلقين.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 3013 - الأحد 05 ديسمبر 2010م الموافق 29 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 8:20 ص

      رأي

      شيخنا الفاضل المسألة ليست التجديد إنما هو لما تمتاز به بعض القصائد مثل ملا عطية فقصائده تصل الى القلب و تجعل المستمعين في حالة بكاء شديدة وهي سهلة وسلسة فلهذا قلت القصائد التي تمتاز كما تمتاز قصائد ملا عطية

    • زائر 11 | 5:57 ص

      آه

      شيخنا الفاضل....
      هناك أمور جوهرية, واجبة عيناً على المستوى الشخصيي لكل فرد منهم, و هم إما متغافلون عنها أو غير مكترثين لها .. فضلا عن الشعر و تجديده .. و السؤال هو : هل هم حضّروا للموسم القادم قبل بزوغ هلاله اصلا ؟ هل لديهم تطلع ؟ هل يهمهم المجتمع و شباب المجتمع ؟ أم ما هو همهم الأكبر ؟ كأنك يا شيخنا بهذا الإقتراح كمن يطلب من الماء جذوة نار

    • زائر 10 | 4:30 ص

      سلمت ياشيخنا الفاضل

      نحن معكم فيما ذهبتم إلية جملةً وتفصيلا...نعم لابد للخطيب من التجديد على مستوى طرح الموضوع،والقصيد،فمهما كُتب عن مأساة كربلاء فسيبقى القصور أوالتقصير ملازما للكاتب مهما أبدع..شيخنا أنتم تعلمون بأن ما طرحتموه سوف يغيظ البعض ممن يعتقدون بأن الحسين ملكاً لهم دون سواهم ،مبررين ذلك بشتّى الحجج الواهية!...
      الآ ن من كرم الله ومنّه في البحرين نحن نشهد استفاقة من بعض الأقلام المبدعة التي ولجت حلبة الكتابة المنبرية من أوسع أبوابها بجدارة واقتدار فلك الحمد ياربي.

    • زائر 9 | 4:27 ص

      نعم شيخنا الجليل

      ولذلك اصبح الان على الخطباء التجديد في القصيد والخطيب الذي لا يجدد يصبح في قائمة القدماء
      شكراً شيخنا الجليل

    • زائر 8 | 4:07 ص

      أجدت جناب الشيخ

      للأمانة طالما طالبنا بأن تحدث طفرة شعرية حديثة لدعم التراث العظيم المهم جداً الذي نرثهم من بن فايز والجمري والسهلاوي والدمستاني والبقية،، فالمنبر والمتلقي بحاجة للجديد صفاً لصف مع الموروث،، وفي هذا الصدد لفت انتباهي اصدار شعري جديد للشاعر: علي ابراهيم الكراني وهو بعنوان ( جمرة غضا ) وهو راقي جداً وعظيم جداً في طرحه وتناوله للقصائد المنبرية، اتمنى أن يقتنيه كل الخطباء لاثراء أدب المنبر،، وتحياتي

    • زائر 7 | 2:57 ص

      سلام إلى أبي الأحرار

      (كربلا منا سيبنى لك جيل بعد جيل)
      (وسيعلوا الصوت بالآهات عنك والعويل)
      (نحن لا نعبد لا نركع لا نسجد إلا للجليل)
      (كربلا فيك بنات الطهر رمز للعفاف)
      (زينب تقدمهم في وجه جيش الإنحراف)
      (أعلنتها ثورة للحق ضد الإنجراف)
      (كربلا فيك دروس تبتغي صف الصفوف)
      (منك نستسقي معان لا تقيدها السقــــــوف)
      (خطها الأحرار بالأرواح في يوم الطفوف)
      (كربلا قد أرضعتنا الباقيات الصالحات)
      (وتقي عن تقي جددوا فينا الثبات)
      (في دمانا في حشانا أنت رمز للأباة)

    • زائر 6 | 2:47 ص

      سلام إلى أبي الأحرار

      هديه لك يا شيخنا الفاضل (مأجورين)
      (كربلا فيك حسين هز عرش الظالمين)
      (بدم زاك سيبقى خالدا في الخافقين)
      (وبأبطال إلى الحرب تداعو صادقين)
      (كربلا فيك أبو الفضل شعار للوفاء)
      (فيك شمامة سبط المصطفى يأبى الفناء)
      (فيك أشبال المعالي نقشوا عهد الولاء)
      (كربلا فيك أباة الظيم قد باعوا النفوس)
      (في سبيل الحق ما همتهم الحرب الضروس)
      (حينما السبط بهم نادى أفاضوا في الدروس)

    • زائر 5 | 2:04 ص

      مدرسة أهل البيت

      شيخ محمد منه قال ان مدرسة أهل البيت(ع) يهتمون بالقصائد و بجديد الشعر، شيخ محمد أهل البيت(ع) كان عملهم الدعوه الى الله، وتعليم الناس دينهم.

    • زائر 4 | 12:04 ص

      ابو محمد

      اشكرك شيخنا على طرحك لهذا الموضوع _ واتمنى من الخطباء الكرام ان يقدموا لنا ماهو جديد من الابيات الحسينيه _ ومن خلال هذا الموقع اود ان اوجه تحيه شكر و سلام للشيخ حميد الشملان _ صاحب الحنجره الحسينيه _ ما شاء الله عليه _وهو دائما يتطرق في مواضيعه و محاضراته لمناقشه الامور و ال قضايا الاجتماعيه المهمه باسلوب سلس وشيق و قوي ,,,,,, و اسال الله ان يمد في عمره و يوفقه و يوفق جميع علمائنا

    • زائر 3 | 11:05 م

      الوعي

      اهم شي يكون القاري منصف ولا يجيب معاجز وخرافات تشوه المذهب يجيب احاديث ووقائع لها سند

    • زائر 2 | 9:26 م

      تحليق

      ما يهم الخطيب يحفظ ولا لا ، المهم يعطينا اللي ينفعنا وينفع مجتمعنا

    • زائر 1 | 9:20 م

      المهم ما يقدم

      شكرا شيخنا،مقال جميل، المهم هو ما يقدمه الخطيب لنا من تحليل وفهم، دمت موفقا شيخنا

اقرأ ايضاً