قال المحامي عبدالله الشملاوي تعقيباً على صدور حكم من محكمة الاستئناف العليا بشطب اسم أحد المرشحين البلديين من قائمة المرشحين: إن «ما جرى على أرض الواقع من قيام اللجنة -التي تتصل أعمالها بالإشراف على انتخابات أعضاء مجلس النواب في منطقة العاصمة - والمشكَّلة بموجب القرار رقم (44) للعام 2010 بشطب اسم المرشح لا يتفق وصحيح القانون، إذ إنها ليست طرفاً في الدعوى، ويمكن للمطعون ضده، وحتى مرور المدة القانونية للطعن في نتيجة انتخاب أعضاء مجلس بلدي العاصمة، أن يطعن على العملية الانتخابية، باعتباره أسقط من كشوف المرشحين للدائرة التي ترشح عنها من دون سند من القانون، ومن دون حكم بذلك، على رغم أنه، وفقاً للقانون، لا يجوز شطب أسماء المرشحين إلا بناء على أحكام القضاء في الطعون التي تكون فيها اللجنة المشكّلة بموجب القرار رقم (44) للعام 2010 المشار إليه أعلاه طرفاً فيها».
هذا وتتحصل واقعات الطعن، موضوع الحكم محل التعليق في أن أحد المرشحين تقدم إلى لجنة انتخابات أعضاء المجـالس البـلدية بالطعن، إذ يعترض على تـرشيح أحد المرشحين البلديين، بمقولة إن العنوان المقدم منه يسكن فيه شخص آخر.
وقد أثار المطعون ضده جملة من الدفوع، حاصلها عدم قبول الطعن شكلاً لعدم اتخاذ إجراء قانوني سابق، وعدم قبول الطعن شكلاً كذلك لرفعه على غير ذي صفة، وانعدام المصلحة فيه واحتياطيّاً بعدم قبول الطعن لرفعه بعد انقضاء الميعاد المقرر للطعن على الجداول الانتخابية.
وقد جاء في الحكم ما نصه: «وحيث إنه عن موضوع الطعن فإنه عن الدفوع التي أبداها المطعون ضده الأول بالمذكرة المقدمة منه، فالمحكمة تلتفت عنها لأنها لا تقوم على سند من صحيح الواقع والقانون».
وانتهى الحكم محل التعليق من ثم إلى «قبول الطعن وبحذف اسم المطعون ضده الأول من كشوف المرشحين لانتخابات المجالس البلدية عن الدائرة بإحدى المحافظات».
من جهته، عقّب المحامي عبدالله الشملاوي - قانوناً - على الحكم، مشيراً إلى عدم كفاية الأسباب الواقعية التي بني عليها الحكم المطعون فيه، بحسب رأيه، إذ أفاد: «كان واجباً على المحكمة أن تبين في حكمها محل التعليق، موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وسند كل منهم، وأن تذكر ما استخلصت بثبوت من الوقائع وطريق هذا الثبوت، وما الذي طبقته من القواعد القانونية، فإذا قصر الحكم في ذلك واكتفى بالقول إن المحكمة تلتفت عن الدفوع التي أبداها المطعون ضده لأنها لا تقوم على سند صحيح من الواقع والقانون، كان تسبيبه ُمجهلاً ومن ثم كان باطلاً متعيناً نقضه، لمخالفته للوجوب الذي أورده المشرع لو كانت النظم القانونية تسمح بعرضه على تلك المحكمة العليا، لكنه ولشديد الأسف فإنه حكم نهائي محصن تجاه طرق الطعن؛ على أن نهائية الحكم يجب أن تكون رائداً في أن تبذل المحكمة المختصة جهوداً غير عادية في دراسة الدعوى وبناء أسبابها التي انتهت بها إلى النتيجة التي انتهت إليها في منطوقها».
وأضاف «يجب أن تستشعر المحكمة مدى ثقل المهمة المناطة بها، إذ إن حكمها سيكون نهائيّاً بما يستوجب عدم مغادرة أية صغيرة أو كبيرة في الدعوى يمكن أن تؤثر في النتيجة، وتبحثها، وتكتب خلاصة بحثها والأسباب التي بنت عليها في ردها أو قبولها، وصلتها بالنتيجة التي انتهت إليها في منطوق حكمها، لا أن تكتفي بالقول إن الدفوع التي يذكرها المطعون ضدها لا تقوم على سند صحيح من الواقع والقانون، من دون بيان فسادها، أو السبب الذي جعل المحكمة تنتهي إلى أنها لا تقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون».
وفي رأي الشملاوي فإن «عدم استظهار محكمة الموضوع لحقيقة الأوراق وعدم دراستها إياها يجعل حكمها غير مسبب التسبيب الذي يتطلبه القانون، ومن ثم يكون باطلاً متعيناً نقضه من لدن المحكمة العليا (التمييز)، ذلك أنه من المقرر قانوناً أن إغفال ذكر وجه من دفاع أبداه الخصم يترتب عليه جوهرية البطلان إذا كان هذا الدفاع جوهريّاً ومؤثراً في النتيجة؛ بمعنى أنه لو كانت المحكمة بحثته لما انتهت إلى هذه النتيجة؛ إذ يعتبر عدم بحث هذا الدفاع قصوراً في أسباب الحكم الواقعية؛ ما يترتب عليه بطلان ذلك الحكم».
وأردف «ومعيار جوهرية الدفوع التي يجب الرد عليها في أسباب الحكم، هي تلك التي يترتب عليها تغير موقف الخصم في الدعوى، ومن شأن قبولها تغير وجه الرأي في الدعوى».
وقال: «بإعمال ما تقدم من قواعد على الحكم موضوع التعليق، ولما كان المطعون ضده أبدى عدة دفوع جوهرية بدفاعه المقدم أمام المحكمة مصدرة هذا الحكم، لكن الأخيرة أغفلت بحث تلك الدفوع والرد عليها بأسباب خاصة في حيثيات حكمها الطعين».
وأوضح «كان ذلك من دون أن تتناول المحكمة بالرد والتمحيص بما ينم عنه بحث خاص يجعل الحكم ناطقاً بعدالته؛ الأمر الذي يعيب الحكم بعيب القصور في التسبيب بما يوجب نقضه».
وعن اللجنة التي قامت بشطب اسم المرشح المطعون ضده، قال الشملاوي: «كان الطعن يتعلق بانتخابات أعضاء المجلس البلدي بمنطقة العاصمة، فإن المعني به هو اللجنة المنصوص عليها في القرار رقم (44) لوزير العدل والشئون الإسلامية، وليس اللجنة المنصوص عليها في القرار رقم (43)، ولا ريب في أن اللجنتين مختلفتان بشكل واضح، وذلك من حيث السند القانوني لإنشائهما، وأشخاصهما، واختصاصاتهما، ولا يتحدان إلاّ في شخص رئيسهما».
واستطرد «وبالنظر للطعن محل الحكم موضوع التعليق، فإنه أقيم على اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإنه يكون قد أقيم على غير ذي صفة؛ ولما كان الطعن أقيم على غير ذي صفة، فإن مصلحة الطاعن تنعدم في خصوصية هذه الدعوى، وهو ما حصل، إذ إن الحكم الصادر بشطب المطعون ضده من كشوف المرشحين للدائرة بمنطقة العاصمة لانتخابات مجلس بلدي العاصمة، لا يمكن أن يكون حجة على اللجنة المشكَّلة بموجب القرار رقم (44) للعام 2010 المشار إليه أعلاه، ومن ثم لا يجوز لتلك اللجنة شطب اسم المطعون ضده من كشف المرشحين».
وفي الرأي القانوني للمحامي عبدالله الشملاوي فإن «ما جرى على أرض الواقع من قيام الجنة المشكلة بموجب القرار رقم (44) للعام 2010 المشار إليه أعلاه بشطب المطعون ضده لا يتفق وصحيح القانون، إذ إنها ليست طرفاً في الدعوى، ويمكن للمطعون ضده، وحتى مرور المدة القانونية للطعن في نتيجة انتخاب أعضاء مجلس بلدي العاصمة، أن يطعن على العملية الانتخابية، باعتباره أسقط من كشوف المرشحين للدائرة التي ترشح عنها من دون سند من القانون، ومن دون حكم بذلك، على رغم أنه وفقاً للقانون لا يجوز شطب أسماء المرشحين إلا بناء على أحكام القضاء في الطعون التي تكون فيها اللجنة المشكلة بموجب القرار رقم (44) للعام 2010 المشار إليه أعلاه طرفاً فيها».
ودافع المتحدث عن وجهة نظره مسهباً: «دفع المطعون ضده على أن الطعن قد أقيم قبل الميعاد، إذ إن الاعتراض كان تمّ تقديمه أمام اللجنة المختصة بتاريخ 27 سبتمبر/ أيلول 2010، بينما أقيم الطعن في 30 سبتمبر/ أيلول 2010، أي خلال المدة المحجوزة للجنة للبت في الاعتراض بموجب المادة (15) من قانون انتخاب أعضاء المجالس البلدية، وهي ثلاثة أيام، ولم يصدر أي قرار من اللجنة المختصة برفض الاعتراض، ولم ينشأ الرفض الضمني لعدم اكتمال المدة المقررة لاعتبار نشوء الرفض الضمني، ومع ذلك لم تعتبر المحكمة الدفع صحيحاً من الناحية الواقعية أو القانونية، ومن دون أن تورد أسبابها في ذلك؛ الأمر الذي يستنتج منه أن المحكمة تعتبر المواعيد مجرد مواعيد تنظيمية لا ترتب أثراً، والنتيجة العملية أنه يمكن أن يقدم الطعن في اليوم الذي يقدم فيه الاعتراض، وهذه نتيجة لا نعتقد أن المحكمة كان في عقيدتها أن تنتهي إليها، إلا أنها نتيجة منطقية لردها الدفع بإقامة الطعن قبل الميعاد».
وأضاف «لعل أبرز النتائج غير المنطقية في الواقع العملي الذي يترتب عليها حكم المحكمة موضوع التعليق هو عدم التفات المحكمة، مصدرة الحكم محل التعليق، إلى الدفع بعدم قبول الطعن لفوات ميعاد الطعن على جداول الناخبين؛ إذ إنه لما كان القانون قرر نشر الجداول الانتخابية، وذلك قبل ستين يوماً من التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات، ومنح القانون الحق في الطعن عليها وفقاً للإجراءات التي قررها في هذا الشأن، وكانت جداول الناخبين نشرت فعلاً، ولم يكن الطاعن تقدم بأي إجراء يطلب بموجبه شطب المطعون ضده منها، والذي كان اسمه مدرجاً فيها، فإن هذه الجداول تصبح نهائية، وحجة يوم الانتخاب، ولا يجوز الطعن بعد انقضاء الميعاد المقرر في ذلك الشأن على إقامة الناخب في الدائرة، ولا يجوز بعد ذلك تعديل الجداول إلا بناء على الأحكام النهائية التي تصدر في شأن الطعون المقدمة على صحة الجداول الانتخابية».
وزاد «لما كان ما يثيره الطاعن من عدم توافر شرط الإقامة بخصوص المطعون ضده الأول إنما هو في حقيقته طعن على صحة جدول الناخبين، وهو الأمر الذي فات ميعاده، في حين أن أسباب الطعن على إدراج المرشحين في كشوف المرشحين يجب أن تقتصر على فقدان أحد الشروط الخاصة بالمترشحين، وليس بالشروط العامة لجميع الناخبين، والتي تم تجاوزها بفوات مواعيد الطعن على جداول الناخبين».
واختتم بالقول: «تفادياً للتعرض لجداول الناخبين، فقد حكمت المحكمة بشطب اسم المطعون ضده من كشف المرشحين للدائرة التي ترشح عنها، من دون شطبه من جدول ناخبي الدائرة، وهو الأمر الذي أفرز وضعاً غريباً، إذ أصبح المطعون ضده مقيماً في الدائرة إقامة معتادة بلحاظ أنه ناخب، ولم يشطب اسمه من كشوف الناخبين، بينما أمسى ليس مقيماً إقامة معتادة بلحاظ أنه مرشح، أي أن معيار الإقامة المعتادة قد نظر إليه بازدواجية غير موجودة ولا مقبولة في القانون ولا في العديد من أحكام القضاء الإداري في الدعاوى ذات العلاقة؛ إذ إن القانون اشترط الإقامة المعتادة في شأن الناخب والمرشح، ولم يفرق بينهما في هذا الشرط، لمباشرة الحق في الانتخاب والترشح على حد سواء».
العدد 3010 - الخميس 02 ديسمبر 2010م الموافق 26 ذي الحجة 1431هـ